الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب النكاح
هو راجِعٌ إلى مَادةٍ تَدُلُّ على الضَّمِّ، ولُزومِ شَيءٍ لِشَيءٍ رَاكبًا علَيه، ولَوْ فِي المَعانِي (1).
(1) النكاح على ثلاثة أضرب: حرام، ومكروه، وحلال.
فأما الحرام فعلى أربعة أنواع: أحدها: حرام بسبب العين. والثاني: حرام بسبب الجمع. والثالث: حرام بسبب الإشكال. والرابع: حرام بسبب العقد.
فأما ما هو حرام بسبب العين فعلى ثلاثة أنواع: أحدها: النسب. والثاني: المصاهرة. والثالث: الرضاع.
وأما ما هو حرام بسبب النسب فسبعة، قال اللَّه عز وجل:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} .
وأما الحرام بالمصاهرة فأربعة: امرأة الابن، وامرأة الأب، وزوج الابنة، وزوج الأم.
وأما الحرام بالرضاع: فيحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.
وأما تحريم الجمع فتسعة: بين المرأة وأمها، وأختها، عمتها، وخالتها، وبين الأمتين للحر، وبين أمة وحرة فيعقد واحد للحر، وبين أكثر من أربع زوجات للحر، وبين أكثر من زوجتين للعبد، وبين زوجين للمرأة. =
ويُطلَقُ لُغةً وشَرْعًا: على العَقْدِ، والوَطْءِ.
وهُو مِمَّا لَمْ يُنْقَلْ شَرْعًا عن مَدلُولِهِ اللُّغَوِيِّ، كالقَرءِ، وإنْ (1) زِيدَ فِيهِما ما يُعتبَرُ شَرْعًا.
وهلْ هُو حَقيقةٌ فِي العَقْدِ مَجازٌ فِي الوَطءِ، أو عكسُهُ، أو مُشتركٌ (2)؟ وجوهٌ؛ الأصَحُّ الأوَّلُ (3).
= وأما الحرام بسبب الإشكال، فهو: أن تختلط أمه، أو أخته، أو امرأة لا تحل بنساء محصورات فإنه لا يحل نكاح واحدة منهن حتى يرتفع الإشكال.
وأما الحرام بسبب العقد فتسعة أنواع: نكاح الشغار، والمتعة، والمحرم، وإذا أنكح الوليان، ونكاح المعتدة، والمستبرأة، والكافرة، وملك اليمين، والمرتابة.
وأما المكروه من النكاح فثلاثة: أن يخطب على خطبة أخيه، ونكاح المحلل، والغرور. وأما الحلال من النكاح فسائر الأنكحة الصحيحة.
(1)
في (ل): "فإن".
(2)
في (ل): "مشتركة".
(3)
وهذا هو الصحيح وصححه القاضي أبو الطيب وأطنب في الاستدلال له وبه قطع المتولي وغيره وبه جاء القرآن العظيم والسنة.
ولا يرد عليه قوله تعالى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} لأن المراد به فيه العقد، وأما الوطء فهو مستفاد من خبر حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك، فالعقد مستفاد من الكتاب، والوطء مستفاد من السنة، والمراد به في ذلك الوطء مجازًا مرسلًا من إطلاق اسم السبب على المسبب بقرينة الخبر المذكور.
وقوله "الأصح الأول": مقابله قولان: أحدهما أنه حقيقة في الوطء مجاز في العقد، وبه قال أبو حنيفة رضي الله عنه وثانيهما أنه حقيقة فيهما بالاشتراك كـ "عين" وعليه حمل النهي في قوله تعالي {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} فإن المراد النهي عن العقد وعن الوطء بملك اليمين معًا على استعمال المشترك في معنييه. راجع:"إعانة الطالبين"(3/ 255)، و"الإقناع" للشربيني (2/ 399)، و"كفاية الأخيار"(ص 345).
ويَظهرُ تَرجيحُهُ بغَلَبةِ (1) الاستِعمالِ شَرْعًا، والتزويجُ للعَقْدِ قَطْعًا.
[وقدْ يَظهرُ أثرُ الخِلافِ عِندنَا فِي تَحريمِ أُمِّ المَوطوءةِ بشُبهةٍ وبِنْتِها (2)](3).
وأصْلُه قولُه تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} وغيرُها مِن الآياتِ.
وفِي "الصَّحيحَينِ" عن ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ استَطَاعَ مِنكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْج، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ"(4).
وتَزوَّجَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وحثَّ على التزْوِيجِ، ورَدَّ على عُثمانَ بنِ مَظْعونٍ التبتُّلَ (5).
وقالَ ردًّا على قَومٍ: "لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ،
(1) في (ل): "فيظهر ترجيحه فعليه".
(2)
قال في "المغني": وتظهر فائدة الخلاف فيمن زنى بامرأة، فإنها تحرم على والده وولده عندهم لا عندنا. قاله الما وردي والروياني. . راجع:"إعانة الطالبين"(3/ 255).
(3)
ما بين المعقوفين سقط من (ل).
(4)
"صحيح البخاري"(4778) في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، وهل يتزوج من لا إرب له في النكاح و"صحيح مسلم"(1/ 1400) في باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنه واشتغال من عجز عن المؤن بالصوم.
(5)
رواه البخاري (4786) في باب ما يكره من التبتل والخصاء، ومسلم (6/ 1402) في باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنه واشتغال من عجز عن المؤن بالصوم. . عن سعد بن أبي وقاصٍ، يقول: لقد رد ذلك، يعني النبي صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون، ولو أجاز له التبتل لاختصينا. . والتبتل: هو ترك النكاح انقطاعًا إلى العبادة.
فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي" (1).
وكلُّ ذلك ثابِتٌ فِي "الصحيحَينِ" وغيرِهِما (2).
وعنْ أنسِ [بْنِ مَالكٍ رضي الله عنه](3) قالَ: كانَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يأمُرُ بالباءَةِ، ويَنهى عنِ التَّبَتُّلِ نَهيًا شَديدًا، ويقولُ:"تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأنْبِيَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ". رواهُ أحمدُ وابنُ حِبَّان (4).
وفِي "سُننِ أبي داودَ" و"النسائيِّ" مِن حَديثِ مَعْقِل بنِ يسارٍ: "تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ (5) الْوَدُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُم"(6).
(1) متفق عليه: رواه البخاري (4776) في باب الترغيب في النكاح لقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} ومسلم (5/ 1401) في باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنه واشتغال من عجز عن المؤن بالصوم.
(2)
قوله: "وغيرهما" سقط من (ل).
(3)
ما بين المعقوفين زيادة من (ل).
(4)
حديث حسن: رواه أحمد (12613) وابن حبان (4028) من طريق خلف بن خليفة، عن حفصٍ ابن أخي أنس بن مالكٍ عن أنس بن مالكٍ. . الحديث، وخلف بن خليفة: صدوق من رجال مسلم إلا أنه اختلط بأخرة، وباقي رجاله ثقات، ويشهد له ما بعده.
وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(490)، وأحمد (3/ 158 و 245)، والبيهقي (7/ 81 - 82) من طرق عن خلف بن خليفة، بهذا الإسناد.
(5)
في (أ): "الودود الولود".
(6)
حديث حسن: أخرجه أبو داود (2050) في باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، والنسائي (6/ 65 - 66) في النكاح: باب كراهية تزويج العقيم.
وأخرجه الطبراني (20/ 508)، وابن حبان (4056) والحاكم (2/ 162)، والبيهقي =
قال الشافعيُّ رضي الله عنه:
وَبَلَغَنَا أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "تَنَاكَحُوا تَكْثُرُوا، فَإِنِّي أُبَاهِي بِكُمُ الأُمَمَ حَتَّى بِالسَّقْطِ"(1).
وعن أبي أيُّوبَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "أَرْبَع مِنْ سُنَنِ المُرْسَلِينَ: الحَيَاءُ، وَالتَّعَطُّرُ، وَالسِّوَاكُ، وَالنِّكَاحُ".
رواه أحْمدُ والتِّرمذيُّ، وفي (2) إسنادِهِ الحجَّاجُ بنُ أرطاةَ، ومع ذلك قالَ التِّرمذيُّ (3): حَسنٌ غَريبٌ (4).
= (7/ 81) وغيرهم من طريق المستلم بن سعيد عن منصورٍ -يعني ابن زاذان- عن معاوية بن قرة، عن معقل بن يسارٍ. . الحديث.
والمستلم بن سعيد: روى له أصحاب السنن، وهو صدوق، وثقه أحمد، وقال ابن معين: صويلح، وقال النسائي: ليس به بأس.
(1)
هكذا ذكره البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(10/ 16) عن الشافعي بلاغًا، وانظر "تلخيص الحبير"(3/ 116).
(2)
في (ل): "في" بدون الواو.
(3)
قوله: "الترمذي" سقط من (ل).
(4)
حديث ضعيف:
رواه الترمذي (1080) في باب ما جاء في فضل التزويج والحث عليه. . من طريق الحجاج وهو ابن أرطأة، عن مكحولٍ، عن أبي الشمال بن ضباب، عن أبي أيوب. . فذكره.
قال الترمذي: وفي الباب عن عثمان، وثوبان، وابن مسعودٍ، وعائشة، وعبد اللَّه بن عمرٍو، وأبي نجيحٍ، وجابرٍ، وعكافٍ. وحديث أبي أيوب حديثٌ حسنٌ غريبٌ. انتهى.
وحجاج بن أرطاة ليس بذاك القوي، وهو مدلس وقد عنعن، وأبو الشمال بن ضباب: مجهول. =