الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومولد النصير بطوس سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وتوفي في ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وستمائة ببغداد، وشيعه صاحب الديوان والكبار، وكانت جنازته حفلة، ودفن في مشهد الكاظم، رحمه الله تعالى آمين.
415 -
(1)
مؤيد الدين ابن العلقمي
محمد بن محمد بن علي، أبو طالب الوزير مؤيد الدين ابن العلقمي البغدادي الرافضي، وزير المستعصم؛ ولي الوزارة أربع عشرة سنة فأظهر الرفض قليلاً، وكان وزيراً كافياً خبيراً بتدبير الملك، ولم يزل ناصحاً لأصحابه وأستاذه حتى وقع بينه وبين الدوادار لأنه كان متغالياً (2) في السنة، وعضده ابن الخليفة، فحصل عنده من الضغن ما أوجب سعيه في دمار الإسلام وخراب بغداد على ما هو مشهور؛ لأنه ضعف جانبه وقويت شوكة الدوادار بحاشية الخليفة حتى قال في شعره من ذلك:
وزير رضي (3) من بأسه وانتقامه
…
بطي رقاع حشوها النظم والنثر
كما تسجع الورقاء وهي حمامة
…
وليس لها نهي يطاع ولا أمر وأخذ يكاتب التتار إلى أن جر هولاكو وجرأه على أخذ بغداد، وقرر
(1) الوافي 1: 184 والحوادث الجامعة 196، 340 (وصفحات أخرى) وعبر الذهبي 5: 225 والفخري: 299 والشذرات 5: 272 والبداية والنهاية 13: 212 وتاريخ الخميس 2: 377 ومرآة الجنان 4: 147 والنجوم الزاهرة 7: 20 وأورده مؤلف الأعلام تحت اسم ((محمد بن أحمد)) وذكر مصادر أخرى لترجمته.
(2)
الوافي: يتغالى.
(3)
في المطبوعة: له، ولا تلائم سياق المعنى، إذ هو يسخر من أنه ((رضي بطي رقاع
…
)) .
مع هولاكو أموراً انعكست عليه، وندم حيث لا ينفعه الندم، وكان كثيراً ما يقول بعد ذلك:
وجرى القضاء بعكس ما أملته
لأنه عومل بأنواع الهوان من أراذل التتار والمرتدة؛ حكي أنه كان جالساً بالديوان، فدخل عليه بعض التتار ممن ليس له وجاهة راكباً فرسه، فسار (1) إلى أن وقف بفرسه على بساط الوزير وخاطبه بما أراد، وبال الفرس على البساط وأصاب الرشاش ثياب الوزير، وهو صابر لهذا الهوان يظهر قوة النفس وأنه بلغ مراده.
وقال له بعض أهل بغداد: يا مولانا أنت فعلت هذا جميعه حمية، وحميت الشيعة، وقد قتل من الأشراف الفاطميين خلق لا تحصى، وارتكبت الفواحش مع نسائهم، فقال: بعد أن قتل الدوادار ومن كان على رأيه لا مبالاة بذلك. ولم تطل مدته حتى مات غماً وغيظاً في أوائل سنة سبع وخمسين وستمائة.
بعث إليه المستعصم شدة أقلام، فكتب إليه: قبل الملوك الأرض شكراً للإنعام عليه بأقلام قلمت أظافر الحدثان، وقامت له في حرب الزمان، مقام عوالى المران، وأجنته ثمار الأوطار من أغصانها، وحازت له قصبات المفاخر بيوم (2) رهانها، فيا لله كم عقد زمام في عقدها، وكم بحر سعادة أصبح جارياً من مدادها ومددها، وكم منآد (3) خط استقام بمثقفاتها، وكم صوارم فل مضاربها مطرر (4) مرهفاتها.
(1) الوافي: فساق.
(2)
الوافي: يوم.
(3)
في المطبوعة: سنان؛ وأثبت ما في أصل الوافي.
(4)
الوافي: بمطرور.
لم يبق لي أمل إلا وقد بلغت
…
نفسي أقاصيه براً بي وإنعاما
لأفتحن بها والله يقدر لي
…
مصانعاً (1) أعجزت من قبل بهراما
تعطي الأقاليم من لم يبد مسألة
…
له فلا عجب إن تعط أقلاما وكان قد طالع المستعصم في شخص من أمراء الجبل يعرف بابن شرف شاه وقال في آخر كلامه " وهو مدبر " فوقع المستعصم له:
ولا تساعد أبداً مدبراً
…
وكن مع الله على المدبر فكتب ابن العلقمي أبياتاً في الجواب منها:
يا مالكاً أرجو بحبي له
…
نيل المنى والفوز في المحشر
أرشدتني لا زلت لي مرشداً
…
وهادياً من رأيك الأنور
أبنت لي بيت هدى (2) قلته
…
عن شرف من بيتك الأطهر
فضلك فضل ما له منكر
…
ليس لضوء الشمس من منكر
أن يجمع العالم في واحد
…
ليس على الله بمستنكر اشتغل بالحلة على عميد الرؤساء أيوب، وعاد إلى بغداد وأقام عند خاله عضد الدين أبي نصر المبارك ابن الضحاك، وكان أستاذ الدار.
ولما قبض على مؤيد الدين القمي - وكان أستاذ الدار - فوضت (3) الأستاذ دارية إلى شمس الدين ابن الناقد، ثم عزل وفوضت الأستاذ دارية إلى ابن العلقمي، فلما توفي المستنصر بالله وولي الخليفة المستعصم وتوفي ابن الناقد وزر ابن العلقمي، وكان قد سمع الحديث واشتغل على أبي البقاء العكبري.
وحكي أنه لما كان يكاتب التتار تحيل إلى أن أخذ رجلاً وحلق رأسه
(1) الوافي: مصاعباً.
(2)
المطبوعة: بيتاً متى.
(3)
المطبوعة: فرضت، وهو خطأ.