الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال أيضاً:
قالت وقد عاينت حمرة كفها
…
لا تعتبن فالعهد غير مضيع
ما إن تعمدت الخطاب وإنما
…
زفرات حبك أوقدت في أضلعي
فبكيت من شوقي دماً فمسحته
…
بأناملي فتخضبت من أدمعي وله ترسل مليح، رحمه الله تعالى.
427 -
(1)
فتح الدين ابن سيد الناس
محمد بن محمد بن أحمد بن سيد الناس، الشيخ الإمام العالم الحافظ المحدث، فتح الدين أبو الفتح ابن الفقيه أبي عمرو ابن الحافظ أبي بكر اليعمري؛ كان حافظاً بارعاً أديباً بليغاً مترسلاً، حسن المحاورة لطيف العبارة، فصيح الألفاظ كامل الأدوات لا تمل محاضرته، كريم الأخلاق زائد الحياء (2) ، حسن الشكل والعمة، وهو من بيت رياسة وعلم، سمع وقرأ وارتحل وكتب وحدث وأجاز. أجاز له عبد اللطيف وكناه بأبي الفتح، وسمع حضوراً سنة خمس وسبعين من القاضي شمس الدين ابن القسطلاني (3) وقرأ على أصحاب ابن طبرزد وأصحاب الكندي وأصحاب الحرستاني،
(1) الوافي 1: 289 والزركشي: 263 والدرر الكامنة 4: 330 والبدر السافر: 152 والشذرات 6: 108 والنجوم الزاهرة 9: 303 والسلوك 2: 376 ومرآة الجنان 4: 291 والبداية والنهاية 14: 169 وذيل العبر: 182 ودول الإسلام 2: 183.
(2)
الوافي: الاحتمال.
(3)
المطبوعة: العسقلاني.
وارتحل إلى دمشق سنة تسعين فكاد يدرك الفخر بن البخاري (1) ففاته (2) بليلتين، قال الشيخ شمس الدين: ولعل مشيخته تقارب الألف. ونسخ بخطه، واختار وانتقى شيئاً كثيراً، ولازم الشهادة مدة؛ وكان عنده كتب كبار وأمهات جيدة: منها مصنف ابن أبي شيبة، ومسنده، والمحلى، والتمهيد، وجامع عبد الرزاق، وتاريخ أبي خيثمة، والاستيعاب، والاستذكار، وتاريخ الخطيب، والمعاجم الثلاثة للطبراني، وطبقات ابن سعد، وتاريخ المظفري وغير ذلك.
وصنف " عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير "(3) و " النفخ الشذي في شرح الترمذي " ولم يكمل، وكتاب " بشرى (4) اللبيب بذكر الحبيب " و " منح المدح ". وشعره رقيق سهل التركيب منسجم الألفاظ عذب النظم بلا كلفة، وكتب بالمغربي طبقة كما كتب بالمشرقي.
فن شعره قوله:
عهدي به والبين ليس يروعه
…
صباً براه نحوله ودموعه
لا تطلبوا في الحب ثأر متيم
…
فالموت من شرع الغرام وشروعه
عن ساكن الوادي سقته مدامعي
…
حدث حديثاً طاب لي مسموعه
أفدي الذي عنت البدور لوجهه (5)
…
إذ حل معنى الحسن فيه جميعه
البدر من كلف به كلف به
…
والغصن من عطف عليه خضوعه
لله (6) معسول المراشف واللمى
…
حلو الحديث ظريفه مطبوعه
دارت رحيق لحاظه فلنا بها
…
سكر يجل عن المدام صنيعه
(1) في المطبوعة: القمر بن السخاوي؛ وفي الوافي: الفخر بن الفخاري.
(2)
المطبوعة: فعاقه.
(3)
طبع في جزءين، بمصر سنة 1356 بعناية حسام الدين القدسي.
(4)
المطبوعة: سمر؛ والتصويب عن الوافي والزركشي.
(5)
المطبوعة: الوجوه لحيه، والتصويب عن الوافي والزركشي.
(6)
اثبت في الوافي والزركشي؛ وفي المطبوعة: أهواه.
يجني فأضمر عتبه فإذا بدا
…
فجماله مما جناه شفيعه وقال أيضاً:
قضى ولم يقض من أحبابه أربا
…
صب إذا مر خفاق النسيم صلبا
راض بما صنعت أيدي الغرام به
…
فحبسه الحب ما أعطى وما سلبا
لا تحسبن قتيل الحب مات ففي
…
شرع الهوى عاش للإخلاص (1) منتسبا
في جنة من معاني حسن قاتله
…
لا يشتكي نصبا فيها ولا وصبا
ما مات من مات في أحبابه كلفاً
…
وما قضى بل قضى الحق الذي وجبا
فالسحب تبكيه بل تسقيه هامية
…
وكيف تبكي محباً نال ما طلبا
فطوقت جيدها الورقاء واختضبت
…
له وغنت على أعوادها طربا
ومالت الدوحة (2) الغناء راقصة
…
تصبو وتنثر من أوراقها ذهبا
والغصن نشوان يثنيه الغرام به
…
كأنه من حميا وجده شربا
والروض حمل أنفاس النسيم شذا
…
أزهاره راجياً من قربه سببا
فراقه الورد فاستغنى به وثنى
…
عطفاً إليه ومن رجع الجواب أبى
ففارقت روضها الأزهار واتخذت
…
نحو الرسول سبيلاً وابتغت سربا (3)
وحين وافته نادت عند رؤيته
…
لمثل هذا حبيباً فلتحل (4) حبا
تهللت (5) وجنات الورد من فرح
…
وأعين النرجس انهلت له نغبا (6)
سقته واستوسقت من عرفه أرجاً
…
أذكى وأعطر أنفاساً إذا انتسبا
(1) كذا أيضاً في الزركشي؛ الوافي: للأحباب.
(2)
رواية الزركشي والوافي؛ وفي المطبوعة: الروضة.
(3)
المطبوعة: سبباً
(4)
المطبوعة والوافي: فليحل.
(5)
الوافي: اخضلت.
(6)
المطبوعة: لغبا؛ الزركشي: تعبا.
وأملت لمحة من حسن قاتله (1)
…
فأجفلت رهباً إذ لم تطق هربا (2)
أما درى حين جد الوجد أن لها
…
من دمعها ولها من حسنه حجبا
وبانة الشيح جادتها سحائبها
…
أوفت وفاء ولفت (3) حولها عذبا
عرارها وخزاماها وما حملت
…
من البشام سقاه الغيث منسكبا
والعاذلون لووا أكتافهم حزناً
…
والكاشحون ثنوا أعطافهم حربا
لم يبق عذل ولا لوم يؤنبه
…
سيان إن بعد اللاحي (4) وإن قربا
ولم يكن قبل ذا يصغي لهم أذناً
…
ولا تخوف يوماً أعين الرقبا
وربما طاف شيطان السلو به
…
فأرسل الشوق من آماقه شهبا
أفديه من حافظ للعهد إذ نقضوا
…
عهداً ومن صادق في الحب ما كذبا
راض الصبابة واستحلى لواعجها
…
حتى استلان له منها الذي صعبا
تراه منقبضاً (5) للوصل مقتضياً
…
طوراً ومكتئباً للبين مرتقبا
يستخبر الركب هل شط المزار بهم
…
والرسم أعجم أنى خاطب العربا
بالله يا نسمات الريح هل خبر
…
عنهم يعيد لي العيش الذي ذهبا
بانوا فأي فؤاد لم يذب أسفاً
…
وأي قلب غداة البين ما وجبا
ناديت بالسفح قلباً في ضيافتهم
…
لا يذكر السفح إلا حن مغتربا
غير أن تصرعه الذكرى إذا خطرت
…
والريح إن نسمت والدمع إن نضبا
يرتاع للقضب إن ماست معاطفها
…
ليناً وكان يروع السمر والقضبا
شوقاً إلى غصن بان مثمر قمراً
…
على كثيب نقاً بالحسن منتقبا
تضرم الماء في جنات وجنته
…
ناراً وأضرم في أحشائنا لهبا
(1) كذا عند الزركشي والوافي؛ وفي المطبوعة: قاتلها.
(2)
هنا ينتهي ما أورد الصفدي من القصيدة.
(3)
المطبوعة: وكفت، والتصويب عن الزركشي.
(4)
المطبوعة: اللاهي؛ وما أثبته عن الزركشي هو الصواب.
(5)
المطبوعة: منتقضاً.
ولم يكن بابلي الريق مبسمه
…
لما اكتسى ثغره من دره حببا
للأقحوانة مما فيه منظرها
…
ولم تنل مثله عرفاً ولا ضربا
والبرق يخفق لما شام بارقه
…
فالمزن تبكي له أن أعوز الشنبا
من لي وللكبد الحرى ومقلتي العبرى (1)
…
استهلت وسحت دمعها سحبا
ومن لمضنى إذا لج السقام به
…
والحب لم يرض إلا روحة سلبا
ما زال يتعبه حتى استراح به
…
وإنما يألف الراحات من تعبا وقال أيضاً:
ما شروط الصوفي في عصرنا اليو
…
م (2) سوى ستة بغير زيادة
وهي نيك العلوق والسكر والسط
…
لة والرقص والغنا والقيادة
وإذا ما اهتدى وأبدى اتحاداً
…
وجميلاً من خلوة وأعاده
وأتى المنكرات عقلاً وشرعاً
…
فهو شيخ الشيوخ ذو السجادة وقال أيضاً:
يا كاتم الشوق إن الدمع مبديه
…
حتى يعيد زمان الوصل مبديه
أصبو إلى البان بانت عنه (3) هاجرتي
…
تعللاً بليالي وصلها فيه
عصر مضى وجلابيب الصبا قشب
…
لم يبق من طيبه إلا تمنيه وقال أيضاً:
صرفت الناس عن بالي
…
فحبل ودادهم بالي
وحبل الله معتصمي (4)
…
به علقت آمالي
فمن يسلو الورى طراً
…
فإني ذلك السالي
(1) المطبوعة: الضرا.
(2)
المطبوعة: قطعاً، وأثبت رواية الزركشي.
(3)
المطبوعة: عند.
(4)
المطبوعة: يعصمني، وأثبت ما عند الزركشي.
فار وجهي لذي جدة
…
ولا ميلي لذي مال وقال أيضاً:
فقري لمعروفك المعروف يغنيني
…
يا من أرجيه والتقصير يرجيني
إن أوثقتني الخطايا عن مدى شرف
…
نجا بإدراكه الناجون من دوني
وغض من أملي ما ساء من عملي
…
فإن لي حسن ظن فيك يكفيني وقال أيضاً:
عذيري من دهري تصدى معاتباً
…
لمستمنح العتبى (1) فأقصد من قصد
رجوت به وصل الحبيب فعندما
…
تبدى له المعشوق قابله الرصد وقال أيضاً:
يا بديع الجمال شكر جمالك
…
أن توافي عشاقه بوصالك
لنت (2) عطفاً لهم وقلبك قاس
…
فهم يأخذون من ذا لذلك
غير أن الكمال أولى بذا الحس
…
ن ومن للبدور مثل كمالك
قابلت وجهك السماء فشكل ال
…
بدر ما مرآتها من خيالك
مثلته لكن رسوم صداها
…
كلفته فقصرت عن مثالك وقال أيضاً:
إن غض من فقرنا قوم منحوا
…
فكل حزب بما أوتوه قد فرحوا
إن هم أضاعوا لحفظ المال دينهم
…
فإن ما خسروا أضعاف ما ربحوا وكانت وفاة الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس حادي عشر شعبان سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، ومولده رابع عشر ذي القعدة سنة إحدى وستين وستمائة، رحمه الله.
(1) المطبوعة: لمستبهج الغنى، وهو مضطرب، والتصويب عن الزركشي والوافي.
(2)
المطبوعة: كنت، والتصويب عن الوافي.