المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌كتاب الصداق قال اللَّهُ تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ - التدريب في الفقه الشافعي - جـ ٣

[سراج الدين البلقيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب النكاح

- ‌وخصَّ اللَّه تعالى نبيَّه مُحمدًا صلى الله عليه وسلم بأمورٍ كثيرةٍ ليستْ لأُمَتِهِ تَعْظِيمًا لِشَأنِهِ العَالِي إذْ هو المتفضِّلُ على الخلْقِ أجمَعينَ

- ‌ونُشيرُ هنا إلى أُنموذجٍ على تَرتيبِ أبوابِ الفِقهِ، فمِن ذلك:

- ‌وذكَرُوا أحْكامَ النَّظرِ هنا:

- ‌ فأما الخَمسةُ المُعتبَرةُ فِي صِحتِهِ:

- ‌(1) فصل في الزوج

- ‌لا يخلُو الوَطْءُ مِن مَهْرٍ أوحدٍّ إلَّا فِي عَشرِ صُورٍ:

- ‌(2) فصل في الزوجة

- ‌ويشترطُ خُلُوُّ الزوجةِ مِن الموانعِ وهي

- ‌ وضابطُ المُحرَّماتِ أبدًا:

- ‌(3) فصل فِي الولي

- ‌ ضابطٌ:

- ‌ ضابطٌ:

- ‌ ضابطٌ:

- ‌والحاكمُ يزوِّجُ مَع وُجودِ الوَلِيِّ فِي سِتِّ صُوَرٍ:

- ‌(4) فصل فِي الصيغة

- ‌(5) فصل فِي الشهود

- ‌ ضابطٌ:

- ‌(6) فصل فِي أنكحة الكفار

- ‌ ويُستثنَى مِن أنْكِحَتِهِم خَمْسُ صُوَرٍ لا يُقَرُّونَ علَيها مُطْلقًا:

- ‌(7) فصل فيما يملكه الزوج على الزوجة من الاستمتاع ونحوه

- ‌ ضابطٌ:

- ‌(8) فصل فِي العيوب المثبتة للخيار فِي النكاح الصحيح

- ‌وهي عَشرةٌ على المُعْتَمَدُ فِي الفَتوى:

- ‌(9) فصل فِي خلف الشرط

- ‌ ضابطٌ:

- ‌(11) فصل في حكم الاختلاف

- ‌ ضابطٌ:

- ‌كتاب الصداق

- ‌ ضابطٌ: يَجوزُ إخلاءُ النِّكاحِ عَنْ تَسميةِ المَهْرِ، إلا فِي أرْبَعِ صُورٍ:

- ‌ويَتعينُ الحُلولُ فِي أربعةِ مَواضعَ:

- ‌المضموناتُ فِي الأبوابِ كلِّها أربعةُ أقسامٍ:

- ‌ويحصُلُ الفسادُ المُوجِبُ لِمَهْرِ المِثْلِ بواحدٍ مِن سَبعةَ عشرَ سَببًا

- ‌وأمَّا أحْكامُ المسمَّى الصَّحيحِ، ومَهْرِ المِثْلِ غَيرَ ما سَبقَ مِنَ الأحكامِ، فيَستقِرُّ كلٌّ مِنْهُما بِواحِدٍ مِنْ شَيْئينِ:

- ‌1 - أحدُهما:

- ‌2 - الثَّاني:

- ‌ ضابطٌ:

- ‌ ضابطٌ:

- ‌باب المتعة

- ‌ ضابطٌ

- ‌باب الوليمة

- ‌والوَلائمُ سَبْعٌ

- ‌ثُمَّ إنَّما تَجِبُ الإجابةُ بِشُروطٍ عَشَرةٍ

- ‌ وللأَكلِ آدابٌ منها

- ‌ ضابطٌ:

- ‌ولِلْقَسْمِ مكانٌ وزمانٌ، وحالةٌ تقتضِي التفصيلَ أو الانفرادَ فِي المَبيتِ

- ‌ أمَّا المكانُ:

- ‌ وأمَّا الزمانُ

- ‌ وأمَّا الحالةُ التي تَقتضِي التَّفصيلَ:

- ‌ويَنقسِمُ الخُلْعُ إلى:

- ‌ ضابطٌ:

- ‌وهُو مَكروهٌ إلا فِي ثلاثِ صُورٍ:

- ‌كتاب الطلاق

- ‌فصل في صرائح الطلاق وكناياته

- ‌وحُكمُ الصريحِ:

- ‌ وأما الكِناياتُ

- ‌ وضابطُ الكناياتِ:

- ‌ ومِن الكناياتِ:

- ‌ ضابطٌ:

- ‌ قاعدةٌ:

- ‌وقدِ استُثنِي مِنَ القاعدةِ مَواضِعُ:

- ‌ ضابطٌ:

- ‌فصل في الطلاق المنجز على صفات من تكرار وغيره

- ‌ومِن الصفاتِ: طلاقُ السُّنةِ والبِدعةِ، ونحو ذلك

- ‌ فالسُّنيُّ

- ‌ والبِدعيُّ المحرَّمُ

- ‌ والقِسمُ الثالثُ الذي لا يُوصَفُ بسُنَّة ولا بِدعةٍ

- ‌ واقتصَرُ الأصْحابُ على هؤلاءِ الأرْبعِ، وزدتُ ثلاثًا لا سُنَّةَ فِي طلاقِهِنَّ ولا بدعةَ

- ‌والفُسوخُ كلُّها لا سنةَ فيها ولا بِدعة، إلا:

- ‌1 - أحدُهما:

- ‌2 - الثانِي:

- ‌ ضابطٌ:

- ‌ ضابطٌ:

- ‌ ويَصحُّ الاستِثناءُ مِن الأحوالِ والزَّمانِ والمَكانِ والنِّساءِ

- ‌ فمِنَ الأحْوالِ:

- ‌ ومِن الزَّمانِ:

- ‌ ومِنَ المكانِ:

- ‌ ومِنَ النِّساءِ:

- ‌فصل فِي تعليق الطلاق

- ‌ وأمَّا التعليقُ على الحَملِ وضدِّه والحَيضِ

- ‌ وأمَّا التعليقُ بالحيضِ:

- ‌ وأمَّا المتحيرةُ:

- ‌ ونَختِمُ كتابَ الطَّلَاقِ بثلاثةِ أنْواعٍ:

- ‌ أحدُها:

- ‌ النوعُ الثاني:

- ‌ النوعُ الثالثُ

- ‌ وأمَّا المُكرَهُ فلا يَحنَثُ أيضًا على الأصحِّ

- ‌كتاب الرجعة

- ‌ ضابطٌ:

- ‌كتاب الإيلاء

- ‌لا يُوقَفُ الإيلاءُ إلا فِي مَواضعَ:

- ‌والمحلوفُ علَيه له صَريحٌ وله كِنايةٌ:

- ‌فمِن الصريحِ

- ‌ومِن الكِنايةِ

- ‌ ضابطٌ:

- ‌كتاب الظهار

- ‌ ضابطٌ:

- ‌فصل

- ‌كتاب اللعان

- ‌ وأصلُه:

- ‌ أحدُها:

- ‌ الثاني:

- ‌ الثالثُ:

- ‌ الرابعُ:

- ‌ الخامسُ:

- ‌ السادسُ:

- ‌ السابعُ:

- ‌ الثامنُ:

- ‌ التاسعُ:

- ‌ العاشرُ:

- ‌ الحاديَ عشرَ:

- ‌ الثانيَ عشرَ:

- ‌ الثالثَ عَشرَ:

- ‌ويَترتبُ على لِعانِ الرجلِ أحكامٌ كثيرةٌ:

- ‌ وللثَّالثِ شاهِدٌ مِن النصِّ والمَعْنى:

- ‌ أمَّا النصُّ:

- ‌ وأمَّا المَعنى

- ‌ ضابطٌ:

- ‌ ولِلسُّقوطِ شَرْطانِ:

- ‌ أحدُهما:

- ‌الثاني:

- ‌وكلماتُ اللِّعانِ خَمسٌ:

- ‌خاتمة

- ‌وهيَ أربعةُ أقْسَامٍ:

- ‌والعدةُ تكونُ عن:

- ‌ ضابطٌ:

- ‌والمُعتدَّةُ ذاتُ الأقْراءِ لا يُنظَرُ فِي حَقِّها إلى الأشْهُرِ إلا فِي مَوضِعَينِ ذَكرُوهما وهُما مُتَعَقَّبانِ:

- ‌ أحدُهما:

- ‌ الثاني

- ‌ولا تَتبعَّضُ العِدَّةُ المَذكورةُ مِن أقراءٍ أو أشهُرٍ إلا فِي مَوضِعَينِ على وجْهٍ:

- ‌ أحدُهما:

- ‌ الموضِعُ الثاني:

- ‌وعلى هذا فلِلْقَرءِ المَحسوبِ فِي العدَّةِ شَرطانِ:

- ‌وإن حصَلتِ الحرِّيةُ بعْدَ الفِراقِ قبْلَ انقِضاءِ العِدةِ:

- ‌ أحدُها:

- ‌ الشرْطُ الثاني:

- ‌ الشرطُ الثالثُ:

- ‌ولنا حامل بِحَملٍ مَنسوبٍ إلى صاحِبِ العِدَّةِ فيها غَرائِبُ:

- ‌ ضابطٌ:

- ‌ ضابطٌ:

- ‌فصل في الإحداد وسكنى المعتدة وزوجة المفقود

- ‌ وأمَّا الحُلِيُّ:

- ‌ وأمَّا قِلادةُ العَنبَرِ

- ‌ وأمَّا الكحْلُ:

- ‌ وأمَّا الفُرقَةُ بالإسْلامِ:

- ‌ وأمَّا الرَّضاعُ:

- ‌ وأمَّا الفُرقةُ بِخيارِ العِتْقِ:

- ‌وبَقِي مِن المُعتدَّاتِ البَدويَّةُ وساكِنةُ السَّفينةِ مَع زوجِها الذي لا مَسْكنَ لهُ سِوى السفينةِ:

- ‌ فأمَّا البَدويةُ

- ‌ وأما ساكنةُ السَّفينةِ

- ‌ ضابطٌ:

- ‌فصل في زوجة المفقود

- ‌ ضابطٌ:

- ‌باب الاستبراء

- ‌ أَحدُها:

- ‌ السَّببُ الثاني:

- ‌ السببُ الثالثُ:

- ‌ السببُ الرابعُ:

- ‌ السببُ الخامسُ:

- ‌ السببُ السادسُ:

- ‌ السببُ السابعُ:

- ‌ وأما الحامِلُ:

- ‌كتاب الرضاع

- ‌وشَرْطُ الرَّضاع المحرِّمِ

- ‌وأمَّا المخلوطُ فِفِيه صورٌ:

- ‌ أحدُها:

- ‌ الصورةُ الثَّانية:

- ‌وفِي المُراد بِالمغلوبِ وجهان:

- ‌ ضابطٌ:

- ‌ويُعتَبَرُ لِتحريمِ الرَّضاعِ مِن جِهةِ الرَّجلِ أربعَةُ شُروطٍ:

- ‌ أحدُها: [

- ‌ الشرط الثاني:

- ‌ الشرط الرابع:

- ‌فصل

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌كتاب الصداق قال اللَّهُ تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ

بسم الله الرحمن الرحيم

‌كتاب الصداق

قال اللَّهُ تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} (1).

وثَبَتَ فيه أحاديثُ فِي السُّنةِ، وهو مُجمَعٌ علَيه، وكان صَداقُ غَالبِ زوْجاتِ

(1) قال الشافعي في "الأم"(5/ 62): قال اللَّه عز وجل: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4] وقال عز وجل: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 25] وقال: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} [النساء: 24]، وقال:{وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء: 19] وقال عز ذكره: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: 20] وقال: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34] وقال: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 33] فأمر اللَّه الأزواج بأن يؤتوا النساء أجورهن وصدقاتهن، والأجر هو الصداق، والصداق هو الأجر والمهر، وهي كلمة عربية تسمى بعدة أسماء.

ص: 117

النبيِّ صلى الله عليه وسلم خَمسَمِائةِ دِرْهمٍ (1).

فيُستحَبُّ المُوافقةُ عند الإمكانِ، وترْكُ المُغالاةِ فيه (2).

وهو بِفَتحِ الصادِ، ويُقالُ بِكَسرِها، ويقال:"صَدُقَهُ" بفَتحِ الصَّادِ وضَمِّ الدالِ، وقدْ تسكَّنُ الدالُ، وقدْ تُضمُّ الصادُ مع الدالِ، ويُقالُ:"أَصْدَقَها" و"مَهَرَهَا" و"أَمْهَرَهَا".

وهو والمَهْرُ بِمعنى واحدٍ.

ويقالُ (3): "الصَّداقُ" ما اسْتُحِقَّ بالتَّسميةِ (4) فِي العَقْدِ، و"المَهْرُ": ما اسْتُحِقَّ بِغَيرِ ذلك.

(1) حديث صحيح: رواه مسلم في صحيحه برقم (78/ 1426) في باب الصداق، وجواز كونه تعليم قرآنٍ، وخاتم حديدٍ، وغير ذلك من قليلٍ وكثيرٍ، واستحباب كونه خمسمائة درهمٍ لمن لا يجحف به، من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، أنه قال: سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: كم كان صداق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قالت: "كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقيةً ونشًّا"، قالت:"أتدري ما النشُّ؟ " قال: قلت: لا، قالت:"نصف أوقيةٍ، فتلك خمسمائة درهمٍ، فهذا صداق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأزواجه".

(2)

"الوسيط"(5/ 216).

وقال الإمام في "الأم"(5/ 63): والقصد في الصداق أحب إلينا، وأستحب أن لا يزاد في المهر على ما أصدق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نساءه وبناته وذلك خمسمائة درهم طلبًا للبركة في موافقة كل أمر فعله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

(3)

في (ل): "وقيل".

(4)

في (ل): "تسمية".

ص: 118

ومِنْ أَسمائِه "العُقْرُ"(1) -ومِنهم مَن خَصَّه بِمَهرِ وَطْءِ الشُّبهةِ- و"العَليقةُ" و"الأَجْرُ" و"النِّحلةُ" و"الفَريضةُ" و"الحباءُ" و"الطَّوْلُ".

* * *

وهو مما (2) لَمْ يُنقلْ شَرعًا عن مَدلولِهِ اللُّغويِّ كالقَرْءِ (3)، وإنْ زِيدَ فيه ما يُعتبَرُ فِي الشَّرعِ فإنه:

"اسمٌ لِمَا وَجَبَ مِنْ مالٍ، أو سُمِّيَ مِن قِصَاصٍ أو مَنفعَةٍ، تسميةً صحيحةً، فِي مقابلة بُضْعٍ، بِنِكاحٍ صَحيحٍ، أوْ وَطْءٍ، أوْ فرضٍ صحيحٍ، أو مَوْتٍ، أوْ تَفويتِ بُضْع قَهْرًا، غيرِ مأذونٍ فِي التفويتِ شَرْعًا".

والغالِبُ وُجوبُه لِلْمرأةِ على الرَّجُلِ، وهو مَقصودُ التَّرجمةِ، وقدْ يَجِبُ للرَّجُلِ على الرَّجُلِ كما فِي شُهودِ البَيْنونةِ الراجِعِينَ بعْدَ الحُكمِ.

وللرجُلِ على المَرأةِ كما فِي صُورِ (4) الرَّضاعِ الآتيةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تعالى.

ولِلْمرأةِ على المَرأةِ كما لو كان الزوجُ فِي صُورِ (5) الرَّضاعِ عبدَ المرأةِ.

ولِشُمولِ هذه الأُمورِ قُلْنا: "لِمَا وَجبَ"، ولَم نَقُلْ "لِلْمرأةِ على الرَّجُلِ".

(1) في (أ): "المغفر"!

(2)

في (ل): "ما".

(3)

"كالقرء" سقط من (ل).

(4)

في (ل): "صورة".

(5)

في (ل): "صورة".

ص: 119

و"مِنْ مَالٍ (1) " نَعنِي به: المُتَمَوَّلَ [فما فَوْقَه، وغَيْرُ المتموَّل](2) لا يَجوزُ إصْداقُهُ.

وفِي المبعَّضةِ والمشْتَرَكةِ ينبغِي أَنْ يَحصُلَ لِكلِّ وَاحدٍ أقل مُتمَوَّلٍ، ولمْ يَذكرُوه.

وقولُنا "أو سُمِّيَ مِن قِصاصٍ أو مَنفعَةٍ تَسميةً صحيحةً": عطَفْناهُما على المالِ لِمُغايَرتِهِما له، فيَصِحُّ إصداقُها القِصاصَ الذي علَيها، أوْ علَى عَبْدِها، أو على مَالِكِ الأَمَةِ المزوَّجَةِ، وفِي نصٍّ فِي "الأُمِّ" ما يَقتضِي خِلافَه.

ويَصِحُّ إصداقُ المنافعِ، ومنهُ تَعليمُها أوْ تَعليمُ عبدِها قُرآنًا أوْ صَنْعةً، أو ما يُستفادُ، ولو مِن الشِّعرِ المُباحِ (3).

ولا يَثبُتُ ذلك إلَّا عِنْدَ التَّسميةِ الصَّحيحةِ بخِلافِ مُطْلَقِ المَالِ.

وأخْرجْنَا بالنِّكاحِ الصَّحيحِ: الفاسِدَ، فليس فِي مُجرَّدِه (4) صَداقٌ.

ويَشملُ قَولُنا "أوْ وَطْءٍ": كلَّ وَطْء يُوجِبُ مَهرًا فِي نِكاحٍ فاسدٍ أو شُبهةٍ (5).

(1) في (ل): "قال"!

(2)

ما بين المعقوفين سقط من (ل).

(3)

"الوسيط"(5/ 215).

(4)

في (ل): "مجرد".

(5)

في (ل): "في نكاح فاسد ومجرد شبهة".

ص: 120

وأشَرْنا إلى أحوالِ المُفَوِّضةِ فِي الوَطْءِ، والفَرْضِ الصَّحيحِ، وموتِ أَحدِ الزَّوجَينِ، فإنه يُوجِبُ مَهْرَ المِثْلِ على أصَحِّ القَوْلَينِ لِحديثِ بَرْوَعَ (1) بِنْتِ واشِقٍ، وهو حَسنٌ يُحتجُّ (2) به (3).

(1) في (ل): "سروع". قلت: "بروع" بفتح الباء، مأخوذ من البراعة، والواو زائدة، وأصحاب الحديث يقولون:"بِروع"، بالكسر، وهو خطأ، والصواب بالفتح، انظر "المنتخب من العلل للخلال"(ص 316)، وهامشه كذلك.

(2)

في (ل): "وهو حسن صحيح"!

(3)

حديثٌ حسنٌ صحيحٌ: أخرجه أبو داود (2115)، والترمذي (1145) والنسائي (6/ 121 - 122) وابن ماجه (1891): كلهم من طريق سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود -واللفظ للترمذي- قال: سئل ابن مسعود عن رجل تزوج امرأة، ولم يفرض لها صداقًا، ولم يدخل بها حتى مات، فقال ابن مسعود:"لها مثل صداق نسائها لا وكس ولا شطط، وعليها العدة، ولها الميراث"، فقام معقل بن سنان الأشجعي، فقال: قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في "بَرْوع بنت واشق" -امرأة منا- مثل ما قضيت، ففرح بها ابن مسعود.

قال الترمذي: (حديث حسن صحيح، وقد روي عنه من غير وجه، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم).

وأخرجه أحمد (4/ 280)، والدارمي (2/ 155)، وعبد الرزاق (10898)، والطبراني (20/ 231) وابن الجارود (718)، وابن حبان (1263 - موارد)، وسعيد بن منصور في "السنن"(929) والحاكم (2/ 180 - 181)، والبيهقي (7/ 245)، وقال: إسناده صحيح، وهو كما قال.

وقد ذكر البيهقي أن عبد الرحمن بن مهدي -إمام الحديث- رواه عن الثوري، وجعله من مسند معقل بن سنان، ورواه مع عبد الرحمن بن مهدي: يزيد بن هارون -وهو أحد حفاظ الحديث، وجعله كذلك عن معقل بن سنان، وكذلك رواه عبد اللَّه بن الوليد العدني عن سفيان، وقال الثوري: فقال: معقل بن سنان الأشجعي. =

ص: 121

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وبعض الرواة رواه عن عبد الرزاق عن سفيان بهذا الإسناد الأخير، وقال:"فقام معقل ابن يسار"، وكذلك رواه بعض الرواة عن يزيد بن هارون عن الثوري، وإلا أراه إلا وهمًا.

وقد أخرجه البيهقي (7/ 245) من طريق محمد بن إسحاق، ثنا يزيد بن هارون به.

وأخرجه (7/ 245) من طريق عبد الرزاق السابقة، وفيه: فقام معقل بن يسار! ثم قال: (وهذا وهم، والصواب معقل بن سنان كما رواه عبد الرحمن بن مهدي وغيره).

قلت: وهو اختيار أبي زرعة كما في "العلل"(1/ 426) رقم 1281 لابن أبي حاتم.

ثم قواه البيهقي بأن الشعبي رواه عن ابن مسعود، وقال فيه: فقام معقل بن سنان الأشجعي.

ورواه كذلك ابن عون عن رجل عن الشعبي عن رجل عن ابن مسعود، وقال فيه: فقال الأشجعي.

قلت: وهذا الخلاف عن الشعبي سيأتي بيانه بعد قليل إن شاء اللَّه.

وأخرج النسائي (6/ 121)، وأحمد (4/ 279)، وابن حبان (4100 - إحسان): كلهم من طريق زائدة عن منصور عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن ابن مسعود، وفيه: فقام رجل من أشجع، ولم يسمه.

قال النسائي: (ولا أعلم أحدًا قال في هذا الحديث: "عن الأسود" غير زائدة)[وفي "الإرواء" (6/ 359) قال: وهو ثقة ثبت فالزيادة مقبولة!!].

ورواه فراس عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود.

أخرجه أبو داود (2114)، والنسائي (6/ 122)، وابن ماجه (1891)، وابن أبي شيبة (4/ 300)، وابن حبان (4098، 4099 - إحسان) والطبراني (20/ 232)، والحاكم (2/ 180)، والبيهقي (7/ 245)، وأبو نعيم في "مسانيد فراس بن يحيى" (ص 74). قال البيهقي: هذا إسناد صحيح، وقد سمى فيه معقل بن سنان، وهو صحابي مشهور.

قلت: قد اختلف فيه عن الشعبي مما يجعله من طريقه مضطربًا:

فرواه فراس عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود -كما سبق، وقد اختلف عن فراس فيه: فرواه الثوري عنه كما تقدم، وتابعه يزيد بن عبد الرحمن الدالاني: أخرجه أبو نعيم في "مسانيد أبي يحيى" فراس بن يحيى الهمداني" (ص 76). ويزيد هذا سيئ الحفظ. =

ص: 122

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وخالفهما أبو عوانة، فرواه عن فراس عن الشعبي عن ابن مسعود -هكذا منقطعًا- أخرجه أبو نعيم (المصدر السابق ص 76)، وتابعه إسماعيل بن أبي خالد، ذكره البيهقي (7/ 245)، وإسماعيل بن أبي خالد: ثقة حجة روى له الجماعة، وهو أثبت الناس في الشعبي كما قال ابن المبارك وأحمد، وقال أبو حاتم:"لا أقدم عليه أحدًا من أصحاب الشعبي".

ورواه ابن عون عن الشعبي عن رجل عن ابن مسعود: ذكره البيهقي (7/ 245).

ورواه داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة بن قيس: أن قومًا أتوا ابن مسعود. . . فذكره.

أخرجه النسائي (6/ 122)، وابن حبان (1263 - موارد)، والحاكم (2/ 180)، والبيهقي (7/ 245) وأخرجه كذلك من طريق داود بن أبي هند: أحمد (4/ 280)، وابن أبي شيبة. . قال الحاكم:"صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الشيخ الألباني في "الإرواء"(6/ 359)!!.

قلت: هو إسناد رجاله ثقات، وقد اختلف فيه عن الشعبي كما تقدم.

وله طريق آخر كما في "العلل"(1/ 401 - 402) رقم 1202 قال ابن أبي حاتم: (سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن عبد خير عن عبد اللَّه، قال: أتي عبد اللَّه بن مسعود في رجلٍ تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقًا، فمات قبل أن يدخل بها، فقال عبد اللَّه: هذا أمر ما سمعت فيه بشيء، وذكرت لهما الحديث: فقالا: رواه جرير عن عطاء ابن السائب عن الشعبي، قال: أتي عبد اللَّه، وهو أشبه) اهـ.

وأخرجه أبو داود (2116)، وأحمد (1/ 431، 447)، (4/ 279)، والبيهقي (7/ 246): كلهم من طريق قتادة عن خلاس وأبي حسان -معًا- عن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود: أن عبد اللَّه بن مسعود أتي في رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقًا، فمات عنها، ولم يدخل بها، فقال: أقول: إن لها صداقًا كصداق نسائها، لا وكس ولا شطط، ولها الميراث وعليها العدة، فإن يكن صوابًا فمن اللَّه، وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان، واللَّه ورسوله بريئان، فقام ناس من أشجع فيهم الجراح وأبو سنان، فقال نشهد أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق -وأن زوجها: هلال بن مرة الأشجعي- كما قضيت، قال: ففرح ابن مسعود فرحًا شديدًا حين وافق قضاؤه قضاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات كما في "الإرواء"(6/ 360). =

ص: 123

وأَشرْنا إلى الشُّهودِ الراجعِينَ وصُورِ الرَّضاعِ وغيرِها بقَولِنا: "أوْ تَفوِيتِ بُضْع قَهرًا (1) غَير مأذونٍ [فِي التَّفويتِ] (2) شَرْعًا": وخَرجَ بذلك الفُرْقةُ المُوكَّلُ فيها أو المأذونُ فِيها شَرْعًا لِلْحاكِمِ بإيلاءٍ أوْ غيرِهِ.

وليس الصداقُ رُكنًا فِي النِّكاحِ اتِّفاقًا (3)، ولا يَفسُدُ بِمُجرَّدِ فَسادِ الصَّداقِ على المَشهورِ.

= قال الدارقطني -كما في "نصب الراية"(3/ 202): (أحسن أسانيده: حديث قتادة، إلا أنه لم يحفظ اسم الراوي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم).

وأجاب البيهقي عن قول الشافعي -ولم أحفظه بعدُ من وجهٍ يثبت مثله [قال رءوس الناس وقلت: قد صح الحديث، فقل به]، هو مرة فقال:"معقل بن يسار"، ومرة عن "معقل ابن سنان"، ومرة عن "بعض أشجع" لا يسمى- وأجاب كذلك عن قول الدارقطني المتقدم، فقال:(جميع هذه الروايات أسانيدها صحاح [قلت: تقدم أن طريق الشعبي مضطربة لكثرة ما فيها من خلاف]، وفي بعضها ما دل على أن جماعة من أشجع شهدوا بذلك فكأن بعض الوراة سمَّى منهم واحدًا، وبعضهم سمَّى اثنين، وبعضهم أطلق ولم يُسمِّ، ومثله لا يردُّ الحديث، ولولا ثقة من رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان لفرح عبد اللَّه بن مسعود بروايته معنى واللَّه أعلم).

(1)

في (ل): "فهذا".

(2)

ما بين المعقوفين سقط من (ل).

(3)

قال الشافعي في "الأم"(5/ 62 - 63): واستدللنا بقول اللَّه عز وجل {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: 263] أن عقد النكاح يصح بغير فريضة صداق وذلك أن الطلاق لا يقع إلا على من عقد نكاحه وإذا جاز أن يعقد النكاح بغير مهر فيثبت فهذا دليل على الخلاف بين النكاح والبيوع والبيوع لا تنعقد إلا بثمن معلوم والنكاح ينعقد بغير مهر استدللنا على أن العقد يصح بالكلام به وأن الصداق لا يفسد عقده أبدا فإذا كان هكذا فلو عقد النكاح بمهر مجهول أو حرام فثبتت العقدة بالكلام وكان للمرأة مهر مثلها إذا أصيبت.

ص: 124