الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إسْلامِها وإسْلامِه بالنِّسبةِ إلى النَّفقةِ، وذلك يَجرِي فِي السُّكنَى لَها، فإطْلاقُ القَولِ باسْتِحقاقِها السُّكنَى كما وَقعَ فِي الكُتبِ الأرْبعةِ غَيرُ مُعتمَدٍ، وهو فِي الكُتبِ الأرْبعةِ فِي النِّكاحِ على الصَّوابِ.
وكذلك القولُ فِي الرِّدَّةِ.
* * *
*
وأمَّا الرَّضاعُ:
فمُقتضى ما فِي الكُتبِ الأرْبعةِ إطْلاقُ (1) إيجابِ السُّكنَى لَها، وليس ذلك بِمُعتمَدٍ، بَلْ إن كان الزَّوجُ أرْضَعَها أوْ أجنَبيٌّ، فلَها السُّكنَى، وإنْ كانَتْ هي أرْضَعتْ ولو صغيرةً، فإنه (2) لا سُكنَى، لأنَّ الفُرقةَ جَاءتْ مِن قِبَلِها، فأشْبَهَ ما إذا فَسخَتْ بِعَيْبِه.
ويَجرِي ما ذَكرْناه فِي الرَّضاعِ فِي الفُرقةِ (3) بالمُصاهرةِ.
* * *
*
وأمَّا الفُرقةُ بِخيارِ العِتْقِ:
فمُقتضَى ما فِي الكُتبِ الأرْبعةِ إيجابُ السُّكنَى لَها، وليس ذلك بِمُعتمَدٍ، ومُقتضَى النَّصِّ فِي الفَسْخِ بِالعَيْبِ أنَّه لا سُكنَى لَها لِلمُفارَقةِ بِخُلْفِ شَرطٍ أوْ غُرورٍ، والمَدارُ على التَّفصيلِ المَذكورِ لِوُجودِ النُّصوصِ به، وهو طَريقٌ مِن الطُّرقِ الخَمسةِ المَذْكورةِ (4) فِي "الروضة" تَبَعًا للشرْحِ.
(1)"إطلاق" سقط من (ل).
(2)
في (ل): "فإنها".
(3)
في (ل): "في الرضاع بالفرقة".
(4)
في (ل): "المذكورين".
ولا تَستحِقُّ السُّكْنَى صَغيرةٌ؛ لا (1) تَحتمِلُ الجِماعَ، ولا أَمَةٌ لَمْ يُسَلِّمْها السيِّدُ نَهارًا ولَيْلًا (2).
ولا سُكنَى لِمُعتدَّةٍ عنْ وَطءِ شُبهةٍ، أوْ نِكاحٍ فاسدٍ، أوْ أُمِّ وَلدٍ.
وتَجِبُ السُّكنَى لِلْمُتوفَّى عنها زَوجُها على (3) الأصحِّ.
وعلى مَن استَحقَّتِ السُّكنَى مِن المُعتدَّاتِ مُلازَمةُ المَسكَنِ الذي (4) كانتْ فيه عِنْدَ الفِراقِ، إلا أَنْ يَمنعَ مِنه مانعٌ شرعيٌّ، كما سَيأتِي إنْ شاءَ اللَّهُ تعالَى.
وليس لِلزَّوجِ ولا لِأهْلِه (5) إخْراجُها مِنه، ولا لَها أَنْ تَخرُجَ، ولو اتفقَ الزَّوجانِ على الانتِقالِ مِنْ غَيرِ حَاجةٍ لَمْ يَجُزْ.
كذا أطْلَقه أصحابُ الكُتبِ الأرْبعةِ، وقيَّدَه المَاورْديُّ والشيخُ فِي "المهذب" وصاحبُ "المِنهاج" فِي "تعليقه على التنبيه" بالطَّلَاقِ، وغيرُهم بالطَّلَاق البائِنِ، فإنْ كانَتْ رَجعيَّة فلِلزَّوجِ أن يُسكِنَها حيثُ شَاءَ.
وهذا القَيْدُ عندي غيرُ مُعتبَرٍ، وهو مَردودٌ بآياتِ سورةِ الطَّلَاقِ، ومُخالِفٌ لِنَصِّ الشَّافعيِّ فِي "الأُم" و"مختصر المزني"(6) على خِلافِه فِي مَواضِعَ.
(1) في (ب): "لأنه".
(2)
في (ل): "ليلًا ونهارًا".
(3)
في (ل): "في".
(4)
في (ل): "التي".
(5)
في (ل): "أهله".
(6)
"مختصر المزني"(ص: 327).
قال فِي "الأُم"(1) فِي تَرجمة (مقام المُتوفَّى عنها زَوجُها (2) والمُطلَّقةِ فِي بَيتِها): "وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلَهَا سُكْنَاهَا فِي مَنْزِلِهِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مَا كَانَتِ الْعِدَّةُ حَمْلًا أَوْ شُهُورًا كَانَ الطَّلَاق يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ أَوْ لَا يَمْلِكُهَا".
ثم قال (3): "وَلَا يَكُونُ لِلزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ إخْرَاجُ الْمَرْأَةِ مِنْ مَسْكَنِهَا الَّذِي (4) كَانَتْ تَسْكُنُ مَعَهُ كَانَ لَهُ الْمَسْكَنُ (5) أَم لَمْ يَكُنْ".
وقال بعد ذلك (6): "إذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ أَوْ لَا يَمْلِكُهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نَقْلُهَا عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهَا انْتَقِلِي إلَيْهِ أَقِيمِي فِيهِ حَتَّى يُرَاجِعَهَا فَيَنْقُلَهَا مِن حيثُ شاء إلى حيثُ شَاءَ"(7).
[ولَو أَرادَ نَقْلَها قَبْلَ أَنْ يَرتجِعها](8) أوْ مِنْ مَنزِلِها الذي طلَّقَها فيه، أو مِن سَفرٍ (9) أَذِنَ لها فِيه، أوْ مِن مَنزلٍ حَوَّلَها إلَيْه: لَمْ يَكنْ ذلك له عندي كما لا يَكونُ له فِي التي لا يَملِكُ رَجعَتَها.
وذَكَرَ مَواضِعَ فِي الطَّلَاقِ الذي لا يَملِكُ فيه الرَّجعةَ لِمعنى يخُصُّها لا
(1)"الأم"(5/ 242).
(2)
"زوجها" زيادة من (ل).
(3)
"الأم"(5/ 242).
(4)
في (ل): "التي".
(5)
في (ل): "كان المسكن له".
(6)
"الأم"(5/ 244).
(7)
انتهى هنا كلام الشافعي.
(8)
ما بين المعقوفين سقط من (ب).
(9)
في (ل): "شعر".
يُخالِفُ ما نحن فيه.
وفِي "المختصر"(1): (فإذَا طَلَّقَها فلَها السُّكنَى فِي مَنزلِه [حتى تَنقضيَ عدَّتُها] (2) يَملكُ الرَّجعةَ أوْ لَا (3) يَمْلِكُها).
فهذه نُصوصُ صاحبِ المَذْهبِ رادَّةٌ على مَن خالَف ذلك.
والمَنزِلُ الذي تَجِبُ مُلازمتُه هو ما كان مُستحَقًّا لها، فلو كان زائدًا على المُستحقِّ لها؛ فلِلزَّوجِ أَنْ يُخرِجَها منه إلى ما تَستحِقُه، وإنْ كانَ ناقصًا عنِ المستحَقِّ لها فلها طَلَبُ المُستحَقِّ لها والانتقالُ إليه، وتجِبُ مُراعاةُ الأقْربِ.
* * *
والصُّورُ (4) التي يَجُوزُ لِلْمعتدةِ الانتقالُ مِن مَسْكنِ الفِراقِ المستحَقِّ لها إلى غَيرِهِ كَثيرةٌ:
* مِنْهَا: إِذَا خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ مَالِهَا مِنْ هَدْمٍ أَوْ حَرِيقٍ، أَوْ غَرَقٍ، أو نهبٍ، أو انَتقلَ السَّاكِنونَ عنِ الخطةِ التي هي فيها أو لَمْ تَكُنِ الدَّارُ حَصِينَةً وَخَافَتِ اللُّصوصَ، أَوْ كَانَتْ بَيْنَ فَسَقَةٍ تَخَافُ منهم عَلَى نَفْسِهَا، أَوْ تَتَأَذَّى مِنَ الْجِيرَانِ أَوِ الْأَحْمَاءِ تَأَذَيًا شَدِيدًا، أَوْ تَبْذُو على أَحْمائِها أَوْ (5) تَسْتَطِيلُ بِلِسَانِهَا عَلَيْهِمْ (6).
(1)"مختصر المزني"(ص 222).
(2)
زيادة من "مختصر المزني".
(3)
"لا" سقط من (ب).
(4)
في (ل): "الصورة".
(5)
في (ز): "و".
(6)
ذكر ذلك النووي في "الروضة"(8/ 415).
ولا تَسقُطُ سُكناها على النَّصِّ فِي "الأُم" وقال به الجُمهورُ خِلافًا للبغَويِّ (1).
ويَتحرَّى القريبَ مِن مَسكَنِ الفِراقِ، كذا قالوه (2)، والأرْجَحُ خِلافُهُ.
ولَم يَذكُرِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حديثِ فاطمةَ بِنْتِ قَيسٍ (3) ما يَقتضِي اعْتِبارَ القُربِ.
وقيَّدَ فِي "الروضة"(4) تَبَعًا للشرحِ موضِعَ النَّقل بالبَذَاءِ بما إذا كانتِ الأحْمَاءُ فِي دَارٍ تَسَعُ جَميعَهُم، فإن كانتْ لا تسَعُ الجَميعَ نَقلَ] (5) الزوجُ (6) الأحماءَ،
(1) ففي "التهذيب" له أنها إذا بذت على أحمائها، سقطت سكناها، وعليها أن تعتد في بيت أهلها.
(2)
قال النووي في "الروضة"(8/ 415): والذي ذكره العراقيون والروياني والجمهور: أنه ينقلها الزوج إلى مسكن آخر، ويتحرى القرب من مسكن العدة.
(3)
حديثها: رواه مسلم (36/ 1480) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن فاطمة بنت قيس، أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة، وهو غائب، فأرسل إليها وكيله بشعير، فسخطته، فقال: واللَّه ما لك علينا من شيء، فجاءت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فقال:"ليس لك عليه نفقة"، فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك، ثم قال:"تلك امرأةٌ يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك، فإذا حللت فآذنيني"، قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان، وأبا جهم خطباني، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أما أبو جهم، فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوكٌ لا مال له، انكحي أسامة بن زيد" فكرهته، ثم قال:"انكحي أسامة"، فنكحته، فجعل اللَّه فيه خيرًا، واغتبطت به.
(4)
"الروضة"(8/ 415).
(5)
ما بين المعقوفين سقط من النسخة (ب) والمثبت من (ل).
(6)
زيادة من "الروضة".