الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله مم بكر جرى فيه على لغة أهل اليمن حيث يبدلون لام التعريف ميما. قال ابن الأثير: وعلى هذا فتكون راء بكر مكسورة من غير تنوين لأن أصله من البكر، فلما أبدلت الألف واللام ميما بقيت الحركة بحالها، ويكون قد استعمل البكر موضع الأبكار. قال: والأشبه أن تكون بكر منوّنة، وقد أبدلت نون من ميما؛ لأن النون الساكنة إذا كان بعدها باء قلبت في اللفظ ميما نحو عنبر ومنبر، ويكون التقدير ومن زنى من بكر. وقوله فاصقعوه هو بالصاد المهملة والقاف أي اضربوه، وأصل الصّقع الضرب على الرأس، وقيل الضرب ببطن الكف.
وقوله: واستوفضوه هو بالفاء والضاد المعجمة أي انفوه، أخذا من قولهم:
استوفضت الإبل إذا تفرّقت [في رعيها] وقوله: فضرّجوه- بالضاد المعجمة والجيم أي أدموه بالضرب، ويطلق الضّرج على الشّق أيضا. والأضاميم بالضاد المعجمة الحجارة واحدها إضمامة، والمراد ارجموه بالحجارة. والتوصيم بالصاد المهملة الفترة والتّواني، أي لا تفتروا في إقامة الحدود ولا تتوانوا فيها.
وقوله: ولا غمّة في فرائض الله- أصل الغمّة السّتر، أي لا تستر فرائض الله ولا تخفى، بل تظهر ويجهر بها وتعلن. وقوله: يترفّل- أي يسود ويترأس، استعارة من ترفيل الثوب وهو إسباغه وإرساله؛ والأقيال الملوك وقد تقدّم الكلام عليه.
الأسلوب الثاني (أن تفتتح المكاتبة بلفظ «هذا كتاب» ويذكر المقصد فيما بعد، وهو قليل الوقوع في المكاتبات)
ومن ذلك كتابه صلى الله عليه وسلم لقبيلة همدان من اليمن، فيما ذكره ابن هشام وهو:
«هذا كتاب من محمد رسول الله لمخلاف خارف وأهل جناب الهضب وحقاف الرّمل، مع وافدها ذي المشعار، «1» لمالك «2» بن نمط ولمن أسلم من قومه، على أنّ
لهم فراعها ووهاطها [وعزازها] ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة، يأكلون علافها، ويرعون عافيها، لكم بذلك عهد الله وذمام رسوله، وشاهدكم المهاجرون والأنصار» «1» .
وذكر القاضي عياض في «الشفاء» أن في كتابه إليهم: «إنّ لكم فراعها ووهاطها وعزازها، تأكلون علافها وترعون عفاءها، «2» لنا من دفئهم وصرامهم ما سلّموا بالميثاق والأمانة، ولهم من الصّدقة الثّلب والناب والفصيل والفارض والداجن والكبش الحوريّ، وعليهم فيها الصّالغ والقارح» .
وهذا من نسبة ما تقدّم مما يحتاج إلى شرح غريبه: فالفراع بالكسر «3» جمع فرعة، وهو ما ارتفع من الأرض. والوهاط جمع وهطة، وهي ما اطمأنّ من الأرض. والعلاف بالكسر- جمع علف كجبل وجبال، والمراد ما تعتلفه الدوابّ من نبات الأرض. والعزاز- ما صلب من الأرض واشتدّ وخشن، ويكون ذلك في أطرافها. والعفاء العافي- وهو ما ليس لأحد فيه ملك، من قولهم: عفا الأثر إذا درس. والدفء- نتاج الإبل وما ينتفع به منها، سمّي دفئا لأنه يتخذ من أوبارها ما يستدفأ به، والمراد هنا الإبل والغنم. والصّرام- النخل، وأصله قطع الثمرة.
والثّلب من ذكور الإبل- الذي هرم وتكسّرت أسنانه. والناب- المسنّة من إناثها.
والفصيل من أولاد الإبل- الذي فصل عن أمه من الرّضاع. والفارض- المسنّ من الإبل، والمراد أنه لا يؤخذ منهم في الزكاة. والداجن- الشاة التي يعلفها الناس في منازلهم والكبش الحوريّ منسوب إلى الحور، وهي جلود تتّخذ من جلود الضأن، وقيل: هو ما دبغ من الجلود بغير القرظ «4» . والصالغ بالصاد المهملة