الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غائباً قد كنت أحسب قلبه
…
بسوى دمشق وأهلها لا يعلق
إن كان صدك نيل مصر عنهم
…
لا غرو فهو لنا العدو الأزرق وكان في فقهاء الشافعية شخص يسمى شهاب الدين التعجيزي وينظم شعراً في زعمه، فعمل أبياتاً في شخص كان يحبه وكتبها إلي أولها:
أيها المعرض لا عن سببا
…
أصلحك الله وصالي الأربا وفي هذا ما يعني عن باقيها، فكتبت إليه:
يا شهاباً أهدى إلي قريضاً
…
خالياً عن تعسف الألغاز
جاءني مؤذناً برقة طبع
…
حين رشحته بباب المجاز
إن تكن رمت عنه من جزاء
…
فأقلني فلست ممن أجازي ومن شعر شهاب الدين المذكور:
يا سن يا شيع (1) إني بينكم وسط
…
مذبذباً لا وإلى هولي (2) ولا ثمت
وفي القيامه على الأعراف منقعد
…
وأنتظر منكم من يدخل الجنت
فإن دخلتم فإني داخل معكم
…
وإن صفعتم فإني قاعد سكت 340 (3)
ابن ظافر الأزدي
علي بن ظافر بن حسين الفقيه، الوزير جمال الدين أبو الحسن الأزدي المصري
(1) يريد: يا سنة يا شيعة.
(2)
هولي: عامية ((هؤلاء)) .
(3)
الزركشي: 209 وابن الشعار 4: 403 ومعجم الأدباء 13: 264؛ وانظر مقدمة غرائب التنبيهات على عجائب التشبيهات، تحقيق الدكتورين سلام والجويني (القاهرة 1971) ومقدمة الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم على بدائع البدائه.
ابن العلامة أبي منصور، ولد سنة سبع وستين وخمسمائة، وتفقه على والده؛ وتوفي سنة ثلاث وعشرين وستمائة (1) .
قرأ الأدب وبرع فيه، وقرأ على والده الأصول، وبرع في علم التاريخ وأخبار الملوك، وحفظ في ذلك جملة وافرة، ودرس بمدرسة المالكية بمصر بعد أبيه، وترسل إلى الديوان العزيز، وولي وزارة الملك الأشرف، ثم انصرف عنه ودخل مصر، وولي وكالة بيت المال مدة، وكان متوقد الخاطر طلق العبارة، ومع تعلقه بالدنيا له ميل كثير إلى أهل الآخرة، محباً لأهل الدين والصلاح.
أقبل في آخر عمره على مطالعة الأحاديث النبوية وأدمن النظر فيها؛ روى عنه القوصي وغيره، وله تواليف: منها " الدولة المنقطعة " وهو كتاب مفيد جداً في بابه، و " بدائع البدائة " والذيل عليه، و " أخبار الشجعان " و " أخبار الملوك السلجوقية " و " أساس السياسة " و " نفائس الذخيرة " ولم يكمل ولو كمل ما كان في الأدب مثله، وكتاب " التشبيهات "، وكتاب " من أصيب " وابتدأ بعلي رضي الله عنه، وغير ذلك.
ومن شعره:
إني لأعجب من حبي أكتمه
…
جهدي وجفني بفيض الدمع يعلنه
وكون من أنا أهواه وأعشقه
…
يخرب القلب عمداً وهو يسكنه
وأعجب الكل أمراً أن مبسمه
…
من أصغر الدر جرماً وهو أثمنه وله أيضاً:
كم من دم يوم النوى مطلول
…
بين رسوم الحي والطلول (2)
(1) في ياقوت سنة 613 ويبدو أنه أصوب.
(2)
ر: والطول.
بانوا فلا جسم ولا ربع لهم
…
إلا رماه البين بالنحول
يا راحلين والفؤاد معهم
…
مسابق في أول الرعيل
ردوا فؤادي إنه ما باعكم
…
إياه إلا طرفي الفضولي
ورب ظبي منكم يخاف من
…
سطوة عينيه أسود الغيل
أنار منه الوجه حتى كدت أن
…
أقول، لولا الدين، بالحلول
ينقص بالعلة كل كامل
…
في الحسن غير لحظه العليل وقال في " بدائع البدانة "(1) : اجتمعنا ليلة من ليالي رمضان بالجامع، فجلسنا بعد انقضاء الصلاة للحديث، وقد وقد فانوس السحور، فاقترح بعض الحضور (2) على الأديب أبي الحجاج يوسف بن علي المعروف (3) بالنعجة أن يصنع قطعة من فانوس السحور، وإنما طلب بذلك إظهار عجزه، فصنع:
ونجم من الفانوس يشرق ضوؤه
…
ولكنه دون الكواكب لا يسري
ولم أر نجم قط قبل طلوعه
…
إذا غاب ينهي الصائمين عن الفطر فقلت له: هذا التعجب لا يصح؛ لأنا قد رأينا نجوماً لا تدخل تحت الحصر ولا تحصى بالعدد إذا غارت تنهي (4) الصائمين عن الفطر وهي نجوم الصباح، فأسرف الجماعة في تقريعه، وأخذوا في تمزيق عرضه وتقطيعه، فصنع أيضاً:
هذا لواء سحور يستضاء به
…
وعسكر الشهب في الظلماء جرار
والصائمون جميعاً يهتدون به
…
كأنه علم في وسطه نار ولما أصبحنا سمع من كان غائباً من أصحابنا ما جرى بيننا، فصنع الرشيد
(1) انظر بدائع البدائه: 272.
(2)
بدائع: الحاضرين.
(3)
بدائع: المنبوز.
(4)
ر: نهي.
أبو عبد الله محمد بن منانو (1) رحمه الله تعالى:
أحبب بفانوس غدا صاعداً
…
وضوؤه دان من العين
يقضي بصوم وبفطر معاً
…
فقد حوى وصف الهلالين وصنع الفقيه أبو محمد العقيلي (2) :
وكوكب من ضرام الزند مطلعه
…
تسري النجوم ولا يسري إذا رقبا
يراقب الصبح خوفاً أن يفاجئه
…
فإن بدا طالعاً في أفقه غربا
كأنه عاشق وافى على شرف
…
يرعى الحبيب فإن لاح الرقيب خبا ثم إني صنعت بعد ذلك:
ألست ترى شخص المنار وعوده
…
عليه لفانوس السحور لهيب
كحامل منظوم الأنابيب اسمر
…
عليه سنان بالدماء خضيب
ترى بين زهر الزهر منه شقيقة
…
لها العود غصن والمنار كثيب
وتبدو كخد أحمر والدجى لمى
…
بدا فيه ثغر للنجوم شنيب
كأن لزنجي الدجى من لهيبه
…
ومن خفقه قلب عراه وجيب
تراه يراعي الشهب ليلاً فإن دنا
…
طلوع صباح حان منه غروب
فهل كان يرعاها لعشق ففر إذ
…
درى أن رومي الصباح رقيب وقلت في اختصار المعنى الأول من هذه القطعة:
انظر إلى المنار وال
…
فانوس فيه يرفع
كحامل رمحاً (3) سنا
…
نه خضيب يلمع وقلت:
(1) بدائع: متانو.
(2)
بدائع: القلعي.
(3)
ر: رمح.
ألست ترى حسن المنار ونوره (1)
…
يرفع من جنح الدجنة أستارا
" تراه إذا جن الظلام مراقباً
…
له مضرماً في قلب فانوسه نارا " (2)
كصب نجود من بني الزنج سامها
…
وصالاً وقد أبدى لترغب دينارا وقلت:
وليلة صوم قد سهرت بجنحها
…
على أنها من طيبها تفضل الدهرا
حكى الليل فيها سقف ساج مسمراً
…
من الشهب قد أضحت مساميره تبرا
وقام المنار المشرق اللون حاملاً
…
لفانوسه والليل قد أظهر الزهرا
كما قام رومي بكأس مدامة
…
وحيا بها زنجية وشحت درا وحين صنعت هذه القطع صنع شهاب الدين يعقوب:
رأيت المنار وجنح الظلام
…
من الجو يسدل أستاره
وحلق في الجو فانوسه
…
فذهب بالنور أقطاره
فقلت المحلق قد شب في
…
ظلام الدجى للقرى ناره
وخلت الثريا يداً والنجوم
…
ورقاً غدا البدر قسطاره
وخلت المنار وفانوسه
…
فتى قام يصرف ديناره وأنشدني كمال الدين ابن نبيه لنفسه (4) :
حبذا في الصيام مئذنة الجا
…
مع والليل مسبل أذياله
خلتها والفانوس إذ رفعته
…
صائداً واقفاً لصيد الغزاله وأنشدني أبو القاسم نفطويه لنفسه:
(1) بدائع: رضوءه.
(2)
لم يرد البيت في ر.
(4)
لم يرد في ديوانه.
يا حبذا رؤية الفانوس في شرف
…
لمن يريد سحوراً وهو يتقد
كأنما الليل والفانوس مرتفع
…
في الجو أعور زنجي به رمد وله أيضاً:
نصبوا لواء للسحور وأوقدوا
…
من فوقه ناراً لمن يترصد
فكأنه سبابة (1) قد قمعت
…
ذهباً فأومت في الدجى تتشهد وأنشدني أبو يحيى السلولي (2) لنفسه:
وليلة ملئت أسدافها لعساً
…
واستوضحت غرر (3) من زهرها شنبا
ولاح كوكب فانوس السحور على
…
إنسان مقلتها النجلاء واشتهبا
حتى كأن دجاها وهو ملتهب
…
زنجية حملت في كفها ذهبا وصنع أبو العز مظفر الأعمى:
أرى علماً للناس في الصوم ينصب
…
على جامع ابن العاص أعلاه كوكب
وما هو في الظلماء إلا كأنه
…
على رمح زنجي سنان (4) مذهب
ومن عجب أن الثريا سماؤها
…
مع الليل تلهي كل من يترقب
فطوراً تحييه بباقة نرجس
…
وطوراً يحييها بكأس تلهب
وما الليل إلا قانص لغزالة
…
بفانوس نار نحوها يتطلب
ولم أر صياداً على البعد قبله
…
إذا قربت منه الغزالة يهرب ومن شعر ابن ظافر:
وقد بدت النجوم على سماء
…
تكامل صحوها في كل عين
(1) ر: شبابة.
(2)
بدائع: المستولي.
(3)
ر: غرراً.
(4)
ر: سناناً.