الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كونه يتزوّج ويتيسر له المرأة المناسبة من دون تكلّف خير له في الدنيا والآخرة، فالجميع عليهم التعاون والتواصي بهذا الأمر، لعلّ الله جلّ وعلا يكتب لذلك النجاح.
161 -
نصيحة في عدم المغالاة في المهور
س: تسأل السائلة وتقول: ما رأي سماحتكم في المغالاة في المهور، وما هو المهر الشرعي للمرأة في الإسلام؟ (1)
ج: ليس للمهر حدٌ محدود، ولكن الأفضل عدم المغالاة، الأفضل للمسلمين ألاّ يغالوا ولا يتكلفوا، حتى يكثر الزواج وتقل العزوبة، ومتى غالى الناس المهور وتكاليف الزواج تعطل الكثير من الشباب والنساء فالسنة التخفيف، كما في الحديث:«خير الصداق أيسره» (2) والنبي صلى الله عليه وسلم قال لبعض الناس، لما قال ما عنده شيء قال:«التمس ولو خاتمًا من حديد» (3) وزوج بعض الناس
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (253).
(2)
أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب النكاح، برقم (2741) جـ 1982.
(3)
أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب السلطان ولي، برقم (5135)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم القرآن وخاتم من حديد ..... برقم (1425).
بتعليم القرآن، وتعليم سورٍ من القرآن، فالأمر في هذا واسع، فالسنة للمسلمين ألاّ يغالوا ولا يتكلفوا حتى يسهلوا الزواج للراغبين في الزواج.
س: الأخ ع. ح. ع.، يسأل ويقول: هل يعتبر المهر الغالي بمثابة بيع البنت، يرجو التوجيه، جزاكم الله خيرًا؟ (1)
ج: الشرع المطهر لم يحدد في المهر شيئًا معلومًا، بل أطلق للناس ما يتفقون عليه من المهور قليلة أو كثيرة، لكن الشارع رغب في التقليل والتيسير ترغيبًا في النكاح، وعفة الرجال والنساء.
ومن ذلك قوله عليه السلام: «خير الصداق أيسره» (2) وكان زوج بناته على خمسمائة، وتزوج على خمسمائة، وروي أنه زوج بناته على أربعمائة، فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم كان يحث على تخفيف المهور وتيسيرها ولم يغال فيها لا مع أزواجه، ولا مع بناته عليه الصلاة والسلام. فالمشروع للمؤمن أن يخفف وألاّ يتكلف في ذلك، ولكن الأوقات تختلف في الغلاء والرخص، وتيسّر الحاجات وعدم تيسّرها، فيشرع لأهل الزواج أن يتفقوا على شيء مناسب ليس فيه إجحاف بالزوج ولا مضرة على الزوجة، ولا
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (170).
(2)
أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب النكاح، برقم (2741) جـ 1982.
تعطيل للنساء والشباب، وكلما كان ذلك أيسر وأقل كان أفضل حتى يتيسر للجميع حصول النكاح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (1) فالمؤمن يحرص على أن يزوج بنته وأخته وموليته بكل وسيلة شرعية، حتى لا تتعطل وحتى لا تتعرض للأخطار، والرجل كذلك يحرص على أن يتزوج، ويحرص أبوه وأخوه وأقاربه على تزويجه والتعاون معه في ذلك حتى لا يتعرض لأخطار العزوبة ولا سيما في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن، وكثر فيه المتبرجات من النساء، وضعف فيه الوازع الديني فينبغي للجميع، الرجال والنساء، الحرص على أسباب الزواج، وعلى تسهيله لا من جهة المهر، ولا من جهة الوليمة، كل ذلك يستحب فيه التخفيف والتيسير، تسهيلاً في تزويج البنين والبنات وحرصًا على عفة الجميع كما أوصى الله بذلك وشرع، حيث قال سبحانه:{وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} ، والنبي عليه السلام قال: «يا معشر
(1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة
…
، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه
…
، برقم:(1400).
، الصفحة قم: 428
الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (1) ووصيتي للجميع البدار بتزويج الشباب والشابات والحرص على التيسير والتخفيف في مؤنته لا من جهة المهر ولا من جهة الوليمة، كما أني أوصي أقارب الرجل أن يساعدوه إذا دعت الحاجة إلى مساعدته وأولياء المرأة أن ينصحوها ويوجهوها إلى الرضا بما يسر الله من المهر، وأن لا تمتنع من الزواج من أجل المغالاة في المهور وكلٌ من الجميع في حاجة إلى النصيحة، كل من الرجال والنساء في حاجة إلى النصيحة، وقد قال عليه الصلاة والسلام:«الدين النصيحة، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» (2) كما أني أنصح أمهات البنات أن لا يتكلفن في ذلك، وهكذا خالاتهن، وهكذا أخواتهن الكبيرات، ينبغي أن يساعدن في التخفيف والتيسير، وهكذا أبو الرجل وأجداده وإخوته وأعمامه، أوصيهم جميعًا بالمساعدة والتعاون مع الزوج، في تسهيل نكاحه بالمال وغيره، عملاً بقول الله سبحانه:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}
(1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة
…
، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه
…
، برقم:(1400).
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (55).
وعملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته» (1) وقوله عليه الصلاة والسلام: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» (2) والشباب اليوم، والفتيات اليوم في أشد الحاجة إلى الزواج والمبادرة إليه وهو لا يمنع الاستمرار في الدراسة لا من الرجل ولا من المرأة، بل يتزوج وإن كان يدرس، وهي كذلك، ولا ينبغي أن يحتج بالدراسة لا الرجل ولا البنت، ينبغي البدار بالزواج وإن استمر كل منهم في الدراسة، وإن تراضيا على تعطيل الدراسة فلا بأس بذلك، لحاجة البيت ونحو ذلك، المقصود أن هذا لا ينبغي أن يكون عذرا؛ الدراسة لا ينبغي أن تكون عذرا لتأخير النكاح، ولا الوظيفة كذلك، وظيفة المرأة، كونها مدرسة أو موظفة في عملٍ آخر، ينبغي ألا تتأخر عن الزواج، وأن تتقي الله في ذلك وأن تبادر، وأن تجتهد في حفظ نفسها من أسباب الشر، وحفظ سمعتها، وهكذا الشباب، يحرص غاية الحرص على حفظ سمعته، وإحصان فرجه
(1) أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه برقم (2442)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (2580).
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم (2699).
وغض بصره، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.
س: هل المرأة مكان للتجارة، حيث يتعنت الآباء في تكاليف الزواج؟ (1)
ج: لا شك أن هذه المسألة التي تقدّمت بها الأخت في الله مسألة جديرة بالعناية، فإن الواجب على الآباء أن يعنوا بأمر البنات، وأن يجتهدوا في تزويجهن على الأكفاء وأن يسهلوا التزويج وألاّ يتكلفوا، فليست المرأة سلعة تباع وتشترى وليست محلاً للتجارة ولكن المقصود التماس الكفء الصالح، الديّن الذي يتولاها ويحسن إليها، فإن ناسبته أحسن إليها وأحسن عشرتها، وإن لم تناسبه لم يظلمها، بل وسّع لها، هذا هو الواجب على الآباء، وعلى الأولياء جميعًا أن يتقوا الله في النساء، وأن يجتهدوا في التماس الأكفاء، وعدم ردّ الخاطب الطيب، وألا يجبروهن على من لا يرضين، لا بدّ من استئذان المرأة، ولا بد من أخذ رضاها، إذا بلغت تسعًا فأكثر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح: «لا تنكح الأيّم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (74).
وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت» (1)، وفي اللفظ الآخر:«قالوا: يا رسول الله! إنها تستحي؟ قال: إذنها صماتها» (2)، وفي اللفظ الآخر «واليتيمة تستأذن وإذنها السكوت» (3) وفي اللفظ الآخر:«والبكر يستأذنها أبوها وإذنها السكوت» (4) فصرح بالإذن، والأب ليس له الجبر، وهو الأب الذي هو أقرب وليّ، فإذا كان الأب لا يجبر فالبقية من باب أولى، وهذا هو المختار، وذهب بعض أهل العلم: إلى أن الأب يجبر البكر التي لم تزوج، وهذا قول مرجوح، والصواب أنه ليس له الإجبار، بل عليه أن يسترضيها وينصحها ويشير عليها وليس له جبرها ما دامت بلغت تسعًا فأكثر، أما إذا كانت دون التسع فلا
(1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب: لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها، برقم (5136)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الحيل، باب في النكاح، برقم (6971).
(3)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما برقم (2361).
(4)
أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1421).
بأس أن يزوجها بغير إذنها؛ لأنه أعلم بمصالحها، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم، «تزوج عائشة، ولم تستأذن؛ لأنها كانت صغيرة بنت ست أو سبع» (1) كما جاء في الحديث الصحيح زوجها الصديق وهي بنت ست أو سبع، ودخل عليها النبي وهي بنت تسع عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أنها إذا كانت دون التسع ورأى الأب من المصلحة أن يزوجها؛ لئلا يفوت الكفء الطيب، لا من أجل المال، بل من أجل المصلحة الدينية فلا بأس أما بقية الأولياء فليس لهم تزويجها، إلا بإذنها ليس لهم أن يزوجها وهي صغيرة قبل التسع، إنما هذا خاص بالأب؛ لقصة عائشة رضي الله عنها، أمّا بقية الأولياء كالإخوة والأعمام ونحوهم، فليس لهم تزويج البنت حتى تكمل تسعًا، حتى تصلح للزواج، ثم لا بد من استئذانها فإن أذنت وإلا لم يجز لهم تزويجها وليس لهم التّعنت في التماس أصحاب المال، وأصحاب التجارة أو الوزارة، والوظائف لا، بل الواجب عليهم ألا يردّوا الخاطب الكفء وإن كان من غير ذوي
(1) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها، برقم (3896).
المناصب، ولهذا جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (1) وفي لفظ: «وفساد عريض» (2) وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «تنكح المرأة لأربع لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك» (3) فإذا كان الرجل يؤمر بأن يظفر بذات الدين، هكذا ولي المرأة وهكذا المرأة عليهم الحرص أن يظفروا بذات الدين، وصاحب الدين، فعليها أن تسعى لذلك، وتجتهد في ذلك وتقول لأوليائها أن يلتمسوا ذلك، وعلى وليّها أن يجتهد في ذلك حتى يلتمس الكفء؛ الطيب؛ لأن صاحب الدين ينفعها ولا يضرها بخلاف الفجرة فإنهم يضرونها وقد يجرونها إلى فجورهم، أصحاب الخمور، وأصحاب الفساد
(1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب الترغيب في التزويج من ذي الدين الخلق المرضي، برقم (13481)، (جـ 7 132).
(2)
أخرجه الترمذي، في كتاب النكاح، باب ما جاء: إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه، برقم (1084).
(3)
أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدِّين، برقم:(5090)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم:(1466).
شرهم عظيم، فينبغي التحرز منهم حتى لا يضروها، أما الذي لا يصلي فلا يزوّج بالمرأة المسلمة؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر نسأل الله العافية، في أصح قولي العلماء، فالحاصل والخلاصة أن الواجب على الآباء وعلى الأولياء، أن يعنوا بالأكفاء وأن يحرصوا على تزويج البنات، بالرجل الطيب ولو كان فقيرًا، ولو كان بمهر قليل، فالمطلوب عفتها، وصيانتها، ليس المطلوب المكاثرة بالمال، قال تعالى:{وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} فالمال يأتي به الله سبحانه وتعالى، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:«يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (1) ولم يقل إذا خطب منكم ذو المال الكثير، بل أمر الجميع بالزواج، هذا عام للرجال والنساء «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج» (2) فإذا كان الشباب مأمورًا بالزواج، فهي كذلك مأمورة، إذا خطب
(1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة
…
، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه
…
، برقم:(1400).
(2)
صحيح البخاري النكاح (5065)، صحيح مسلم النكاح (1400)، سنن الترمذي النكاح (1081)، سنن النسائي النكاح (3211)، سنن أبو داود النكاح (2046)، سنن ابن ماجه النكاح (1845)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 378)، سنن الدارمي النكاح (2165).