الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإني وإياها لكالخمر والفتى
…
متى يسطع منها الزيادة يزدد
إذا ازددت منها وجداً بقربها
…
فكيف احتراسي من هوى متجدد ومنه:
أيها العاشق المعذب صبراً
…
فخطايا أخي الهوى مغفوره
زفرة في الهوى أحط لذنب
…
من غزاة وحجة مبروره 390 (1)
المسترشد بالله
الفضل بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق ابن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، أمير المؤمنين المسترشد بالله ابن المستظهر ابن المقتدي؛ بويع بالخلافة ليلة الخميس الرابع والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، بايعه سبعة من أولاد الخلفاء، وكان المسترشد أشقر أعطر أشهل خفيف العارضين، وجلس للناس جلوساً عاماً، وكان المتولي للبيعة قاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمد الدامغاني، وبايع الناس إلى الظهر، ثم أخرجت جنازة المستظهر، وكان عمره لما بويع سبعاً وعشرين سنة؛ لأن مولده سنة ست وثمانين وأربعمائة، وكان يتنسك في أول زمانه ويلبس الصوف وينفرد في بيت العبادة، وختم القرآن وتفقه، وكان مليح الخط، لم يكن قبله في الخلفاء من كتب أحسن منه، وكان يستدرك على
(1) المنتظم 10: 53 وابن الأثير 11: 27 والزركشي: 245 والفخري: 267 والروحي: 66 وتاريخ الخلفاء: 463 وخلاصة الذهب المسبوك: 272 وتاريخ الخميس 2: 361 ومرآة الزمان: 156؛ وهذه الترجمة في ر.
كتابة أغاليطهم، وكان ابن الأنباري يقول: أنا وراق الإنشاء ومالك الأمر يتولى ذلك بنفسه الشريفة.
وكان ذا هيبة وإقدام وشجاعة، وضبط الخلافة ورتبها أحسن ترتيب وأحيا رميمها، وشيد أركان الشريعة، ولم تزل أيامه مكدرة بكثرة التشويش من المخالفين، وكان يخرج بنفسه لدفع ذلك ومباشرته، إلى أن خرج الخرجة الأخيرة فكسر وأسر وقتلته الملاحدة، جهزهم عليه السلطان مسعود، فهجموا عليه " في " مخيمه بظاهر مراغة سنة تسع وعشرين وخمسمائة.
وكانت خلافته سبع عشرة (1) سنة وثمانية أشهر وأياماً، وكان عمره خمساً وأربعين سنة. ومن شعره لما كسر وأشير عليه بالهزيمة:
قالوا تقيم وقد أحا ط بك العدو ولا تفر
فأجبتهم المرء ما
…
لم يتعظ بالوعظ غر
ولا نلت خيراً ما حيي
…
ت ولا عداني الدهر شر
إن كنت أعلم أن غي
…
ر الله ينفع أو يضر ومن شعره:
أقول لشرخ الشباب اصطبر
…
فولى ورد قضاء الوطر
فقلت قنعت بهذا المشيب
…
وإن زال غيم فهذا مطر
فقال المشيب أيبقى الغبار
…
على جمرة ذاب منها الحجر وقال لما أسر:
ولا عجباً للأسد إن ظفرت بها
…
كلاب الأعادي من فصيح وأعجم
فحربة وحشي سقت حمزة الردى
…
وموت علي من حسام ابن ملجم وقال:
(1) ر: سبعة عشر.
أنا الأشقر الموعود بي في الملاحم
…
ومن يملك الدنيا بغير مزاحم
ستبلغ أقصى الروم خيلي وتنتضى
…
بأقصى بلاد الصين بيض صوارمي واتفق أن المسترشد رأى فيما يرى النائم في الأسبوع الذي استشهد فيه كأن على يده حمامة مطوقة، فأتاه آت وقال له: خلاصك في ذلك، فلما أصبح حكى لابن سكينة الإمام ما رآه، فقال: ما أولته يا أمير المؤمنين؟ فقال: أولته ببيت أبي تمام الطائي:
هن الحمام فإن كسرت عيافة
…
من حائهن فإنهن حمام وخلاصي في حمامي، وليت من يأتيني فيخلصني مما أنا فيه من الذل والحبس. فقتل بعد المنام بأيام وكان قد خرج للإصلاح بين السلجوقية واختلاف الأجناد، وكان معه جمع كثير من الأتراك، فغدر أكثرهم به ولحقوا بالسلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه، ثم التقى الجمعان فلم يلبثوا إلا قليلاً وانهزموا عن المسترشد، وقبض على المسترشد وعلى خواصه، وحملوا إلى قلعة بقرب همذان وحبسوا بها، وكان ذلك في شهر رمضان، وبقي إلى النصف من القعدة، وحمل مع مسعود إلى مراغة، وأنزل بناحية من العسكر، فدخل عليه جماعة من الباطنية من خلف الخيمة وتعلقوا به وضربوه بالسكاكين، فوقعت الصيحة، وقتل معه جماعة منهم أبو عبد الله ابن سكينة وابن الجزري، وخرج جماعة وأمسكوا وقتلوا وحرقوا، وبقيت يد أحدهم لم تحترق، ففتحوا يده فإذا فيها شعرات من كريمة المسترشد، فأخذها السلطان مسعود وجعلها في تعويذ ذهب، ثم جلس السلطان للعزاء، وخرج الخادم ومعه المصحف وعليه الدم، وخرج أهل مراغة وعليهم المسوح وعلى وجوههم الرماد، وهم يستغيثون ويبكون، ودفنوه في مدرسة أحمدك، وبقي العزاء بمراغة أياماً.
وخلف من الأولاد منصور الراشد وأبا العباس أحمد وأبا القاسم عبد الله وإسحاق توفي في حياته، رحمه الله تعالى.
391 -
(1)
المطيع لله
الفضل بن جعفر، أمير المؤمنين المطيع لله ابن المقتدر ابن المعتضد. بويع له بعد المستكفي سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة ومولده سنة إحدى وثلاثمائة، وتوفي سنة أربع وستين وثلاثمائة؛ قال ابن شاهين: وخلع نفسه غير مكره في ذي القعدة سنة ثلاث وستين، ونزل عن الخلافة لولده أبي بكر عبد الكريم، ولقبوه الطائع لله، وسنه يومئذ ثمان وأربعون سنة، ومات المطيع وفي المحرم سنة أربع وستين.
وكان أبيض تعلوه صفرة، أقنى جميل الوجه، وكانت خلافته تسعاً وعشرين (2) سنة، وفي أيامه أعيد الحجر الأسود إلى البيت من القرامطة، ومن شعره يمدح سيف الدولة ابن حمدان:
تخيرت سيفاً من سيوف كثيرة
…
فلم أر فيها مثل سيف الدولة (3)
أرى الناس في وسط المجالس يشربوا
…
وذاك بثغر الشام يحفظ دولتي (4)
(1) ابن الأثير 8: 637 وتاريخ الخميس 2: 353 ومروج الذهب 9: 31 والروحي: 63 والفخري: 258 وتاريخ الخلفاء: 429 وخلاصة الذهب المسبوك: 257؛ والترجمة ثابتة في ر.
(2)
ر: تسع وعشرون.
(3)
ر: لدولتي.
(4)
في المطبوعة: بيضتي، وما اثبته رواية ر.