الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاقان: وحق قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن لم تلطمه لأقتلنك، فقام الفتح ولطمه، وقال المتوكل: اشهدوا علي، إنني قد خلعته من الخلافة، فبقيت هذه الأشياء في قلبه، وعمل ما عمل مما هو مذكور في ترجمة المتوكل والله أعلم.
438 -
(1)
المعتز بالله
محمد بن جعفر، أمير المؤمنين المعتز بالله ابن المتوكل ابن المعتصم؛ ولد سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، ولم يل الخلافة قبله أصغر منه، بويع له بالخلافة عند عزل المستعين بالله وهو ابن تسع عشرة سنة، وكانت خلافته ثلاث سنين وستة أشهر وأربعة عشر يوماً، ومات عن أربع وعشرين سنة.
وكان مستضعفاً مع الأتراك، اجتمع إليه الأتراك وقالوا له: أعطنا أرزاقنا لنقتل صالح بن وصيف، وكان يخافه، فطلب من أمه مالاً لنفقة الأتراك فأبت، ولم يكن في بيوت الأموال شيء، فاجتمعوا هم وصالح واتفقوا على خلعه، وجروه برجله وضربوه بالدبابيس وأقاموه في الشمس في يوم صائف، فبقي يرفع قدماً ويضع أخرى وهم يلطمون وجهه ويقولون: اخلع نفسك، ثم أحضروا القاضي ابن أبي الشوارب والشهود وخلعوه، ثم أحضروا محمد بن الواثق من سامرا فسلم عليه المعتز بالخلافة وبايعه، ولقبوه المهتدي، ثم إنهم أخذوا المعتز بعد خمسة أيام وأدخلوه الحمام وعطشوه،
(1) الوافي 2: 291 والزركشي: 271 والأغاني 9: 298 وتاريخ بغداد 2: 121 ومعجم الشعراء: 400 والديارات: 106 والروحي: 56 والفخري: 220 وتاريخ الخلفاء: 388 وخلاصة الذهب المسبوك: 230 والمصارد التاريخية الكبرى.
وطلب الماء فمنعوه من ذلك حتى أغمي عليه، فأخرجوه وسقوه ماء فشربه وسقط ميتاً.
وقال سبط ابن الجوزي في المرآة: لما أوقفوه في الشمس طلب نعلاً فلم يعطوه، فأسبل سراويله على رجليه، وقيل أنهم نزعوا أصابع يديه ورجليه ثم خنقوه، وقيل أدخلوه سرداباً مجصصاً جديداً فاختنق، ولم يعذب خليفة بمثل ما عذب على صغر سنه؛ وتوفي يوم السبت لست خلون من رمضان (1) سنة خمس وخمسين ومائتين، ودفن إلى جانب أخيه المنتصر.
وكان أبيض جميل الوجه، على خده الأيسر خال أسود، وصلى عليه المهتدي. وأمه رومية، وكان نقش خاتمه " المعتز بالله " وهو ثالث خليفة خلع من بني عباس، ورابع خليفة قتل منهم. قال البحتري: كنت صاحباً لأبي معشر المنجم، فتضايقنا مضايقة شديدة، فدخلنا على المعتز وهو محبوس قبل أن يلي الخلافة، فأنشدته أبياتاً كنت قلتها (2) :
جعلت فداك الدهر ليس بمنفك
…
من الحادث المشكو والنازل المشكي
وما هذه الأيام إلا منازل
…
فمن منزل رحب إلى منزل ضنك
وقد هذبتك الحادثات وإنما
…
صفا الذهب الإبريز قبلك ضنك
أما في رسول الله يوسف أسوة
…
لمثلك محبوساً على الظلم والإفك
أقام جميل الصبر في السجن برهة
…
فآل به الصبر الجميل إلى الملك فدفع الورقة إلى خادم على رأسه وقال: احتفظ بها فإن فرج الله تعالى ذكرني لأقضي حاجتهم، وكان أبو معشر قد أخذ له طالعاً لمولده فحكم له بالخلافة بمقتضى الطالع، فلما ولي الخلافة أعطى كل واحد منا ألف دينار، وأجرى له في كل شهر مائة دينار.
(1) الوافي: من شعبان، وقيل في اليوم الثاني من رمضان.
(2)
ديوان البحتري: 1567 وكان البحتري قد قال هذه الأبيات في أبي سعيد الثغري.