الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والخُلْعُ مع الزَّوجةِ أو وكيلِها أو طلاقِها على عِوَضٍ مِنها، لا سُنَّةَ فيه، ولا بِدْعة.
والفُسوخُ كلُّها لا سنةَ فيها ولا بِدعة، إلا:
- الخلع مع غَيرِ الزَّوجةِ، إذا قُلْنا إنَّه فَسخٌ، فإنَّه يَحرُمُ فِي الحَيضِ.
- والإقرار بما يَقتضِي بُطلانَ النِّكاحِ، تَجبُ المُبادرةُ إليهِ عندَ ظُهورِ الحقِّ، ولو كانَ فِي الحَيضِ، ولو مِنَ الزَّوجِ وحدَه، ولو كان طَلاقًا بائنًا على رأيٍ مَرجوحٍ فِي نحْوِ "نَكحتُها بشاهدَيْنِ فاسقَيْنِ".
- وتعليقُ الطَّلَاقِ بالدخول.
وسائرُ الصِّفاتِ ليس ببدعيٍّ ولا سُنيٍّ، ولكن إن وُجِدَ فِي الطُّهرِ نفَذَ سُنيًّا، وإن وُجِدَ فِي الحَيضِ نَفَذَ بِدْعيًّا، لا إثْمَ فِيه، إلا إذا وُجِدَتِ الصِّفةُ باختيارِه، فيأثمُ على ما بَحَثَه الرَّافعيُّ، وهو حَسَنٌ.
وَمَنْ جَهِلَ الحُكْمَ -ولا تقصيرَ- فطَلَّقَ فِي الحَيضِ فهُو بدْعيٌّ، لا إثْمَ فيه، وكذا مَنْ لا يَعلمُ الحيضَ حيثُ لا تَقصيرَ، قلتُهما تَخريجًا.
وإذا كان الطَّلَاقُ بِدْعيًّا لِوُقوعِه فيما سَبقَ، وكان رَجعيًّا، وهي مِمَّنْ تصِحُّ رَجعتُها، فيُستحبُّ أَنْ يُراجعَها فِي الحالةِ التي حصلَتْ فيها البِدعةُ.
ثم إن كانتِ البدعةُ لِوقوعِه فِي الحَيضِ ونحوِه على ما سبَقَ، فالسُّنةُ وَرَدَتْ بإِمْساكِها حتى تَطهُرَ، ثم تَحِيضَ، ثُمَّ تَطهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءِ طلَّقَ، وهي طَاهرٌ مِن غَيرِ جِماعٍ، وإنْ شاءَ أَمسكَ، كذلك (1) ثَبتَ فِي "الصحيحَينِ"(2) مِن
(1) في (ل): "كذا".
(2)
"صحيح البخاري"(5251) و"صحيح مسلم"(1/ 1417).
روايةِ نافعٍ فِي حَديثِ ابنِ عُمرَ لمَّا طَلَّقَ زَوْجتَه (1)، وهي حائِضٌ (2).
وفِي "مختصر المُزنيِّ"(3): روى هذا الحديثَ سالمٌ (4) ويُونُسُ بنُ جُبيرٍ (5)، فخالفُوا (6) نافعًا فِي شيءٍ منه، قالوا كلُّهم: عن ابنِ عُمرَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لِعُمرَ: "مُرْهُ فلْيُراجِعْها، ثم لْيُمْسِكْها حتى تَحيضَ، ثُمَّ تَطهُرَ، [ثم إنْ شاءَ طلَّقَ بَعْدُ، وإنْ شاءَ أَمْسَكَ" ولم يقولُوا: "ثُم تَحيضُ ثُم تَطهُرُ"] (7).
وما ذكرَه المزنيُّ ظاهرُه أنه (8) كلامُ الشافعيِّ رضي الله عنه، وكذلك (9) صَرَّحَ به غيرُه بِزيادةِ أنَسِ بْنِ سِيرينَ (10) معَ سَالمٍ ويُونُسَ بْنِ جُبيرٍ، وليس هذا المذكورُ عن سالمٍ ويونسَ (11) مخالفًا لِرِوايةِ نَافعٍ.
فمَعْنى "حتى تَحيضَ" أي: حيضةً مستقبَلة، وذلك لا يكونُ إلا بَعْدَ طُهْرٍ،
(1) قيل: اسمة آمنة بنت غفار. راجع "فتح الباري"(9/ 259) ..
(2)
وفي لفظ في "الصحيح": "فتلك العدة التي أمر اللَّه أن تطلق لها النساء". وأراد صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} أي: لقبل عدتهن، حتى يشرعن عقيب الطَّلَاق في العدة المحسوبة، فإن بقية الحيض لا تحسب فتطول العدة.
(3)
"مختصر المزني"(ص 263/ دار الفكر).
(4)
يعني سالم بن عبد اللَّه بن عمر، وروايته في "صحيح مسلم"(4/ 1471).
(5)
وكنيته أبو غلاب، وروايته في "صحيح البخاري"(5258)، و"صحيح مسلم"(7/ 1471).
(6)
كذا وصوابه: "فخالفا".
(7)
ما بين المعقوفين سقط من (ل).
(8)
في (أ): "أن".
(9)
في (ل): "فكذلك".
(10)
وروايته في "صحيح مسلم"(11/ 1471).
(11)
"وليس هذا المذكور عن سالم ويونس" مكرر بـ (ب) بزيادة: "ابن جبير".
وقدْ جَاءَ ذلك مصرَّحًا فِي رِوايةِ مُسْلمٍ عنْ سَالمٍ وفيها: "مُرْهُ فلْيُراجِعْها حتى تَحيضَ حَيْضةً مُستقبَلةً سِوَى حَيْضتِها التي طَلَّقَها فيها"(1).
فالرِّوايتانِ على هذا المعنى الظاهرِ مُتفقتانِ، وإنما يَختلفانِ مِنْ وَجهٍ آخَرَ، وهو أن فِي روايةٍ [لِسالِمٍ فِي مُسلمٍ:"مُرْهُ فلْيُراجِعْها ثُمَّ لْيُطلِّقْها طَاهرًا أو حائِلًا (2) ".
وفِي رِوايةِ] (3) يُونُسَ بْنِ جُبَيرٍ فِي "مسلم"(4): "فأمَرَهُ أَنْ يُراجِعَها حتَّى يُطلِّقَها طَاهرًا مِنْ غَيرِ جِماعٍ"، وفِي رِوايةٍ لِيُونُسَ:"إذا طَهُرَتْ فلْيُطلِّقْ أوْ لِيُمْسِكْ" وكذلك فِي رِوايةِ أبِي الزُّبَيرِ، وفِي رواية أنس بن سيرين:"ليراجعها فإذا طهرت فليطلقها"، وفِي رِوايةٍ لَه:"مُرْهُ، فلْيُراجِعْها، ثُمَّ لْيُطَلِّقْها لِطُهْرِها". [قال ابن عمر: فراجَعَها ثم طَلَّقَها (5) لِطُهْرِها](6)، وفِي رِوايةِ أَبِي وَائلٍ (7):"فإذا طَهَرَتْ طَلَّقَها"، ولذلكَ جاءَ مَعناهُ فِي رِوايةِ الشَّعبيِّ، ومَيمونِ بْنِ مِهرانَ، كُلُّهُم عنِ ابْنِ عُمرَ.
والظاهرُ: أنَّ الشافعيَّ إنَّما أَرادَ هذَا، فَوقعَ الخَللُ لِلناقِلِ.
وظَاهرُ كَلامِ الشَّافعيِّ النَّظرُ إلى رِوايةِ (8) الأَكْثرِ لا سِيَّما إذا كانَ فيهِمْ
(1)"صحيح مسلم"(4/ 1417).
(2)
في (ب): "حاملًا"!
(3)
ما بين المعقوفين سقط من (ل).
(4)
"صحيح مسلم"(7/ 1417).
(5)
في (ب): "فراجعتها ثم طلقتها".
(6)
ما بين المعقوفين سقط من (ل).
(7)
في (ل): "ابن أبي وائل".
(8)
"رواية" سقط من (ل).
سَالمٌ، فيُكتفَى على هذا فِي الاستِحبابِ بالإمْساكِ إلى الطُّهرِ الأوَّلِ، وبِه يَزولُ ضَررُ (1) تَطويل العِدةِ، وعلى هذا جرى "الحاوي" و"المنهاج"(2) لكنْ بِعبارةٍ فيها خَللٌ، وفِي "المختصر المنبه"(3).
وقد قيل: إنَّ فِي "الإمْلاءِ": ولَو طَلَّقَها، وهِي حائضٌ فأُحِبُّ له أَنْ (4) يُراجِعَها، ثُم لْيُمْسِكْها حتَّى تَطْهُرَ، ثُم (5) تَحيضَ، ثُم تَطْهُرَ، ثُم إنْ شَاءَ طَلَّقَ قبْلَ أَنْ يَمَسَّ، أوْ أَمسَكَ.
وقال الشافعيُّ رضي الله عنه: (6): إنَّه يَحتمِلُ أن يكونَ ذلك (7) لِيستبرِئَها المطلِّقُ، فيُطلِّقَها وعِدَّتُها مَعلومةٌ.
وهذا المَنقولُ عن "الإملاء" هو المصحَّحُ عند جمْعٍ مِنْ أصْحابِه، وقَطَعَ به بعضُهم، ونقَلَه الإمامُ عنِ الجُمهورِ.
والخِلافُ قَولانِ، لا وجْهانِ كما ذَكرُوه، وهو فِي تأدِّي الاستِحبابِ (8) التَّامِّ، فأمَّا أصْلُ الاستِحبابِ وإباحةِ الطَّلَاقِ فيَحصُلُ بِالأوَّلِ قَطْعًا، كما اقتضَاهُ نقْلُ الإمامِ وغيرِه.
(1) في (ل): "وبه تزول صور".
(2)
"المنهاج"(ص: 241).
(3)
في (ل): "البتة".
(4)
في (ل): "فأحب إليَّ".
(5)
"تطهر، ثم" سقط من (ب).
(6)
"رضي الله عنه" سقط من (ب).
(7)
"ذلك" زيادة من (ل).
(8)
في (ز): "الأصحاب".
وحكايةُ "الوسيط" الخِلافَ فِي جَوازِ الطَّلَاقِ فِي الطُّهرِ الأوَّلِ قال فِي "زِياداتِ الرَّوضةِ": هو فاسدٌ أوْ مُؤَوَّلٌ، وليس كما قال فِي "الروضة" ففِي كلامِهم ما يَشهَدُ له، ولَكنَّ (1) المَشْهورَ خِلافُه.
وعلى الطريقةِ المَشهورةِ تكونُ رِوايةُ نافعٍ وإحدى رِوايَتَيْ سَالمٍ فِي تَمامِ الاستِحبابِ، ورِوايةُ الأكثَرِ فِي أصْلِ الاستحبابِ.
وإنْ لَمْ يُراجِعْ حتى طَهَرَتْ فقدْ فاتَ المُستحبُّ (2) على رِوايةِ الأكْثرِ، وعلى رِوايةِ نَافعٍ يَحصُلُ استحبابُ الرَّجعةِ لِمَا بَقِي، وهو الأقْربُ، ويَحتمِلُ خلافَ ما ذكرُوهُ.
وإنْ كانَتِ البِدعةُ لِوُقوعِه فِي طُهْرٍ جَامعَها فيه (3) ونحوِه على ما سبَقَ، فقال الشافعيُّ: أَحْبَبتُ أَنْ يُراجعَها، ثم يُمهِلَ لِيطلِّقَ كما أُمِر (4)، يعني: بعْدَ ظُهورِ حَمْلِها منه، أو فِي طُهْرٍ بعْدَ حَيْضٍ.
وإنْ لَمْ يَطأْ فِي الطُّهرِ الأوَّلِ بَعْد الرَّجعةِ أوْ لَمْ يُراجِعْها فيه، ثُمَّ رَاجَعَها، فقالُوا: يُستحَبُّ أن لا (5) تُطَلَّقَ فِي الطُّهرِ الثانِي، لِئلَّا تَكونَ الرَّجعةُ لِلطلاقِ، وهُو خِلافُ إطْلاقِ (6) النَّصِّ السابقِ.
(1)"لكن" سقط من (ل).
(2)
في (ل): "الاستحباب".
(3)
تقدم أن الطَّلَاق في طهر جامعها فيه بدعة، إلا أن يكون عالمًا بكونها حاملًا، فيحمل الطَّلَاق؛ لأن المحذور لحوق الندم بسبب الجهل بالولد.
(4)
في (ل): "مر".
(5)
في (ل): "يستحب إليَّ أن".
(6)
في (ل): "طلاق".
ومِن الصِّفاتِ ذِكْرُ المَعيةِ والقَبْليةِ والبَعْديةِ (1) ونَحوِها، وتَبعيضُ الطَّلَاقِ، وتَنجيزُ ذلك إلى ذِكْرِ بَعْضِ الزَّوجةِ.
فإذَا قالَ لِزَوجتِه المُوطوءةِ (2)"أنتِ طالقٌ طَلقةً معها طلقةٌ" أو: "معَ طَلْقةٍ" -ولا عِوَضَ هُناك- وقَعَ طَلقتانِ قَطْعًا.
لكنْ هَلْ تَقعانِ معًا بِتَمامِ الكلامِ كما لو قال: "أنتِ طالقٌ طلْقَتَينِ"؟ أو يَقعانِ مُتعاقِبَتَينِ (3) لِتَرتُّبِ اللَّفظينِ؟ وَجهانِ، صَحَّحُوا الأوَّلَ (4).
فلَو قال ذلك لِغَيرِ مَوطُوءةٍ وقَع علَيْها طَلقتانِ أيضًا على المُصَحَّحِ، وعلى التَّرتيب واحدةٌ.
والتحقيقُ: أنَّه إنْ أَرادَ بِطالقٍ ثِنتَينِ، وبيَّنَها بقَولِه:"طَلْقةً مع طلقةٍ" فالأمرُ كما صحَّحُوا، بَلْ يَنبغِي أَنْ يُقطَعَ بِه، وإنْ أرادَ بـ "طالق" واحدةً، أو لَمْ يُرِدْ (5) عددًا، فلا يَقعانِ إلا مُتعاقِبتَينِ (6)، ولا يَقعُ على غَيرِ المَوطوءةِ إلا واحدةٌ.
ولو قالتِ المَدخولُ بِها لِزَوجِها: "طَلِّقْني طَلْقتَينِ بألْفٍ"، فقال: "أنْتِ
(1) في (أ): "والبدعية".
(2)
قيد ذلك بالموطوءة يعني المدخول بها، لأنه لا يتصور تعاقب الطَّلَاق قبل الدخول.
(3)
في (ب): "متعاقبين".
(4)
إذا قال: أنت طالق طلقةً مع طلقة، أو معها طلقة، أو تحت طلقة، أو تحتها طلقة، أو فوق طلقة، أو فوقها طلقة، فمقتضى الجميع الجمع بين طلقتين، فيقع في المدخول بها طلقتان، وفي غير المدخول بها وجهان.
راجع "المنهاج"(ص 108) و"الغاية القصوى"(2/ 795) و"الوسيط"(5/ 408).
(5)
في (ل): "أو أراد".
(6)
في (ل): "متعاقبين".
طالقٌ طَلْقةً مع طلقةٍ" أو: "معها طلقةٌ" استحَقَّ الألْفَ على أنَّهما يَقعانِ معًا، وعلى التَّرتيبِ لا يَستحِقُّ إلا النِّصفَ إذ (1) لَمْ يَقعْ إلا واحدةٌ، وفيه ما قدَّمناهُ مِنَ التحقيقِ ولَمْ يَذكرُوه.
ولَوْ قالَ: "أنتِ طالق طلقةً (2) قبلَ طلقةٍ" أو: "بعْدَها طلقة" وقعتْ (3) طَلقتانِ مُتعاقِبتانِ فِي المَدخولِ بها حَيْثُ لا عِوَضَ ولا يقعُ فِي غَيرِ المَدخولِ بِها إلا واحدةٌ، وكذا فِي طلاقِ العِوَضِ.
ولو قال: "طلقةً بعد طلقةٍ" أو: "قبلها طلقة" وقعَ فِي المَدخولِ بِها حَيثُ لا عِوَضَ (4) طَلقتَانِ على المَشهورِ، ويَقعانِ مُتعاقِبَتينِ بعْدَ تَمامِ اللَّفْظِ.
وصحَّحُوا وُقوعَ المُضمَّنةِ أوَّلًا ثُمَّ المُنجَّزةِ، والتَّحقيقُ: عكسُه.
وفِي غَيرِ المَدخولِ بها صحَّحُوا وُقوعَ واحدةٍ مع ما صحَّحُوه فِي الكَيفيةِ السابقةِ، ولا يَجيءُ ذلك إلا على إبْطالِ الدورِ.
أمَّا (5) إذا صحَّحْناه كما سَيأتِي، فإنَّه لا يَقعُ شَيْءٌ.
وقِيلَ: يَقَعُ عليها طَلقتانِ، ويَلغُو الوصفُ بالقَبْليةِ والبَعْديةِ.
ولو قال: "طَلقةً فِي طلقةٍ" وأراد "مع" فَطلقتانِ على ما سَبقَ، أو الظرفَ، أو الحسابَ، أو أَطْلقَ، فطَلْقةٌ (6).
(1) في (ل): "إذا".
(2)
"طلقة" سقط من (ل).
(3)
في (ل): "وقع".
(4)
"ولا يقع في غير المدخول. . . لا عوض" سقط من (ب)
(5)
في (ل): "وأما".
(6)
هذه المسألة تدخل تحت فصل الطَّلَاق بالحساب، وهذا الفصل يشمل ثلاثة أقسام: الأول حساب الضرب. الثاني: تجزئة الطَّلَاق، الثالث: اشتراك النسوة في الطَّلَاق.
ولو قال: "نِصفَ طَلْقةٍ فِي نِصْفِ طَلْقةٍ" لمْ تَقعْ إلا واحدةً على كلِّ تقدير؛ كذا قالُوه.
والتحقيقُ فِي إرادةِ المعيةِ إن قُلْنا: تقعانِ مُتعاقبتَينِ (1) عندَ التصريحِ بالمعيةِ فهُنا يَقعُ ثِنتانِ.
وإنْ قُلْنا: يَقعانِ معًا، احتَملَ وُقوع ثِنتَينِ مِن جِهَةِ تَكميلِ كُلِّ نِصفٍ، واحتَملَ وُقوع واحدةٍ، والأولُ أرْجحُ.
وطلقةٌ فِي طَلقتَينِ يَقعُ به ثلاثٌ عند قَصْدِ المَعيةِ، وفِي قَصْدِ الظَّرْفِ واحدةٌ.
وإن قَصَدَ الحسابَ وعَرَفَ معناه، فثِنْتانِ، وإنْ جَهِلَه ولَمْ يقصِدْ معناه، فواحدةٌ، وكذا إن قَصَدَ معناه على الأصحِّ.
وخُرِّج عليه "أنتِ طَالقٌ مِثْلَ ما طَلَّقَ زيدٌ امرأتَه"، وهو لا يَدرِي ما طَلَّقَ، وكان زيدٌ قدْ طَلَّقَ عَددًا، وقضيةُ ذلك أنَّ الأصحَّ وُقوعُ واحدةٍ.
وقالوا مِثلَ ذلك فيما إذا نَوَى عددَ طلاقِ زَيدٍ، ولَمْ يَتلفظْ بِه، ولَمْ يَعرفِ العَددَ، وكلُّ ذلك بَعيدٌ؛ لِأنَّ الطَّلَاقَ لا يَنقصُ عن الإحرامِ، بَلْ يَزيدُ علَيه.
ولو قال: "أَحرمتُ كإِحرامِ زيدٍ" ولا يَدرِي قِرانَه، فكان (2) قَارنًا فإنه يَتْبَعُه، فلِذلك هُنا (3) يقَعُ عَددُ (4) طَلاقِ زَيدٍ، وعِند إرادةِ (5) العَددِ أَوْلَى.
(1) في (أ): "متعاقبين".
(2)
في (أ): "فإن كان".
(3)
في (ل): "هاهنا".
(4)
"عدد" سقط من (ل).
(5)
في (ل): "إرادته".
وإن لَمْ يَقصِدْ حِسابًا ولا غَيرَه فطلْقَةٌ (1)، وكذا لِعارفِ (2) الحِسابِ على الأظْهَرِ، وفِي قولٍ غريبٍ: له ولغيره، ثلاث، وهو ضَعيفٌ (3).
* * *
وإذا قال: "أنتِ طالق بعضَ طَلقةٍ"(4) وقعتْ طَلقةٌ، لاستِحالةِ تَبعيضِ الطلقةِ، أبْهَم، أو عيَّنَ؛ كنِصفِ طَلقةٍ (5).
ولا خُصوصَ للطلاقِ باستِحالةِ تَبعيضِه، فالتبعيضُ مُستحيلٌ فِي كثيرٍ مِن أبْوابِ الشَّريعةِ، كما فِي النِّيةِ فِي جَميعِ العِباداتِ، وكما فِي كُلِّ عَقْدٍ وفَسخٍ وحَجْرٍ ويَمينٍ وقَضاءٍ (6) وشَهادةٍ ودَعْوى وقُرءٍ.
وإنَّما يَختصُّ الطَّلَاقُ بالوُقوعِ، وقد يُتخيَّلُ أَلحاقُ العِتْقِ والإحرامِ به كـ "أعتقتُكِ نصفَ عتقٍ" و"أحرمتُ نصفَ إحرامٍ"، ولَمْ يَذكرُوه.
(1)"فطلقه" سقط من (ل).
(2)
في (ل): "العارف".
(3)
ذكر الغزالي في "الوسيط"(5/ 410) أنه مهما كان جاهلًا لا يفهم معنى الحساب أنه لا يحمل سياقه على الحساب.
ولو قال الجاهل بالحساب: أردت بذلك ما يريد الحساب، ففيه وجهان:
أحدهما: أنه يحتمل لإرادته:
والثاني: لا، لأن إرادة ما لا يفهم محال. اهـ وهذا الأصح كما في "الروضة"(8/ 84)، و"مغني المحتاج"(3/ 298) و"الغاية القصوى"(2/ 796).
(4)
هذا المسمى بتجزئة الطَّلَاق.
(5)
إذا طلق جزءًا من الطلقة، نفذ، ووقع كاملًا، لا بطريق السراية، بل بأن يجعل البعض عبارة عن الكل.
(6)
"وقضاء" سقط من (ل).
ونِصْفَيْ طَلقةٍ تقعُ به واحدةٌ على المَشهورِ، إلا أَنْ يَقصِدَ نِصْفَي طَلقَتَينِ فتَقعُ ثِنْتانِ، وفِي نِصْفِ طَلقتَينِ تقعُ واحدةٌ على الأصحِّ.
وإنْ زَادَتِ الأجزاءُ كثلاثةِ أنْصافِ طَلْقةٍ، [فطَلْقتانِ على الأصحِّ (1) (2)، وإنْ جاوَزَتِ الأجزاءُ طَلقتَينِ كخَمسةِ أنْصافِ طَلقةٍ](3)، فثلاثٌ على الأصحِّ، وقيل: واحدةٌ.
وفِي المَعطوفِ فِي نَحوِ "نِصفُ طلقةٍ، وثلثُ طلقةٍ" يتعددُ، وفِي نَحْوِ:"نِصفٌ وثُلُثٌ" لا يتعددُ، وعِنْدَ إسْقاطِ العاطِفِ مَعَ تَكرُّرِ لَفظِ "طلقة" نحو "أنتِ طالقٌ ثُلثَ طَلْقةٍ، رُبُعَ (4) طَلقةٍ، سُدُسَ طَلْقةٍ" لا يَقعُ إلا واحدةٌ (5)؛ كذا جَزمُوا به مُستشهِدِين بنَحو "أنْتِ طَالقٌ طالقٌ (6) " واستشهادُهم مُخالِفٌ لِطَريقةِ الجُمهورِ مِن أنَّ ذلك كـ "أنتِ طَالقٌ أنتِ طالقٌ"، كما سَبقَ.
وقضيةُ هذا أن يأتيَ ما سَبَقَ فِي الإطْلاقِ، وقصْدِ الاستِئنافِ والتأكيدِ والحكمِ (7) هنا مُطلقًا (8) للمُغايرةِ.
وأمَّا التبعيضُ فِي المَحلِّ فيَستحيلُ هنا مع الإبْهامِ أو التعيينِ، وكذلك فِي
(1) وهو المصحح كما في "الروضة"(8/ 86)، و"الغاية القصوى"(2/ 796) و"مغني المحتاج"(2/ 299).
(2)
"وإن زادت. . . الأصح" سقط من (ب).
(3)
ما بين المعقوفين سقط من (ل).
(4)
في (أ): "وربع".
(5)
راجع "الوسيط في المذهب"(5/ 411)، و"الروضة"(8/ 87).
(6)
"طالق" سقط من (أ).
(7)
في (ل): "أو يحكم".
(8)
في (ب): "أو بحكم هنا مطلقًا بالتعدد".
يَسيرٍ مِنَ الأبوابِ كالنِّكاح، والرَّجعةِ، والإيلاءِ، والظِّهارِ، واللِّعانِ، ونحوِها، ولكنْ يَقعُ الطَّلَاقُ على كُلِّ المَحلِّ، ويَترتبُ فِي الإيلاءِ والظِّهارِ ما (1) سيأتي.
وفي (2) ضَمانِ الإحصارِ يَصحُّ بما لا يبقَى (3) دُونَه.
فإذا طَلَّقَ بعضَ زوجتِه مُشَاعًا (4) أو جُزءَها مُشاعًا نَحوَ رُبُعٍ، أو مُعينًا بِجهةٍ، فإنها تَطْلُقُ اتِّفاقًا.
وفيما ذَكرُوه فِي "بعضِكِ" نَظرٌ لِجوازِ أَنْ يُريدَ ما لا يقَعُ بِه، لو عيَّنه من فضلةٍ ونحوِها فإذا أرادَ ذلك لَمْ يَقعْ.
وإنْ طلَّقَ جُزءًا مُعيَّنًا كأذُنٍ وشَعَرٍ، وكانَ مَوْجودًا عندَ التنجيزِ أو التعليقِ والصفةِ طَلَقتْ إلا فِي أُذُنٍ أُلصِقَتْ بعْدَ انفصالِ كلِّها، وسِنٍّ كذلك على الأصحِّ.
وحيثُ وقعَ فيما ذُكِرَ فهُوَ بتقديرِ السرايةِ (5)، أو بِطَريقِ التَّعبيرِ (6) بالجُزئيةِ (7) عنِ الجُملةِ وجْهانِ (8)، صحَّحُوا الأولَ، وفيه نَظر؛ لِأنَّ التقديرَ لا يكونُ بالمُستحيلِ.
(1) في (أ): "كما".
(2)
في (ل): "في".
(3)
في (أ، ب): "ينفي".
(4)
"مشاعًا" زيادة من (ل).
(5)
في (ل): "وقع فيما ذكر فهو ينفذ به".
(6)
في (ب): "للتعبير".
(7)
في (أ، ب): "بالحرية".
(8)
"وجهان" سقط من (ل).
ورتَّبُوا على الوَجْهَينِ: "إن دخلتِ الدارَ، فيمينُكِ طالقٌ"، فقُطِعتْ بعد التعليقِ، ثُمَّ دخلَتْ، فعلى الأصحِّ: لا يَقعُ، وعلى الثاني: يَقعُ.
ولَوْ قيلَ: هو مِن التَّعبيرِ بالجُزءِ عنِ الجُملةِ بِشَرطٍ يُشترط (1) وُجودُ المَذكورِ أو لا يُشترَطُ وجودُه لكانَ أَوْلى، ولَمْ يَذكرُوه.
والتعبيرُ بالجُزءِ عن الجُملةِ وإن كان مَجازًا، فلا يُعتبَرُ فيه النِّيةُ هنا؛ لأنَّ النِّيةَ إنما تُعتبَرُ فِي غَيرِ الصرائحِ على ما سَبقَ لا فِي المحلِّ.
[وإنْ طلَّقَ فَضلاتِها كعَرَقٍ ودَمعٍ وبَولٍ ومَنيٍّ ولَبَنٍ أوْ أخْلاطَها، لمْ تَطْلُقْ فِي جَميعِ ذلك على ما صَحَّحُوه إلا فِي "دَمُكِ طَالقٌ" فإنَّها تَطْلُقُ على المَذهبِ](2).
وإنْ طلَّقَ المعانِي وهِيَ الأعْراضُ كسَمعٍ وبصَرٍ وكلامٍ وضحكٍ وحَركةٍ وسُكونٍ وسِمَنٍ، لمْ تَطْلُقْ على المَشهورِ.
وما ذَكرُوه فِي السِّمَنِ فيه نَظرٌ؛ لِأنَّه فِي العُرفِ يُرادُ به الجُثةُ الكَبيرةُ، وحِينئِذٍ فيَظْهَرُ وُقوعُ الطَّلَاقِ.
وإذا نَوى ذلك فالوُقوعُ مُتعيَّنٌ.
[ومِمَّا لا يَقعُ به إذا طَلَّقَ صِحَّتَها، أوْ نفَسَها -بفَتحِ الفَاءِ- أوْ ظِلَّها، أو اسمَهَا، إلا أن يُريدَ بالاسْمِ المُسمَّى فتَطْلُقَ](3).
وإنْ قال: "رُوحُكِ طَالقٌ" وقعَ الطَّلَاقُ إن قلْنَا إنَّ الرُّوحَ جِسْمٌ، وإن قلنا
(1)"يشترط" زيادة من (ل).
(2)
ما بين المعقوفين سقط من (ل).
(3)
ما بين المعقوفين سقط من (ل).
عَرَضٌ، فلَا، وصحَّحُوا الوُقوعَ.
ولو قال: "حياتُكِ طَالقٌ"، فإنْ أَرادَ الرُّوحَ فكمَا سَبقَ، وإنْ أَرادَ المَعنى، لمْ تَطْلُقْ كمَا تقدَّمَ.
* * *