الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
429 -
(1)
الشيخ بهاء الدين ابن النحاس الحلبي
محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي نصر، الإمام العلامة حجة العرب، بهاء الدين ابن النحاس الحلبي النحوي، شيخ العربية بالديار المصرية؛ ولد في سلخ جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين وستمائة بحلب، وتوفي سنة ثمان وتسعين وستمائة بالقاهرة.
سمع ابن اللتي (2) والموفق ابن يعيش وأبا القاسم ابن رواحة وابن خليل، وقرأ القرآن على أبي عبد الله الفاسي وأخذ عن جمال الدين ابن عمرون، ودخل مصر لما خربت حلب وأخذ عن بقايا شيوخها، ثم جلس للإفادة وتخرج به جماعة من الأئمة، وكان من أذكياء بني آدم، وله خبرة بالمنطق وإقليدس، مشهوراً بالدين والصدق والعدالة، مع اطراح الكلفة، يمشي في الليل بين القصرين بقميص وطاقية على رأسه فقط، وكان حسن الأخلاق فيه ظرف النحاة وانبساطهم، وكان له صورة كبيرة في صدور الناس، معروفاً بحل المشكلات، واقتنى كتباً نفيسة، ولم يتزوج قط، وكانت له أوراد من العبادة.
قال قطب الدين عبد الكريم: كان كثير التلامذة كثير الذكر كثير الصلاة، ثقة حجة، يسعى في مصالح الناس، وكان لا يدخر شيئاً، وكان عنده من أصحابه ومن الطلبة من يأكل على مائدته، وكان لا يكلم أحداً في حل النحو إلا بلغة العوام لا يراعي الإعراب.
(1) الوافي 2: 10 والزركشي: 65 والشذرات 5: 442 وبغية الوعاة: 6 والبلغة: 200 وغاية النهاية 2: 46 والبدر السافر: 69.
(2)
المطبوعة: المثنى؛ وهو خطأ.
وقال الشيخ أثير الدين: كان الشيخ بهاء الدين والشيخ محيي الدين محمد ابن عبد العزيز المازوني (1) المقيم بالإسكندرية شيخي الديار المصرية، ولم ألق أحداً أكثر سماعاً لكتب الأدب من الشيخ بهاء الدين، وانفرد بسماع " الصحاح " للجوهري، وكان كثير العبادة والمروءة والترحم (2) على من يعرفه، لا يكاد يأكل شيئاً وحده، وكان ينهى عن الخوض في العقائد، وله تودد إلى من ينتمي إلى الخير. ولي التدريس بجامع ابن طولون بالقبة المنصورية، وله تصدير بمصر (3) ، ولم يصنف شيئاً إلى إملاء على كتاب " المقرب " لابن عصفور من أول الكتاب إلى باب الوقف أو نحوه. توفي يوم الثلاثاء سابع جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين. وكنت أنا وأياه نمشي بين القصرين، فعبر علينا صبي يسمى بجمال، وكان مصارعاً، فقال الشيخ بهاء الدين: ينظم كل منا في هذا المصارع، فنظم الشيخ بهاء الدين:
مصارع تصرع الآساد سمرته
…
تيهاً فكل مليح دونه همج
لما غدا راجحاً في الحسن قلت لهم
…
عن حسنه حدثوا عنه ولا حرج ونظم الشيخ أثير الدين أبو حيان:
سباني جمال من مليح مصارع
…
عليه دليل للملاحة واضح
لئن عز منه المثل فالكل دونه
…
وإن خف منه الخصر فالردف راجح قال الشيخ أثير الدين: وسمع الشيخ شهاب الدين العزازي (4) نظمنا فنظم:
هل حكم ينصفني من هوى
…
مصارع يصرع أسد الشرى
مذ فر مني الصبر في حبه
…
حكى عليه مدمعي ما جرى
(1) المطبوعة: الماروني، بالراء المهملة؛ وهو خطأ.
(2)
المطبوعة: والرحم.
(3)
الوافي: وله تصدير في الجامع الأقمر وتصادير بمصر.
(4)
المطبوعة: الفزاري، وما أثبته من الوافي والزركشي.
أباح قتلي في الهوى عامداً
…
وقال كم من عاشق في الورى
رميته في أسر حبي ومن
…
أجفان عينيه أخذت الكرى وقال الشيخ أثير الدين: أنشدني بهاء الدين يخاطب رضي الدين الشاطبي وقد كلفه أن يشتري له قطراً:
أيها الأوحد الرضي الذي طا ل علاء وطاب في الناس نشرا
أنت بحر لا غرو إن نحن وافي ناك راجين من نداك القطرا
وأنشدني لنفسه ما كتب على منديل:
ضاع مني خصر الحبيب نحولاً
…
فلهذا أضحي عليه أدور
لطفت خرقتي وودقت فجلت
…
عن نظير كما حكتها الخصور
أكتم السر عن رقيب لهذا
…
بي يخفي دموعه المهجور وأنشدني لنفسه أيضاً:
أني تركت لذا (1) الورى دنياهم
…
وظللت أنتظر الممات وأرقب
وقطعت في الدنيا علائق (2) : ليس لي
…
ولد يموت ولا عقار يخرب وله أيضاً في مليح شرطوه:
قلت لما شرطوه وجرى
…
دمه القاني على الخد اليقق (3)
ليس بدعاً ما أتوا في فعلهم
…
هو بدر ستروه (4) بالشفق وكتب الخط الفائق المنسوب، وقرأ عليه جماعة من أهل عصره ومصره،
(1) المطبوعة: لدى.
(2)
الوافي: العلائق.
(3)
المطبوعة: النقي، والتصويب عن الوافي والزركشي.
(4)
هذه رواية الوافي والزركشي؛ وفي المطبوعة: مشرق.