الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونحو ذلك، ويؤتى على ما تضمّنته المكاتبة وما اقتضاه الجواب عنه؛ ثم يؤتى في الاختتام بنظير ما يؤتى به في المكاتبة المبتدأة.
الطرف الثاني (في ذكر لواحق المكاتبات ولوازمها، وفيه ستّ جمل)
الجملة الأولى (في التّرجمة عن المكتوب عنه)
أما الترجمة عن السلطان، فقد ذكر ابن شيث أنّ مصطلح الدولة الأيوبيّة أن يكتب لأرباب خدمته العلامة فإنها أليق به معهم. فإن أراد تمييز أحد منهم، كتب له بخطه شيئا مكان العلامة. وأنّ ترجمته للفقهاء والقضاة وذوي التنسّك «أخوه» و «ولده» . وذكر أن الأحسن أن يقال في «ولده» «محل ولده» لقوله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ
«1» أما «أخوه» فلا حرج عليه فيه: لقوله تعالى:
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ «2»
وقوله: فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ «3» *
وذكر أنه يترجم لهؤلاء من وليّ الأمر أيضا: «المعترف ببركته» و «المتبرّك بدعائه» و «المرتهن بمودّته» . وذكر أنّ الفقهاء والقضاة وذوي التنسّك يترجمون عن أنفسهم ب «الخادم» ودون ذلك «خادمه» .
قال: وربما ترفّعوا عن الترجمة بهذه اللفظة مطلقا فقالوا: «الخادم بالدّعاء الصالح» أو «الخادم بدعائه» . قال: وأهل الورع خاصة يترجمون ب «الفقير إلى رحمة الله» . وربما راعوا المترجم له مثل أن يكون وليّ الأمر، فيقول:«العبد الفقير إلى رحمة الله» ويعني أنه عبد الله، ويحصل بذلك المقصود من الأدب مع السلطان. ومنهم من يكتب:«الدّاعي لدولته»
و «المبتهل بدعائه الصالح لأيّامه» و «المواظب على خدمته بالدعاء» وأمثال ذلك. قال: وأكثر الناس يرى الترجمة لولده، فإن ترجم له لم يسمّ اسمه لأنه ليس له والدان، ولا أقل من أن يكون بينه وبين من يكتب بوالده غير الأب هذا الفرق؛ فأما أن يقول:«والده فلان بن فلان» بحيث يذكر اسم أبيه فقبيح. ثم قد كانوا في الزمن الأوّل يكتفون بذكر اسم المكتوب عنه في صدر الكتاب وعنوانه، نحو:«من فلان إلى فلان» ثم أحدث الكتّاب في أيام بني بويه وما بعدها تراجم رتّبوها، بعضها أرفع من بعض.
وقد ذكر في «ذخيرة الكتّاب» لذلك مراتب في الصّدور والعنوان بعضها أعلى من بعض، فجعل أعلاها بالنسبة إلى المكتوب عنه أن يكتب اسمه، ودونه «صديقه» ودونه «محبّه» ودونه «شاكره» ودونه «المعتدّ به» ودونه «أخوه» ودونه «وليّه» ودونه «عبده» ودونه «خادمه» ودونه «عبده وخادمه» ودونه «العبد» ودونه «العبد الخادم» ودونه «الصّنيعة «1» » ودونه «مملوكه» ودونه «المملوك» ودونه «المملوك الصّنيعة» . وهو الأعلى بالنسبة إلى المكتوب إليه. ثم قال: ويتفرّع من هذه الأصول فروع كثيرة لا تحصر مما يختاره الكتّاب ويقترحونه ويبتكرونه، ويكاتبون به أصدقاءهم وأودّاءهم «2» حسب ما تقتضيه مودّاتهم وتوجبه مصافاتهم، كصفيّ مودّته، والمفتخر بمحبته، والمعتمد على أخوّته، وعبد مودّته، وخادم مجده، وشاكر أياديه، وحامد تفضّله، والمعتدّ بتطوّله وما يجري هذا المجرى مما هو أوسع من أن يجمع وأكثر من أن يحصر؛ ولكنه أكثر ما يكون بين النّظراء والأقران.
ورتّب عبد الرحيم بن شيث في «معالم الكتابة» ترتيبا آخر، فذكر أن الترجمة إلى ديوان الخلافة من ذوي الولايات كلّهم «العبد» ومن الملوك كلّهم
«الخادم» وأن الترجمة إلى الملوك من الأجناد كلّهم «المملوك» مع النسبة إلى أشهر ألقاب الملك، كالناصريّ للناصر، والعادليّ للعادل، وما جرى مجرى ذلك. ودون المملوك في الخضوع:«عبده، وخادمه» ودونه «العبد» مفردة.
ودونه «مملوكه» ودونه «العبد الخادم» ؛ لأن الثاني كأنه ناسخ للأوّل، ودونه «الخادم» ودونه «عبده» ودونه «خادمه» ودونه «عبده وأخوه» ودونه «أخوه» ودونه «شاكر تفضّله» ودونه «شاكر إحسانه» ودونه «شاكر مودّته» ودونه «وليّه وصفيّه» ودونه «محبّه ووادّه وشاكره» . ودونه الاسم، ودونه العلامة.
ثم قال: أما «أصغر المماليك» وما يجري مجراها، فلا يليق من الأجانب. ورأيت في دستور صغير في المكاتبات يعزى للمقرّ الشهابيّ بن فضل الله، أنّ أكبر الآداب في اسم المكتوب عنه بالنسبة إلى المكتوب إليه «المملوك» ثم «المملوك الرّقّ» ثم «المملوك الأصغر» ثم «المملوك المحبّ» ثم «المملوك الدّاعي» ثم «مملوكه ومحبه» ثم «الخادم» ثم «خادمه» ثم «أخوه» ثم «محبّه» ثم «شاكره» ثم «الفقير إلى الله تعالى» . ولا يخفى ما في بعض هذه التراجم من التخالف بين ما ذكره وما تقدّم ذكره عن «ذخيرة الكتّاب» .
والذي استقرّ عليه الحال في زماننا في ترجمة العلامة بالقلم الشريف السلطاني «أخوه» ثم «والده» ثم الاسم؛ وفي حق غيره «المملوك» ثم الاسم.
وربما كتب بعضهم «العبد» بدل الاسم تواضعا، على أنهم قد اختلفوا في جواز التّرجمة بالعبد والمملوك، فذهب بعضهم إلى منع ذلك، محتجّا بما روي أن النبيّ، صلى الله عليه وسلم قال:«لا يقولنّ أحدكم عبدي ولا أمتي «1» ، كلّكم عبيد الله وكلّ نسائكم إماء الله ولكن غلامي وجاريتي» . والذي عليه العمل جواز ذلك احتجاجا بقوله تعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ «2»
والاستدلال به لا يخلو من نزاع، وقضاة القضاة يكتبون «الدّاعي» .