الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
408 -
(1)
"
مالك بن نويرة
"
مالك بن نويرة بن حمزة بن شداد، أبو المغوار اليربوعي أخو متمم؛ كان يلقب بالجفول لكثرة شعره. قتل في الردة؛ قال صاحب " الأغاني " (2) : كان أبو بكر رضي الله عنه لما جهز خالد بن الوليد لقتال أهل الردة قد أوصاهم أنهم إذا سمعوا الأذان في الحي وإقامة الصلاة نزلوا عليهم، فإن أجابوا إلى أداء الزكاة وإلا الغارة، فجاءت السرية حي مالك، وكان في السرية أبو قتادة الأنصاري، وكان ممن شهد أنهم أذنوا وأقاموا وصلوا، فقبض عليهم خالد وكانت ليلة باردة، فأمر خالد منادياً ينادي " ادفئوا أسراكم " وكان لغة كنانة إذا قالوا " ادفئوا الرجل " يعنون اقتلوه، فقتل ضرار بن الأزور مالكاً، وسمع خالد الواعية فخرج وقد فرغوا منهم، فقال: إذا أراد الله أمراً أصابه، فقال أبو قتادة: هذا عملك، فزبره خالد، فغضب ومضى حتى أتى أبا بكر، فغضب عليه أبو بكر حتى كلمه فيه عمر، فلم يرضى إلا أن يرجع إلى خالد ويقيم معه، فرجع إليه ولم يزل معه حتى قدم خالد المدينة، وكان خالد قد تزوج بزوجة مالك، فقال عمر: إن في سيف خالد رهقاً وحق عليه أن تقيده، وأكثر عليه في ذلك، وكان أبو بكر
(1) أخباره في المصادر التاريخية التي تتحدث عن أحداث الردة؛ وانظر الشعر والشعراء: 254 وصفحات متفرقة من شرح النقائض وأسماء المغتالين: 244 والمحبر: 126 وطبقات ابن سلام: 170 وخزانة الأدب 1: 236 وسرح العيون: 86 وابن خلكان 6: 13 (في ترجمة وثيمة بن الفرات)، وراجع مالك ومتمم ابنا نويرة تأليف ابتسام مرهون الصفار وفيه شعرهما مجموعاً (بغداد: 1968) ؛ وقد بقي بعض هذه الترجمة في ر.
(2)
الأغاني 15: 239 - 249 وانظر: 241 والنقل عن الأغاني بتصرف.
لا يقيد عماله فقال: يا عمر إن خالداً تأول فأخطأ فارفع لسانك عنه، ثم كتب إلى خالد أن يقدم عليه، فقدم وأخبره بخبره فقبل عذره، وعنفه بالتزويج، وقيل إن خالداً كان يهوى امرأة مالك في الجاهلية، وكان خالد يعتذر في قتله فيقول: إنه قال لي وهو يراجعني: ما إخال صاحبكم إلا قد كان يقول كذا وكذا، فقال خالد، أو ما تعده صاحبك؟ ثم قدمه فضرب عنقه.
ومما يؤيد خالد وأن (1) مالكاً مات مرتداً أن متمماً لما أنشد عمر مراثيه في مالك قال له عمر: والله لوددت أني أحسن الشعر فأرثي أخي زيداً بمثل ما رثيت أخاك، فقال متمم: لو أن أخي مات على ما مات عليه أخوك ما رثيته، فقال عمر رضي الله عنه ما عزاني أحد عن أخي بأحسن مما عزاني به متمم.
وقال الرياشي: صلى متمم بن نويرة مع أبي بكر رضي الله عنه الصبح ثم أنشده:
نعم القتل إذا الرياح تناوحت
…
تحت الإزار قتلت يا ابن الأزور الأبيات
…
ثم بكى حتى سالت عينه العوراء ثم انخرط على سية قوسه مغشياً عليه.
وقيل لمتتم: ما بلغ من وجدك على أخيك؟ فقال: أصبت بإحدى عيني فما قطرت منها قطرة عشرين سنة، فلما قتل أخي استهلت فما ترقأ.
ويقال في المثل: فتى ولا كمالك، ومرعى ولا كالسعدان، يعنون به مالكاً هذا.
وقيل لمتمم: صف لنا مالكاً فقال: كان يركب الجمل الثفال في الليلة القرة يرتمي لأهله بين المزادتين عليه الشملة الفلوات، يقود الفرس الحرون، ثم يصبح ضاحكاً.
(1) ر: خالد أن.
ومن شعر متتم في مالك:
نعم القتيل إذا الرياح تناوحت
…
فوق العضاة قتلت يا ابن الأزور
أدعوته بالله ثم غدرته
…
بل لو دعاك بذمة لم يغدر
لا يلبس الفحشاء تحت ثيابه
…
صعب مقادته عفيف المئزر
فلنعم حشو الدرع كنت وحاسراً
…
ولنعم مأوى الطارق المتنور وقال يرثيه من أبيات:
وكنا كندماني جذيمة حقبة
…
من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
وعشنا بخير في الحياة وقبلنا
…
أصاب المنايا رهط كسرى وتبعا
فلما تفرقنا كأني ومالكاً
…
لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
فإن تكن الأيام فرقن بيننا
…
فقد بان محموداً أخي يوم ودعا
أقول وقد طار السنا في ربابه
…
وجون يسح الماء حتى تربعا
سقى الله أرضاً حلها قبر مالك
…
ذهاب الغوادي المدجنات فأمرعا
تحيته مني وإن كان نائياً
…
وأمسى تراباً فوقه الأرض بلقعا وقال:
وقالوا أتبكي كل قبر رأيته
…
لقبر ثوى بين اللوى والدكادك
لقد لامني عند القبور على البكا
…
رفيقي لتذراف الدموع السوافك
فقلت لهم إن الشجا يبعث الشجا
…
دعوني فهذا كله قبر مالك وقال عمر رضي الله عنه لمتمم: أكان مالك يحبك مثل محبتك إياه؟ فقال: أين أنا من مالك؟ والله يا أمير المؤمنين لقد أسرني حي من العرب فشدوني وثاقاً وألقوني بفنائهم، فبلغه خبري فأقبل علي على راحلته حتى انتهى إلى القوم وهم جلوس في ناديهم، فلما نظر إلي أعرض عني وقصد إلى القوم، فعرفت ما أراد، فوقف عليهم فسلم وحادثهم وضاحكهم