الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لئن كان ذاك العهد ولى ولم يدم
…
فإني له إني له دائم الذكر
أآمل أن الدهر يسخو برده
…
فوا أسفاً ما ذاك من شيم الدهر (1)
وبي رشأ أهوى رشاقة قده
…
إذا ما انثنى يا خجلة الغصن النضر
أيا صنم الحسن الذي فتن الورى
…
وبرهان قولي أن قلبك من صخر
سباني ثغر منك كالدر نظمه
…
ويا من رأى دراً يشبه بالبدر
أشاهد ريقاً منه كالشهد طعمه
…
وما ذقته يوماً ولكنني أدري 422 (2)
النور الإسعردي
محمد بن محمد - " وقيل محمد "(3) ابن عبد العزيز - ابن عبد الصمد بن رستم الإسعردي نور الدين الشاعر؛ ولد سنة تسع عشرة وستمائة، وتوفي سنة ست وخمسين وستمائة؛ كان من كبار شعراء الملك الناصر وله به اختصاص، وله ديوان شعر، وغلب عليه المجون، وأفرد هزلياته من شعره وجمعها وسماها " سلافة الزرجون في الخلاعة والمجون " وضم إليها أشياء من نظم غيره، وكان ماجناً (4) خليعاً يجلس (5) تحت الساعات؛ حضر ليلة عند الملك
(1) بعده في الزركشي:
(2)
الوافي 1: 188 والزركشي: 259 والشذرات 5: 284 ونكت الهميان: 255 والبداية والنهاية 13: 212 ومطالع البدور 1: 55.
(3)
زيادة من الوافي.
(4)
كذلك هو عند الزركشي؛ وفي الوافي: شاباً.
(5)
الوافي: جلس؛ ويبدو أن قوله هنا ((يجلس تحت الساعات)) تكرار غير ضروري، لأنه سيرد بعد قليل؛ وقد تكرر في الوافي والزركشي.
الناصر في مجلس أنس، فخلع عليه قباء وعمامة بطرف (1) ذهب، فأتى بهما من الغد وجلس تحت الساعات.
ومن شعره:
ولقد بليت بشادن أن لمته
…
في قبح ما يأتيه ليس بنافع
متبذل في خسة وجهالة
…
ومجاعة كشهود باب الجامع وحضر ليلة عند الناصر في مجلس أنس، وكان في شرف الدين ابن الشيرجي، وكان ألحى، فقام ابن الشيرجي فقضى شغله وعاد، فأشار إليه السلطان بصفع النور الإسعردي فصفعه، فلما فعل نزلت ذقنه على كتف النور، فقبض عليها وأنشد في الحال:
قد صفعنا في ذا المحل الشريف
…
وهو إن كنت ترتضي تشريفي
فارث للعبد من مصيف صفاع
…
يا ربيع الندى وإلا خري في قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: ما أحسن ما أتى بياء المنادى هنا لتشريح التورية بين الربيع والخريف، وقوله " وإلا خري في " من أحسن التورية (2) بقرينة إمساكه ذفن ابن الشيرجي، وقد ظرف غاية.
وأضر قبل موته فقال:
قد كنت من قبل في أمن وفي دعة
…
طرفي يرود لقلبي روضة الأدب
حتى تلقبت نور الدين فانعمشت
…
عيني وحول ذاك النور للقب (3) وقال أيضاً:
سألت الله يختم لي بخير
…
فعجل لي ولكن في عيوني
(1) المطبوعة: وطوق، والتصويب عن الوافي والزركشي.
(2)
الوافي: الإشارة.
(3)
المطبوعة: للقلب، وهو خطأ.
وقال أيضاً:
يا سائلي لما رأى حالتي
…
والطرف منى ليس بالمبصر
لست أحاشيك ولكنني
…
سمحت بالعينين للأعور وقال أيضاً:
قلت إذ راح ناعساً ثم أبدى (1)
…
ضرطة آذنت لشملي بجمع
" فاتني أن أرى الديار بطرفي
…
فلعلي أرى الديار بسمعي " (2) وقال مضمناً قول المتنبي:
سباني معسول المراشف عاسل ال
…
معاطف مصقول السوالف مائد
يروم على أردافه الخصر مسعداً
…
" إذا عظم المطلوب قل المساعد " وقال أيضاً:
قلت يوماً للصدر (3) هل تثبت الب
…
عث وتنفي إنكارهم للحشر
قالت أثبت ذقنك في استي
…
قال أنفي فقلت في وسط حجري وقال أيضاً يفضل حشيش الفقراء (4) :
لك الخير لا تسمع كلام المفند
…
ودونك في فتياك غير مقلد
سألت عن الخضراء والخمر فاسمتع
…
مقالة ذي رأي مصيب ومسدد
وحقك ما بالخمر بعض صفاتها
…
أتشرب جهراً في رباط ومسجد؟
عليك بها خضراء غير مبالغ
…
بأبيض ورق أو بأحمر عسجد
ولكن على رغم المدام هدية
…
تنزه عن بيع بغير التزهد
(1) الوافي: قلت إذ نام من أحب وأبدى؛ وما هنا شبه لما عند الزركشي.
(2)
مضمن من شعر الشريف الرضي.
(3)
الوافي: للزين، والرواية عند الزركشي كما هو مثبت في المتن.
(4)
من هنا حتى آخر الترجمة لم يرد في الوافي.
رياضية يحكي الجنان اخضرارها
…
وخمرهم كالمارج المتوقد
مدامهم تنسي المعاني وهذه
…
تذكر أسرار الجمال الموحد
هي السر ترقى الروح فيها إلى ذرى ال
…
معالم في معراج فهم مجرد
بل الروح حقاً لا يحل بربعها
…
هموم ولا يحظى بها غير مهتدي
ولا داسها العصار عمداً ودنس ال
…
دنان بمختوم من القار أسود
ولا تتعب الأبدان عند نزالها
…
وفي القيء إذ تبدو كزق ممدد
ولا تستخف الناس عقلك بينهم
…
لعمري ولا تدعى لديهم بمفسد
وفي طرف المنديل يوماً وعاؤها
…
ويعتاض عن حمل الزجاجة باليد
وتخلص من إثم وحد ولا ترى
…
ذليلاً وتنجو من نديم معربد
وتشربها في العسر واليسر دائماً
…
ولا تتقي فيها ليالي التعبد
وتأمن كبسات الحماة وكيدهم
…
وتسلم من جور الولاة ولا تدي
وتغدوا ذكياً فاضلاً ذا نباهة
…
ظريفاً ولا يغشاك فرط تبلد
وتصبح عند الناس غير مبغض
…
وتمنح من كل بحسن التودد
وإن ذاقها المعشوق وافاك خلسة
…
من الحاسد الواشي على غير موعد
ومن فضلها في الطب جودة هضمها
…
وهيهات يحصى فضلها لمعدد
ولا سيما إن كان فيها منادمي
…
غزال كغصن البانة المتأود
ينادم بالشعر اللطيف وتارة
…
يغني فيزري بالحمام المغرد
يغازلني سراً بعيني غزالة
…
ويبسم عن ثغر كدر منضد
فلا تستمع فيها مقالة عاذل
…
يصدك عنها واعص كل مفند وقال أيضاً يفضل الخمر على الحشيش:
فديتك نور الحق قد لاح فاهتد
…
نديمي وكن في اللهو غير مقلد
أترضى بأن تمسي شبيه بهيمة
…
بأكل حشيش يابس غير أرغد
فدع رأي قوم كالدواب ولا تدر
…
سوى درة كالكواكب المتوقد
مدام إذا ما لاح للركب نورها
…
وقد ضل ليلاً عاد بالنور يهتدي
حشيشتهم تكسو المهيب مهانة
…
فتلقاه مثل القاتل المتعمد
ويبدو على خديه مثل اخضرارها
…
فيضحي بوجه مظلم اللون أربد
وتفسد من ذهن النديم خياله
…
فينظر مبيض الصباح كأسود
وخمرتنا تكسو الذليل مهابة
…
وعزاً فتلقى دونه كل سيد
وتجلى فتجلو هم كل منادم
…
ويروى بها من شربها قلبه الصدي
وتبدو فيبدو سره وتسره
…
فيشبهها لوناً بخد مورد
وفيها على رغم الحشيش منافع
…
فقل في معانيها وصفها وعدد
وفي غيرها للناس كل مضرة
…
فحدث بكل السوء عن وصفها الردي
وحقك ما ذاق الحشيش خليفة
…
ولا ملك فاق الأنام بسؤدد
ولا جد في وصف لها قط شاعر
…
بتنميق ألفاظ كألحان معبد
ولم تضرب الأوتار في مجلس لها
…
وما ذاك إلا للشراب المورد
أتخضب من غير المدامة راحة
…
إذا ما بدت في الكأس تجلى على اليد
بها ينثني المعشوق نشوان مائلاً
…
بقد كغصن البانة المتأود
يعاطيك راحاً مثلها في رضابه
…
ومبسمه مثل الحباب المنضد
وينعم بالوصل الذي كان باخلاً
…
به ثم ينسى كل ما كان في الغد
أعن مثلها يا صاح يصبر عاقل
…
لقد كنت في تركي لها غير مهتدي
ولولا فضول الناس ما بت صاحياً
…
ولم أستمع فيها مقال المفند
فخذها ولا تسمع مقالة لائم
…
وإن حرمت يوماً على دين أحمد تأمل هاتين القصيدتين وكيف ناقض بينهما، وبهذا يعرف حذق الشاعر فإنه يمدح الشيء ويذم ضده، ثم يعكس فيميل الطباع إلى ما مدح، ويصرفها على ما ذم، من غير أن يغير حقيقة هذا ولا هذا.
وقال أيضاً: