الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مشدود بأنشوطة (1) ، وفي ذكره شعر مفتول فيه شص (2) قد ألقاه لصيد السمك، وعلى شفته دوشاب ملطخ، فقلت له: خرب بيتك ما تصنع؟ قال: أصطاد بجميع جوارحي.
وفي كتاب " نثر الدر "(3) باقي نوادره؛ وكانت وفاته بعد الأربعين ومائتين، رحمه الله تعالى وعفا عنه.
432 -
(4)
الشيخ مجد الدين ابن الظهير الإربلي
محمد بن أحمد بن عمرو بن أحمد بن أبي شاكر، الشيخ مجد الدين أبو عبد الله ابن الظهير الإربلي الحنفي الأديب؛ ولد بإربل في ثاني صفر سنة اثنتين وستمائة، وسمع ببغداد في الكهولة من أبي بكر ابن الخازن والكاشغري، وبدمشق من السخاوي وكريمة وتاج الدين ابن حمويه وتاج الدين ابن أبي جعفر، وقيل إنه سمع من ابن اللتي. روى عنه أبو شامة والدمياطي وأبو الحسين اليونيني وشهاب الدين محمود، وعليه تدرب وبه تخرج، وابن العطار وابن الخباز والشيخ جمال الدين المزي وجماعة، وكان من كبار الحنفية، ودرس بالقيمازية (5) ، وكان ذا رأي منتقى، وهو من أعيان شيوخ الأدب
(1) المطبوعة: بالشوطة.
(2)
المطبوعة: شعر..
(3)
أورد أبو سعد الآبي نوادر أبي العبر في الكتاب السابع من ((نثر الدر)) .
(4)
الوافي 2: 123 والبدر السافر: 77 والجوهر المضية 2: 401 والزركشي: 266 والدارس 1: 574 والبداية والنهاية 13: 282 والشذرات 5: 359 وعبر الذهبي 5: 316 وابن الفرات 7: 127، 137.
(5)
المدرسة القيمازية (أو القايمازية كما وردت عند الصفدي) منسوبة إلى منشئها صارم الدين قايماز النجمي المتوفي سنة 596 (الدارس 1: 572) .
وفحول المتأخرين في الشعر، له ديوان شعر في مجلدين.
وكانت وفاته سنة سبع وسبعين (1) وستمائة بدمشق، ودفن بمقابر الصوفية، ورثاه الشيخ شهاب الدين محمود بقصيدة أولها:
تنكر ليلي واطمأنت كواكبه
…
وسدت على صبحي الغداة مذاهبه " منها "(2) :
بكته معاليه ولم ير قلبه
…
كريم مضى والمكرمات نوادبه
ولا غرو أن تبكي المعالي بشجوها
…
على المجد إذ أودى وهن صواحبه
فأي إمام في الندي وفي الهدى
…
تماثله (3) آدبابه ومآدبه
أظن الردى نسر السماء (4) وأنه
…
علا فوقه فاستنزلته مخالبه وهي من قصيدة طويلة مليحة.
وهي من شعر الشيخ مجد الدين:
حيث الأراكة والكثيب الأوعس
…
واد يهيم به الفؤاد مقدس
يحمى بأطراف الرماح طرافه
…
عزاً وبالبيض المواضي يحرس
وتكاد أنفاس النسيم إذا سرت
…
من خيفة الغيران لا تتنفس
وبجو (5) ذاك الشعب أنفس مطلب
…
أمست تذوب أسى عليه الأنفس
وبكل خدر منه ليث مخدر
…
أفغابة ذاك الحمى أم مكنس
يا جيرة الحي المظلل بالقنا
…
هل ناركم بسوى الأضالع تقبس
أضرمتموها للنزيل ودونها
…
غير أن فتاك الحفيظة أشوس
(1) في المطبوعة: وتسعين، وهو خطأ.
(2)
زيادة في الوافي.
(3)
الوافي: في الهدى والندى غدت لآمله.
(4)
في المطبوعة: ارتقى
…
السحاب؛ ولا معنى له.
(5)
المطبوعة: وبجنب؛ وأثبت ما في الوافي والزركشي.
وقال أيضاً:
غش المفند كامن في نصحه
…
فأطل وقوفك بالغوير وسفحه
واخلع عذارك في محل ريه
…
برذاذ دمع العاشقين وسفحه
وإذا سرى سحراً طليح نسيمه
…
مالت به سكراً ذوائب طلحه
جهل الهوى قوم فراموا شرحه
…
جل الهوى وجنابه (1) عن شرحه
أفدي الذي يغنيه فاتر طرفه
…
عن سيفه وقوامه عن رمحه
ذو وجنة شرقت بماء نعيمها
…
كالورد أشرقه نداه برشحه
وكأن طرته ونور جبينه
…
ليل تألق فيه بارق صبحه " منها "(2) :
قلبي وطرفي ذا يسيل دماً وذا
…
بين الورى أنت العليم بقرحه
وهما بحبك شاهدان وإنما
…
تعديل كل منهما في جرحه
والقلب منزلك القديم فإن تجد
…
فيه سواك من الأنام فنحه وقال أيضاً:
أواصل فيه لوعتي وهو هاجر
…
ويؤنسني تذكاره وهو نافر
ويغري هواه ناظري بأدمعٍ
…
يوردها ورد له وهو ناظر (3)
ويفتن في تيه الملاحة خاطراً
…
فكل خلي في هواه مخاطر
ويزور سخطاً ثاني العطف معرضا
…
فلا عطفه يرجى ولا الطيف زائر
محياه زاه بالملاحة زاهر
…
فقلبي وطرفي فيه ساه وساهر
يجيل على القد (4) معجباً
…
حبالة شعر كم بها صيد شاعر
(1) المطبوعة: وحياته؛ وما هنا رواية الوافي والزركشي.
(2)
زيادة من الوافي لم ترد في الزركشي.
(3)
الوافي: ورد بخديه ناضر؛ وما هنا موافق للزركشي.
(4)
المطبوعة: الخد.
جلا طلعة كالروض دبجة الحيا
…
ترف بماء الحسن فيه أزاهر
وشهر خداً بالعذار مطرزاً
…
فما الفؤاد لم يهم في عاذر
فإن صاد قلبي طرفه فهو جارح (1)
…
وإن فتنت آياته فهو ساحر (2)
إذا كان صبري في الصبابة خاذلاً
…
فمالي سوى دمعي على الشوق ناصر
على أن يفيض الدمع لم يرو غلة
…
من الوجد أذكتها العيون الفواتر وقال أيضاً يتشوق إلى دمشق (3) :
لعل سنا برق الحمى يتألق
…
على النأي أو طيفاً لأسماء يطرق
فلا نارها تبدو لمرتقب ولا
…
وعود الأماني الكواذب تصدق
وعل رياح الهوج تهدي لنازح
…
عن الشام عرفاً كاللطيمة يعبق
ديار قضينا العيش فيها منعماً
…
وأيامنا تحنو علينا وتشفق
سحبنا بها برد الشباب وشربنا
…
لذيذ كما شئنا مصفى مصفق
مواطن فيها السهم سهمي فكلنا
…
نحث مطايا اللهو فيه ونعنق
كلا جانبيه معلم متجعد
…
من الماء في أطلاله يتدفق
إذا الشمس حلت متنه (4) فهو مذهب
…
وإن حجبتها دوحه فهو أزرق
وإن فرج الأوراق جادت بنورها
…
فرقم أجادته الأكف منمق
أطل عليه الشمس قبل غروبها
…
وترجف إجلالاً له حين تشرق
وتصفر من قبل الأصيل كأنها
…
محب من البين المشتت مشفق
وفي النيرب المرموق للب سالب
…
من المنظر الزاهي وللطرف مونق
بدائع من صنع القديم ومحدث
…
تألق فيه المحدث المتأنق
(1) المطبوعة: ساحر؛ وأثبت ما عند الزركشي والوافي في هذه القراءة والتي تليها.
(2)
المطبوعة: فاتر.
(3)
لم ترد هذه القصيدة في الوافي والزركشي.
(4)
المطبوعة: بينه.
رياض كوشي البرد تزهو بحسنها
…
جداولها والنور بالماء يشرق
فمن نرجس يخشى فراق فريقه
…
ترى الدمع في أجفانه يترقرق
ومن كل ريحان مقيم وزائر
…
تضاعف رياه الرياح فيعبق
كأن قدود السرو فيه موائساً
…
قدود عذارى ميلها يترقرق
إذا ما تداعت للتعانق صدها
…
عيون من النور المفتح ترمق
وقصر يكل الطرف عنه كأنه
…
إلى النسر نسر في السماء محلق
زها ببديع الوشي حسناً كأنما
…
مدبج روض في نواحيه ملصق
وكم جدول جار يطارد جدولاً
…
وكم جوسق عال يوازيه جوسق
وكم بركة فيه تضاحك بركة
…
كم قسطل في الماء للماء يدفق
وكم منزل يعشي العيون كأنما
…
تألق فيه بارق يتألق
وفي الربوة الشماء للقلب جاذب
…
وللسمع إصمات وللعين مرمق
فهام بها الوادي ففاضت عيونه
…
فكل قرار منه بالدمع يملق
تكفل من دون الجداول شربها
…
يزيد يصفيه لها ويصفق
إذا أشرف الولدان من شرفاتها
…
رأيت بدوراً في بروج تألق
وفي بردى معنى يشوق ومنظر
…
يروق ومأوى للسرور ومطرق
إذا أنت من أعلاه أشرفت ناظراً
…
تجيل عنان الطرف فيه وتطلق
رأيت به بحراً من الدوح مزبداً
…
وغدرانه حيتانه منه ترمق
تميل مع الأفنان فيه كأنها
…
نشاوى وما دار الرحيق المعتق
وتعطف أعطاف الغصون حمامة
…
إذا ما تغنت والغدير يصفق
وتجمع فيه كل حسن مفرق
…
وشمل الأسى عن حاضريه مفرق
كأن رياض الغوطتين جنوده
…
يقسم فيها جوده ويفرق
وبالمزة الفيحاء دام نعيمها
…
جنان تأنى أهلها وتأنقوا
حدائقها من ريها ذات بهجة
…
بها الراح والريحان والورد محدق
وفي كنفي سطرى ومقرى معالم
…
تعلم أسباب الهوى كيف تعلق
عليلة أنفاس النسيم رياضها
…
كأن سراها فأر مسك مفتق
إذا ما تغنت في ذرى الدوح ورقها
…
غدا كل عود منه كالعود يخفق
وإن جمشت أنهارها نسمة الصبا
…
تسلسل فيها ماؤها وهو مطلق
جنيت بها ما شئت من ثمر المنى
…
وغازلني فيها الغزال المقرطق
وفي بيت أبيات (1) مصايد للنهى
…
خيول الهوى واللهو فيهن سبق
فكم من كئيب نال فيها ترفقاً
…
بمن كان لا يحنو ولا يترفق
وكم من خلي لازم طوقه الهوى
…
ينوح كما ناح الحمام المطوق
وفي ساحة الميدان أثواب سندس
…
لها بهجة تجلو العيون ورونق
كأن شعاع الشمس في كل وجهة
…
يفر إذا الغزلان فيه تفرقوا
من الترك لا عانيهم يبلغ المنى
…
ولا هو منون عليه فيعتق
عيونهم المرضى ومرضى عهودهم
…
تؤكد أسباب الهوى وتوثق
أكفهم ترمي ولا دم طائح
…
وألحاظهم تصمي القلوب وترشق
إذا أرسلوا سود الذوائب خلتها
…
محاسنها من جنة الخلد تسرق
تؤلف شمل الماء بعد شتاته
…
وتجمع شمل الأنس وهو مفرق
ومن جسر جسرين إلى تل راهط
…
ظلال عنان الأنس فيهن مطلق
فكم من غياض في رياض وجنة
…
بها كوثر من مائها يتدفق
حدائقها لا ظلها قالص ولا
…
مجال خيول اللهو فيهن ضيق
رعى الله من ودعت والوجد قابض
…
عنان لساني والمدامع تنطق
وفارقتهم لا عن ملال ولا رضى
…
وغربت عنهم غير قال وشرقوا
لئن حالت الأيام دون لقائهم
…
فما حال لي العهد ولا انحل موثق
أجيراننا بالغوطتين عليكم
…
سلام مشوق قد براه التشوق
(1) لعل الصواب: بيت أبيار (أو بيت آبار) .
له كل يوم ثوب وجد مجدد
…
وصبر كما شاءت نواكم ممزق
أعاتب دهراً صرفه غير معتب
…
أصرف فيه كنز عمري وأنفق
نأت بي ولم تسمع خطابي خطوبه
…
فدام زفيري والحنين المؤرق
وبدلت عن تلك الظلال وطيبها
…
منازل صافي العيش منها مرنق
أظل نجي الشوق لا نار لوعتي
…
تبوح ولا شمل الأسى يتفرق
وكم ليلة شاب الفؤاد بطولها
…
وما شاب للظلماء فود ومفرق
وإن غيبتني غشية توهم الكرى
…
يواصل طيف الهم فيها ويطرق
ويمزج ماء النيل عند وروده
…
بدمعي أشواق إليكم فأشرق
فيا ليت شعري هل تلوح لمقلتي
…
منازل ظني باللقاء محقق
وهل شائم برق الثنية ناظري
…
على القرب يخفى تارة ثم يخفق
وهل بارد من ماء باناس مبرد
…
لظى كبد حرى لها الشوق محرق
وهل زمني بالصالحية عائد
…
يبلغني أقصى المنى ويحقق
وهل يجمعني والأحبة موقف
…
لنشكو جميعاً ما لقيت وما لقوا
وهل لي إلى باب البريد وقد نأى
…
بريد به فيما يبلغ موثق
دمشق أذاقتني الليالي فراقها
…
وقد كنت أخشى منه قدماً وأفرق
هي الغرض الأقصى ورؤيتها المنى
…
وسكانها ودي لهم متوثق
ولو لم تكن ذات العماد لما غدت
…
وليس لها مثل على الأرض يخلق
حنيني إليها ما حييت مرجع
…
وقلبي أسير الشوق والدمع مطلق
عليها تحياتي غواد روائح
…
بها الريح تجري والركائب تخفق
لجامعها المعمور بالذكر بهجة
…
ومرأى يسر الناظرين ورونق
محاسنه بكر الزمان فصرفه
…
علينا مدى الأيام حان ومشفق
به زجل التسبيح عال بهيجه
…
حنين إلى ذاك الحمى وتشوق
وللعلم فيه والعبادة معلم
…
جديد على أمر الجديدين مونق
وفيه لأرباب التلاوة لذة
…
إذا أخذوا في شأنهم وتحلقوا
كأن مجاج النحل في لهواتهم
…
إذا رجعوا الأصوات فيها وأطلقوا
وكم فيه من مثوى نبي ومشهد
…
بنسبته يسمو محلاً ويسمق
وكم قائم لله فيه تهجداً
…
بدعوته نكفى المخوف ونرزق
مصابيحه تجلو الظلام كأنها
…
مصابيح في جو السماء تألق
وقبته مأوى الهلال وبرجه
…
وفي كل أفق منه للحسن مشرق
وقد جاوز الجوزاء فيه مآذن
…
بأكنافها نور الجلالة محدق
فواحدها منه الهلال سوارة
…
وأخرى لها الجوزاء قرط معلق
وأخرى ترى الإكليل في غسق الدجى
…
يزان بها منها جبين ومفرق
إذا ما بدا قوس السحاب لناظر
…
فمنها له في الجو سهم مفوق
وقد نازع النسر العنان كأنه
…
إلى أخويه نازع متشوق
أحاطت به الأمواه من كل جانب
…
وأمثالها في أرضه تتخرق
فمن بركة فيحاء يدعج ماؤها
…
ومن جدول ريان كالسهم يمرق
وفوارة يحكي سبيكة فضة
…
تلألؤها أو بارقاً يتألق
فإن تنجز الأيام وعداً بقربها
…
فإني موفى الحظ منها موفق
وإن أرض طوعاً أرض مصر وحرها
…
بديلاً فإني فائل الرأي أخرق
سقاها فروى كل منفصم العرى
…
من الدلو دان مرعد السحب مبرق
إذا أثقلت حملاً رواعد مزنه
…
حسبت عشار النوق للرعد تطلق
وإن شهرت سيفاً من البرق كفها
…
رأيت بخديه دم المحل يرهق
على أنه أضحى الكفيل بريها
…
وإن ضن غيثاً ماؤها المتدفق وكان قد وعده الشيخ شهاب الدين محمود وفخر الدين ابن الجنان فأخلفا، فكتب إلى الشيخ شهاب الدين محمود:
مواعد الفخر والشهاب
…
أكذب من لامع السراب
أحسنت بالسيدين ظناً
…
فكان نقباً على خراب
كم أخلفاني فخلفاني
…
إذ كنت غراً على التراب
بما تكلفت من أمور
…
ما كن من عادتي ودابي
خرجت فيهن من قشوري
…
فأفقراني من اللباب راغا وزاغا وليس هذا ال خداع من شيمة الصحاب
لو أنصفاني بفرط شوقي
…
لوافياني بلا طلاب
أو عدلاً في الوداد عادا
…
بعد عدول إلى الصواب
هل أمن الصعب من ملامي
…
والمؤلم المر من عقابيي فأجابه شهاب الدين:
أبارق لاح في صباح
…
أم نظم الدر في سخاب
أم أسطر فر جيش همي
…
حين تسارعن في طلابي
لم ير من قبلها محب
…
كتائباً سرن في كتاب
أرسلها سيد نداه
…
يهزأ بالزاخر العباب
إلى غريبين لو يزالا
…
لها مدى الدهر في ارتقاب
لم يخلفا الوعد بل أقاما
…
ليأخذ الجوع في التهاب
ويستطيلا بكل ناب
…
كالصارم العضب غير نابي
ويصبح الفخر وهو جاث
…
ينقض للأكل كالشهاب فلما زاره كتب إلى الأمير ناصر الدين الحراني متولي حرب دمشق:
تفضل فخر الدين مثل شهابه
…
وزارا محل العبد وامتثلا الأمرا
وجاءا بجمع ضامرين من الطوى
…
فما تركوا عندي لباباً ولا قشرا
فأوسعتهم بالرغم مني كرامة
…
وإن كنت بالتحقيق ضقت بهم صدرا
وقالوا جميعاً يخلف الله قلت إن
…
تقبل منكم كان في السنة الأخرى وقال أيضاً (1) :
(1) وردت هذه القصيدة في الزركشي.