الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا فِي غَيرِ رَجعةِ الكُفارِ. . قلتُه تَخريجًا.
ووطؤُها حَرامٌ وسَائرُ الاستِمتاعاتِ، ويعزَّرُ العالِمُ بالتَّحريمِ ولابدَّ، ويَجِبُ المَهْرُ وإنْ رَاجعَها على ظاهِرِ النَّصِّ (1).
وإنْ وَطِئَ مِرارًا لَمْ يَجبْ إلا مهرٌ واحدٌ. . قلتُهُ تخريجًا.
* * *
*
ضابطٌ:
للرَّجعيَّةِ حُكمُ الزَّوجةِ فِي مَواضعَ قَطْعًا، [وحُكمُ البائِنِ فِي مَواضِعَ قَطْعًا، وفِي مَواضِعَ خلافٌ والأصحُّ كالأوَّلِ](2)، وفِي مَواضعَ خِلافٌ والأصحُّ كالثانِي.
* فالأوَّلُ: اشْتَهرَ عنِ الشافعيِّ رضي الله عنه: الرجعيَّةُ زوجةٌ فِي خَمسِ آياتٍ مِن كِتابِ اللَّه تعالى.
قالوا: أَرادَ بِها آياتِ الطَّلَاقِ والظِّهارِ واللِّعانِ والإيلاءِ والميراثِ.
وكُنْتُ قَديمًا ذَكرْتُ أنَّ الرجعيةَ زوجةٌ فِي إحدى عَشرةَ: هذِه الخَمْسُ.
= ثبتت له الرجعة. . ولو طلقها فخرجت من بيته فردها إليه ينوي الرجعة أو جامعها ينوي الرجعة أو لا ينويها ولم يتكلم بالرجعة لم تكن هذه رجعةً حتى يتكلم بها.
(1)
قال الشافعي رحمه الله في "الأم"(5/ 260): وإذا جامعها بعد الطَّلَاق ينوي الرجعة أو لا ينويها فالجماع جماع شبهة لا حد عليهما فيه، ويعزر الزوج والمرأة إن كانت عالمةً، ولها عليه صداق مثلها، والولد لاحق وعليها العدة. .
(2)
ما بين المعقوفين سقط من (ل).
- وآيةُ عِدَّةِ الوَفاةِ.
- وآيةُ {وَرُبَاعَ} فإنَّ الرجعيةَ محسُوبةٌ مِنهنَّ.
- وآيةُ {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} .
- ثمَّ وَجدتُ فِي "الأُمِّ" ما يُفهِمُ السابعةَ والثامنةَ والتاسعةَ والعاشرةَ والحاديةَ عشرَ دُخُولُها فِي آيةِ النَّفقةِ على الزَّوجات، وآية كسوتهن وآية سكناهن.
الثانيةَ عشرةَ: أنَّ الآيةَ المُثبِتةَ لِلْوليِّ شركاء (1) فِي تَزويجِ ولِيَّتِه تقْتضِي أنه لا مَدخلَ للوَليِّ فِي رَجْعتِها لِأنَّها زَوْجةٌ.
الثالثةَ عشرَ: الآيةُ التي فيها اعْتِبارُ رِضى مَنْ يَعقِدُ علَيها تَدلُّ على أنَّ الرَّجعيةَ زَوجُةٌ إذْ لا يُعتبَرُ رِضاهَا.
الرابعةَ عشرَ: قولُه تعالى: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} هو تَدلُّ على أنَّ الرَّجعيةَ مَنْكوحةٌ لِعدَمِ اعْتِبارِ الإِذْنِ مِن أهْلِها اتفاقًا حُرَّةً كانَتْ أوْ أمَةً.
الخامسةَ عشرةَ: قولُه تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} فيمَنْ (2) يَبتغِيها للتَّزويجِ، وذلك فِي غَيرِ الرَّجعيةِ إذْ لا مَدخلَ لِلْمالِ فِي الرَّجعيةِ.
السادسةَ عشرةَ: قولُه تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} إلى قولِه: {وَإِمَائِكُمْ} وليس للسيِّدِ مَدخلٌ فِي رَجْعَتِها؛ لأنَّها مَنكوحةٌ، والمُرادُ مِن تَناوُلِ الآياتِ المذكورةِ لها إمَّا بِطريقِ العُمومِ أو بِطَريقِ المَفهومِ.
(1) في (ل): "شركًا".
(2)
في (ل): "ممن".
والمَواضعُ السبعةُ فِي الجُزءِ السابعِ مِن الأُمِّ مِن تَجزِئةِ ثَمانيةِ أجْزاءِ فِي تَرجمةِ الخِلافِ فِي هذا البابِ، وأَشارَ إلى البابِ، وهو بابُ ما جاءَ فِي عَدَدِ ما تَحِلُّ به الحَرائرُ والإماءُ، وما تَحِلُّ به الفُروجُ.
* * *
وجعلَ الشافعيُّ آيتَيِ المَواريثِ واحدةً، وهي مُشتملةٌ على أربعةِ أحْكامِ، وكذلك آيَةُ الإيلاءِ مُشتملةٌ على أحْكامٍ، وكذلك آيَةُ الظِّهارِ مشتمِلةٌ على أَحكامٍ وتَسمياتٍ، وكذلك آيةُ اللِّعانِ والقَذفِ مُشتمِلةٌ على أَحكامٍ وضَمائرَ، فلَو نَظرَ إلى ذلك لَكثَرَ العَددُ وفِي قولِه:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} ممَّا يَظهرُ منه عَدُّها فيما نَحنُ فيه، ومنه أنه لا يُحدُّ بِوَطئِها مع العِلْمِ بالتَّحريمِ بِخلافِ البَائنِ.
* وأمَّا الثانِي: وهو أنَّ لها حُكمَ البائنِ قَطْعًا: فمِنه تَحريمُ وَطْئِها والاستمتاعِ بها، والنَّظرِ إليها بِشَهْوةٍ ونحوِ ذلك.
* وأمَّا الثالثُ: فمِنه صحةُ خُلْعِها على الأظْهَرِ، ومِثلُه يأتي فِي الوَصيةِ والوَقفِ قلتُه تَخْريجًا، وعدمُ وجوبِ الإشهادِ على الرَّجعةِ [على الأظْهَرِ](1)، وفي (2) خِطْبتِها ما تَقدَّمَ
* وأما الرابعُ: فمثالُهُ عزيزٌ، ووجدتُ فيه (3) بعد التفكُّرِ، ما إذا قال
(1) ما بين المعقوفين سقط من (ل).
(2)
"وفي" زيادة من (ل).
(3)
"فيه" سقط من (ل).
للرَّجعيةِ: "أنتِ عليَّ حَرامٌ" فإنَّ الأصحَّ، أنَّه لا تَجِبُ علَيْها كفَّارةٌ كالبَائِنِ.
وأمَّا احتسابُ أكثرِ مُدةِ الحَمْلِ ففِي البائِنِ يُحتَسبُ مِن حِينِ الطَّلَاقِ، وفيه تَعَقُّبٌ يأتي فِي العِدَّةِ وفِي الرَّجعيةِ قَولانِ، أصَحُّهما كالبَائنِ.
وما استُنْبِطَ مِنَ الأحْكامِ مِن أنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعيَّ هلْ يَقطَعُ النِّكاحَ، ويُزيلُ المِلْكَ أمْ لا أم يكونُ (1) مَوقُوفًا كلامٌ مَردودٌ، لِعدَمِ تَوارُدِهما على مَحَلٍّ واحدٍ.
* * *
وللاختلافِ (2) بيْنَ المُطلَّقةِ والزَّوجِ صُوَرٌ واختلافٌ لَنا فيه تعقُّبٌ، فنقولُ:
إنِ اختلفَا والعِدةُ باقِيَةٌ باتفاقِهِما فالقولُ قولُهُ (3)، زادَ المَاورْديُّ:"بِلَا يَمينٍ" إلا أَنْ يُريدَ بذلك إسقاطَ حقٍّ لها بأنْ وَطِئَها فطَالبَتْه بِمَهْرِ المِثْلِ، فيدفعُه (4) بِدَعْوى الرَّجعةِ، فيكونُ إنشاءً للرَّجعةِ.
والتَّحقيقُ أنَّه لا يكونُ إنشاءً للرَّجعةِ لِتَنَافِي الإنشاءِ والإخْبارِ، فعَلَى هذا يَحتاجُ (5) إلى اليَمينِ، والاحتياطُ أَنْ يُنشئَ الرَّجعةَ.
ولو قال "راجعتُكِ اليَومَ"، فقالتْ:"انقضَتْ عِدَّتي قَبْلَ رَجعتِكَ" صُدِّقَتْ هِيَ، نصَّ علَيهِ.
(1)"أم يكون" سقط من (ل).
(2)
في (ل): "والاختلاف".
(3)
"الروضة"(8/ 224).
(4)
في (ل): "فرفعه".
(5)
في (ل): "يحتاط".
قالَ الأصحابُ: المرادُ إذا اتَّصلَ كلامُها بِكلَامِه قالوا: قولُه "راجعتُ" إنشاءٌ، وقولُها "انقضَتْ عِدَّتي" إخبارٌ، فيكونُ الإنشاءُ (1) سابقًا على قولِها، كذا فِي "الروضة"(2) تَبَعًا للشرحِ.
وهُو متعقَّبٌ مِن جِهَةِ أنَّ النَّصَّ بتَصْديقِها لَمْ يُقيِّدْه الشافعيُّ بالاتِّصالِ المَذكورِ الذي لا مَعنى له، ولا شَاهِدٌ يَشهَدُ له، والصوابُ: أنَّ القولَ قولُ الزَّوجةِ بِيَمينِها فِي هذِه الصُّورةِ مِنْ غَيرِ تَقْييدٍ بالاتِّصالِ.
وما اعتُرِضَ به مِن أنَّه لَمْ يُوجَدْ مَع واحدٍ منهُما دَعْوى انقِضاءِ العِدَّةِ حتى حَصَلتِ الرَّجعةُ باتَفاقِهما فيَنبغِي أَنْ يُصدَّقَ الرَّجلُ مَمْنوعٌ إذْ لا أصْلَ هُنا يُستصحَبُ اتَّفقَا (3) عليه، والرجلُ يُريدُ إثباتَ سَلْطَنةٍ لَه علَيْها (4)، وهِيَ تُنكِرُها، والأصلُ عدَمُها.
وهذا مستمَدٌّ ممَّا لَو اختلَفَ الزَّوجانِ الوثَنيَّانِ المُسلِمانِ قَبْلَ الدُّخولِ فقال الزَّوجُ: "أسْلَمْنَا مَعًا"، فالنِّكاحُ بَاقٍ (5)، وقالتِ الزَّوجةُ:"بَلْ أَسْلَمْنا على التَّرتِيبِ"، فإنَّ الأصحَّ أنَّ القولَ قولُ الزَّوجةِ خِلافًا لِمَا صحَّحه فِي "المنهاجِ"(6) فِي الدَّعوى والبيِّناتِ؛ لأنَّ الزَّوجَ يُريدُ إثْباتَ سَلْطَنةٍ له (7)
(1) في (ل): "الانقضاء".
(2)
"الروضة"(8/ 224).
(3)
في (ل): "اتفاقًا".
(4)
في (ل): "عليها له".
(5)
"باق" سقط من (ل).
(6)
"المنهاج"(ص: 351)
(7)
"له" زيادة من (ل).
علَيْها، والأصلُ عَدمُها، وظَهَرَ بِذلك التَّعقُّبُ على ما حُكيَ عنِ الأصْحابِ.
ويتخرَّجُ فِي الصُّورةِ قَولٌ بِتَصديقِ الزَّوجِ، والأصحُّ الأوَّلُ.
وإنِ اختلفَا والعدَّةُ مُنقضِيَةٌ باتفاقِهِما فقالَ الزَّوجُ: "راجَعْتُك فِي العِدَّةِ" فأنْكرَتْ هِيَ، فالقولُ قولُها. نصَّ عليه فِي "الأُمِّ"(1) و"مختصر المُزني"(2) وللزَّوج تَحْليفُها.
وما نصَّ عليه الشافعيُّ هو المُعتمَدُ فِي الفَتوى.
وأمَّا مَا صحَّحه فِي "الروضة"(3) تَبَعًا للشرحِ، وفِي "المنهاج" (4) تَبَعًا للْمُحررِ (5): مِن أنَّ القولَ قولُ السابقِ بالدَّعوَى، فهُوَ كلامٌ لا أصْلَ لَه، ولَمْ يَذكرِ الشافعيُّ هذا فِي شَيْءٍ مِن كُتُبِه، وليس فِي الكِتابِ ولا فِي السُّنةِ ما يَشهَدُ بتَصديقِ السابقِ بالدَّعوَى.
وعلى هذا الطَّريقِ الضَّعيفِ إنِ ادَّعيَا مَعًا صُدِّقَتْ.
وإنِ اتَّفقَا على وقْتِ الانقِضَاءِ كيَومِ الجُمعةِ، وقال:"راجعتُك يَوْمَ الخَميسِ" ففِي "الروضة"(6): الصحيحُ الذي عليه الجُمهورُ: أنَّ القولَ قولُ الزَّوجةِ بِيَمينِها، وهذا مُستقيمٌ.
(1)"الأم"(5/ 263).
(2)
"مختصر المزني"(8/ 355).
(3)
"الروضة"(8/ 224).
(4)
"المنهاج"(ص: 242)
(5)
"المحرر في فروع الشافعية"(ص: 344).
(6)
"الروضة"(8/ 223).
وإنِ اتَّفقَا على أنَّ الرَّجعةَ يَومَ الجُمعةِ وقالت: "انْقضَتْ عِدَّتِي يَومَ الخَميسِ" وقال هو: "بَلْ يَومَ (1) السبْتِ" فصحَّحُوا أنه المُصَدَّقُ.
ولَمْ يَذكرِ الشافعيُّ فِي صُورةٍ مِن صُوَرِ الاخْتلافِ بعْدَ انقِضاءِ العِدَّةِ أنَّ القَوْلَ قَوْلُ الزَّوجِ، وإنَّما جَعلَ القولَ قولَه قَبْلَ انقِضاءِ العِدَّةِ.
* * *
فإنْ قيلَ: فِي الصُّورةِ المَذكورةِ مَعَ الزَّوجِ أصْلٌ مُستصْحَبٌ وهو بَقاءُ العِدَّةِ.
قلنا: إنما يَنفعُ (2) ذلك إذا كانتِ العِدَّةُ بَاقيةً، والترجمةُ فِي "الأُمِّ" تَشهَدُ بذلك.
وإن كانَ الاختلافُ بعْدَ أَنْ تَزوَّجتْ، فجاءَ الأوَّلُ وادَّعى الرَّجعةَ فِي العِدَّةِ:
فإنْ أقامَ بيِّنةً فهِيَ زَوجتُه، وإنْ أقرَّتْ هِيَ بالرَّجعةِ لم يُقبَلْ إقرارُها على الثاني، بِخِلافِ ما لو ادَّعى على امرأةٍ تَحْتَ رَجُلٍ أنَّها زَوجتُه، فقالتْ:"كنتُ زوجتَك فطلَّقْتَني" فإنَّها تكون مُقرَّة له، وتُجعَلُ زَوجتَه (3)، والقولُ قولُه فِي أنَّه لمْ يطلِّقْها، كذا فِي "الروضة"(4) تَبَعًا للشرحِ.
(1)"يوم" سقط من (ل).
(2)
في (ل): "يقع".
(3)
في (ل): "زوجة".
(4)
"الروضة"(8/ 225).
ومحلُّ ما ذكرَاه فيما (1) إذا لَمْ تُقِرَّ المَرأةُ بالنِّكاحِ لِمَنْ هِيَ تَحْتَه، فإنْ كانَتْ قدْ أقرَّتْ بِذلكَ فلا تُجْعلُ زَوجةً لِلْأوَّلِ، وتَستمِرُّ لِمَنْ هِي تحتَه.
وفِي الصُّورِ كلِّها لا فرْقَ بيْنَ الزَّوجةِ الحُرةِ والأَمةِ؛ خِلافًا للْمُتولِّي والشَّاشِي فِي قولهما: "إن القولَ قولُ السيد" حيث كان القولُ قولَ الحرَّة.
وفِي "زيادات الروضة"(2): هُو قَويٌّ.
وليس كذلك، بلْ هو ضَعيفٌ، وخِلافُ نَصِّ الشَّافعيِّ (3)، وهو قولُه:
"وَهَكَذَا لَوْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَمَةً فَصدَّقَتْهُ (4)، كَانَتْ كَالْحُرَّةِ فِي جَمِيعِ أَمْرِهَا، وَلَوْ كَذَّبَهُ مَوْلَاهَا لَمْ أَقْبَلْ قَوْلَهُ، لِأَنَّ التَّحْلِيلَ بِالرَّجْعَةِ وَالتَّحْرِيمَ بِالطَّلَاق فِيهَا وَلَهَا".
نصَّ على ذلك فِي "مختصر البويطي".
وحيثُ صدَّقْنا الزَّوجةَ فِي إنْكارِها فرجَعتْ عنِ الإنْكارِ صُدِّقَتْ.
وكذلك لَوْ أنْكَرتْ إذنَها فِي النِّكاحِ وهي ممَّنْ يُعتبَرُ إذنُها، ثمَّ رَجَعَتْ، عند الغزَّاليِّ ونقلَ عنِ النَّصِّ أنَّه لا يُقبَلُ رُجوعُها، وهُو المُعتمَدُ.
وأمَّا (5) لو أقرَّتْ بنَسبٍ أو رَضاعٍ مُحرَّمٍ ثمَّ رَجعتْ، فإنَّه لا يُقبَلُ منها
(1) في (أ): "فيها".
(2)
"الروضة"(8/ 228).
(3)
"الأم"(5/ 263).
(4)
في (ل، ز): "وصدقته".
(5)
في (ل): "وأنها".
ذلك؛ لانتِشارِ الحُرمةِ.
ولو ادَّعتْ أنه طلَّقَها ثلاثًا ثُمَّ رَجعَتْ، فقلَّ مَنْ ذَكَرَ هذِه المسألةَ، وهي محتمِلَةٌ، والأرْجحُ قَبولُ رُجوعِها؛ لأنَّ المرأةَ قدْ تَنسِبُ ذلك لِزَوجِها مِنْ غَيرِ تَحقيقٍ.
ولَو طَلَّقَ الرَّجلُ زَوجتَه، ثُمَّ قال:"طلقتُكِ بعد الدُّخولِ، فلِيَ رَجعةٌ (1) "، فأنكرتْ ذلك، فالقولُ قولُها بِيَمِينِها على النَّصِّ فِي الجَديدِ (2).
ولَو أتتْ بِوَلدٍ يُمكِنُ أن يكونَ منه، ولَمْ ينفِه باللِّعانِ، فإنَّ القولَ قولُهُ حينئِذٍ، قلتُهُ تخْريجًا ممَّا ذَكرُوه فِي عكسِهَا.
وحيثُ لَمْ يَكنِ القولُ قولَها، فإنْ لَمْ تَكنْ قَبَضتِ المهرَ فليس لها أَنْ تُطالِبَ إلا بالنِّصفِ، ولو كانتْ قد قَبضَتِ المهرَ لَمْ يَرجِعْ علَيها بِشَيْءٍ.
كذا قالُوه، ولَمْ يُخرِّجوه على الخلافِ فيمَنْ أقرَّ لإنسانٍ بشَيءٍ فكذَّبه المُقَرُّ له، وللتخريجِ وجْهٌ قويٌّ.
وفِي "الروضة"(3) تَبَعًا للشَّرحِ أن فِي "شرح المفتاح" لأبِي مَنصورٍ البَغداديِّ: "أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ قَبَضَتِ الْمَهْرَ وَهُوَ عَيْنٌ، وَامْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ قَبُولِ
(1) في (ل): "الرجعة".
(2)
"الروضة"(8/ 227) وقال: فإذا حلفت، فلا رجعة، ولا سكنى، ولا نفقة، ولا عدة، ولها أن تتزوج في الحال، وليس له أن ينكح أختها، ولا أربعًا سواها، حتى يمضي زمن عدتها.
(3)
"الروضة"(8/ 227).
النِّصْفِ، فَيُقَالُ (1) لَهُ: إِمَّا أَنْ تَقْبَلَ النِّصْفَ، وَإِمَّا أَنْ تُبْرِئَهَا مِنْهُ (2)، وَلَوْ كَانَتِ الْعَيْنُ الْمُصدَّقَةُ فِي يَدِهِ، وَامْتَنَعَتْ مِنْ أَخْذِ الْجَمِيعِ، أَخَذَهُ الْحَاكِمُ، وَإِنْ كَانَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، قَالَ لَهَا: إِمَّا أَنْ تُبْرِئِيهِ، وَإِمَّا أَنْ تَقْبَلِيهِ" (3).
وهو كلامٌ معقَّبٌ مِن جِهَةِ أنَّ الإبْراءَ مِن الأعيانِ لا يَصِحُّ، وإنَّما يَصِحُّ التمليكُ بالاخْتِيارِ، وأخْذُ الحاكمِ ضعيفٌ، وفِي هذا الكلامِ التفاتٌ إلى شَيْءٍ مما أَشَرْنَا إليه (4) في التَّخريجِ، واللَّهُ أعلمُ.
* * *
(1) في (ل): "قيل".
(2)
"منه" سقط من (ل).
(3)
"الروضة"(8/ 227).
(4)
في (أ، ب): "أشرنا به".