الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" منها ":
يا ليتني لم أكن أباً لك أو
…
يا ليت ما كنت أنت لي ولد قيل: إنه عمل مرة جماعة سماعاً حسناً وكان فيه جماعة ملاح، فبعثوا منهم مليحاً إلى شمس الدين يطلبونه من والده، فلما جاء الرسول كتب والده على يده:
أرسلتما لي رسولاً في رسالته
…
حلو المراشف والأعطاف والهيف
وقدتما ويسير ذاك أنكما
…
وقدتما النار في بادي الضنا (1) دنف فلما حضر ولده وبلغته الواقعة واطلع على مجيء الرسول كتب إلى والده:
مولاي كيف انثنى عنك (2) الرسول ولم
…
تكن لوردة خديه بمرتشف
جاءتك من بحر ذاك الحسن لؤلؤة
…
فكيف ردت بلا ثقب إلى الصدف؟ 460 (3)
ابن النقيب المفسر
محمد بن سليمان بن الحسن بن الحسين، العلامة الزاهد جمال الدين أبو عبد الله البلخي الأصل المقدسي الحنفي، المعروف بابن النقيب أحد الأئمة؛ ولد سنة إحدى عشرة وستمائة، ودخل القاهرة ودرس بالعاشورية ثم تركها
(1) المطبوعة: في وسط الحشا.
(2)
المطبوعة: كيف أتى لك، وهو خطأ، والبيتان في الديوان: 183 نقلاً عن الوافي والفوات.
(3)
الوافي 3: 136 والجواهر المضية 2: 57 والبدر السافر: 107 والشذرات 5: 442 والأنس الجليل 2: 556 والسلوك 1: 881.
وأقام بالجامع الأزهر مدة. وكان صالحاً زاهداً متواضعاً عديم (1) التكلف، وكان الأكابر يترددون إليه ويسألونه الدعاء، وصرف همته إلى التفسير وصنف تفسيراً حافلاً جمع فيه خمسين مصنفاً وذكر في أسباب النزول والقراءات والإعراب واللغات والحقائق وعلم الباطن، قيل إنه في خمسين مجلدة. وتوفي سنة ثمان وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى.
461 -
(2)
نجم الدين ابن إسرائيل
محمد بن سوار بن إسرائيل بن الخضر بن إسرائيل بن الحسن بن علي ابن الحسين، نجم الدين أبو المعالي الشيباني الشاعر المشهور؛ ولد بدمشق سنة ثلاث وستمائة، وتوفي بها سنة سبع وسبعين وستمائة، ودفن داخل قبة الشيخ رسلان. صحب الشيخ علي الحريري ولبس الخرقة من الشيخ شهاب الدين السهروردي وسمع عليه وأجلسه في ثلاث خلوات. وكان قادراً على النظم مكثراً منه، مدح الرؤساء والقضاة وغيرهم، وتجرد وسافر " إلى " البلاد على قدم الفقر (3) وقضى الأوقات الطيبة، وكان ريحانة المشاهد وديباجة السماعات. وحضر بعض الليالي وقتاً وفيه نجم الدين ابن الحكيم الحموي فغنى المغني من شعر ابن إسرائيل قوله:
(1) في المطبوعة: عظيم، وهو خطأ واضح.
(2)
الوافي 3: 143 والزركشي: 282 والبدر السافر: 107 وابن الفرات: 7: 131 والشذرات 5: 359 ولسان الميزان 5: 195 وعبر الذهبي 5: 316 والبداية والنهاية 13: 283.
(3)
الوافي: الفقراء.
وما أنت غير الكون بل أنت عينه
…
ويفهم هذا السر من هو ذائق فقال " ابن " الحكيم: كفرت كفرت، فقال ابن إسرائيل: لا ما كفرت ولكن أنت ما تفهم؛ وتشوش الوقت.
ومن شعره:
وفى لي من أهواه جهراً بموعدي
…
فأرغم عذالي عليه وحسدي
وزار على شحط المزار تطولاً
…
على مغرم بالوصل لم يتعود
فيا حسن ما أبدى لعيني جماله
…
ويا برد ما أهدى إلى قلبي الصدي
ويا صدق أحلامي ببشرى وصاله
…
ويا نيل آمالي ويا نجح مقصدي
نديمي من سعد أريحا ركائبي
…
فقد أمنت من أن تروح وتغتدي
ولا تلزمني النسك فالحب شاغلي
…
ولا تذكرا لي الورد فالراح موردي
ولا تقفا بي في الرسوم التي عفت
…
فقد طال حبسي بين نؤي وموقد
ومرا علي حي بمنعرج اللوى
…
وقولا لغزلان الصريم ألا ابعدي
ولا تسعداني بعدها لكما البقا
…
فما في بعد اليوم فقر لمسعد
أمن بعد ما قد برق الشوق غلتي
…
وزار الكرى أجفان طرفي المسهد
وهامت بي الصهباء وجداً فكل من
…
سقاها له طرف إلى رؤيتي صدي
وأمسيت والكاسات شمسي وأصبحت
…
عروس حميا الحان تجلى على يدي
وأضحت ظباء الحي صيد خلاعتي
…
وإن صدن من أهل النهى كل أصيد
ذراني وعزمي والدجى ومزاره
…
فقد أبت العلياء إلا تفردي
ولا تأيسا من روحه وتأسيا
…
فكم معرض في اليوم يقبل في غد
ففي الحي صب باع مهجة نفسه
…
لجيرة ذاك الحي نقداً بموعد
هو الحب إما منية أو منية
…
ودون العلا حد الحسام المهند
ألم تريا أني وجدت تلذذي
…
برؤياه عقبى حيرتي وتلددي
وقد عشت دهراً والزمان يهزني
…
وتطربني الألحان من كل منشد
فأغدو وفي ليل الغدائر دائباً
…
أضل ومن صبح المباسم أهتدي
ويسقم جسمي كل جفن وتارة
…
يورد دمعي كل خد مورد
فطوراً أرى في الربع يبدو تولهي
…
وطوراً وراء الظعن يوهى تجلدي
أحن للمع النار شب ضرامها
…
بنعمان في ظل الأراك المعمد
وأصبو متى هبت صباحاً جرية
…
تخبرني عن منجد غير منجدي
وتخجل أجفاني السحاب بوبلها
…
متى لاح لي برق ببرقة ثهمد وقال في غلام جميل الصورة حياه بتفاحة:
لله تفاحة وافى به سكني
…
فسكنت لهباً في القلب يستعر
كفرصة المسك وافاني الغزال بها
…
وغرة النجم حياني بها القمر
حمراء في صورة المريخ عاطرة
…
يزري بنشر الحميا نشرها العطر
أتى بها قاتلي نحوي فهل أحد
…
قبلي تمشى إليه الغصن والثمر وقال أيضاً:
عسى الطيف بالزوراء منك يزور
…
فقد نام عنه كاشح وغيور
وكيف يزور الطيف صباً مسهداً
…
له النجم بعد الظاعنين سمير
سروا في ضياء من شموس خدورهم
…
كأن سراهم في الظلام منير
ظعائن تغزوا الجيش وهي رديفة
…
عليهن من سمر الرماح ستور
إذا نزلوا أرضاً تولت محولها
…
وأضحت وفيه روضة وغدير
وإن فارقوا أرضاً غدت ورمالها
…
من الطيب مسك والتراب عبير
أأحبابنا النائين أدعو وبيننا
…
سهول عسير قطعها ووعور
سقى أبرق الحنان حيث مصيفكم
…
من المزن داني الهيدبين مطير
ودار لكم بالبان عن أيمن الحمى
…
يلوح عليها نضرة وسرور
قريبة عهد بالخليط رسومها
…
مواثل ما محت لهن سطور
كأن مواطي الخيل فيها أهله
…
وآثار أخفاف المطي بدور
وقال أيضاً:
في ذمة الله من أهوى وإن بانا
…
وإن أسر الغدر الذي بانا
وفي سبيل الهوى عهداً تحمله
…
قلب يرى حفظه الأيمان إيمانا
يا ظاعناً لم أكن من قبل فرقته
…
أهوى ربوعاً ولا أشتاق أوطانا
لم يبق بينك عندي يا منى أملي
…
للشوق قلباً ولا للدمع أجفانا وقال أيضاً في كحال كحل محبوبه:
يا سيد الحكماء هذي سنة
…
مسنونة في الطب أنت سننتها
أو كلما كلت سيوف جفون من
…
سفكت لواحظه الدماء (1) سننتها وقال أيضاً:
يا من يشير إليهم المتكلم
…
وإليهم يتوجه المتظلم
وعليهم يحلو التأسف والأسى
…
ويلذ لوعات الغرام المغرم
هذا الوجود وإن تعدد ظاهراً
…
وحياتكم ما فيه إلا أنتم
وشغلتم كلي بكم وجوارحي
…
وجوانحي أبداً سمعت فمنكم أو عنكم
وإذا نطقت ففي صفات جمالكم
…
وإذا سألت الكائنات فعنكم
وإذا سكرت فمن مدامة حبكم
…
وبذكركم في سكرتي أترنم
إذا نظمت تغزلاً في صورة
…
فلأجل حسنكم المحجب أنظم
أنتم حقيقة كل موجود بدا
…
ووجود هذي الكائنات توهم
أنا في وجودكم غريب بائس
…
وغريبكم ما باله لا يرحم وقال أيضاً:
وأهيف القامة عذب اللمى
…
يقر عينيه دوام السهر
(1) الزركشي: أجرى دماء العاشقين.
وما رأينا قبل أجفانه
…
من نرجس يذبل وقت السحر وقال أيضاً:
إن أم سمراً أو أراك
…
فإنما مقصدهم أن أراك
وإن ترنمت بذكر الحمى
…
فإنما عقد ضميري حماك
وإن دعا غيرك داع فما
…
أحسب إلا أنه قد دعاك
وإن بكا صب حبيباً فما
…
أحسب إلا أنه قد بكاك
يا جملة الحب وتفصيله
…
أجملت إذ فرغتني من سواك
ويا غنياً عن غرامي به
…
من لي بأن يرحم فقري غناك
ملأت كل الكون عشقاً فما
…
أعرف قلباً خالياً من هواك وقال أيضاً:
إلى كم، رعاك الله، تنأى وأقرب
…
وأرضى بما تجني علي وتغضب
فلا أنت مشك إن شكوت فيشتفي
…
فؤادي وإن أعتب فما أنت معتب
تكلفت لي ذاك الوداد فلم يدم
…
وكل وداد بالتكلف يصعب
ومن يتكلف ضد ما هو طبعه
…
تعد نفسه للطبع، والطبع أغلب
يقولون هند لا تدوم وزينب
…
على العهد، كل الناس هند وزينب
تطلبت وداً لا يكون لعلة
…
فأعوزني وجدان ما أتطلب
وحاولت من يوفي بعهد فلم أجد
…
كأن الذي حاولت عنقاء مغرب
تلطف فإن اللطف منك سجية
…
تعطف فإن العطف منك مجرب
وإن كان لا بداً من الهجر فاتئد
…
لعل رحيلي عن جنابك يقرب
سأرحل عنك اليوم لا متلفت
…
بوجهي كأني خائف مترقب
وأما ودادي فهو باق وإن من
…
بقاء ودادي أنني أتعتب وقال أيضاً:
يا غزالاً قد سبانا حسنه
…
وهلالاً لاح في غصن لجين
قمر العقرب (1) خوفت؛ فمن
…
منصفي من قمر في عقربين وقال أيضاً:
ما أحسن الجامع في ليلة الن
…
صف وقد لاح عليه السرور
وأشبهت زهر قناديله
…
كاسات راح للندامى تدور
وقارن النسر الثريا به
…
وقابل البدر هناك البدور وقال أيضاً:
ما مثل جامعنا ومثل وقيده
…
كضياء طلعة شاهدي ومواصلي
وكأن ذاك الوجه قنديل يرى
…
ومن العذار معلق بسلاسل وقال أيضاً في مروحة:
ومحبوبة في القيظ لم تخل من يد
…
وفي القر تجفوها أكف الحبائب
إذا ما الهوى المقصور هيج عاشقاً
…
أتت بالهوى الممدود من كل جانب وقال في مليح مغن:
وأهيف إن غنى فقمري بانة
…
وإن ماس من عجب فبعض غصونها
تحرك خلف الدف حتى تحركت
…
شطر ثانيقلوب رجال فجعت بسكونها وقال أيضاً:
هل عهد ليلى بالكثيب عائد
…
أم طيفها لسقم جسمي عائد
حوراء حار العقل في صفاتها
…
لها الجمال عاشق وحاسد
فكل عضو فيه بدر طالع
…
وكل عطف فيه غصن مائد
فعطفها وحسن صبري ناقص
…
وحسنها وفرط وجدي زائد
يا كعبة الحسن التي أحجها
…
فؤاد مضناك عليك وافد
قد سقت في الهوى إليك مهجتي
…
والدم دمع لغرامي شاهد
(1) قمر العرب، والتصويب عن الزركشي.
وطفت في مغناك حتى ملني
…
من أرضك الرسوم والمعاهد
ولم أقصر فيك عن حفظ الهوى
…
شطر ثانيوالحر من يحفظ من يعاهد
وربما يجمع جمع شملنا
…
بكم وتصفو عندك الموارد
وعلنا نقضي منانا يمنى
…
وتنقضي من وصلنا المواعد
أو لا فموتي فيكم شهادة
…
علي فيها بالرضى شواهد وحكى لي الشيخ عز الدين الدربندي المؤذن بالجامع الأموي، رحمه الله تعالى، قال: أخبرني نجم الدين ابن إسرائيل قال: أضقت في بعض الأوقات إضاقة شديدة، فقلت في نفسي: والله لا مدحت غير الله تعالى، فقلت القصيدة السينية التي أولها:
يا ناق ما دون الأثيل معرس
…
جدي فصبحك قد بدا يتنفس
واستصحبي عزماً يبلغ الحمى
…
لتظل تغبطك الجواري الكنس قال: فجاءت اثنين وستين بيتاً، وكان لي عادة أن أنظم القصيدة وأنقحها فيما بعد، فعرضت القصيدة فلم أر فيها ما يحذف، فنمت ليلتي، فلما كان وقت السحر وإذا بالباب يدق، فقمت فوجدت قاصداً من مصر ومعه كتاب من الأمير جمال الدين " ابن " يغمور، وصحبته صرة ذهب، وقال: الأمير يسلم عليك، وهذه برسم النفقة، فعددت الذهب فكان اثنين وستين ديناراً، أو كما قال، رحمه الله تعالى.