الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- وتكمِيلُ العدَّةِ مِن جِنسِه.
والمُعتدةُ إنْ كانَتْ حُرَّةً قَبْلَ الفِراقِ واستمرَّتْ حرِّيتُها إلى انقِضاءِ العِدَّةِ، فعِدَّتُها ثَلاثةُ أقْراءٍ، وفِي المُبتدَأةِ والمُتحيِّرةِ ما سبَقَ.
وإنْ وَقعتِ الحرِّيةُ (1) مَع الفِراقِ بتَعليقٍ ونحوِه، فهِيَ كالحرَّةِ قبْلَها، جَزمَ به المَاورْديُّ، وهو واضح، ولا يتَأتَّى (2) فيه الخِلافُ فيما إذا ماتَ زَوجُ المُستولَدَةِ وسيِّدُها معًا، لأنَّ العِتقَ وَقَعَ بعْدَ مَوتِ الزَّوجِ، وهنا وقَعَ مع الفِراقِ.
* * *
وإن حصَلتِ الحرِّيةُ بعْدَ الفِراقِ قبْلَ انقِضاءِ العِدةِ:
- فإنْ كانَتْ رَجعيةً ولو فِي المُعاشرةِ أكمَلَتْ عِدَّةَ الحَرائِرِ على الجَديدِ، وأَحدِ قَولَي القَديمِ.
- وإن (3) كانَتْ بَائنةً، فالقَديمُ وأحَدُ قَولَي الجَديدِ: أنها تَعتدُّ عِدَّةَ أَمَةٍ، وصحَّحه جماعةٌ، وهو قَويٌّ.
ولكنْ قال الشافعيُّ فِي "الأم" و"المختصر" عن مقابِلِهِ أنه أشبَهُ القَولَينِ بالقِياسِ.
واخْتَارَه المُزنيُّ، وصحَّحه جَماعةٌ، وهو (4) المُعتمَدُ نصًّا.
- وإن حَدثَ بَعْدَه ما يُوجِبُ استِئنافَ عِدَّةٍ، فعِدَّة حُرَّةٍ قَطْعًا.
(1) في (ل): "الفرقة".
(2)
في (أ): "يأتي".
(3)
في (ل): "فإن".
(4)
في (ل): "فهو".
- ومَنْ وقَّتَ فِي أثْناءِ العِدَّةِ بالسَّبي هلْ تُكمِلُ عِدَّةَ حُرَّةٍ أوْ أَمَةٍ؟ وجْهانِ فِي "التتمةِ"، ولَمْ يَذكُرِ الثَّالثَ، وهو الفَرْقُ بيْنَ البَائنِ والرَّجعيةِ، لأنَّ الرِّقَّ حَصلَ به البَينونةُ، ويُمكِنُ أن يأتِيَ بِضعفٍ، والأرْجَحُ عِندنَا الاستِبراءُ، وإنْ كان صَاحبُ العِدَّةِ مُسلِمًا أو ذمَيًّا على ما سَبقَ.
- وإن وُجِدَ الرِّقُّ (1) والفُرقةُ معًا بِسبْي الزَّوجةِ، فقدْ سَبقَ.
وحيثُ كانَتْ زَوجةَ مُسلمٍ (2) أو ذمِّيٍّ وقلنا: "تَعتدُّ"، فهَلْ تَعتدُّ عِدةَ حُرَّةٍ أو أَمةٍ؟ فيه خلافُ المُستولَدةِ السابقُ، ومُقتضَى النَّصِّ فيه: أنها تَعتدُّ عدةَ أَمَةٍ، وعِدةُ الأمَةِ وَمَنْ فيها رِقّ قَرءانِ، وإن كانَتْ مُبتدأةً غيرَ مُميزةٍ فعدَّتُها سِتُّونَ يومًا.
وإنْ وُجدَتِ الفُرقةُ فِي أثْناءِ شَهْرِ الدَّمِ كَفَتْهَا تلك البَقيةُ وثلاثونَ يومًا بَعْدَها.
وإن كانَتْ مُتحيِّرةً فسِتُّونَ يومًا، إلا إذا بَقِيَ مِن الشَّهرِ أكثَرُ، فيَكونُ قَرءًا وتَكتفِي بثلاثينَ يَومًا بَعْدَه.
* * *
وأمَّا الحُرَّةُ التي لَمْ تَحِضْ قَط، وإنْ كَبِرَتْ، فعِدَّتُها ثلاثةُ أشهُرٍ هِلاليةٍ.
فإنِ انْكسرَ الأوَّلُ كمَّلتْه ثَلاثينَ يَومًا بَعْدَ شَهريْنِ بالهِلالِ، فإن تَكَمَّلَتْ ثلاثةٌ بالأهِلَّةِ قبْلَ تَكميلِ المُنكسِرِ اكتُفِيَ بذلك على المُعتمَدِ؛ خِلافًا لِمَنْ أَطْلقَ تَكميلَ المُنكَسِرِ.
(1) في (ل): "الرقة".
(2)
في (ل): "لمسلم".
ولَو وَلدَتِ التي لَمْ تَحِضْ ولَم تَر دَمَ نِفاسٍ فهِيَ مِن ذَواتِ الأشهُرِ على الصَّحيحِ.
وإنْ رَأتْهُ فهِيَ مِن ذَواتِ الأَقْراءِ على الأرْجَحِ، خِلافًا لِمَا أَفْتى به البغويُّ والنَّوويُّ، فإنَّ دَمَ النِّفاسِ له حُكْمُ دَمِ الحَيْضِ.
* وأمَّا مَنِ انْقطَعَ دمُها لِعله تُعرَفُ كرَضاعٍ أوْ مَرضٍ: فإنَّها (1) تَصبِرُ حتى تَضعَ حَمْلًا لاحِقًا، وكذا (2) غيرُ لاحِقٍ مع إمْكانِه عِندَ جَماعةٍ مِن الأصْحابِ، والأرْجحُ خِلافُهُ.
أوْ تَحيضُ فتَعتَدُّ بالأَقْراءِ، أو تيأسُ فتعتدُّ بالأشهُرِ، كذا جَزمُوا به، ولَمْ يَذكُروا فيه التربُّصَ.
ومقتضى كلامِ "الأم" أَنْ يأتيَ فيه فِي غَيرِ صُورة الرَّضاعِ، ويُحتَمَلُ أَنْ يَجيءَ فِي الرَّضاعِ إذا كان الانقِطاعُ على غَيرِ عَادتِهَا، وإنِ انقَطعَ لا لِعَلَّةٍ تُعرَفُ (3).
ومنه: أَنْ يَنقطِعَ بعْدَ فَراغِ الرَّضاعِ والنَّقاءِ مِنَ المَرضِ، ففِي "الجديد": تَصبِرُ، وحَكَوا عن "القديم" تَربُّصَ تِسعةِ أَشهُرٍ، وعنه أرْبع سنِينَ، وخُرِّجَ ستة أشهُرٍ.
والقَولانِ الأَوَّلانِ فِي "الأم"، فهُما (4) فِي الجَديدِ، وقولُ التِّسعةِ فِي
(1)"فإنها" سقط من (أ).
(2)
"وكذا" سقط من (ب).
(3)
لأن الحيض لا ينقطع إلا لعلة وإن خفيت.
(4)
في (ل): "فيهما".
"الإملاء".
وبعْدَ التَّربُّصِ على الأقْوال تَعتدُّ بِثلاثةِ أشْهُرٍ، [وهِي بَعْدَ أرْبعِ سِنينَ آيِسةٌ، قاله فِي "الأم"، نظرًا لِحالِها خاصةً، وفِي التِّسعةِ نظرًا إلى غالِبِ مُدَّةِ الحَملِ، وفِي سِتةِ أشهُرٍ](1) إلى ما يَغلِبُ ظُهورُ الحَملِ فيه، وغَلبةُ الظَّنِّ كافٍ فِي العِدَّةِ، وقد تَأكَّدَ بالعِدَّةِ بعْدَه.
والمختارُ تربُّصُ التِّسعةِ، والعدَّةُ بَعْدَه، لِصحَّةِ ذلك عنْ عُمَرَ (2) رضي الله عنه (3)
(1) ما بين المعقوفين سقط من (ل).
(2)
في (ل): "عن ابن عمر".
(3)
رواه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(15220) عن ابن المسيب، أنه قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أيما امرأة طلقت فحاضت حيضةً أو حيضتين، شم رفعتها حيضتها، فإنها تنتظر تسعة أشهر، فإن بان بها حملٌ فذلك، وإلا اعتدت بعد التسعة ثلاثة أشهر، ثم حلت".
قال البيهقي (11/ 191): وإلى هذا كان يذهب الشافعي في القديم فيمن ارتفع حيضها بغير عارض، ثم رجع عنه في الجديد إلى ما بلغه في ذلك عن ابن مسعود. وقال: قد يحتمل قول عمر أن يكون في المرأة قد بلغت السن التي من بلغها من نسائها يئسن من المحيض، فلا يكون مخالفًا لقول ابن مسعود. انتهى.
قلت: والمروي عن ابن مسعود هو ما رواه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(15218 - 15219) من طريق مالك، عن ابن شهاب، أنه سمعه يقول:"عدة المطلقة الأقراء، وإن تباعدت".
قال البيهقي في الجامع: عن الثوري، عن حماد والأعمش ومنصور عن إبراهيم عن علقمة أنه طلق امرأته تطليقةً أو تطليقتين، ثم حاضت حيضةً أو حيضتين، ثم ارتفع حيضها سبعة عشر شهرًا أو ثمانية عشر شهرًا، ثم ماتت، فجاء إلى ابن مسعود فسأله، فقال: حبس اللَّه عليك ميراثها، فورثه منها. =
وقالَ الشافعيُّ فِي "القديم": إنَّ عُمَرَ أعْلَمُ بمَعنى بكتابِ اللَّه عز وجل، وهذا قضاؤُه بيْنَ المُهاجِرينَ والأنْصارِ مُسْتفيضًا لا يُنكِرُه مُنكِر علِمْناهُ (1)، ولا يخالِفُه، ولم يُجَبْ فِي الجَديدِ عَنِ ابنِ عُمَرَ بجَوابٍ ظَاهرٍ، واختارَ بعضُ المُتأخرينَ الاكتفاءَ بستةِ أشهُرٍ، وهو غيرُ مُعتمَدٌ.
* * *
وأمَّا الآيسةُ باعْتِبارِ غَيرِها، فإنَّها تَعْتدُّ بالأشهُرِ مِن غيرِ تربُّصٍ بلا خلافٍ.
والمُعتبَرُ إياسُ أكبَرِ نِسائِها على نَصه فِي "الأم" الذي (2) أقطع به، ولَمْ يذكرْ فِي "الأم" عشيرةِ الأبَويْنِ، ولَمْ أجِدْ له نصًّا صريحًا يُخالِفُه، وما ذُكِر مِن إياسِ جَميعِ النِّساءِ، وتفْرِيعاتِه، ومِنْها أنَّه اثْنانِ وسِتُّونَ سَنَةً، فَهُوَ غَيْرُ مُعتمَدٍ، ولا دَليلَ يَقتضيه.
* * *
وعِدَّةُ مَنْ فيها رِقٌّ فِي الأشْهُرِ، حَيْثُ لا حَيْضَ، شَهْرٌ ونِصفٌ؛ على النَّصِّ المَقطوعِ به فِي "الأُم"(3) و"مختصَر المُزَني"(4)، وقال فيه: لَمْ أَعْلَمْ مُخالِفًا مِمَّنْ حَفِظتُ عَنه مِن أهْلِ العِلْمِ أنَّ عِدةَ الأَمَةِ نِصفُ عِدَّةِ الحُرَّةِ فيما له نِصفٌ [مَعلوم، فلم يُجِزْ إلا أَنْ يَجْعَلَ عِدَّةَ الأمَةِ نِصْفَ عِدَّةِ الحُرَّةِ فيما لَه
= وفي رواية محمد بن سيرين قال: قال عبد اللَّه بن مسعود: وعدة المطلقة بالحيض وإن طالت، وعلى قول ابن مسعود اعتمد الشافعي في الجديد.
(1)
في (ل): "علمنا".
(2)
في (أ): "التي".
(3)
"الأم"(5/ 232).
(4)
"مختصر المزني"(ص 22).
نِصْفٌ، وذلك الشُّهورُ] (1).
وجَرى على التَّنْصِيفِ فِي "البويطي".
وقالَ فِي القَديمِ: قالَ بعْضُ أصْحَابِنا: عِدَّةُ الأَمَةِ إذا لَمْ تَحِضْ ثَلاثةُ أَشهُرٍ، لأنَّ الحَمْلَ لا يَبينُ فِي أَقَلَّ مِنها، وقالَ غيْرُه: شَهرٌ ونِصفٌ، وهذا أَقْيَسُ، والأوَّلُ أحْوطُ.
ونَقلَ المُزَنِيُّ عنه فِي غَيرِ "مختصَره" أنَّه سَمِعه يقولُ: تَعتدُّ بِثَلاثةِ أشْهُرٍ، ثُمَّ رَجعَ إلى نِصْفِ عِدَّةِ الحُرةِ، وهو أَقْيَسُ، فقَولُ الثَّلاثةِ ليس مُخرَّجًا كما قالَه الرَّافعيُّ (2) تَبَعًا لِغَيرِه.
وأمَّا قولُ شَهرَيْنِ، فلَمْ أقِفْ علَيه فِي كَلامِ الشَّافعيِّ، إلا فِي الأَثرِ الذي وَقعَ التردُّدُ فيه (3) عنْ عُمرَ، وهو مُستقِرٌّ على شَهْرٍ ونِصفٍ، وَوُجِّه بالبدَلِ عن قرءَينِ، وهذا إنَّما يَجيءُ فِي الآيِسةِ (4).
أمَّا مَن (5) لَمْ تحِضْ فالشُّهورُ أصْلٌ فِي حَقِّها، فلَو قِيلَ بِالشَّهريْنِ فِي الآيِسةِ ونَحوِها، وبالتَّنصيفِ فيمَنْ (6) لَمْ تَحِضْ، لَكانَ لَه وَجْهٌ.
وعِدَّةُ الأَقْراءِ والأَشْهُرِ فِي الحَياةِ يُؤثِّرُ فِيها ظَنُّ الحُرِّيةِ، كما فِي الغُرورِ واللَّقيطةِ فتَعتدُّ فيهما عِدَّةَ حُرَّةٍ، أما مَنْ عُقِدَ علَيْها مَع العِلْمِ بأنَّها أَمةٌ،
(1) ما بين المعقوفين سقط من (أ، ب).
(2)
في (ل): "الشافعي".
(3)
في (ب): "فيه الترديد"، وفي (أ):"الترديد فيه".
(4)
في (ل): "الأشبه".
(5)
"من" سقط من (ل).
(6)
في (ب): "فيمن من".
ووَطِئَها على ظَنِّ أنها زَوجتُه الحُرَّةُ، فلا أَثرَ لِهذَا الظَّنِّ، وتَعتدُّ عِدَّةَ أَمةٍ قَطْعًا.
وأمَّا مَن وَطِئها بُشُبَهٍ فيُؤَثِّرُ الظَّنُّ (1) فيها بالزِّيادةِ فإذا ظَنَّها زَوجتَه الحُرَّةَ اعتَدَّتْ عِدَّةَ حُرَّةٍ أوْ زَوْجتَه الأَمةَ، فقرْءانِ على ما صُحِّحَ فِيهما، ولا أثَرَ لِظن يَقتضِي النَّقصَ على الأرْجحِ.
* ضابطٌ: كُلُّ مَن انقضَتْ عِدَّتُها بالأَقراءِ فلا تَبطُلُ إلا إذَا ظَهرَ أنها حَاملٌ بِحَملٍ ليْسَ مِن زِنى.
والمُتحيِّرةُ إذَا زَالَ تَحيُّرُها بعد انقِضاءِ عِدَّتِها على مَا سَبقَ، فظَهرَ أنَّه بَقِيَ علَيها بَقيةٌ فإنَّها تُكملُها.
وأمَّا مَن انقضَتْ عِدَّتُها بالأشْهُرِ، فتَبطُلُ بِتَبيُّنِ الحَمْلِ المَذكورِ وبِوُجودِ الحَيْضِ فِي الآيِسةِ على قَولٍ رجَّحه جَماعةٌ، فيُحسَبُ ما مَضَى قَرْءًا، وتَعتدُّ بقَرءَيْنِ.
والمَنصوصُ فِي "الأُم" وهُو المُعتمَدُ على ما قرَّرْناهُ مِن اعتِبارِ إِياسِ أَكثرِ نِسائِها، ولا اعْتِبارَ بما نَدُرَ.
* * *
ومَا نُقِلَ عَن تَرجيحِ الأَكثرِ مِن الفَرقِ بيْنَ أَنْ تَحيضَ قَبْلَ أَنْ تَنكِحَ فتُكَمِّلَ الأقْراءَ وبيْنَ أَنْ تَنْكِحَ ثُمَّ تَحيضَ فيَستمِرَّ نِكاحُها: ضَعيفٌ، لِتبيُّنِ عُذرِ إياسِها فِي الحَالَيْنِ.
وليس للشافعيِّ نصٌّ صَريحٌ بذلك، وإنَّما قِيلَ فِي إمْلاءِ ذِكْرِ التَّزويجِ، وهُو
(1)"وتعتد عدة أمة. . . فيؤثر الظن": سقط من (ب).