الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
النوعُ الثالثُ
(1): الصادِرُ مِنَ الجاهِلِ والنَّاسِي (2) والمُكرَهِ مِن الزَّوجِ أو الزَّوجةِ أو الأجنبيِّ على ما سيُذْكَرُ مما يُخالِفُ الحَلِفَ لا يَقتضِي الحِنْثَ ولا انحلالَ الحَلِفِ على الأصحِّ فيهما.
فإذا قال: "إنْ فعلتُ كذا فزَوْجَتِي طَالقٌ" ففعَلَه ناسيًا لِلْحلِفِ، أو جاهلًا، كما إذا قال:"إنْ كلمتُ زيدًا فزوْجَتِي طالقٌ" ففعَلَه ناسيًا للحَلِفِ، فكَلَّمه، وهو جاهِلٌ بأنه زَيدٌ، فإنه لا يَقعُ الطَّلَاقُ على الأصحِّ.
ويُستثْنَى مِن ذلك ما إذا قال: "إنْ فعلتُ كذا عامِدًا أوْ ناسيًا فزَوْجتِي طالقٌ" ففعلَه ناسيًا؛ نقَلَ القاضِي الحُسينُ أنه يَحنَثُ بِلا خِلافٍ.
وهذا عِندنَا مَمْنوعٌ؛ لأنَّ النِّسيانَ لا يُمكِنُ الحلِفُ على الامْتِناعِ منه؛ لأنَّ الحَلِفَ ما يَحصُلُ به (3) حَثٌّ أو مَنْعٌ أو تَحقِيقُ خَبر وليس شَيْءٌ مِن ذلك مَوْجودًا (4) فِي هذِه الصُّورةِ، وهكذا لو [قال:"إن] (5) فعلتُ كذا -عالمًا أو جَاهلًا- فزَوجَتِي طالِقٌ".
* * *
*
وأمَّا المُكرَهُ فلا يَحنَثُ أيضًا على الأصحِّ
.
فإذا قال: "إنْ فعلتُ كذا -باخْتيارِي أوْ مُكرَهًا- فزَوْجَتِي طَالقٌ" ففعلَه
(1) كلامه هنا في حكم طلاق الجاهل والناسي والمكره إذا خالف ما حلف عليه، فهو هنا مقيد بالحلف والحنث.
(2)
في (ل): "الناسي والجاهل".
(3)
"به" سقط من (ل).
(4)
في (ل): "موجود".
(5)
ما بين المعقوفين سقط من (ل).
مُكرَهًا، فمُقتضَى ما سبقَ فِي الناسِي أنه يَحنَثُ بلْ أَوْلى؛ لأنَّه عالِمٌ بِحَلِفِه وكان يُمكنُه ألا يَفعلَه ويَحتمِلُ أن لا يَحنَثَ؛ لأنَّ فِعْلَه كَلَا فِعْلَ، وهو الأرْجَحُ.
وأمَّا الزوجةُ فإذا وُجِدَ منها مُخالفةُ الحَلِفِ باختيارِها عَمْدًا مع العِلْمِ، فإنه يقَعُ الحِنثُ، وإن كانَتْ ناسيةً لِلْحَلِفِ فلا حِنْثَ (1)، وكذا إنْ كانتْ جاهلةً أو مُكرَهةً وسواءٌ أَشَعرتْ بالحَلِفِ أم (2) لَمْ تَشعُرْ، واشتراطُ الشُّعورِ ضَعيفٌ.
وأمَّا غَيرُ الزَّوجينِ فإن كان يُبالِي بالحَلِفِ (3) بِحيثُ يَمتثِلُ أَمْرَه، ويُراعِي خَاطِرَه، فإنَّه إذا خَالفَ الحَلِفَ ناسيًا أو جاهلًا أو مُكرهًا، فلا حِنثَ على الحالِفِ أيضًا (4) على الأصحِّ، ولا (5) يُشترَطُ الشُّعورُ هنا أيضًا.
وأمَّا الأجنبيُّ الذي لا يُبالِي بالحالِفِ، فإنه يَحنَثُ الحالِفُ بمُخالفةِ الأجنَبيِّ لِلْحلِفِ ناسيًا أو جاهلًا أو مُكرَهًا، والأرْجحُ فِي المُكرَه (6) أنه لا يَحنَثُ الحالِفُ، خِلافًا لِمَنْ رَجَّح خِلافَ ذلك؛ لأنَّ فِعْلَه كالعدَمِ.
ولو علَّقَ بِدُخولِ طِفْلٍ أو بَهيمةٍ أوْ سنَّورٍ فدخَلَ وَقعَ الطَّلَاقُ، قال الحناطي: ويُحتملُ المَنعُ.
وعندَ تَمحُّضِ التَّعليقِ فِي غيرِ ذلك مما قَدَّمْناهُ يَقعُ عنْدَ وُجودِ الصِّفةِ، ولا يَمنعُ مِن ذلك نسيانٌ ولا جهْلٌ ولا إكراهٌ، ويحتملُ المَنع.
(1) في (ل): "تحنث".
(2)
في (ل): "أو".
(3)
في (ل): "بالحالف".
(4)
"أيضًا" زيادة من (ل).
(5)
في (أ): "ولأنه".
(6)
في (ل): "والرجح بالمكره".
وأمَّا جَهْلُ الحُكمِ فَلا يَمنعُ مِن الحِنثِ للتَّقصيرِ بِتَركِ السُّؤالِ.
سلَّمَنَا اللَّهُ مِنْ آفةِ التَّقصيرِ، وأَصْلحَ عاقِبتَنا فيمَا إليه نَصيرُ، واللَّهُ أَعلَمُ.
* * *