الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة الرابعة (في الكتب الصادرة عن الخلفاء، وهي على قسمين)
القسم الأوّل (المكاتبات إلى أهل الإسلام، وفيه تسعة أطراف)
الطّرف الأوّل (في الكتب الصادرة عن الخلفاء من الصحابة رضي الله عنهم، وفيه جملتان)
الجملة الأولى (في المكاتبات الصادرة عن أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه
وكانت تفتتح بلفظ: «من أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فلان» وباقي الكتاب من نسبة كتب النبيّ صلى الله عليه وسلم من التصدير بالسلام والتّحميد، والتّخلّص بأما بعد، والاختتام بالسلام وما يجري هذا المجرى، مع لزوم الخطاب بالكاف وتاء المخاطب للواحد، وبالتثنية للاثنين، والجمع للجماعة. وعنونتها «من أبي بكر خليفة رسول الله» في الجانب الأيمن ثم «إلى فلان الفلانيّ» في الجانب الأيسر على ما يقتضيه الترتيب المتقدّم.
وهذه نسخة كتابه رضي الله عنه إلى أهل الرّدة حين ارتدّوا عن الإسلام بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وهو على ما ذكره صاحب «نهاية الأرب» :
«من أبي «1» بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى من بلغه كتابي هذا من عامّة وخاصّة، أقام على الإسلام «2» أو رجع عنه، سلام على من اتّبع الهدى، ولم يرجع بعد الهدى إلى الضّلالة والعمى؛ فإنّي أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنّ محمدا عبده ورسوله، وأقرّ «3» بما جاء به [وأكفّر من أبى وأجاهده «4» ] .
أما بعد، فإن الله أرسل محمدا بالحقّ من عنده إلى خلقه بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، لينذر من كان حيّا ويحقّ القول على الكافرين، يهدي «5» الله للحقّ من أجاب إليه، وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بإذنه من أدبر عنه حتّى صار إلى الإسلام طوعا وكرها، ثم توفّي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نفّذ لأمر الله، ونصح لأمّته، وقضى الذي عليه، وكان الله قد بيّن له ذلك ولأهل الإسلام في الكتاب الذي أنزله «6» ، فقال: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ «7»
وقال: وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ «8»
وقال للمؤمنين: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ «9»
فمن كان يعبد محمدا فإنّ محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله وحده لا شريك له فإنّ الله بالمرصاد، حيّ قيّوم لا يموت ولا تأخذه سنة ولا نوم،
حافظ لأمره، منتقم من عدوّه بحزبه «1» ، وإنّي أوصيكم بتقوى الله وحظّكم ونصيبكم من الله، وما جاء به نبيّكم، وأن تهتدوا بهديه «2» ، وأن تعتصموا بدين الله، فإنّ من لم يهد الله ضلّ «3» ، وكلّ من لم يعافه مبتلى، وكلّ من لم ينصره «4» مخذول. فمن هداه الله كان مهديّا «5» ، ومن أضلّه كان ضالّا: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً «6»
ولم يقبل منه في الدنيا عمل حتّى يقرّ به، ولم يقبل له في الآخرة صرف ولا عدل.
وقد بلغني رجوع من رجع منكم عن دينه بعد أن أقرّ بالإسلام وعمل به اغترارا بالله وجهالة بأمره، وإجابة للشّيطان، وقال الله جلّ ثناؤه: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا
«7» . وقال جلّ ذكره: إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ
«8» وإنّي أنفذت «9» إليكم فلانا في جيش من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان، وأمرته أن لا يقاتل أحدا ولا يقتله حتّى يدعوه إلى داعية الله، فمن استجاب له وأقرّ وكفّ وعمل صالحا، قبل منه وأعانه عليه، ومن أبى أمرته «10» أن يقاتله على ذلك، ولا يبقى على أحد منهم قدر عليه «11» ،