الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فعزل بقاضي القضاة جلال الدين القزويني سنة سبع وعشرين وسبعمائة، وكثرت أمواله، وباشر آخراً بلا معلوم على القضاء، ولما رجع السلطان من الكرك صرفه وولى جمال الدين الزرعي، فاستتم (1) نحو السنة، ثم أعيد بدر الدين ابن جماعة وولي مناصب كباراً، وكان يخطب من إنشائه، وصنف في علوم الحديث وفي الأحكام، وله " رسالة في الكلام على الاسطرلاب "
وتوفي سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، رحمه الله.
431 -
(2)
أبو العبر
محمد بن أحمد الهاشمي، كنيته أبو العباس، فصيرها " أبا العبر " ثم إنه كان يزيدها كل سنة حرفاً فمات وهو أبو العبر طرد طبك طلياري بك بك بك (3) . وكان شاعراً ترك الجد وعدل إلى الهزل، حبسه المأمون (4) وقال: هذا عار على بني هاشم، فصاح في الحبس: نصيحة لأمير المؤمنين، فأخبروه، فاستحضره وقال: هات نصيحتك، فقال: الكشكية أصلحك الله لا تطيب إلا بكشك، فضحك منه وقال: أرى أنه مجنون، فقال أبو العبر: إنما امتخطت حوت، فقال: ويحك! ما معنى قولك؟ فقال: أصلحك الله زعمت أنني مججت نون، وإنما
(1) الوافي: فاستمر.
(2)
الوافي 2: 41 والزركشي: 266 ومعجم الأدباء 17: 122 وأشعار أولاد الخلفاء: 323 والأغاني 23: 76 وطبقات الشعراء: 342 وتاريخ بغداد 5: 40.
(3)
هذه الصورة التي وردت للقبه عند الزركشي؛ وفي الوافي: طزد طبك طلبري
…
)) وفي المطبوعة: وطيك طنكندي
…
وهناك صور أخرى منها أيضاً، انظر الأغاني:80.
(4)
هكذا في الزركشي أيضاً؛ وقال الصفدي: حبسه إسحاق بن إبراهيم الطاهري، وكذلك هو في الأغاني.
امتخطت (1) حوت، فأطلقه وقال: أظنني في حبسك مأثوم، قال: لا ولكنك في ماء بصل (2)، فقال: أخرجوه عني ولا تقم في بغداد فهذا عار علينا.
وكان في مبدأ أمره صالح الشعر مع توسط، لا ينفق مع أبي تمام والبحتري وأضرابهما، فعمد إلى الحمق وكسب بذلك أضعاف ما كسبه كل شاعر بالجد. ومن قوله الصالح:
لا أقول الله يظلمني
…
كيف أشكو غير متهم
وإذا ما الدهر ضعضعني
…
لم تجدني كافر النعم
قنعت نفسي بما ظفرت
…
وتناهت في العلا هممي قال عبد العزيز ابن (3) أحمد: كان أبو العبر يجلس في مجلس يجتمع إليه المجان فكان يجلس على سلم وبين يديه بالوعة فيها ماء وحمأة وقد سد (4) مجراها، وبيده قصبة طويلة، وعلى رأسه خف وفي رجليه قلنسوتان، ومستمليه في جوف بئر، وحوله ثلاثة يدقون بالهواوين، حتى تكثر الجلبة ويقل السماع (5) ، ويصيح مستمليه من البئر، ثم يملي عليهم، فإن ضحك أحد (6) ممن حضر قاموا فصبوا على رأسه من البالوعة إن كان وضيعاً، وإن كان ذا مروءة رشوا عليه بالقصبة من مائها، ثم يحبس (7) في الكنيف (8) إلى
(1) الوافي والزركشي: أمتخط.
(2)
في المطبوعة والزركشي: بل ماء بصل؛ وأثبت ما في الأغاني والوافي.
(3)
المطبوعة: أبو.
(4)
المطبوعة سهل؛ وأثبت ما في الأغاني والوافي.
(5)
المطبوعة: حتى تكثر الجلبة للسماع.
(6)
زاد بعدها في المطبوعة: منهم.
(7)
المطبوعة والوافي: يجلس؛ ورواية الأغاني أدق.
(8)
المطبوعة: ذلك.
أن ينقضي المجلس، فلا يخرج (1) منه حتى يغرم درهمين.
ومن شعره الصالح:
أيها الأمرد المولع بالهج
…
ر أفق ما كذا سبيل الرشاد
فكأني بحسن وجهك قد أل
…
بس في عارضيك ثوب حداد
وكأني بعاشقيك وقد أب
…
دلت فيهم من خلطة ببعاد
حيث تغضي العيون عنك كما ين
…
قبض السمع من حديث معاد
فاغتنم قبل أن تصير إلى كا
…
ن وتضحي من جملة الأضداد وقال أيضاً:
رأيت من العجائب قاضيين
…
هما أحدوثة في الخافقين
هما اقتسما العمى نصفين عمداً
…
كما اقتسما قضاء الجانبين
هما فأل الزمان بهلك (2) يحيى
…
إذ افتتح القضاء بأعورين
وتحسب منهما من هز رأساً
…
لينظر في مواريث ودين
كأنك قد جعلت عليه دناً
…
فتحت بزاله من فرد عين وكان المتوكل يرمي به في المنجنيق إلى البركة، فإذا علا في الهواء يقول: الطريق، جاءكم المنجنيق، حتى يقع في البركة، فيطرح عليه الشباك ويصطاد، ويخرج وهو يقول: ويأمر بي ذا الملك " فيطرحوني في البرك " ويصطادني بالشبك، كأني بعض السمك، ويضحك لي هك هك.
قال بعضهم: رأيته ببعض آجام سامرا وهو عريان لا يواريه شيء، على يده اليمنى باشق وبيده اليسرى قوس، وعلى رأسه قطعة رثة من حبل (3)
(1) زاد بعدها في المطبوعة: أحد.
(2)
المطبوعة: الدمار بملك؛ ولا معنى له.
(3)
المطبوعة: رقة حبك.