الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنهما لا يَمتنِعُ وَطْؤُها، والتَّوجيهُ المُعتمَدُ ما سَبقَ ذِكرُه عن الشافعيِّ رضي الله عنه.
ومُلخَّصُهُ: أنَّه شَكَّ في ارْتِفاعِ النِّكاحِ وفِي حُصولِ المِلْكِ، فامَتنعَ الوَطءُ؛ لأنَّه لَمْ يَتحقَّقْ بَقاءَ النكاحِ ولا وُجودَ المِلْكِ.
ومِنْ ذلك ما إذَا اشْتَرى خُنثَى ثُمَّ بَانَ أُنثَى، فإنَّه يَجِبُ الاستِبراءُ لِوُجودِ الحِلِّ عند ظُهورِ الأُنوثةِ.
*
السببُ السادسُ:
انتقالُ المَنفعةِ المُوصَى بها إلى الوَارثِ مالكِ (1) الرَّقَبةِ، فإنَّها تَحِل له الآنَ إن (2) كانَت مِمَّنْ يَحبَلُ كان في وَطءِ الوَارثِ (3) الجَاريةَ المَذكورةَ أَوْجه، الأصحُّ ثالثُها: إنْ كانَتْ مِمَّنْ يَحبَلُ فلا يَحِلُّ له وَطْؤُها، وإلا حلَّتْ، وهذا السببُ غريبٌ.
*
السببُ السابعُ:
زَوالُ الفِراشِ عنْ مُستولَدَتِه أو عن مَوطُوءتِه بمِلكِ اليَمينِ، وهذا السَّببُ لا يَتعلَّقُ بِحِلِّ الوَطءِ للسيِّدِ، وإنما يَظهَرُ أَثرُه في تَزويجِها لِغَيرِ السيِّدِ، ولو كانَتِ المَوطُوءَةُ بمِلْكِ اليَمينِ مُدبَّرةً، فإنَّها تَعتَقُ بِالمَوتِ، فيَجِبُ استِبراؤُها لِتُزَوَّجَ بعدَ (4) السيِّدِ، ولو استَبرأَ المستولَدَةَ ثم أَعْتقَها أو ماتَ عَنْها، فلا تُزَوَّجُ إلَّا بعد الاستِبراءِ؛ لأنَّ فِراشَها يُشبِهُ فِراشَ النِّكاحِ بِخِلافِ الأَمةِ المَوطوءةِ، فإنَّها تُزوَّجُ في الحالِ.
ولَو ولَدَتْ أُمُّ الوَلدِ لَمْ يَنقطِعْ فِراشُها على الأرْجَحِ.
(1) في (ب): "بملك".
(2)
في (ل): "فإن".
(3)
"الوارث" سقط من (ل).
(4)
في (ل): "لغير" وفي (ب): "بغير".
ولو أَعتَقَ مُستولَدتَه فلَه أَنْ يَتزوَّجَها بِلَا استِبراءٍ على الأصحِّ، وكذا لَو استَبرأَها ثُمَّ أَعتقَها، ولَو أَعتقَ مُستولَدتَه أو ماتَ عنها وهِي مُزوَّجةٌ أو مُعتدَّةٌ فلا استِبراءَ عليها؛ لأنها لَيْسَتْ فِراشًا للسيِّدِ.
* * *
ومَتى انْقضَتْ عِدةُ الزَّوجِ، وكان السيِّدُ حيًّا، فإنها تَعودُ فِراشًا للسيِّدِ بِغَيرِ استِبراءٍ على المَذهَبِ، ولو ماتَ عَقِبَ (1) انقِضاءِ عِدَّةِ الزَّوجِ وجبَ الاستِبراءُ على النصِّ، بخِلافِ الأَمَةِ المزوَّجَةِ إذا زالَ حقُّ الزَّوجِ عنها، فإنَّه يَحتاجُ السيِّدُ إلى استِبرائِها على النصِّ في "الأُم"(2).
وفِي "شرح (3) الرَّافعي" الحِكايةُ عن نصِّه في "الأُم"(4)، فيما إذا كانتْ (5) أَمَتُه (6) مُعتدَّةً مِن زَوجٍ أنَّه لا يَلزَمُه (7) الاستِبراءُ بعد انقِضاءِ العِدَّةِ، وفيما إذا زَوَّجَ أَمَةً، وطَلَّقَها الزَّوجُ بعد الدُّخولِ: أنَّه يَلزَمُ الاستِبراءُ بعد انقِضاءِ العِدَّةِ.
وفِي "الإملاء" عنْ نَصِّهِ عَكْسُ الجَوابَينِ في الصُّورَتَينِ، فحصَلَتْ في
(1) في (ل): "قبل".
(2)
"كتاب الأم"(5/ 106) ونصه: وإذا كانت لرجل أمةٌ فزوجها أو اشتراها ذات زوج فطلقها الزوج أو مات عنها فانقضت عدتها فأراد سيدها إصابتها بانقضاء العدة لم أر ذلك له حتى يستبرئها بحيضة بعد ما حل فرجها له لأن الفرج كان حلالًا لغيره ممنوعًا منه والاستبراء بسبب غيره لا بسببه.
(3)
في (ب): "شرحي".
(4)
"كتاب الأم"(5/ 106).
(5)
في (ب): "اشترى".
(6)
في (ب): "أمة".
(7)
في (ل): "يلزم".
الصُّورتَينِ قَولانِ مَنصوصانِ.
ولَم يُرجِّحِ الرَّافعي (1) شَيئًا في ذلك.
ولَمْ يَذكُرْ في "الروضة" هذه الحِكايةَ عَن النُّصوصِ (2)، ولَمْ أَقِفْ على ما ذَكرَه عن "الأُم".
والذي في "الأُم"(3) في الصُّورتَينِ لُزومُ الاستِبراءِ، وفِي "الروضة"(4) تَبَعًا للشَّرحِ تَرجيحُ وُجوبِ الاستِبراءِ، ونقَلَه البندنيجي عن النَّصِّ فيما ذَكراه، وفِي هذا المَوضعِ زَادتِ الفتنة على المُستولَدةِ.
فعلى هذا يُزادُ سَببٌ ثامنٌ، وهو زَوالُ فِراشِ الزَّوجِ عن الأَمَةِ غيرِ المُستولَدَةِ، فإنَّه يَجِبُ عليها الاستِبراءُ بعد انقِطاعِ عُلْقَةِ الزَّوجِ، ومُضِيِّ مُدَّتِه (5).
والاستِبراءُ في ذَواتِ الأَقْراءِ بقَرءٍ، وهو حَيْضة كاملة على الجَديدِ؛ كذا ذَكرُوه، وليس ذلك في الجَديدِ.
ففِي "مختصَر المُزَنِي"(6): "الِاسْتِبْرَاءُ أَنْ تَمْكُثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي طَاهِرًا بَعْدَ مِلْكِهَا ثُمَّ تَحِيضُ حَيْضَةً مَعْرُوفَةً فَإِذَا طَهُرَتْ مِنْهَا فَهُوَ الِاسْتِبْرَاءُ"(7).
(1) في (ل): "الشافعي".
(2)
في (ل): "المنصوص".
(3)
"كتاب الأم"(5/ 106).
(4)
"روضة الطالبين"(8/ 434).
(5)
"روضة الطالبين"(8/ 440 - 441).
(6)
"مختصر المزني"(ص 331).
(7)
في (ل): "استبراء".
[وفِي "الأم" (1): "الِاسْتِبْرَاءُ أَنْ تَمْكُثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي طَاهِرًا مَا كَانَ الْمُكْثُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ ثُمَّ تَحِيضَ فَتَسْتَكْمِلَ حيضةً، فَإِذَا طَهُرَتْ مِنْهَا فَهُوَ اسْتِبْرَاؤُهَا"](2).
وفي (3)"مختصر المزني"(4): "وَإِنَّمَا قُلْت: طُهْرٌ ثُمَّ (5) حَيْضَةٌ حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْأَطْهَارُ بِقَوْلِهِ في ابْنِ عُمَرَ يُطَلِّقُهَا طَاهِرًا [مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ] (6) وَأَمَرَ النَّبِيُّ (7) صلى الله عليه وسلم في الإِمَاءِ أَنْ يَسْتَبْرِئْنَ بِحَيْضَةٍ، فَكَانَتْ الْحَيْضةُ الأُولَى أَمَامَهَا طُهْرٌ كَمَا كَانَ الطُّهْرُ أَمَامَهُ حَيْضٌ (8) فَكَانَ قَصْدُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في الِاسْتِبْرَاءِ إلَى الْحَيْضِ وَفِي الْعِدَّةِ إلَى الْأَطْهَارِ".
وفِي "الأُم"(9) نحوُ ما في "المُختصَر" بأَبسطَ منه، وفيه (10): فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لِمَ زَعَمْت (11) أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ طُهْرٌ ثُمَّ حَيْضَة، وَزَعَمْت في الْعِدَّةِ أَنَّ الْأَقْرَاءَ
(1)"الأم"(5/ 104).
(2)
ما بين المعقوفين سقط من (ل).
(3)
في (ل): "وفي المختصر".
(4)
في (ز): "وفي المختصر". . وانظر "مختصر المزني"(ص 331).
(5)
"طهر ثم" سقط من (ل).
(6)
ما بين المعقوفين سقط من (ل، ز).
(7)
في (ل، ز): "وساق الكلام على ذلك، ثم قال: أمر النبي. . ".
(8)
في (ل): "حيض".
(9)
"الأم"(5/ 107).
(10)
في (ب، ز): "ومنه".
(11)
في (ل، ز): "جعلت".
الْأَطْهَارُ؟ قُلْنَا لَهُ: بِتَفْرِيقِ الْكِتَابِ ثُمَّ (1) السُّنَّةِ بَيْنَهُمَا، فساق الكلام على ذلك، ثم قال:"كَانَ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "يَسْتَبْرِئْنَ بِحَيْضَةٍ" يَقْصِدُ قَصْدَ الْحَيْضِ بِالْبَرَاءَةِ، فَأَمَرْنَاهَا أَنْ تَأْتِيَ بِحَيْضٍ، كَمَا أَمَرْنَاهَا (2) إذَا قَصَدَ (3) الْأَطْهَارَ أَنْ تَأْتِيَ بِطُهْرٍ كَامِلٍ".
فهذِه نُصوصُ الجَديدِ، وهِيَ (4) مُخالفةٌ لِما ذَكرُوه.
وقَضيةُ هذه النُّصوصِ أنَّه لو (5) مَلكَ الأَمَةَ آخِرَ الطُّهْرِ بِحيْثُ يَعْقُبُه الحَيْضُ مِن غَيرِ طُهْرٍ سَابقٍ أنَّه لا يُعتدُّ بِهذَا الاستِبراءِ، وقَضيةُ ما ذَكرُوه أنَّه يُعدُّ (6) استِبْرَاءً (7).
والمُعتمَدُ ما ذَكرَه الشافعيُّ رضي الله عنه في نُصوصِه، وحيثُ ذَكرَ الحَيْضةَ فمُرادُه التي يَتقدَّمُها طُهْرٌ، كما صرَّحَ به رضي الله عنه في غَيرِ ذلك، ولَمْ أَقِفْ على نصٍّ يُخالِفُه.
ومَا حَكاهُ الرَّافعيُّ عن "الإملاء" والقَديمِ مِن أنَّ القَرْءَ في الاستِبراءِ الطُّهْرُ، وفرَّعَ عليه أنَّه لو وُجِدَ سَببُ الاستِبراءِ، وهي طَاهِرٌ أنَّه يُكتفَى ببقيةِ (8) الطُّهرِ على وَجْهٍ رَجَّحَه في "البسيط" لَمْ أَقِفْ على هذا النَّصِّ في كَلامِ
(1) في (ل): "و".
(2)
في (ل، ز): "كامل كما إذا أمرنا".
(3)
"قصد" مكررة بـ (ب).
(4)
في (ل): "فهي".
(5)
في (ل): "من".
(6)
في (ب): "بعد".
(7)
في (ل): "يعيد الاستبراء".
(8)
في (ل): "بنية".
الشافعيِّ، وهو مردودٌ بقولِه صلى الله عليه وسلم:"حتَّى تَحيضَ حَيضةً"(1).
ولا فَرْقَ في الاستِبراءِ الذي ذَكرْناه عن النُّصوصِ بيْنَ المُستولَدةِ وغيرِها.
* * *
* وأمَّا المُتحيِّرةُ، فلَمْ يَتعرَّضُوا لها في الاستِبراءِ، وتعرَّضُوا لها في العِدَّةِ، وهِي مِن المُشكلاتِ، فإنَّها وإنْ كانَتْ لها (2) حَيضٌ وطُهْرٌ (3) إلَّا أنَّ ذلك غَيرُ مَعلومٍ، فيُنظرُ إلى الزَّمانِ بالاحتِياطِ المُقرَّرِ في عِدَّتِها، فإذا مَضَتْ خَمسةٌ وأرْبعونَ يَومًا، فقَدْ حَصلَ الاستِبراءُ.
وبَيَانُ ذلك أَنْ يُقدَّرَ ابتِداءُ حَيْضِها في أوَّلِ الشَّهرِ مَثَلًا، فلَمْ يُحسَبْ ذلك الحَيضُ، فإذا مَضَتْ خَمسةَ عَشرَ يَومًا طُهْرًا، ثم بعد ذلك خَمْسةَ عَشرَ يومًا فيها حَيضةٌ كامِلةٌ، فقَدْ حَصلَ الاستِبراءُ.
وشَرطُ الاستِبراءِ بالحَيضِ أن لا يكونَ هناك حَمْلٌ، فإن كان هناك حَمْلٌ فلا يَكفِي استِبراؤُها بالحَيضِ، ولو كان الحَملُ مِن الزِّنى على الأصحِّ بِخلافِ العِدةِ.
وأما النِّفاسُ فقد سبق في "آخِر الحَيضِ في فصلِ النِّفاسِ": أنَّه لا يحصلُ به الاستبراءُ؛ لأنه ليس بحَيضٍ، وإذا لم تكنِ المستَبْرَأةُ مِن ذَواتِ الأقْراءِ فاستِبراؤُها بِشَهرٍ؛ نصَّ عليه في "مختصر المزني" وغيرِه في أُمِّ الوَلدِ.
وقال في كتابٍ آخَرَ: إن كانتْ لا تحيضُ لِصِغَرٍ أو كِبَرٍ فثلاثةُ أشهُرٍ أحبُّ
(1)"صحيح مسلم"(1471) من حديث ابن عمر.
(2)
في (ب): "لا".
(3)
في (ب): "ولا طهر".