الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إليْنَا، لأن الحَمْلَ لا يَتبيَّنُ (1) في أقلَّ مِنه (2).
واختارَ هذا جماعةٌ مِن الأصحابِ، مِنهم صاحبُ "المهذَّب"(3).
ويَشهدُ له قولُ الشافعيِّ رضي الله عنه: إنَّه أَحَبُّ إليْنَا.
وقال المُزَنِيُّ: الأَشْبَهُ بما قال: إنَّ الشهرَ في الأمَةِ مقامُ الحَيضةِ (4).
وفِي "شرح الرافعي" أنَّه الأصحُّ عند المُعْظَمِ، وفيه نَظرٌ.
ولو قيل: إن كانَتْ كبيرةً لَمْ تَحضْ أو آيسةً فاستِبراؤُها بِثلاثةِ أشهُرٍ، وإن كانتْ صغيرةً يَستحيلُ عادةً أَنْ تَحبَلَ، فيُكتفَى فيها بِشَهرٍ لَكانَ له وجْهٌ.
وقولُ الشافعيِّ رضي الله عنه "لأنَّ الحَملَ لا يتبيَّنُ (5) في أقَلَّ مِن ثلاثةِ أشهُرٍ"(6)؛ يُشيرُ إلى [ما](7) قرَّرْناهُ، ولَمْ نرَ مَنْ قال به. والفَتوى بما أَحبَّه الشافعيُّ أَحوَطُ.
* * *
*
وأما الحامِلُ:
فاستِبراؤُها بوَضعِ الحَملِ بِتَمامِه للحديثِ السابقِ.
ولو كان الحملُ مِن الزِّنى، فإنَّه يحصُلُ بوَضعِه الاستبراءُ لِعُمومِ الخَبر عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
(1) في (ب): "يبين".
(2)
"البيان في المذهب الشافعي"(11/ 27).
(3)
"المجموع شرح المهذب"(18/ 201).
(4)
"مختصر المزني"(ص 443).
(5)
في (ب): "يبين".
(6)
قاله في "الأم"(7/ 303).
(7)
"ما" سقط من (ب).
وإذا مَلَكَها مَنْ صارتْ إليه مِن شَريكَيْنِ كانَا يطئانها، فإنَّه يَجِبُ استِبراءان على ما صحَّحه في "الروضة"(1) تبَعًا للشرحِ قُبَيلَ البابِ الثالثِ في عِدَّةِ الوَفاةِ.
وذَكرَا قُبَيْلَ الكَلامِ على وَطءِ المُستبرَأةِ أو الاستِمْتاعِ بها (2) أنَّه لو اشْتراها مِن شَريكَيْنِ ووَطئاها في طُهْرٍ واحدٍ، فهَلْ يَكفِي استِبراءٌ واحِدٌ لِحُصولِ البَراءةِ، أمْ يَجِبُ استِبراءانِ كالعِدَّتَينِ (3) مِن شَخصَينِ؟ وَجهانِ.
ويَجريانِ فيما لَو وَطئاها وأرادا (4) تَزويجَها هلْ يَكفِي استِبراءٌ أم (5) يَجبُ استِبراءانِ (6)؟ ولَمْ يُصحِّحَا شَيئًا مِنَ الوَجهَينِ، وقدْ صَحَّحَا المَنْعَ في ذلك كما سَبقَ، وتَقيِيدُ وَطْئِهما بطُهرٍ واحدٍ، فيه نَظرٌ.
ومَحلُّ الخِلافِ في غَيرِ المَسبِيَّةِ، فأمَّا المَسبِيَّةُ فلا يَتعدَّدُ فيها الاستِبراءُ مُطْلقًا لإطلاقِ الخَبرِ السابقِ.
ولَو مَضَى زَمنُ الاستِبراءِ بأنْوَاعِه بعد المِلْكِ وقَبْلَ القَبضِ فهو مَحسوبٌ إن مُلِك بإِرثٍ، وإنْ مُلِك بِهِبةٍ فَلَا، كذا في "المنهاج"(7) و"الروضة"(8) تَبَعًا للشَّرحِ، وهو مُتعقَّبٌ، فإن المِلْكَ في الهِبَةِ لا يَحصُلُ إلَّا بالقَبضِ على
(1)"روضة الطالبين"(8/ 398).
(2)
"بها" سقط من (ل).
(3)
في (ل): "على العدتين".
(4)
في (ب): "وأردا"!
(5)
في (ل): "أو".
(6)
في (ل): "استبراؤها".
(7)
"منهاج الطالبين"(ص 258).
(8)
"روضة الطالبين"(8/ 432).
الجديد، وإن مُلِكَ بالشِّراءِ اعْتُدَّ به على الأصحِّ، كذا (1) في "المنهاج"(2).
ومحلُّه ما إذا لَمْ يَكنْ هُناكَ خِيارُ مَجلسٍ ولا شرطٍ، فإن كان هناك خيارُ مَجلسٍ، فلا يُعتَدُّ بهذا الاستِبراءِ، نَصَّ عليه في "الأُم"(3)، فقال:
ولو اشتَراها فلَمْ يَقبِضْها، ولمْ يَتفرقَا حتَّى وَلدَتْ في يَديه (4) البائعِ، ثم قَبضَها، لم يكُنْ له وَطؤُها حتَّى تَطهُرَ مِن نِفاسِها، ثم تَحيضَ في يَدِه (5) حَيضةً مُستقبَلةً (6)، مِنْ قِبَلِ أنَّ البَيعَ إنما تَمَّ له حين لَمْ يَكنْ لِلْبائعِ فيها (7) خِيارٌ بأن يَتفرقَا عنْ مَقامِهما الذي تَبايَعَا فيه.
وفِي "مختصر المزني"(8) نحوُ ذلك.
* * *
* وأمَّا خيارُ الشَّرطِ، [ففِي "الروضة" (9): "لَوْ وَقَعَ الْحَمْلُ أَوِ الْحَيْضُ في زَمَنِ خِيَارِ الشَّرْطِ] (10) في الشِّرَاءِ، فَإِنْ (11) قُلْنَا: الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ، لَمْ يَحْصُلِ
(1)"كذا" سقط من (ل).
(2)
"منهاج الطالبين"(ص 258).
(3)
"الأم"(5/ 104).
(4)
في (ل): "ولدي" وفي (ز): "يدي".
(5)
في (ب): "يده".
(6)
في (ب): "مستقلة".
(7)
في (ب): "فيه".
(8)
"مختصر المزني"(ص: 173).
(9)
"روضة الطالبين"(8/ 432).
(10)
ما بين المعقوفين سقط من (ل).
(11)
في (ل): "إن".
الِاسْتِبْرَاءُ. وَإِنْ قُلْنَا: لِلْمُشْتَرِي، لَمْ يَحْصُلْ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ".
ولَمْ يَتعرضْ لِما إذا شُرِطَ الخيارُ للْمُشترِي وحدَه.
وفِي "الأُم"(1): "لَوْ اشْتراهَا وَقَبَضَهَا، وَشَرَطَ لِنَفْسِهِ الْخِيَارَ ثَلَاثًا ثُمَّ حَاضَتْ قَبْلَ الثَّلَاثِ، ثُمَّ اخْتَارَ الْبَيع كَانَتْ تِلْكَ الْحَيْضةُ اسْتِبْرَاءً".
وصوَّرَ الشافعيُّ ذلك بأن يقبِضَها المُشترِي، والكَلامُ السابقُ فيما قَبْلَ القَبضِ.
ويَحرُمُ الاستمتاعُ بالمُستَبْرَأةِ بالوَطءِ وغَيرِه إلَّا في المَسْبِيَّة فيحِلُّ غيرُ الوَطءِ؛ كذا صحَّحَه في "المنهاج"(2) و"الروضة"(3) تَبَعًا للشرحِ.
وهو خِلافُ نَصِّ الشافعيِّ رضي الله عنه الذي نقلَهُ ابنُ بِشرِي عن "كتاب السير"، ولَفْظُه: وإذَا اشْتَرى مِن المَغنَمِ جَاريةً أو وَقعت (4) في سَهْمِه لَمْ يُقَبِّلْها ولَمْ يتَلذَّذْ منها حتَّى يَستَبْرِئَهَا.
وفِي نُصوصِه غَير هذا إطلاقُ مَنع الاستِمتاعِ لِلْمَمْلوكةِ حتَّى يَستبرِئَها، [ولَمْ يَستثْنِ](5) مسبيَّةً ولا غيرَها.
واستَثْنَى المَاورْديُّ مِنْ ذلك الحامِلَ مِنَ الزِّنى، فحكَى [فيها، وفِي المَسبيَّةِ وَجهَيْنِ، ثانِيهما: لا يَحرُمُ، ولَمْ يُرجِّحِ الماورْدِيُّ](6) في ذلك شَيْئًا (7).
(1)"كتاب الأم"(5/ 104 - 105).
(2)
"منهاج الطالبين"(ص 258).
(3)
"روضة الطالبين"(8/ 431).
(4)
في (ب): "أوقعت".
(5)
ما بين المعقوفين سقط من (ل).
(6)
ما بين المعقوفين سقط من (ل).
(7)
"الحاوي الكبير"(11/ 350).
ووجَّه الشافعيُّ المنعَ من قِبَلِ أنه قد يَظهَرُ بِها (1) حَمْلٌ مِن بائِعِها، فيكونُ قد نَظرَ مُتلذِّذًا، أو تَلذَّذَ بِأكثرَ (2) مِنَ النَّظرِ مِنْ أُمِّ وَلدِ (3) غَيرِه، وذلك مَحظورٌ عليه.
وفِي "المختصر" نحوُ ذلك.
وهو يَعُمُّ المَسبيَّةَ وغيرَها كما تقدَّمَ، مَعَ أنَّ المَسبيَّةَ قدْ يَظهرُ أنها أمُّ ولدٍ لِمُسلِمٍ فيظهَرُ أنَّه لا مِلْكَ للسَّابِي (4) عليها.
وكأنهم لَمْ يلتَفِتُوا إلى ذلك لِنُدورِه، مع أنَّ النُّدرةَ فِي هذا البابِ لَمْ يَلتفِتِ الشافعيُّ إليها.
ويَلزَمُ على الجَوازِ أنَّه لو اشترَى صَبيَّةً أو مِنْ صَبيٍّ أو امْرأةٍ بِحَيثُ (5) يَستحيلُ ظُهورُ أنها مُستولَدةٌ لِأحدٍ أنَّه لا يَحرُمُ الاستِمتاعُ فيها بِغَيرِ الوَطءِ ولَمْ أَرَ مَن ذَكَرَهُ.
وإذا قالتِ المُستَبْرَأةُ: "حِضْتُ"، صُدِّقَتْ؛ كذا في "الروضة"(6) و"المنهاج"(7)، وظاهرُهُ غيرُ مَعمولٍ به، فإنَّها لا تُصَدَّقُ مُطْلَقًا، حتَّى لو اختَلفَ البَائعُ والمُشتَرِي في وُجودِ حَيْضِها وعَدمِه، فإنَّها لا تُصَدَّقُ على
(1) في (ب): "يطهرها".
(2)
في (ل): "بما كثر".
(3)
في (ل): "الولد".
(4)
في (ل): "للثاني".
(5)
في (ب): "كتب".
(6)
"روضة الطالبين"(8/ 437).
(7)
"منهاج الطالبين"(ص 258).
واحدٍ مِنْهُما.
والذي في "شرح الرافعي"(1): "اعتَمَدَ قولَهَا؛ يعني: السيِّدَ؛ فإنَّ ذلك لا يُعلَمُ إلَّا مِنها"(2).
وما ذَكرَه مِن أنَّه لا يُعلَمُ إلَّا منها مَمْنوعٌ، فإنَّ إقامةَ البيِّنةِ على الحَيضِ مَسموعةٌ.
ومُرادُهُ بِقَولِه: "اعتَمَدَ" أنَّه يَجُوزُ للسيِّدِ أن يَعتمِدَ قولَها، ومحلُّ ذلك ما (3) إذا لَمْ يَظهَرْ منها ما يمنعُ مِن الثِّقةِ بِقَولِها.
وفِي "الروضة" تَبَعًا للشَّرحِ: "لا تُحلَّفُ"، زاد في "الشرح": فإنَّها لَو نكلَتْ لَمْ يَقْدِرِ السيِّدُ على الحَلِفِ (4).
وما ذَكرَهُ مِن عَدمِ القُدرَةِ على الحَلِفِ مَمنوعٌ.
فإنْ (5) تعلَّق بأنَّ النُّكولَ واليمينَ المردودةَ من تعلُّقاتِ الخصوماتِ عند الحاكِمِ.
قلنا: هذا وجهٌ، وقضيةُ مقابلةِ القدرةِ على ذلك، وقد رُجِّح ذلك وسيأتي.
(1)"فتح العزيز في شرح الوجيز" وليس في المطبوع منه.
(2)
ذكره صاحب "الغرر البهية"(4/ 371) و"فتح الوهاب"(2/ 135) و"مغني المحتاج"(5/ 120).
(3)
"ما" سقط من (ل).
(4)
"أسنى المطالب"(3/ 413) و"الغرر البهية"(4/ 371) و"فتح الوهاب"(2/ 135) و"مغني المحتاج"(5/ 120).
(5)
في (ل): "وإن".
ولَو أَرادَ السيِّدُ أَنْ يَطأَهَا فامتَنعَتْ، فقال السيدُ:"أَخبَرتْنِي بِتَمامِ (1) الاستِبراءِ" فإنَّه يُصدَّقُ السيِّدُ؛ كذا في "المنهاج"(2) و"الروضة"(3) تَبَعًا للشرحِ، وهو كلامٌ لا معْنى له فإنَّه لا مُحاكَمةَ عند حَاكمٍ حتَّى يُقالَ:"صدق".
واللائِقُ أَنْ يقال: عَمَلُ السيِّدِ بما أَخبَرتْه، وفيه وَجْه: أنَّه لا يُعمل به.
وهلْ لَها تَحليفُه؟ فيه وجهانِ، حقيقتُهُما أنَّه هَلْ لِلأَمَةِ المُخاصَمةُ في ذلك والارْتِفاعُ إلى الحَاكِم فيه الخِلافُ.
وكذا لو قالتْ "وطِئَنِي أبُوكَ، فأنَا حَرامٌ علَيكِ"، وأنكَرَ (4) هو ذلك؛ زاد في "الروضة" (5): الأصحُّ أنَّ لها التَّحليفَ في الصُّورَتَيْنِ، وعليها الامتناعُ إذا تيقَّنَتْ بقاءَ شيءٍ مِن الاستِبراءِ، ولا تَصيرُ الأَمَةُ فِراشًا إلَّا بالوَطْءِ الذي عُرِفَ بإِقْرارِه أو ببَيِّنةٍ (6)، فإذا وَلَدتْ [لزِمَن الإمكان](7) مِن وَطْئِهِ، فإنَّه يلحقُهُ إلَّا أَنْ يَدعيَ الاستِبراءَ ويحلَّفُ على نفْي الوَلدِ.
وإذا وَلدتْ بعْدَ الاستِبراءِ لِدُونِ الإمكانِ فإنَّه يَلحَقُه، ويُلغى الاستِبراءُ،
(1) في "الروضة"(8/ 437): "بانقضاء".
(2)
"منهاج الطالبين"(ص 258).
(3)
"الروضة"(8/ 437).
(4)
في (ل): "فأنكر".
(5)
"روضة الطالبين"(8/ 437) ولفظه: الأصح أن لها التحليف في الصورتين، وعليها الامتناعُ من التمكين إذا تحققت بقاء شيءٍ من زمن الاستبراء وإن أبحناها لهُ في الظاهر.
(6)
في (ب): "بيمينه".
(7)
ما بين المعقوفين سقط من (ل).
ولا يُنْفى باللِّعانِ، خِلافًا لِمَا صحَّحه المُتولِّي، وهو عَجيبٌ.
وإذا ادّعتِ الوطْءَ وأُمِّيةَ الولدِ، وأَنْكرَ السيِّدُ الوَطْءَ، ففِي "الروضة" (1) و"المنهاج" (2): إنْ كان هناك وَلَدٌ لَم يُحَلَّفْ على الصَّحيحِ، زاد في "الروضة" (3) تَبَعًا للشرحِ: وإنْ لَم يَكنْ هُناكَ وَلَدٌ لَمْ يُحَلَّفْ، بِلَا خِلافٍ.
وهذا لا يُعرَفُ في الطَّريقَيْنِ، وهو مَحْكيٌّ عن القفَّالِ ومَن تبِعَهُ، وهو مُخالِفٌ لِمَا عُلِمَ مِن قاعدةِ الشَّرعِ في الدَّعوى، وهو مَردودٌ لا يُعمَلُ به.
ولو قال: "كنتُ أطأُ وأعزِلُ" فلا يَندفِعُ به نَسَبُ الوَلدِ على النصِّ، ومحِلُّ الخِلافِ فيما إذا كان الوَطءُ في القُبُلِ، فأما إذا كانَ في الدُّبُرِ، فإنَّه لا يلحقُ الولدُ قَطْعًا، ولَم أَرَ مَنْ تعرَّضَ لِذلك، واللَّه أعلمُ.
* * *
(1)"روضة الطالبين"(8/ 440).
(2)
"منهاج الطالبين"(ص 258).
(3)
"روضة الطالبين"(8/ 440) ولفظه: المسألةُ الثانيةُ: ادعت الوطء وأُمية الولد، وأنكر السيدُ أصل الوطء، فالصحيحُ أنهُ لا يحلفُ، وإنما حلف في الصورة السابقة؛ لأنهُ سبق منهُ الإقرارُ بما يقتضي ثُبُوت النسب، وقيل: يحلفُ؛ لأنهُ لو اعترف به ثبت النسبُ. وإذا لم يكُن ولدٌ، لم يحلف بلا خلافٍ. . .