الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
456 -
(1)
شرف الدين البوصيري
محمد بن سعيد بن حماد بن " محسن بن " عبد الله بن صهناج بن ملال الصهناجي؛ كان أحد أبويه من أبو صير والآخر من دلاص، فركبت له نسبة منهما وقيل الدلاصيري، لكنه اشتهر بالبوصيري.
كان يعاني صناعة الكتابة والتصرف، وباشر الشرقية ببلبيس، وله تلك القصيدة المشهورة التي نظمها في مباشري الشرقية التي أولها (2) :
فقدت (3) طوائف المستخدمينا
…
فلم أر فيهم رجلاً أمينا
فقد عاشرتهم ولبثت فيهم
…
مع التجريب من عمري سنينا
فكتاب الشمال هم جميعاً
…
فلا صحبت شمالهم اليمينا
فكم (4) سرقوا الغلال وما عرفنا
…
بهم فكأنما سرقوا العيونا
ولولا ذاك ما لبسوا حريراً
…
ولا شربوا خمور الأندرينا
ولا ربوا من المردان مرداً (5)
…
كأغصان يقمن (6) وينحنينا
(1) الوافي 3: 105 والزركشي: 278 (ولقب شرف الدين في العنوان مأخوذ عنه) والبدر السافر: 97 والشذرات 5: 432، وقال الصفدي: وأظن وفاته كانت في سنة ست وتسعين أو سبع وتسعين وستمائة أو ما حولها، وانظر مقدمة ديوانه الذي نشر بعناية الأستاذ سيد كيلاني (القاهرة: 1955) .
(2)
ديوانه: 218.
(3)
المطبوعة: نقدت، الديوان: ثكلت.
(4)
الديوان: فقد.
(5)
الديوان: قوماً.
(6)
المطبوعة: يملن، والتصويب عن الديوان والوافي.
وقد طلعت لبعضهم ذقون
…
ولكن بعد ما نتفوا (1) ذقونا
وأقلام الجماعة جائلات
…
كأسياف بأيدي لاعبينا
وقد ساوقتهم (2) حرفاً بحرف
…
وكل اسم يخطوا منه سينا
أمولاي (3) الوزير غفلت عما
…
يتم من اللئام الكاتبينا (4)
تنسك (5) معشر منهم وعدوا
…
من الزهاد والمتورعينا
وقيل لهم دعاء مستجاب
…
وقد ملأوا من السحت بالطونا
تفقهت القضاة فخان كل
…
أمانته وسموه الأمينا
وما أخشى على أموال مصر
…
سوى من معشر يتأولونا
يقول المسلمون لنا حقوق
…
بها ولنحن أولى الآخذينا
وقال القبط نحن ملوك مصر
…
وإن سواهم هم غاصبونا (6)
وحللت اليهود بحفظ سبت
…
لهم مال الطوائف أجمعينا
وما ابن قطيبة (7) إلا شريك
…
لهم في كل ما يتخطفونا
أغار على قرى فاقوس منه
…
بجور يمنع النوم الجفونا
وصير عينها حملاً ولكن
…
لمنزلة وغلتها خزينا
وأصبح شغله تحصيل تبر
…
وكانت راؤه من قبل نونا
وقدمه الذين لهم وصول
…
فتمم نقصه صلة الذينا
وفي دار الوكالة (8) أي نهب
…
فليتك لو نهبت الناهبينا
(1) المطبوعة: حلقوا، وأثبت ما في الديوان والوافي.
(2)
المطبوعة: ساوفتهم.
(3)
الديوان: أمولانا.
(4)
الديوان: الكلاب الخائنينا.
(5)
الديوان: تورع.
(6)
الديوان: وقال القبط إنهم بمصر الملوك ومن سواهم غاصبونا.
(7)
الديوان: قطية، وهي بلدة في مديرية الشرقية.
(8)
الديوان: الولاية.
فقام بها يهودي خبيث (1)
…
يسوم المسلمين أذى وهونا
إذا ألقى بها موسى عصاه
…
تلقفت القوافل والسفينا
وشاهدهم إذا اتهموا يؤدي
…
عن الكل الشهادة واليمينا وهي طويلة إلى الغاية، وقد اختصرت من أبياتها كثيراً، وله فيهم غير ذلك وشعره في غاية الحسن واللطافة عذب الألفاظ منسجم التركيب
وقال فيمن اسمه عمر وعلى عينه فص (2) :
سموه غمرا فصحفنا اسمه عمرا
…
فبين الدهر منا موضع الغلط
فأصبحت عينه غيناً بنقطتها
…
وطال ما ارتفع التصحيف بالنقط وقال فيه من قصيدة أولها (3) :
أهوى والمشيب قد حال دونه
…
والتصابي بعد المشيب رعونه
أبت النفس أن تطيع وقالت
…
إن جني لا يدخل القنينه
كيف أعصي الهوى وطينة قلبي
…
بالهوى قبل آدم معجونه
سلبته الرقاد بيضة خدر
…
ذات حسن كالدرة المكنونه
سمتها قبلة تسر بها النف
…
س فقالت كذا أكون حزينه
قلت لابد أن تسيري إلى الدا
…
ر فقالت عسى أنا مجنونه
قلت سيري فإنني لك خير
…
من أب راحم وأم حنونه
أنا نعم القرين إن كنت تبغي
…
ن حلالاً وأنت نعم القرينه
قالت اضرب عن وصل مثلي صفحاً
…
واضرب الخل أو تصير طحينه
لا أرى أن تمسني يد شيخ
…
كيف أرضى به لطستي مسينه
قلت إني كثير مال فقالت
…
هبك أنت المبارز القارونه
(1) الوافي: فثم بها؛ الديوان: وما فرعون فيها غير موسى.
(2)
ليسا من أصل الديوان، انظر:228.
(3)
الديوان: 228 وليست من أصل الديوان.
" منها ":
سيدي لا تخف علي خروجاً
…
في عروضي ففطنتي موزونه
كل بحر إن شئت فيه اختبرني
…
لا تكذب فإنني يقطينه وقال من قصيدة أولها (1) :
يا أيها المولى الوزير (2) الذي
…
أيامه طائعة أمره
ومن له منزلة في العلا
…
تكل عن أوصافها الفكره
إليك نشكو حالنا إننا
…
حاشاك من قوم أولي عسره (3)
في قلة نحن ولكن لنا
…
عائلة في غاية الكثره
أحدث المولى الحديث الذي
…
جرى لهم بالخيط والإبره
صاموا مع الناس ولكنهم
…
كانوا لمن أبصرهم عبره
إن شربوا فالبئر زير لهم
…
ما برحت والشربة الجره
لهم من الخبيز مصلوقة
…
في كل يوم تشبه النشره
أقول مهما اجتمعوا حولها
…
تنزهوا في الماء والخضره
وأقبل العيد وما عندهم
…
قمح ولا خبز ولا فطره
فارحمهم إن عاينوا (4) كعكة
…
في كف طفل أو رأوا تمره
تشخص أبصارهم نحوها
…
بشهقة تتبعها زفره
كم قائل يا أبتا منهم
…
قطعت عنا الخير (5) في كره
ما صرت تأتينا بفلس ولا
…
بدرهم ورق ولا نقره
وأنت في خدمة قوم فهل
…
تخدمهم يا أبتي سخره
(1) الديوان: 117.
(2)
يخاطب الوزير بهاء الدين ابن حنا.
(3)
سقط هذا الشطر والذي يليه من الديوان، ووقع الشطران الباقيان معاً.
(4)
الديوان: أبصروا.
(5)
الديوان: الخبز.
ويوم زارت أمهم أختها
…
والأخت في الغيرة كالضره
وأقبلت تشكو لها حالها
…
وصبرها مني على العشره (1)
قالت لها كيف تكون النسا
…
كذا مع الأزواج يا عره
قومي اطلبي حقك منه بلا
…
تخلف منك ولا فتره
وإن تأبى فخذي ذقنه
…
وانتفيها (2) شعرة شعره
قالت لها ما هكذا عادتي
…
فإن زوجي عنده ضجره
أخاف إن كلمته كلمة
…
طلقني؛ قالت لها: بعره
وهونت قدري في نفسها
…
فجاءت الزوجة محتره
فقاتلتني (3) فتهددتها
…
فاستقبلت رأسي بآجره
وحق من حالته هذه
…
أن ينظر المولى له نظره وقال وقد كتب بها إلى بعض الأصحاب (4) :
قل لعلي الذي صداقته
…
على حقوق الإخوان مؤتمنه
أخوك قد عودت طبيعته
…
بشربة في الربيع كل سنه
والآن قد عفنت عليه وقد
…
هدت قواه وجففت بدنه
وعاودت يومها زيارته
…
وما اعتراها من قبل ذاك سنه
وعاد عند القيام يحملها
…
براحتيه كأنها زمنه
جئت بها للطبيب مشتكياً
…
ودمعتي كالعوارض الهتنه
فقال عد لي إذا احتميت وكل
…
في كل يوم دجاجة دهنه
كيف وصولي إلى الدجاجة وال
…
بيضة عندي كأنها بدنه
جزاك ربي إذا انسهلت بما
…
شربت عن كل خرية حسنه
(1) الديوان: العسرة.
(2)
الوافي: وخلصيها؛ الديوان: ثم أنتفيها.
(3)
الديوان: فاستقبلتني.
(4)
أثبتها في الديوان نقلا عن الفوات.
قال الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس: كانت له حمارة استعارها منه ناظر الشرقية فأعجبته فأخذها وجهز له ثمنها مائتي درهم، فكتب على لسانها إلى الناظر: المملوكة حمارة البوصيري " تنشد "(1) :
يا أيها السيد الذي شهدت
…
ألفاظه (2) لي بأنه فاضل
ما كان ظني يبيعني أحد
…
قط ولكن سيدي جاهل (3)
لو جرسوه علي من سفه
…
لقلت غيظاً عليه يستاهل
أقصى مرادي لو كنت في بلدي
…
أرعى بها في جوانب الساحل (4)
وبعد هذا فما يحل لكم
…
أخذي (5) لأني من سيدي حامل فردها الناظر إليه ولم يأخذ الدراهم منه.
وقال في من على عينه بياض (6) .
انظر تجد لله في
…
عينيه سراً أي سر
طمس اليمين بكوكب
…
وسيطمس اليسرى بفجر وقال في الشيخ زين الدين ابن الرعاد (7) :
لقد عاب شعري في البرية شاعر
…
ومن عاب أشعاري فلا بد أن يهجى
(1) الديوان: 189.
(2)
المطبوعة: أخلاقه.
(3)
الديوان:
(4)
الديوان:
(5)
الديوان: ملكي؛ الوافي: بيعي.
(6)
الوافي: أمجد.
(7)
أثبتهما في الديوان: 229 واللذين بعدهما نقلا عن الفوات.
وشعري بحر لا يوافيه ضفدع
…
ولا يقطع الرعاد يوماً له لجا وللبوصيري في مديح النبي صلى الله عليه وسلم قصائد طنانة، منها قصيدة مهموزة أولها:
كيف ترقى رقيك الأنبياء (1)
…
وقصيدة على وزن بانت سعاد وأولها (2) :
إلى متى أنت باللذات مشغول
…
وأنت على كل ما قدمت مسؤول وقصيدته المشهورة بالبردة التي أولها (3) :
أمن تذكر جيران بذي سلم
…
مزجت دمعاً جرى من مقلة بدم قال البوصيري: كنت قد نظمت قصائد في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، منها ما كان اقترحه علي الصاحب زين الدين يعقوب بن الزبير، ثم اتفق أن أصابني فالج أبطل نصفي، ففكرت في عمل قصيدتي هذه البردة فعملتها، واستشفعت به إلى الله تعالى في أن يعافيني، وكررت إنشادها وبكيت ودعوت وتوسلت، ونمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم، فمسح على وجهي بيده المباركة، وألقى علي بردة فانتبهت، ووجدت في نهضة فقمت وخرجت من بيتي، ولم أكن أعلمت بذلك أحد، فلقيني بعض الفقراء فقال لي: أريد أن تعطيني القصيدة التي مدحت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: أيها؟ فقال: التي أنشأتها في مرضك، وذكر أولها وقال: والله لقد سمعتها البارحة وهي تنشد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمايل وأعجبته
(1) الديوان: 1؛ الوافي: ليس ترقي.
(2)
الديوان: 172.
(3)
الديوان: 190.