الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الإيلاء
(1)
أصْلُهُ قولُه تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} الآيتَينِ.
ولا يُذكَرُ هُنا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم آلَى مِنْ نِسائِه شَهْرًا، فذلكَ الإيلاءُ ليس هو المَعقودَ له البابُ؛ لأنَّ المَعقودَ له البابُ حَرامٌ يَأْثمُ به مَنْ عَلِمَ حالَه، وذلك (2) لا يَجوزُ فِي حقِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، والصادِرُ منه عليه الصلاة والسلام الحَلِفُ على مُجرَّدِ الامتِناعِ مِنَ الدُّخولِ علَيْهِنَّ شهْرًا، وذلك جَائزٌ.
* * *
وهو لُغةً: الحَلِفُ، يُقَالُ، آلَى يُولِي إيلاءً، وتَأَلَّى تأليًا، والأَلِيَّةُ اليَمينُ،
(1) كان الطَّلَاق في الجاهلية ثلاثة: الظهار والطَّلَاق والإيلاء، فنسخ الظهار والإيلاء، وبقي الطَّلَاق. . راجع "الأم"(5/ 294) و"الحاوي"(15/ 336).
(2)
في (أ): "بذلك".
والجَمعُ: أَلايَا، كعَطيةٍ وعطايَا (1)
* * *
وشَرْعًا: الحَلِفُ (2) المُنعقِدُ أو ما نُزلَ مَنْزِلتَهُ مِنَ الزَّوجِ المُكلَّفِ المُتَمَكِّنِ مِن الوَطءِ المُقتضِي لامْتِناعِه مِن وَطءِ زَوْجتِهِ المُمْكِنِ وَطْؤُها حسًّا وشرْعًا فِي قُبُلِها أوْ مُطلَقًا امتِناعًا مُطْلَقًا أو مُقيَّدًا بما فَوقَ أرْبعةِ أشْهُرٍ بزَمانٍ يُمْكنُ الوَقفُ فيه أو بِغايةٍ كذلك (3) بِحَيثُ يُمْكنُ استِمرارُ الزَّوجيةِ إلى ذلكَ الزَّمانِ.
ولا بُدَّ مِن اتحادِ الحَلِفِ، وشَملَ الحَلِفَ باللَّه تعالى، وكذا ما عُلِّقَ به مِن طلاقٍ أو عِتْقٍ أو نَذْرِ لَجَاجٍ، أو نحو ذلك على الجَديدِ.
* * *
وأدخَلْنا بقَوْلِنا: "أوْ ما نُزل منزِلتَه": قولُه: "أنتِ علىَّ كظَهْرِ أُمِّي خَمسةَ أشْهُرٍ" مَثَلًا، فإنَّه إيلاءٌ، وليس بِحَلِفٍ، ولو قال:"إذا وَطِئتُكِ فأنْتِ عليَّ حَرامٌ"، أو "فأنْتِ عليَّ كظَهْرِ أُمِّي" كان مُولِيًا.
وهذا يُمكنُ أن يَدخُلَ فِي الحَلِفِ.
وخَرجَ بالمُتمكِّنِ مِنَ الوَطْءِ مَجبوبُ جَميعِ الذَّكَرِ أو بعضِه بِحيثُ لَمْ يَبْقَ مِنه مِقدارُ الحَشَفةِ، فإنه لا يَصحُّ إيلاؤُه على أظْهَرِ القَولَيْنِ.
وكذلك مَن شُلَّ ذَكَرُهُ بِحَيثُ لا يُرجى زوالُه، أمَّا إذا كان مَرجوَّ الزَّوالِ
(1) الإيلاء في اللغة مشتق من الأليَّة، وهي الحلف، ولكن عُرفُ الشرح خصصه باليمين المعقودة على الامتناع من وطء الزوجة.
(2)
"الحلف" سقط من (ل).
(3)
في (ل): "ذلك".
فيصحُّ إيلاؤُه كالعِنِّينِ (1)(2).
* * *
وقولُنا: "المُمْكِنِ وَطؤُها حِسًّا أو شَرْعًا": يَخرُجُ بالحِسِّ [على ما ذكروه](3) الرَّتْقاءُ والقَرْناءُ، فقدْ صحَّحَ جَمْعٌ أنه لا يَصِحُّ الإيلاءُ منهُما كالمَجبوبِ (4)، ولا نصَّ للشافعيِّ فِي ذلك (5)، ولَمْ يَذكُرْه (6) القُدماءُ مِنْ أصحابِه.
والمُعتمَدُ صِحَّةُ الإيلاءِ منهُما لإمْكانِ زَوالِ المَانعِ، ثم لا نَضربُ المُدَّةَ إلا بعد زَوالِ المَانعِ.
وصحَّحوا الإيلاءَ مِنَ الصغيرةِ ولَو بِنتَ يَومٍ.
ومَحلُّ صِحَّتِه عندنَا فِي مُطْلقٍ أوْ مُقيَّدٍ يَجيءُ فيه وقْتُ إمْكانِ وَطئِها معَ
(1) لا يُتصور الإيلاء من عاجز عن الجماع، بل لا بد من زوج يتصور منه الجماع، فيدخل فيه المريض المدنف [يعني الذي لازمه المرض] والخصي والمجبوب بعض ذكره، فيصح إيلاء جميعهم لإمكان الوطء منهم على حال.
أما من جُبَّ جميع ذكره فقد اختلفوا فيه، فمنهم من قال: فيه قولان، ومنهم من قطع بالبطلان، وهو المذهب كما في "الروضة"(8/ 229).
(2)
"كالعنين": مكرر في (أ).
(3)
ما بين المعقوفين سقط من (ل).
(4)
قال في "الإملاء": ولا لإيلاء على المجبوب والمجنون. راجع "مختصر المزني"(ص 305).
(5)
ذكر الغزالي في "الوسيط في المذهب"(6/ 7) أن إيلاء الرتقاء والقرناء كإيلاء المجبوب، فيُخرَّجُ على الخلاف.
(6)
في (أ): "يذكروه".