الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف الغين
387 -
(1)
أبو الهندي الشاعر
غالب بن عبد القدوس بن شبث بن ربعي، أبو الهندي؛ كان شاعراً مطبوعاً أدرك الدولتين الأموية والعباسية، وكان جزل الشعر سهل الألفاظ لطيف المعاني، وإنما أخمله وأمات ذكره بعده من العرب ومقامه بسجستان وخراسان ومعاقرة الشراب، وكان يتهم بفساد الدين، واستفرغ شعره في وصف الخمر، وهو أول من وصفها من شعراء الإسلام، فمن ذلك قوله (2) :
سقيت أبا المطوع إذ أتاني
…
وذو الرعثات منتصب يصيح
شراباً يهرب الذبان منه
…
ويلثغ حين يشربه الفصيح وقال (3) :
نبهت ندماني وقلت له اصطبح
…
يا ابن الكرام من الشراب الأصهب
صفراء تنزو في الزجاج كأنها
…
حدق الجرادة أو لعاب الجندب وقال (4) :
(1) طبقات ابن المعتز: 136 والشعر والشعراء: 572 والأغاني 20: 293 والسمط: 168، 208 والزركشي: 245 وقد اختلف في اسمه، فهو عند ابن قتيبة: عبد المؤمن، وقيل عبد الملك وقيل أزهر وقيل عبد السلام وقيل غالب؛ وفي نسبة " شبث " ووقع بالياء عند الزركشي والنسخة ر حيث وردت ترجمته، وترجم له الصفدي في الوافي (ج: 9) باسم: أشعث وورد عنده " شيث " بالياء في نسبه؛ وقد جمع ديوانه الأستاذ عبد الله الجبوري (بغداد 1970) .
(2)
الديوان: 23.
(3)
الديوان: 15 - 16.
(4)
الديوان: 30.
مفدمة قزاً كأن رقابها
…
رقاب بنات الماء تفزع للرعد
جلتها الجوالي حين طاب مزاجها
…
وطينتها بالمسك والعنبر والورد
تمج سلافاً في الأباريق خالصاً
…
وفي كل كأس في يدي حسن قد
تضمنها زق أزب كأنه
…
صريع من سودان ذو شعر جعد اشتهى أبو هندي الصبوح يوماً فدخل الخمارة فأعطى الخمار ديناراً وجعل يشرب حتى سكر ونام، وجاء قوم يسلمون عليه فوجدوه نائماً، فقالوا للخمار: ألحقنا به، فسقاهم حتى سكروا، وانتبه أبو الهندي فسأل عنهم فعرفه الخمار حالهم، فقال: يا هذا الآن وقت السكر والآن طاب، ألحقني بهم، فسقاه حتى سكر، وانتبهوا فقالوا للخمار: ويحك هو نائم إلى الآن؟ فقال: لا، انتبه وعرفته خبركم وسكر ونام، فقالوا ألحقنا به، فسقاهم حتى سكروا، ولم يزل على ذلك دأبه ودأبهم ثلاثة أيام، ولم يلتقوا وهم في موضع واحد، ثم تركوا الشرب عمداً حتى أفاق فلقوه، وفي ذلك يقول (1) :
ندامى بعد ثالثة تلاقوا
…
يضمه بكوه زيان راح
وقد باكرتها فتركت منها
…
قتيلاً ما أصابتني جراح
فقالوا أيها الخمار من ذا؟
…
فقال أخ تخونه اصطباح
فقالوا: هات راحك ألحقنا
…
به، وتعللوا ثم استراحوا
فما إن لبثتهم أن رمتهم
…
بحد سلاحها ولها سلاح
وحان تنبهي فسألت عنهم
…
فقال أتاحهم قدر متاح
رأوك مجدلاً واستخبروني
…
فحركهم إلى الشرب ارتياح
فقلت بهم فألحقني فهبوا
…
فقالوا هل تنبه حين راحوا
فقال نعم، فقالوا ألحقنا
…
به قد لاح للرائي صباح
(1) الديوان: 20.
فما إن زال ذلك الدأب منا
…
ثلاثاً تستهب وتستباح
نبيت معاً وليس لنا التقاء
…
ببيت ما لنا منه براح قال صدقة بن إبراهيم البكري: كاب أبو الهندي يشرب معنا، وكان إذا سكر يتقلب تقلباً قبيحاً في نومه، فكنا كثيراً ما نشد رجليه لئلا يسقط، فسكرنا ليلة في سطح، وشددنا رجله بحبل طويل ليهتدي على القيام لبوله، فتقلب فسقط من السطح فأمسكه الحبل، فبقي معلقاً منكساً، فأصبحنا فوجدناه ميتاً، فمررت على قبره بعد حين فوجدت عليه مكتوباً (1) :
اجعلوا إن مت يوماً كفني
…
ورق الكرم وقبري المعصره
إنني أرجو من الله غداً
…
بعد شرب الراح حسن المغفره وكان الفتيان يجيئون إلى قبره فيشربون ويصبون القدح إذا وصل إليه على قبره.
ومن شعره (2) :
إذا صليت خمساً كل يوم
…
فإن الله يغفر لي فسوقي
ولم أشرك بري الناس شيئاً
…
فقد أمسكت بالحبل الوثيق
وجاهدت العدو ونلت مالاً
…
يبلغني إلى البيت العتيق
فهذا الحق ليس به خفاء
…
دعوني من بنيات الطريق وكانت وفاته في حدود الثمانين والمائة، سامحه الله تعالى.
(1) الديوان: 33.
(2)
الديوان: 45.