المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ نصيحة في عدم المغالاة في المهور - فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر - جـ ٢٠

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌ حكم الزواج

- ‌ حكم المبادرة بالزواج في سن مبكرة

- ‌ بيان السِّنِّ الشرعي لزواج المرأة

- ‌ حكم رد الخاطب بدعوى أن المخطوبة صغيرة السن

- ‌ حكم عزوف الرجل عن الزواج

- ‌ حكم دعاء المرأة لنفسها بأن ترزق زوجًا صالحًا

- ‌ حكم تأخير الزواج للتفرغ لطلب العلم مع الحاجة إليه

- ‌ حكم تقديم الزواج على فريضة الحج

- ‌ حكم عبارة: الزواج قسمةٌ ونصيب

- ‌ حكم تأخير الزواج خشية من المسئولية

- ‌ بيان فضل الزواج والمبادرة إليه

- ‌ نصيحة لمن عجز عن تكاليف الزواج وهو محتاج إليه

- ‌ حكم من يقول إن الزواج سبب للمشاكل والأمراض

- ‌ حكم الزواج من المرأة العقيم

- ‌ بيان وجوب إعانة الوالد لولده على الزواج إذا احتاج لذلك

- ‌ حكم من يتأخر في تزويج أولاده بحجة إكمال الدراسة

- ‌ حكم امتناع الوالدة عن الحج مع ولدها حتى يتزوج

- ‌ حكم حديث "من تزوج فقد استكمل نصف الإيمان

- ‌ حكم العزوف عن الزواج خوفًا من انحراف الذرية

- ‌ حكم عزوف المرأة عن الزواج

- ‌ حكم تأخير الزواج بسبب الدراسة

- ‌ بيان الأفضل في تقديم الزواج أو تقديم الدراسة

- ‌ حكم رفض الزواج بسبب وساوس الشيطان

- ‌ توجيه للأولياء بعرض بناتهم على الطيبين من الرجال

- ‌ بيان شيء من منافع الزواج

- ‌ حكم رفض المرأة للزواج خوفًا من عدم الوفاء بحقوق الزوج

- ‌ حكم من يرفض الزواج بحجة التفرغ للعبادة

- ‌ بيان أن من ترك الزواج وهو قادر فهو على خطر

- ‌ نصيحة وتوجيه للفتاة إذا تقدم إليها أحد للزواج

- ‌ حكم الاستمناء (العادة السرية)

- ‌ حكم ترك الزواج من الأقارب عملا بنصيحة الأطباء

- ‌ بيان الأفضل بين زواج الأقارب وزواج الأباعد

- ‌ حكم إلزام الوالد ولده الزواج من ابنة عمه لأجل ثروة أبيها

- ‌ بيان آداب الخطبة

- ‌ حكم العقد على المرأة التي لا تصلي

- ‌ حكم الاستخارة عند إرادة الزواج

- ‌ حكم النظر إلى المرأة عند العزم على خطبتها

- ‌ بيان ما ينبغي اشتراطه في المخطوبة

- ‌ حكم الزواج من امرأة لم يرها قط

- ‌ حكم خلوة الرجل مع مخطوبته

- ‌ حكم الخروج مع الزوجة قبل الدخول بها

- ‌ حكم زيارة أهل المخطوبة قبل العقد

- ‌ حكم الاتصال بالمخطوبة عن طريق الهاتف

- ‌ حكم قراءة الفاتحة عند الخطبة تيمنًا

- ‌ حكم من خطب امرأة ورفضت والدته

- ‌ حكم اقتصار الولي السؤال عن الخاطب عن التزامه بالصلاة فقط

- ‌ بيان ما ينبغي للمرأة تحريه في الخاطب

- ‌ حكم من اختلف رأيه عن رأي والدته في اختيار الزوج لبنته

- ‌ حكم رفض الخاطب إذا كان متزوجًا

- ‌ حكم مشاورة الأب في اختيار الزوجة

- ‌ حكم من خطب له أبوه امرأة لا تصلي

- ‌ بيان ما يلزم من يرغب في امرأة لا ترضي والده

- ‌ حكم زواج الفتاة مع رفض أمها للخاطب

- ‌ وجوب أخذ إذن الفتاة قبل تزويجها

- ‌ حكم زواج الرجل أو المرأة ممن يكبره في السن

- ‌ حكم كتم الفتاة العيب الظاهر أو الخفي عن الخاطب

- ‌ حكم الزواج من حالق اللحية أو المدخن

- ‌ حكم الزواج ممن يشرب الشيشة

- ‌ حكم رفض تزويج الفتاة الصغيرة قبل أختها الكبيرة

- ‌ بيان كيفية أخذ موافقة الفتاة على الزواج

- ‌ حكم ترك الزواج بالمرأة بعد الخطبة لتأخير وليها عقد النكاح

- ‌ حكم تأخير الزفاف بعد الخطبة

- ‌ حكم من أجبرها أبوها على الزواج بتارك الصلاة

- ‌ بيان الحالات التي يرد فيها الخاطب

- ‌ حكم تزويج الرجل بنته من شخص تارك الصلاة

- ‌ حكم الزواج بتارك الصلاة بنية دعوته

- ‌ حكم الخطبة على خطبة تارك الصلاة

- ‌ حكم ما يسمى بدبلة الخطبة

- ‌ بيان صيغة عقد النكاح

- ‌ بيان طريقة النكاح في الشريعة الإسلامية

- ‌ بيان وقت عقد الزواج وكيفيته

- ‌ حكم تزويج الأب لابنة ابنه دون وكالة وحكم التوكيل على النكاح والطلاق

- ‌ حكم عقد الأب نكاح ولده بدون إذنه

- ‌ حكم زواج الابن بغير موافقة أبيه

- ‌ حكم عقد النكاح بين عيدي الفطر والأضحى

- ‌ حكم ما يسمى بالزواج العرفي

- ‌ حكم من عقد على من يعتقد وفاة زوجها فبان أنه حي

- ‌ بيان ما يجوز للرجل من المرأة بعد عقده عليها

- ‌ بيان الشروط التي تنبغي مراعاتها لكل من الزوجين في الآخر

- ‌ بيان المقصود بالزوجة الصالحة

- ‌ حكم تزويج الرجل ابنته من فاقد لبعض الشروط

- ‌ حكم العقد على المرأة بدون ولي

- ‌ حكم عقد النكاح بشاهدين أحدهما لا يصلي

- ‌ حكم توكيل المرأة غير وليها في عقد نكاحها

- ‌ بيان السن المعتبر لولاية النكاح

- ‌ حكم إجبار المطلقة البائن بينونة صغرى على الرجوع أو الحجر

- ‌ حكم طلب المرأة الطلاق إذا أجبرت على زوج لا تريده

- ‌ حكم عقد الأب الذي لا يصلي نكاح ابنته

- ‌ حكم تقديم العادات على الشريعة في أمور الزواج

- ‌ حكم إجبار الأب لابنته على الزواج من رجل لا ترضاه

- ‌ نصيحة وتوجيه إلى من يختارون الأزواج لطمع مادي

- ‌ حكم فسخ القاضي عقد المجبرة على النكاح

- ‌ بيان من يملك الحق في اختيار الزوج للمرأة

- ‌ نصيحة في أهمية عناية الوالدين بالبنات وتزويجهن الأكفاء

- ‌ حكم إلزام الوالد ولده في الزواج من امرأة لا يرغب فيها

- ‌ حكم عضل البنات ومنعهن من الزواج

- ‌ حكم رفض الأب تزويج ابنته لغير أهل مدينته

- ‌ بيان ما ينبغي فعله لمن تأخر عنها الزواج

- ‌ حكم رفض الأسرة زواج أبنائها من أسرة أخرى بسبب شحناء

- ‌ حكم اعتراض الوالدة على زواج بنتها

- ‌ حكم رد الخاطب بسبب فقره

- ‌ حكم منع أولياء المرأة لزوجها من الدخول بها دون سبب

- ‌ حكم منع الأب لابنه من الزواج

- ‌ بيان المحرمات من النساء على الرجال

- ‌ بيان الحكمة في تحريم نكاح المحارم

- ‌ بيان القول الصحيح في حكم زواج الأقارب

- ‌ حكم الزواج ببنت بنت الأخ

- ‌ حكم زواج الرجل أخته من أبيه

- ‌ بيان معنى قوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ}

- ‌ حكم زواج الابن من زوجة أبيه التي لم يدخل بها وطلقها أو مات عنها

- ‌ حكم زواج الأب بمطلقة ابنه التي لم يدخل بها

- ‌ حكم زواج الابن بأخت زوجة أبيه

- ‌ حكم زواج الرجل من أخت رضيعته

- ‌ حكم زواج الرجل من رضيعة أخيه

- ‌ حكم من تزوج امرأة وبعد الإنجاب تبين أنها محرم

- ‌ حكم الجمع بين المرأة وعمة أبيها

- ‌ حكم زواج الرجل من أخت مطلقته

- ‌ بيان أن التبرع بالدم لا يؤثر في المحرمية

- ‌ حكم الزواج ممن جمعت بين كونها بنت عم وخالة

- ‌ حكم الزواج من بنت عم الأب

- ‌ حكم الزواج من بنت عم الأمِّ

- ‌ حكم الزواج من مطلقة العمِّ أو الخال

- ‌ حكم الزواج من بنات مطلقة الأب

- ‌ حكم زواج الرجل من بنت زوج أمه

- ‌ حكم مصافحة الرجل ربيبة أبيه

- ‌ حكم مصافحة المرأة لأزواج بنات ابن أخيها

- ‌ حكم مصافحة زوج بنت الأخ

- ‌ حكم كشف الزوجة على ابن أخي زوجها

- ‌ حكم كشف المرأة على عم زوجها

- ‌ حكم كشف المرأة وجهها أمام أزواج بنات زوجها من غيرها

- ‌ حكم الزواج من زوجة العم بعد وفاته

- ‌ حكم الزواج من زوجة الخال بعد وفاته

- ‌ حكم الزواج من مطلقة ابن الأخت

- ‌ حكم مصافحة أم الخطيبة قبل العقد

- ‌ حكم لوم المرأة على الزواج بعد وفاة زوجها

- ‌ حكم زواج الشاب من المطلقة

- ‌ حكم اشتراط المرأة على زوجها عدم الزواج عليها

- ‌ حكم اشتراط الرجل على المرأة إجراء الفحوصات الطبية قبل الزواج

- ‌ حكم اشتراط الفتاة العاملة على زوجها عدم التعرض لراتبها

- ‌ حكم اشتراط الزوج على زوجته الموظفة ترك العمل

- ‌ حكم الأخذ من مال الزوجة عند الحاجة

- ‌ حكم اشتراط الزوجة على الزوج كون الطلاق في يدها

- ‌ حكم الزواج بامرأة غير متحجبة

- ‌ حكم إجراء عملية لتحسين تشوه في الوجه

- ‌ حكم البقاء مع الزوجة إذا صرحت بارتكابها الفاحشة

- ‌ بيان الشروط في نكاح الكتابية

- ‌ بيان ما يفعله الأب تجاه أبنائه من الكتابية إذا تبعوا دين أمهم

- ‌ حكم الزواج بالكتابية

- ‌ حكم الزواج من المشركة

- ‌ حكم زواج من لا يصلي بامرأة لا تصلي

- ‌ حكم زواج الكافر إذا أسلم

- ‌ حكم العقد إذا كان الزوجان أو أحدهما لا يصلي

- ‌ بيان كيفية تجديد عقد النكاح الفاسد

- ‌ حكم البقاء مع الزوجة إذا كانت لا تصلي بسبب المرض

- ‌ حكم إكراه البنت على الزواج بمن لا يصلي

- ‌ حكم من قال لزوجته: الباب مفتوح

- ‌ حكم من توسط في نكاح لا يرضي الله

- ‌ حكم البقاء مع الزوج إذا كان يشرب الحرام

- ‌باب أحكام الصداق

- ‌ حكم المهر

- ‌ حكم المغالاة في المهور

- ‌ نصيحة في عدم المغالاة في المهور

- ‌ حكم تأخير تزويج البنت طمعًا في كثرة المهر

- ‌ حكم نكاح من دفع مهرًا من كسب حرام

- ‌ بيان وجوب وفاء الزوج بالمهر المسمى عند العقد

- ‌ حكم تحديد المهور بمبلغ معين

- ‌ بيان ما يجوز للأب أخذه من مهر بنته

- ‌ حكم مقاطعة من يغالي في المهور

- ‌ حكم اشتراط دفع مال معين للمرأة عند الطلاق

- ‌ توجيه في حل مشكلة العنوسة

- ‌ حكم الدخول على الزوجة قبل دفع المهر

- ‌ بيان أن المهر ملك للمرأة

- ‌ حكم جعل المهر من الأعيان

- ‌ حكم التصرف في مصاغ الزوجة بغير إذنها

- ‌ بيان المقصود بصداق المرأة

- ‌ حكم قبض الصداق عند العقد

- ‌ حكم العمل بما تعارف عليه أهل البلد في المهور

- ‌ حكم تعجيل بعض المهر وتأجيل بعضه

- ‌ حكم اشتراط غير الأب مالا غير الصداق

- ‌ بيان مهر من مات عنها زوجها ولم يفرض لها مهرًا

- ‌ بيان مهر المطلقة قبل الدخول والخلوة

- ‌ بيان ما يلزم من المهر لمن طلق قبل الدخول وبعد الخلوة

- ‌ حكم أخذ الأب من مهر بناته

- ‌ حكم زواج الأب بمهر ابنته

- ‌ حكم أخذ الأب مهر ابنته كاملاً

- ‌ حكم أخذ الرجل من مهر موليته

- ‌ بيان بعض مضار التغالي في المهور

- ‌ حكم الزواج إذا لم يذكر المهر عند العقد

- ‌ حكم اشتراط كون المهر تعليم كتاب الله تعالى

- ‌ حكم دفع المهر قبل العقد

الفصل: ‌ نصيحة في عدم المغالاة في المهور

كونه يتزوّج ويتيسر له المرأة المناسبة من دون تكلّف خير له في الدنيا والآخرة، فالجميع عليهم التعاون والتواصي بهذا الأمر، لعلّ الله جلّ وعلا يكتب لذلك النجاح.

ص: 425

161 -

‌ نصيحة في عدم المغالاة في المهور

س: تسأل السائلة وتقول: ما رأي سماحتكم في المغالاة في المهور، وما هو المهر الشرعي للمرأة في الإسلام؟ (1)

ج: ليس للمهر حدٌ محدود، ولكن الأفضل عدم المغالاة، الأفضل للمسلمين ألاّ يغالوا ولا يتكلفوا، حتى يكثر الزواج وتقل العزوبة، ومتى غالى الناس المهور وتكاليف الزواج تعطل الكثير من الشباب والنساء فالسنة التخفيف، كما في الحديث:«خير الصداق أيسره» (2) والنبي صلى الله عليه وسلم قال لبعض الناس، لما قال ما عنده شيء قال:«التمس ولو خاتمًا من حديد» (3) وزوج بعض الناس

(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (253).

(2)

أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب النكاح، برقم (2741) جـ 1982.

(3)

أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب السلطان ولي، برقم (5135)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم القرآن وخاتم من حديد ..... برقم (1425).

ص: 425

بتعليم القرآن، وتعليم سورٍ من القرآن، فالأمر في هذا واسع، فالسنة للمسلمين ألاّ يغالوا ولا يتكلفوا حتى يسهلوا الزواج للراغبين في الزواج.

ص: 426

س: الأخ ع. ح. ع.، يسأل ويقول: هل يعتبر المهر الغالي بمثابة بيع البنت، يرجو التوجيه، جزاكم الله خيرًا؟ (1)

ج: الشرع المطهر لم يحدد في المهر شيئًا معلومًا، بل أطلق للناس ما يتفقون عليه من المهور قليلة أو كثيرة، لكن الشارع رغب في التقليل والتيسير ترغيبًا في النكاح، وعفة الرجال والنساء.

ومن ذلك قوله عليه السلام: «خير الصداق أيسره» (2) وكان زوج بناته على خمسمائة، وتزوج على خمسمائة، وروي أنه زوج بناته على أربعمائة، فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم كان يحث على تخفيف المهور وتيسيرها ولم يغال فيها لا مع أزواجه، ولا مع بناته عليه الصلاة والسلام. فالمشروع للمؤمن أن يخفف وألاّ يتكلف في ذلك، ولكن الأوقات تختلف في الغلاء والرخص، وتيسّر الحاجات وعدم تيسّرها، فيشرع لأهل الزواج أن يتفقوا على شيء مناسب ليس فيه إجحاف بالزوج ولا مضرة على الزوجة، ولا

(1) السؤال الأول من الشريط رقم (170).

(2)

أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب النكاح، برقم (2741) جـ 1982.

ص: 426

تعطيل للنساء والشباب، وكلما كان ذلك أيسر وأقل كان أفضل حتى يتيسر للجميع حصول النكاح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (1) فالمؤمن يحرص على أن يزوج بنته وأخته وموليته بكل وسيلة شرعية، حتى لا تتعطل وحتى لا تتعرض للأخطار، والرجل كذلك يحرص على أن يتزوج، ويحرص أبوه وأخوه وأقاربه على تزويجه والتعاون معه في ذلك حتى لا يتعرض لأخطار العزوبة ولا سيما في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن، وكثر فيه المتبرجات من النساء، وضعف فيه الوازع الديني فينبغي للجميع، الرجال والنساء، الحرص على أسباب الزواج، وعلى تسهيله لا من جهة المهر، ولا من جهة الوليمة، كل ذلك يستحب فيه التخفيف والتيسير، تسهيلاً في تزويج البنين والبنات وحرصًا على عفة الجميع كما أوصى الله بذلك وشرع، حيث قال سبحانه:{وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} ، والنبي عليه السلام قال: «يا معشر

(1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة

، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه

، برقم:(1400).

ص: 427

، الصفحة قم: 428

الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (1) ووصيتي للجميع البدار بتزويج الشباب والشابات والحرص على التيسير والتخفيف في مؤنته لا من جهة المهر ولا من جهة الوليمة، كما أني أوصي أقارب الرجل أن يساعدوه إذا دعت الحاجة إلى مساعدته وأولياء المرأة أن ينصحوها ويوجهوها إلى الرضا بما يسر الله من المهر، وأن لا تمتنع من الزواج من أجل المغالاة في المهور وكلٌ من الجميع في حاجة إلى النصيحة، كل من الرجال والنساء في حاجة إلى النصيحة، وقد قال عليه الصلاة والسلام:«الدين النصيحة، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» (2) كما أني أنصح أمهات البنات أن لا يتكلفن في ذلك، وهكذا خالاتهن، وهكذا أخواتهن الكبيرات، ينبغي أن يساعدن في التخفيف والتيسير، وهكذا أبو الرجل وأجداده وإخوته وأعمامه، أوصيهم جميعًا بالمساعدة والتعاون مع الزوج، في تسهيل نكاحه بالمال وغيره، عملاً بقول الله سبحانه:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}

(1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة

، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه

، برقم:(1400).

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (55).

ص: 427

وعملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته» (1) وقوله عليه الصلاة والسلام: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» (2) والشباب اليوم، والفتيات اليوم في أشد الحاجة إلى الزواج والمبادرة إليه وهو لا يمنع الاستمرار في الدراسة لا من الرجل ولا من المرأة، بل يتزوج وإن كان يدرس، وهي كذلك، ولا ينبغي أن يحتج بالدراسة لا الرجل ولا البنت، ينبغي البدار بالزواج وإن استمر كل منهم في الدراسة، وإن تراضيا على تعطيل الدراسة فلا بأس بذلك، لحاجة البيت ونحو ذلك، المقصود أن هذا لا ينبغي أن يكون عذرا؛ الدراسة لا ينبغي أن تكون عذرا لتأخير النكاح، ولا الوظيفة كذلك، وظيفة المرأة، كونها مدرسة أو موظفة في عملٍ آخر، ينبغي ألا تتأخر عن الزواج، وأن تتقي الله في ذلك وأن تبادر، وأن تجتهد في حفظ نفسها من أسباب الشر، وحفظ سمعتها، وهكذا الشباب، يحرص غاية الحرص على حفظ سمعته، وإحصان فرجه

(1) أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه برقم (2442)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (2580).

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم (2699).

ص: 429

وغض بصره، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.

ص: 430

س: هل المرأة مكان للتجارة، حيث يتعنت الآباء في تكاليف الزواج؟ (1)

ج: لا شك أن هذه المسألة التي تقدّمت بها الأخت في الله مسألة جديرة بالعناية، فإن الواجب على الآباء أن يعنوا بأمر البنات، وأن يجتهدوا في تزويجهن على الأكفاء وأن يسهلوا التزويج وألاّ يتكلفوا، فليست المرأة سلعة تباع وتشترى وليست محلاً للتجارة ولكن المقصود التماس الكفء الصالح، الديّن الذي يتولاها ويحسن إليها، فإن ناسبته أحسن إليها وأحسن عشرتها، وإن لم تناسبه لم يظلمها، بل وسّع لها، هذا هو الواجب على الآباء، وعلى الأولياء جميعًا أن يتقوا الله في النساء، وأن يجتهدوا في التماس الأكفاء، وعدم ردّ الخاطب الطيب، وألا يجبروهن على من لا يرضين، لا بدّ من استئذان المرأة، ولا بد من أخذ رضاها، إذا بلغت تسعًا فأكثر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح: «لا تنكح الأيّم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله

(1) السؤال الأول من الشريط رقم (74).

ص: 430

وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت» (1)، وفي اللفظ الآخر:«قالوا: يا رسول الله! إنها تستحي؟ قال: إذنها صماتها» (2)، وفي اللفظ الآخر «واليتيمة تستأذن وإذنها السكوت» (3) وفي اللفظ الآخر:«والبكر يستأذنها أبوها وإذنها السكوت» (4) فصرح بالإذن، والأب ليس له الجبر، وهو الأب الذي هو أقرب وليّ، فإذا كان الأب لا يجبر فالبقية من باب أولى، وهذا هو المختار، وذهب بعض أهل العلم: إلى أن الأب يجبر البكر التي لم تزوج، وهذا قول مرجوح، والصواب أنه ليس له الإجبار، بل عليه أن يسترضيها وينصحها ويشير عليها وليس له جبرها ما دامت بلغت تسعًا فأكثر، أما إذا كانت دون التسع فلا

(1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب: لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها، برقم (5136)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419).

(2)

أخرجه البخاري في كتاب الحيل، باب في النكاح، برقم (6971).

(3)

أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما برقم (2361).

(4)

أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1421).

ص: 431

بأس أن يزوجها بغير إذنها؛ لأنه أعلم بمصالحها، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم، «تزوج عائشة، ولم تستأذن؛ لأنها كانت صغيرة بنت ست أو سبع» (1) كما جاء في الحديث الصحيح زوجها الصديق وهي بنت ست أو سبع، ودخل عليها النبي وهي بنت تسع عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أنها إذا كانت دون التسع ورأى الأب من المصلحة أن يزوجها؛ لئلا يفوت الكفء الطيب، لا من أجل المال، بل من أجل المصلحة الدينية فلا بأس أما بقية الأولياء فليس لهم تزويجها، إلا بإذنها ليس لهم أن يزوجها وهي صغيرة قبل التسع، إنما هذا خاص بالأب؛ لقصة عائشة رضي الله عنها، أمّا بقية الأولياء كالإخوة والأعمام ونحوهم، فليس لهم تزويج البنت حتى تكمل تسعًا، حتى تصلح للزواج، ثم لا بد من استئذانها فإن أذنت وإلا لم يجز لهم تزويجها وليس لهم التّعنت في التماس أصحاب المال، وأصحاب التجارة أو الوزارة، والوظائف لا، بل الواجب عليهم ألا يردّوا الخاطب الكفء وإن كان من غير ذوي

(1) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها، برقم (3896).

ص: 432

المناصب، ولهذا جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (1) وفي لفظ: «وفساد عريض» (2) وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «تنكح المرأة لأربع لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك» (3) فإذا كان الرجل يؤمر بأن يظفر بذات الدين، هكذا ولي المرأة وهكذا المرأة عليهم الحرص أن يظفروا بذات الدين، وصاحب الدين، فعليها أن تسعى لذلك، وتجتهد في ذلك وتقول لأوليائها أن يلتمسوا ذلك، وعلى وليّها أن يجتهد في ذلك حتى يلتمس الكفء؛ الطيب؛ لأن صاحب الدين ينفعها ولا يضرها بخلاف الفجرة فإنهم يضرونها وقد يجرونها إلى فجورهم، أصحاب الخمور، وأصحاب الفساد

(1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب الترغيب في التزويج من ذي الدين الخلق المرضي، برقم (13481)، (جـ 7 132).

(2)

أخرجه الترمذي، في كتاب النكاح، باب ما جاء: إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه، برقم (1084).

(3)

أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدِّين، برقم:(5090)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم:(1466).

ص: 433

شرهم عظيم، فينبغي التحرز منهم حتى لا يضروها، أما الذي لا يصلي فلا يزوّج بالمرأة المسلمة؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر نسأل الله العافية، في أصح قولي العلماء، فالحاصل والخلاصة أن الواجب على الآباء وعلى الأولياء، أن يعنوا بالأكفاء وأن يحرصوا على تزويج البنات، بالرجل الطيب ولو كان فقيرًا، ولو كان بمهر قليل، فالمطلوب عفتها، وصيانتها، ليس المطلوب المكاثرة بالمال، قال تعالى:{وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} فالمال يأتي به الله سبحانه وتعالى، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:«يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (1) ولم يقل إذا خطب منكم ذو المال الكثير، بل أمر الجميع بالزواج، هذا عام للرجال والنساء «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج» (2) فإذا كان الشباب مأمورًا بالزواج، فهي كذلك مأمورة، إذا خطب

(1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة

، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه

، برقم:(1400).

(2)

صحيح البخاري النكاح (5065)، صحيح مسلم النكاح (1400)، سنن الترمذي النكاح (1081)، سنن النسائي النكاح (3211)، سنن أبو داود النكاح (2046)، سنن ابن ماجه النكاح (1845)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 378)، سنن الدارمي النكاح (2165).

ص: 434