الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقالة الرابعة (في المكاتبات، وفيها بابان)
الباب الأوّل (في أمور كلّية في المكاتبات، وفيه فصلان)
الفصل الأوّل (في مقدّمات المكاتبات، وفيه ثلاثة أطراف)
الطرف الأوّل (في أصول يعتمدها الكاتب في المكاتبات)
ويتعلّق المقصود منها بعشرة أصول «1» :
الأصل الأوّل (أن يأتي الكاتب في أوّل المكاتبة بحسن الافتتاح المطلوب في سائر أنواع الكلام، من نثر ونظم مما يوجب التحسين؛ ليكون داعية لاستماع ما بعده، على ما تقدّم بيانه في الكلام على علوم البلاغة في المقالة الأولى)
ويرجع حسن الافتتاح في المكاتبات إلى معنيين.
المعنى الأوّل- أن يكون الحسن فيه راجعا إلى المبتدإ به
. إما بالافتتاح بالحمد لله كما في بعض المكاتبات؛ لأن النّفوس تتشوّف إلى الثناء على الله تعالى، أو بالسلام الذي جعله الشارع مفتتح الخطاب أو نحو ذلك. وإما بالافتتاح بما فيه تعظيم المكتوب إليه، من تقبيل الأرض أو اليد أو الدّعاء له أو غير ذلك، فإنّ أمر المكاتبات مبنيّ على التملّق واستجلاب الخواطر وتألّف
القلوب، إلى غير ذلك مما يجري هذا المجرى، على ما يقتضيه اصطلاح كلّ زمن في الابتداآت.
المعنى الثاني- أن يكون الحسن فيه راجعا إلى ما يوجب التحسين. من سهولة اللفظ، وصحة السبك، ووضوح المعنى، وتجنّب الحشو، وغير ذلك من موجبات التحسين؛ كما كتب الأستاذ أبو الفضل بن العميد عن ركن الدولة بن بويه، إلى من عصى عليه، مفتتحا كتابه بقوله:«كتابي إليك، وأنا متردّد بين طمع فيك وإياس منك، وإقبال عليك وإعراض عنك؛ فإنك تدلّ بسالف خدم أيسرها يوجب رعاية، ويقتضي محافظة وعناية؛ ثم تشفعها بحادث غلول وخيانة، وتتبعها بألف خلاف ومعصية، أدنى ذلك يحبط أعمالك، ويسقط كل ما يرعى لك» .
وكما كتب أبو حفص «1» بن برد الاندلسيّ عن ملكه إلى من عصى عليه ثم عاد إلى الطاعة كتابا افتتحه بقوله: «أما بعد فإن الغلبة لنا والظّهور عليك جلبابك إلينا على قدمك، دون عهد ولا عقد يمنعان من إراقة دمك. ولكنّا لما «2» وهب الله تعالى لنا من الإشراف على سرائر الرياسة، والحفظ لشرائع السّياسة؛ تأمّلنا من ساس جهتك قبلنا، فوجدنا يد سياسته خرقاء، وعين خدامته «3» عوراء، وقدم مداراته شلّاء، لأنه مال عن ترغيبك فلم ترجه، وعن ترهيبك فلم تخشه؛ فأدّتك حائجتك إلى طلاب المطاعم «4» الدّنيّة، وقلّة مهابتك إلى التّهالك على