الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحفها كالبحر إلا أن هذا فرات وهذا ملح أجاج، ولها واد لا يقي لفحة الرمضاء ولا حر الهواجر، وقد توعرت مسالكه فلا يداس فيه إلا على المحاجر، وتفوت ما بين مرآه العلي وبين قراره العميق، ويقتحم راكبه الهول في هبوطه فكأنما خر من السماء أو تخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق.
356 -
(1)
ابن خروف النحوي
علي بن محمد بن خروف، نظلم الدين أبو الحسن ابن خروف الأندلسي؛ حضر من إشبيلية، وكان إماماً في العربية، محققاً مدققاً ماهراً مشاركاً في علم الأصول، صنف شرحاً لكتاب سيبويه جليل الفائدة، حمله إلى صاحب الغرب فأعطاه ألف دينار، وشرحاً للجمل، وكتاباً (2) في الفرائض، وله رد على أبي زيد السهيلي وعلى جماعة في العربية. أقرأ النحو بعدة بلاد،
(1) الزركشي: 224 والبدر السافر: 29 وابن العشار 4: 409 وصلة الصلة: 114 والتكلمة رقم: 1894 وزاد المسافر رقم: 6 وممالك الأبصار 11: 480 والذيل والتكلمة 5: 396 ونفح الطيب 2: 640؛ وهذا ابن خروف هو علي بن محمد بن يوسف قرطبي هاجر إلى المشرق، وأقام بحلب وفيها توفي متردياً في بئر حوالي سنة 620؛ وهناك ابن خروف آخر وهو علي بن محمد ابن علي، اشبيلي، وهو الإمام المشهور بالنحو؛ وقد خلط الكتبي بينهما هنا، إذ أن هذا النحوي الذي شرح كتاب سيبويه وتوفي سنة 609 وقد وردت ترجمته في صلة الصلة: 122 والتكلمة رقم: 1884 وبرنامج الرعيني: 81 ومعجم الأدباء 15: 75 وابن خلكان 3: 335: وهذا الخلط الذي وقع فيخ الكتبي وقع فيه أيضاً ابن الساعي في الجامع المختصر: 306 والسيوطي في البغية: 354؛ قلت: وهذه الترجمة في ر.
(2)
ر: وكتاب.
وأقام في حلب مدة، واختل عقله بأخرة حتى مشى في الأسواق عرياناً بادي العورة مكشوف الرأس، وتوفي سنة تسع وستمائة.
ومن شعره في كاس:
أنا جسم للحميا
…
والحميا لي روح
بين أهل الظرف أغدو
…
كل يوم وأروح وقال في صبي مليح حبسه القاضي:
أقاضي المسلمين حكمت حكماً
…
أتى وجه الزمان به عبوسا
حبست على الدراهم ذا جمال
…
ولم تحبسه إذ سلب النفوسا وكتب إلى قاضي القضاة محيي الدين ابن الزكي يستقيله من مشارفة مارستان نور الدين، وكان بوابه يسمى السيد، وهو في اللغة الذئب:
مولاي مولاي أجرني فقد
…
أصبحت في دار الأسى والحتوف
وليس لي صبر على منزل
…
بوابه السيد وجدي خروف ودعاه نجم الدين ابن اللهيب إلى طعامه فلم يجبه، وكتب إليه:
ابن اللهيب دعاني
…
دعاء غير نبيه
إن سرت يوماً إليه
…
فوالدي في أبيه وقال فيه:
يا ابن اللهيب جعلت مذهب مالك
…
يدعو الأنام إلى أبيك ومالك
يبكي الهدى ملء الجفون وإنما
…
ضحك الفساد من الصلاح الهالك وقد قال فيه أيضاً:
لابن اللهيب مذهب
…
في كل غي قد ذهب
يتلو الذي يبصره
…
" تبت يدا أبي لهب "
وكتب إلى القاضي بهاء الدين بن شداد يطلب منه فروة قرض (1) :
بهاء الدين والدنيا
…
ونوء المجد والحسب
طلبت مخافة الأنوا
…
ء من نعماك جلد أبي
وفضلك عالم أني
…
خروف بارع الأدب
حلبت الدهر أشطره
…
وفي حلب صفا حلبي وقال في نيل مصر:
ما أعجب النيل ما أحلى شمائله
…
في ضفتيه من الأشجار أدواح
من جنة الخلد فياض على ترع
…
تهب فيها هبوب الريح أرواح
ليست زيادته ماء كما زعموا
…
وإنما هي أرزاق وأرواح وقال:
واشربوا كل صباح لبناً
…
واشربوا كل أصيل عسلا
واعلسوا (2) ذاك إلى أعدائكم
…
من قسي النبل أو رقش الفلا وقال:
لا ترجون لمثلي
…
من هذه الراحة توبه
فإنما هي ليلى
…
وإنما أنا توبه قال القوصي: وقع ابن خروف في جب يحلب ليلاً فمات، وذلك في سنة تسع وستمائة، رحمه الله تعالى.
(1) انظر ابن خلكان 7: 94.
(2)
علس: أطعم أو شوى.