الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمر أمير المؤمنين بتعريفك ذلك، وتلخيص الكتاب إليك، لتقف عليه وتذيعه، وتشهّره فيما قبلك، وتحمد الله على ما منح أمير المؤمنين من النصر، ومكّنه من الظّفر. فاعلمه إن شاء الله تعالى، والسّلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وكتب يوم الخميس لخمس ليال بقين من المحرّم سنة سبع وستين وثلاثمائة.
الأسلوب الثاني (أن يفتتح الكتاب بخطبة مفتتحة بالحمد لله)
وعليه كان الحال في أواخر دولتهم. وعليه جرى في «موادّ البيان» في الأمثلة التي ذكرها.
وهذه نسخة «1» كتاب مما أورده في «موادّ البيان» ببشارة بفتح، وهي:
الحمد لله مديل الحقّ ومنيره ومذلّ الباطل ومبيره، مؤيّد الإسلام بباهر الإعجاز وقصم «2» وعده في الإظهار بوشيك الإنجاز. أخمد كلّ دين وأعلاه، ورفض كلّ شرع واجتباه، وجعله نوره اللامع، وظلّه الماتع، وابتعث به السراج المنير، والبشير النّذير، فأوضح مناهجه، وبيّن مدارجه، وأنار أعلامه، وفصّل أحكامه، وسنّ حلاله وحرامه، وبيّن خاصّه وعامّه، ودعا إلى الله بإذنه، وحضّ على التمسّك بعصم دينه، وشمّر في نصره مجاهدا من ندّ عن سبيله، وعند عن دليله، حتّى قصّد الأنصاب «3» والأصنام، وأبطل الميسر والأزلام «4» ، وكشف غيابات الإظلام، وانتعلت خيل الله بقبائل «5» الهام.
يحمده أمير المؤمنين أن جعله من ولاة أمره، ووفّقه لاتّباع سنّة رسوله واقتفاء أثره. وأعانه على تمكين الدّين، وتوهين المشركين، وشفاء صدور المؤمنين. وأنهضه بالمراماة عن الملّة، والمحاماة عن الحوزة، وإعزاز أهل الإيمان، وإذلال حزب الكفران. ويسأله الصلاة على خيرته المجتبى، وصفوته المنتصى، محمد أفضل من ذبّ وكافح، وجاهد ونافح، وحمى الذّمار «1» ، وغزا الكفّار، صلّى الله عليه وعلى أخيه وابن عمه «2» عليّ بن أبي طالب سيفه القاطع، ومجنّه «3» الدافع، وسهمه الصارد، وناصره العاضد، فارس الوقائع، ومعنوس «4» (؟) الجمائع، مبيد الأقران، ومبدّد الشّجعان، وعلى الطّهرة من عترته أئمة الأزمان، وخالصة الله من الإنس والجانّ. وإن أولى النّعم بأن يرفل في لباسها، ويتوصّل بالشّكر إلى لباثها «5» ، ويتهادى طيب خبرها، ويتفاوض بحسن أثرها، نعمة الله تعالى في التوفيق لمجاهدة أهل الإلحاد والشّرك، وغزو أولي الباطل والإفك، والهجوم عليهم في عقر دارهم، واجتثاث أصلهم وهدم «6» منارهم، واستنزالهم من معاقلهم، وتشريدهم عن منازلهم، وتغميض نواظرهم الشّوس «7» ، وإلباسهم لباس البوس؛ لما في ذلك من ظهور التوحيد وعزّه، وخمود الإلحاد وعرّه، وعلوّ ملة المسلمين، وانخفاض دولة المشركين، ووضوح محجّة الحق وحجّته، وفضوح «8» برهانه وآيته.
وكتاب أمير المؤمنين هذا إليك، وقد انكفأ عن ديار الفلانيّين والمشركين «1» إلى دست خلافته، ومقرّ إمامته، بعد أن غزاهم برّا وبحرا، وشرّدهم سهلا ووعرا، وجرّعهم من عواقب كفرهم مرّا، وفرّق جمائهم التي تطبّق سهوب الفضاء خيلا ورجلا، وتضيق بها المهامه حزنا وسهلا، ومزّق كتائبهم التي تلحق الوهاد بالنّجاد، وتختطف الأبصار ببوارق الأغماد، وسبى «2» الذّراريّ والأطفال، وأسر البطاريق والأقيال، وافتتح المعاقل والأعمال، وحاز الأسلاب والأموال، واستولى من الحصون على حصن كذا وحصن كذا، ومحا منها رسوم الشرك وعفّاها، وأثبت سنن التوحيد بها وأمضاها، وغنم أولياء أمير المؤمنين ومتطوّعة المسلمين من الغنائم ما أقرّ العيون، وحقّق الظّنون، وانفصلوا وقد زادت بصائرهم نفاذا في الدّين، وسرائرهم إخلاصا في طاعة أمير المؤمنين، بما أولاهم الله من النّصر والإظفار، والإعزاز والإظهار، ووضح للمشركين بما أنزله «3» عليهم من الخذلان، وأنالهم إيّاه من الهوان، أنّهم على مضلّة من الغيّ والعمى، وبعد «4» من الرّشد والهدى، فضرعوا إلى أمير المؤمنين في السّلم والموادعة، وتحمّلوا بذلا بذلوه تفاديا من الكفاح والمقارعة، فأجابهم إلى ذلك متوكّلا على الله تعالى، ومتمثّلا «5» بقوله تعالى إذ يقول: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ «6»
. وعاقد طاغيتهم على كتاب هدنة كتبه له، وأقرّه في يده، حجّة مضمونة.
أشعرك أمير المؤمنين ذلك لتأخذ من هذه النعمة بنصيب مثلك من المخلصين، وتعرف موقع ما تفضّل الله تعالى به على الإسلام والمسلمين،