الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في الطلاق المنجز على صفات من تكرار وغيره
كان الطَّلَاقُ فِي صَدْرِ الإسلامِ غَيرَ مَحصورٍ بالثلاثِ، ثُم نُسخَ ذلك، وانْحصَرَ فِي حَقِّ الحُرِّ فِي ثلاثٍ (1)، ولَو يكونُ زوجتُهُ (2) أَمَةً، ومَنْ فيه رِقٌّ لا يَمْلِكُ إلا طلْقَتَينِ، ولو تكون (3) زوجتُه حُرَّةً.
فإنْ رَقَّ الحُرُّ قَبْلَ أن يُطَلِّقَ زَوجتَه، ثُمَّ جَدَّدَ نِكاحَها، وهو رَقيقٌ لَمْ يَملِكْ عليها إلا طَلْقَتَينِ.
وإنْ كان قد طَلَّقَ قَبْلَ ذلك واحدةً لَمْ يملِكْ إلا واحدةً [على الأصح](4).
وإن طَلَّق ثِنْتَينِ قَبْلَ الرِّقِّ وبانَتْ مِنه فله (5) تَجديدُ نِكاحِها على الأصحِّ.
وإنْ عَتَقَ العَبْدُ قبْلَ أن يُطَلِّقَ زَوْجتَه مَلَكَ عليها الثلاثَ، وإنْ عَتَقَ بعْدَ أَنْ طَلَّق واحدةً مَلَكَ عليها طلقَتَينِ.
ولو طَلَّق ثِنتَينِ ثُمَّ عَتَقَ، لَمْ تَحِلَّ له إلا بمحلَّلٍ على الأصَحِّ.
ولو عَلَّقَ الثانيةَ بعِتْقِهِ لَمْ يَحتَجْ إلى مُحَلِّلِ قَطْعًا.
(1) في (ل): "وانحصر في حق الحر بثلاث".
(2)
في (ل): "غير زوجته".
(3)
"غير زوجته. . . ولو تكون" سقط من (أ).
(4)
ما بين المعقوفين زيادة من (ل).
(5)
في (ل): "وله".
ولو قال لِزَوْجتِهِ: "إنْ ماتَ سيِّدي، فأنتِ طَالق طلْقتَينِ"، وقال السيدُ:"إنْ مُتُّ فأنْتَ حُرٌّ"، فماتَ السيِّدُ وعَتَقَ، لَمْ يَحتجْ إلى مُحَللٍ على الأصحِّ.
* * *
وضابطُ ذلك وما (1) سبَقَ فِي إسلامِ العَبدِ وعِتْقِهِ ونحو ذلك أن يُقالَ:
ما يَتعلقُ بالحرِّيَّةِ (2) والرقِّ مِنْ عَدَدٍ فِي ذلك ونحوِهِ أنه إذا تَبدلَ الحالُ مِن حُرِّيةٍ إلى رِقٍّ وعكسِهِ:
فإنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِن القدْرِ المُشترَكِ بيْنَ الحالَتَينِ فالعِبرةُ بالحادثِ لا بالزائلِ (3)[وإنْ لَم يَبْقَ شَيءٌ لا مِن القَدرِ المُشترَكِ فالعِبرةُ بالزائل لا بالحادِثِ](4).
ويَدخُلُ فِي هذا بعضُ صورِ القَسْمِ بيْنَ الحُرةِ والأَمَةِ، ثُم تَعتَقُ الأَمَةُ، وبعضُ صورِ العَددِ وستأتِي، ولا يَدخلُ فيه الجَدُّ، فإنَّه لا يَتغيرُ الوَاجبُ فيه بِتَبَدُّلٍ (5) الحالِ مُطْلقًا، ولا عَقْدَ على تكْمِلةِ (6) الأرْبعِ بعد العِتْقِ مُطْلَقًا.
وتَكريرُ لَفظِ الطَّلَاقِ يَكونُ بِتكريرِ الجُملةِ مِن مبتدَإٍ وخَبَرٍ وفِعلٍ وفَاعلٍ.
* فالأولُ: نحو: أنْتِ طالقٌ، أنتِ طالقٌ (7).
(1) في (ل): "ما".
(2)
"بالحرية" مكرر من (ل).
(3)
في (ل): "بالزائل لا بالحادث".
(4)
ما بين المعقوفين سقط من (ل).
(5)
في (أ): "يبدل".
(6)
في (ل): "تكمله".
(7)
"أنت طالق" سقط من (ب).
* والثاني نحو: طلقتُكِ طلقتُكِ.
فإن بانَتْ بالطَّلقةِ الأُولى، لِأنَّها بِعِوَضٍ، أو لِأنَّ الزَّوجةَ غيرُ مَدخولٍ بها، فإنه لا يَقعُ شيْءٌ لا غَيرُ تلك الطَّلقةِ بِلَا خِلافٍ (1)، إلا فِي صُورَتَينِ يختَصَّانِ بِغَيرِ المَدخولِ بِها (2):
* إحداهما: إذا لَمْ يدخُلْ بها، ولكن استدخَلَتْ ماءَه ففيها وجهٌ قويٌ: أنها بِمنزلةِ المَدخولِ بها فِي الرَّجعةِ، فكذا (3) فِي وُقوعِ المُتعدِّد مِن الطَّلَاقِ، والأصحُّ خِلافُه.
* الثانيةُ: إذا نزَّلْنَا (4) الخَلْوَةَ على القَديمِ منزلةَ الدُّخولِ، وَقَعَ المتعدِّدُ والمَذْهبُ خِلافُه.
وإذا لَمْ تحصُلْ بَينونةٌ، فإن قَصَدَ الاستِئْنافَ بالجُملةِ الثانيةِ وَقعَ طَلْقتانِ، وكذا إنْ أطْلَقَ (5) على أصَحِّ القَوْلَينِ.
وإنْ قصدَ بالثانيةِ تَأكيدَ الأُولَى (6) ووجِدَ الاتصالُ لَم تَقعْ إلا واحدةً.
وسكتَةُ العِيِّ أوِ التنفُّسِ لا تَمنعُ الاتصالَ.
(1) قال الشافعي في "الأم"(5/ 84): وإذا قال الرجل لامرأته لم يدخل بها أنت طالق أنت طالق أنت طالق وقعت عليها الأولى ولم تقع عليها الثنتان من قبل أن الأولى كلمة تامة وقع بها الطَّلَاق فبانت من زوجها بلا عدة عليها ولا يقع الطَّلَاق على غير زوجة.
(2)
"يختصان بغير المدخول بها" سقط من (ب).
(3)
في (ل): "وكذا".
(4)
في (ل): "نزل".
(5)
في (أ، ب): "طلق".
(6)
في (ل): "الأول".
ويُخالِفُ هذا البابُ بابَ الأَيمانِ باللَّه تعالى، فإنه إذا حَلَفَ مَراتٍ على شَيْءٍ واحِدٍ، ثُم حَنِثَ، فإنه لا تَلْزَمُه إلا كفارةٌ واحدةٌ: أكَّدَ أوْ أطْلقَ أو قصَدَ الاستِئنافَ على الأصَحِّ فيهِما؛ لأنَّ المحلوفَ به واحدٌ على شيْءٍ مُتحدٍ.
وفِي تَكريرِ الظِّهارِ لا يَلزَمُ (1) عند الإطْلاقِ إلا ظِهارٌ (2) واحدٌ على الأصحِّ، خِلافًا لِمَا فِي "الحاوي الصغير"(3)؛ لأنَّ مُقتضاهُ التحريمُ، وهو حاصِلٌ بالأوَّلِ بخِلافِ الطَّلَاقِ الثاني المُنَجَّزِ.
وفِي تَكريرِ التَّعليقاتِ الفتوى عنْدَ الإطلاقِ: أنه لا يَقعُ إلا واحدةً، ويُتَّبَعُ فيه التأكيدُ معَ الانفِصالِ، وأطْلقُوا فِي "إنْ حلفتُ بطلاقِكِ فأنْتِ طالِقٌ"، وأعادَ؛ أنها تَطْلُقُ بِعَددِ المُعادِ، لِأنَّه فِي كُلِّ مُعَادٍ حَالفٌ مُطْلقًا، فيحِلُّ (4) ما قَبْلَه، ويُؤثَرُ فيما بَعْدَه، وفيه نَظرٌ (5).
والأرْجحُ فِي تَكريرِ: "أنتِ عليَّ حَرامٌ" عند الإطلاقِ أنه بِتعدُّدِ الكفَّارةِ، لِأنَّه بِمنزلةِ الحانِثِ فِي كلِّ واحد إلا إذا قَصدَ التأكيدَ.
وإذا قال: "أنْتِ طَالقٌ طَالقٌ"، فكما سَبقَ.
ولو كرَّرَ: "أنْتِ طَالق"، أو:"طلقتُك ثلاثَ مراتٍ"، وقصَدَ بالثَّاني والثالِثِ تأكيدَ الأولِ وَوُجِدَ (6) الاتصالُ، لَمْ تَقعْ إلا واحدةٌ.
(1) في (ل): "يلزمه".
(2)
في (ب): "ظهارا".
(3)
"الحاوي الصغير"(ص: 508).
(4)
في (ب): "فينحل به".
(5)
"المهذب"(2/ 72)، و"الوسيط"(5/ 445)، و"الروضة"(8/ 167 - 168).
(6)
في (أ): "ولوجود".
وعنْدَ الاستِئنافِ ثلاثٌ.
وكذا إذا (1) أَطْلقَ على الأصحِّ.
ولَو قَصَدَ بالثاني استِئْنافًا، أو أَطلَقَ، وبالثالِثِ تأكيدَ الأولِ، وقَعَ الثلاثُ على الأصحِّ.
ولو قَصَدَ بالثانِي تأكيدَ الأولِ وبالثالِثِ استِئْنافًا، أوْ أطْلَقَ الثالثَ وَقعَ (2) ثِنْتانِ، ولَو قَصَدَ بالثانِي استِئْنافًا، أوْ أَطْلقَ، وبالثالثِ تأكيدَ الثاني، وقعَ ثِنتانِ.
وإنْ ماتَ ولَمْ يُعْلَمْ حالُهُ فنَصَّ فِي "الأُمِّ"(3) أنَّها تَطْلُقُ ثلاثًا؛ نَظرًا إلى أنَّ الأصلَ الإطلاقُ (4).
وقدْ يُستشكَلُ مِن جِهَةِ أنَّ الطَّلَاقَ لا نُوقِعُه معَ الشَّكِّ (5)، وقَدْ يُلْتَفَتُ على تَقَابُلِ الأَصْلينِ.
ولو أَدْخَلَ الواوَ فيما سَبقَ بأن يقولَ: "أنتِ طَالقٌ وأنتِ طالقٌ" أو: "طلقتُكِ وطلقتُكِ" أو مَعَ إسقاطِ المُبتدإِ فِي الثاني، بأنْ قال:"أنتِ طالقٌ (6) وطالِقٌ" ففِي الجَميعِ يقَعُ طَلْقتانِ (7).
فإنْ عَطَفَ الثالِثَ بالوَاوِ بقَصْدِ التأكيدِ لمْ يَقَعْ به شيْءٌ، وعند الاستِئنافِ
(1) في (ب): "إن".
(2)
"وقع": سقط من (أ).
(3)
"الأم"(5/ 186).
(4)
في (ل): "نظرًا إلى أصل الإطلاق".
(5)
في (ل): "لا نوقعه بالشك".
(6)
في (ب): "بأن قال أنت طالق وأنت طالق أو طلقتك"!!
(7)
"الأم"(5/ 186).
أو الإطلَاقِ (1) يقَعُ ثلاثٌ، ولَوْ أدْخلَ "ثُمَّ" أو "بَلْ" فكالْوَاوِ، وكذا الفاءُ على المَذْهبِ (2).
وفِي هذِه الصُّورِ لَو كانَتْ غيرَ مَدخُولٍ بها [لَمْ يَقعْ إلا طَلقةً كما سَبق فِي تَكريرِ المُبتدإِ ونَحوِه، وفِي قولٍ قديمٍ: هي كالمَدخولِ بِهَا فِي الجَميعِ.
ويَستوِي المَدخولُ بها] (3) وغيرُها فِي نِيَّةِ العَدَدِ بأنْ قال: "أنتِ طالقٌ" أو بِكتابةٍ، أو كنايةٍ معَ النِّيةِ (4).
ولو قال: "أنتِ طالقٌ واحدةً" بالنَّصبِ أو بالرَّفعِ (5) أو "أنتِ واحدةٌ"، ونَوَى فِي الجميعِ عَددًا وقَعَ ما نَواهُ على الأصحِّ؛ خِلافًا لِمَا فِي "المحررِ"(6) وغيرِه فِي صُورةِ النَّصبِ (7).
ولو قال: "أنتِ بائنٌ باثْنتَينِ أو ثلاثةٍ (8) "، فلا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الطَّلَاقِ بالمَجموعِ، أو نيةِ العَددِ للتصريحِ (9) به، فالأرْجحُ وُقوعُ ما صَرَّحَ بِه (10).
(1) في (أ): "الطلاق".
(2)
"الأم"(5/ 186).
(3)
ما بين المعقوفين سقط من (ل).
(4)
في (ل): "أو بكناية أو كتابة مع النية".
(5)
في (ل): "الرفع".
(6)
"المحرر في فروع الشافعية"(ص: 331).
(7)
"روضة الطالبين"(8/ 76).
(8)
في (أ، ب): "ثلاث".
(9)
في (ل): "بالتصريح".
(10)
"روضة الطالبين"(8/ 76).
ولو صَرَّحَ فيهما بزيادةٍ على (1) العَددِ الشَّرْعيِّ وقَعَ العَددُ الشَّرعيُّ إلا فِي صُورتَينِ فِي غَيرِ المَدخولِ بها:
* أحدُهما (2): ما إذا قالَ لَها: "أنتِ طالقٌ واحِدةً ومائةً"، فإنَّها لا تَطْلُقُ إلا واحدةً.
* الثانيةُ: "أنتِ طالق إحدى وعشرينَ" فالمصحَّحُ فِي "زِيادةِ الرَّوضةِ"(3) لا يَقعُ إلا واحدةٌ، والأرجَحُ وُقوعُ الثلاثِ، وشاهِدُهُ ما صُحِّحَ فِي إحدى وعِشرينَ دِرْهمًا فِي الإقرارِ.
ولَو أَرادَ أن يقولَ "أنتِ طالقٌ ثلاثًا" فماتَتْ قبْلَ تَمامِ "طالِقٌ"، لَمْ يَقعْ شَيءٌ، أو بعدَه (4)، وقبْلَ أَنْ يَقولَ "ثلاثًا" وقَعَ الثلاثُ على الأصحِّ (5).
وفِي وجهٍ: واحدةٌ.
وفِي وجْهٍ: لا يقعُ شَيْءٌ.
وكذلك رِدَّتُها وإسلامُها، وهي غَيرُ مَدخولٍ بها [قبْلَ أَنْ يَقولَ ثَلاثًا.
وقدْ يستشكلُ به "أنتِ طَالقٌ ثلاثًا" لِحُصولِ البَينونةِ بـ "طالق" إذا كانتْ غَيْرَ مَدخولٍ بها] (6)، ولا خِلافَ فِي وُقوعِ الثلاثِ.
(1)"على" سقط من (ل).
(2)
في (أ، ب): "أحدها".
(3)
"الروضة"(8/ 82).
(4)
أي لو ماتت بعد تمام قوله: "أنت طالق".
(5)
وهو أصح الأوجه، وهو اختيار المزني. . "روضة الطالبين"(8/ 76).
(6)
ما بين المعقوفين سقط من (ل).