الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أإخواننا والموت قد حال دوننا
…
وللموت حكم نافذ في الخلائق
سبقتكم للموت والعمر طيه
…
وأعلم أن الكل لا بد لاحقي
بعيشكم أو باضطجاعي في الثرى
…
ألم نك في صفو من العيش رائق
فمن مر بي فليمض بي مترحماً
…
ولا يك منسياً وفاء الأصادق 345 (1)
سيف الدين المشد
علي بن عمر بن قزل بن جلدك التركماني الياروقي، الأمير سيف الدين المشد صاحب الديوان المشهور؛ ولد بمصر سنة اثنتين وستمائة، وتوفي بدمشق سنة ست وخمسين وستمائة، ودفن بقاسيون. اشتغل في صباه، وقال الشعر الرائق، وتولى شد الدواوين بدمشق للناصر يوسف بن العزيز مدة، وكان ظريفاً طيب العشرة تام المروءة، وهو ابن أخي فخر الدين عثمان أستاذ دار الملك الكامل، ونسيب الأمير جمال الدين ابن يغمور، روى عنه الدمياطي والفخر ابن عساكر، وكانت وفاته يوم تاسوع فقال الكمال العباسي (2) :
أيا يوم عاشورا جعلت مصيبة
…
لفقد (3) كريم أو عظيم مبجل
وقد كان في قتل الحسين كفاية
…
فقد جل بالرزء المعظم في علي
(1) الزركشي: 217 والبدر السافر: 200 وكانت وفاته عشية الأحد تاسع المحرم وقيل يوم عاشوراء من السنة في ترجمته؛ وانظر البداية والنهاية 13: 197 والنجوم الزاهرة 7: 64 وعير الذهبي 5: 233 والشذرات 5: 280؛ والترجمة ثابتة في ر.
(2)
البدر السافر: الكمال ابن عبد الرحمن القيمي.
(3)
البدر: لقصد.
وقال تاج الدين ابن حواري يرثيه:
أأخي أي دجنة أو أزمة
…
كانت بغير السيف عنا تنجلي
نبكي عليه وليس ينفعنا البكا
…
نبكي على فقد الجواد المفضل
من للقوافي والمعاني بعده
…
من للمواضي والرماح الذبل من ذا لباب العلم غير عليه ال عالي المحل ومن لحل المشكل
عاشور يوم قد تعاظم ذنبه
…
إذ حل فيه كل خطب معضل
لم يكفه قتل الحسين وما جرى
…
حتى تعدى بالمصاب على علي ومن شعر سيف الدين المشد رحمه الله تعالى:
باكر كؤوس المدام واشرب
…
واستجل وجه الحبيب واطرب
ولا تخف للهموم داء
…
فهي دواء له مجرب
من يد ساق له رضاب
…
كالمسك لا بل جناه أطيب
يعجبني خال وجنتيه
…
والمسك في الجلنار أعجب وقال في مليح معذر:
وأغيد لما لاح خط عذاره
…
على خده ازددت منه تعجبا
رأيت به التفاح أنبت سوسناً
…
فأصبح مسكياً وكان مخضبا وقال أيضاً:
غرامي بكم أحلى من الأمن في القلب
…
وودي لكم أصفى من المنهل العذب
وشوقي إليكم كل يوم وليلة
…
يزيد على حال التباعد والقرب
وإني وإن شطت بي الدار عنكم
…
تقلبني الأشواق جنباً إلى جنب
أأحبابنا إن قرب الله داركم
…
نذرت بأني لا أعود إلى العتب
ذكرت زماناً كان يجمع بيننا
…
ففاضت دموعي واستطار له قلبي
فواهاً له لو عاد للوصل مرة
…
وأعطيه ما أبقى التفرق من لبي
وكم (1) ليلة هبت من الغور نفحة
…
برياكم طيباً فقلت لها هبي
عليكم سلام الله مني تحية
…
شذا عرفها كالمسك والمندل الرطب وقال:
لئن تفرقنا ولم نجتمع
…
وزادت الفرقة عن وقتها
فهذه العينان مع قربها
…
لا تنظر العين إلى أختها وقال:
أقصى مرادي في الهوى
…
بأن تحلوا ساحتي
وراحتي في قدح
…
أنظره في راحتي وقال:
لعبت بالشطرنج مع أهيف
…
رشاقة الأغصان من قده
أحل عقد البند من خصره
…
وألثم الشامات من خده وقال في أرمد:
وشادن هممت فيه وجدا
…
لما غدت مقلتاه رمدا
لم ينتقص حسنه ولكن
…
نرجس عينيه صار وردا وقال:
يا جيرة الحي من جرعاء كاظمة
…
طرقي لبعدكم ما التذ بالنظر
لا تسألوا عن حديث الدمع كيف جرى
…
فقد كفى ما جرى منه على بصري وقال في مليح نصراني:
وبي غرير يحاكي الظبي ملتفتاً
…
أغن أغيد (2) عقلي فيه قد حارا
(1) الزركشي: فكم.
(2)
الزركشي: أحور.
يصبو الحباب إلى تقبيل مبسمه
…
وتكتسي الراح من خديه أنوارا
من آل عيسى يرى بعدي يقربه
…
ولم يخف من دم العشاق أوزارا
لأجله (1) أصبح الراووق منعكفاً
…
على الصليب وشد الكاس زنارا وقال لغزاً في رمح:
أي شيء يكون مالاً وذخراً
…
راق حسناً عند اللقاء ومخبر
أسمر القد أزرق السن وصفاً
…
إنما قلبه بلا شك أحمر وقال لغزاً في هاروت:
ما اسم إذا صحفته
…
فهو نبي مرسل
وهو إذا عكسته
…
كتابه المنزل وقال:
أساود شعره لسبت فؤادي
…
وأمست بين أحشائي تجول
كأن الشعر يطلبني بدين
…
فكم يجفو علي ويستطيل وقال:
الحمد لله في حلي ومرتحلي
…
على الذي نلت من علم ومن عمل
بالأمس كنت إلى الديوان منتسباً
…
واليوم أصبحت والديوان ينسب لي وقال:
فصل كأن البدر فيه مطرب
…
يبدو وهالته لديه طاره
والشمس في أفق السماء خريدة
…
والجو ساق والأصيل عقاره
وكأن قوس الغيم جنك مذهب
…
وكأنما صوب الحيا أوتاره وقال في مليحة عمياء، وهو بديع:
(1) الزركشي: من أجله.
علقتها نجلاء مثل المها
…
فخان فيها الزمن الغادر
أذهب عينيها فإنسانها
…
في ظلمة لا يهتدي حائر
تجرح قلبي وهي مكفوفة
…
وهكذا قد يفعل الباتر
والنرجس الغض غدا ذابلاً
…
واحسرتا لو أنه ناضر (1) ولبعضهم في عمياء وقد أحسن:
قالوا تعشقتها عمياء قلت لهم
…
ما شانها ذاك في عيني ولا قدحا
بل زاد وجدي فيها أنا أبداً
…
لا تنظر الشيب في فودي إذا وضحا
إن يجرح السيف مسلولاً فلا عجب
…
وإنما اعجب لسيفٍ مغمد جرحا
كأنما هي بستان خلوت به
…
ونام ناطوره سكران قد طفحا
تفتح الورد فيه من كمائمه
…
والنرجس الغض فيه بعد ما انفتحا ومن شعر المشد:
سري بألسنة الدموع علانيه
…
وشحوب جسمي في الغرام علانيه
أخفي الهوى ويذيعه يوم النوى
…
حرق عن الواشين ليست خافيه
يا نازحين عن الهوى خلفتم
…
جسداً بكم مضنى ونفساً باليه
وسكنتم غور الحشا فمدامعي
…
تجري شرائعها وعيني داميه
وأنا الفداء لحاضرين بمهجتي
…
أبداً وأشواقي إليهم بادية
لي وقلة إنسانها في حبهم
…
رفض الكرى ودموعها متواليه
وبمهجتي من وجنتاه (2) جنة
…
وقطوف صدغيه عليها دانيه
ما بعت روحي في هواه رخيصة
…
إلا لكون عذاره من غاليه وقال:
لو كان قلبك مثل عطفك لينا
…
ما كنت أقنع من وصالك بالمنى
(1) ر: ناظر.
(2)
ر: جنتاه.