الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مستحق للعزلِ، فإن كانَ هناكَ من هوَ غيرُ مستحقٍّ للعزلِ، والطالبُ يرومُ عزلَهُ، فالطلبُ حرامٌ، والطالبُ مجروحٌ. ذكره الماورديُّ.
وإنْ كانَ مستحقًّا للعزلِ، بجورٍ، أو جهلٍ، فهو كما لو لم يكنْ.
وشرط قاضي المسلمينَ أو قاضي الناسِ بالإطلاقِ (1): أن يكونَ مُسلمًا، مكلَّفًا، حرًّا، ذكرًا، عدلًا، سميعًا، بصيرًا. إلَّا القاضِي الذي ينزلُ أهلُ القلعةِ على حُكمِهِ فلا يشترطُ أَنْ يكونَ بصيرًا.
*
ضابطٌ:
ليسَ لنا أعجميٌّ يجوزُ إبتداء ولايته القضاء إلَّا هذا.
ومن شروطِ القاضي:
أَنْ يكونَ ناطقًا، كافيًا، مجتهدًا، وهو أَنْ يعرِفَ من القرآنِ والسُّنَّةِ ما يتعلَّقُ بالأحكامِ، وخاصِّه، وعامِّه، ومجملِهِ، ومبينِهِ، وناسخِهِ، ومنسوخِهِ، ومطلقِهِ ومقيدِهِ، وحقيقتِهِ ومجازِهِ، ومنطوقِهِ ومفهومِهِ، وظاهرِهِ، ومؤولِهِ، ومقتضياتِ الترجيحِ عندَ اختلافِ الأدلَّةِ، ومتواترِ السُّنَّةِ وغيره، والمتصلِ والمرسلِ، وحالِ الرواةِ قوَّةً وضعفًا، ولسانِ العربِ لغةً ونحوًا، وأقوالِ العلماءِ من الصحابَةِ فمن بعدَهم، إجماعًا، واختلافًا، والقياسِ بأنواعهِ (2).
ويستثنى من المجتهدِ المتصفِ بما ذكرناهُ: الحاكمُ الذي ينزلُ أهلُ القلعَةِ على حُكمِهِ، فلا يشترطُ فيه ذلكَ، بل يكفي اهتداؤُه إلى طلبِ الصلاحِ، وما فيهِ النظرُ للمسلمينَ، وكذلك الذي يوليه الإمامُ القضاءَ في واقعةٍ معيَّنةٍ لا يشترطُ أن يكونَ بصفةِ الاجتهادِ المطلقِ، بل يكفيهِ أَنْ يكونَ عارفَ الحكمِ فيها بطريقِ الاجتهادِ المتعلِّق بتلك الواقعة، بناءً على أن الاجتهادَ
(1)"منهاج الطالبين"(ص 336).
(2)
"منهاج الطالبين"(ص 336).
يتجزَّأُ، وهو الأرجحُ.
ومن شروطِ القاضي: أن يكونَ ممنْ تجوزُ شهادتُه، فمن لا تجوزُ شهادتُهُ من أهلِ البدعِ لا يجوزُ تقليدُه القضاءَ، ولا يجوزُ تقليدُ القضاءِ لمن لم يَقُل بالإجماعِ، أو لم يقل بأخبارِ الآحادِ، وكذا حكمُ نفاةِ القياسِ الذينَ لا يقولونَ بالاجتهادِ أصلًا، كالشيعةِ.
وأن يكونَ غيرَ محجورٍ عليهِ بسفهٍ في المالِ.
فإنْ تعذَّرَ المجتهدُ صحَّ توليةُ المقلِّدِ، وإن لم يتعذَّرْ وولَّى سلطانٌ له شوكةٌ مقلدًا مع وجودِ المجتهدِ، أو جاهلًا مع وجودِ عالمٍ، أو فاسقًا، نفذ قضاؤُه للضرورةِ.
ولو ولَّى ذو الشوكَةِ عبدًا أو امرأةً أو أعمَى فيما يعرفه وينضبط له، نفذ قضاؤُهم للضرورةِ، كما قالَهُ شيخُنا، وقال: إنَّ قاضِي الضرورةِ إنما ينفذ قضاؤُه فيما وافقَ ما لا يُنقضُ القضاءُ به، ولكن لا يستحق. . . (1) على القضاءِ في بيتِ المالِ.
وإذا زالتِ شوكةُ مَن ولَّاهُ انعزَلَ، ويُندبُ للإمامِ إذا ولَّى قاضيًا أن يأذَنَ له في الاستخلافِ في الطُّرق، وهو الموضعُ الذي يتعسَّرُ على الأصلِ الحُكمُ فيه، أو يتعذَّرُ، كما قيَّده الشافعيُّ بذلك، وهو المعتمدُ، فإن نهاهُ ولم يستخلفْ ولاية صحيحة إن كانَ يمكنُه القيامُ بما فوَّضه إليه، وإن لم يمكنْهُ القيامُ بذلكَ، فلا تصحُّ هذه التولية، إن كان عدمُ الإمكانِ لاتساعِ العملِ كمِصْرَينِ متباعدين مثلِ البصرةِ وبغداد، وإن كان عدمُ الإمكانِ لكثرَةِ الخُصومَاتِ صحَّتِ الولايَةُ، ويأتِي بما يُمكنُهُ، ويلزمُهُ أن يُعلِمَ الإمامَ عندَ كثرَةِ
(1) مقدار كلمة لم أستطع قراءتها في الأصل.
الخُصومَاتِ بالحالِ، ليأذَنَ له في الاستخلافِ، أو يقيمَ مَن يقومُ بذلك.
وإن أطلقَ التوليةَ استخلفَ فيما لا يقدرُ عليه لا غيره في الأصحِّ.
وشرطُ المستخلِفِ كالقاضي إلَّا أن يستخلفَ في أمرٍ خاصٍّ كسماعِ بينةٍ، فيكفي علمه بما يتعلَّقُ به، ولا تشترطُ رتبةُ الاجتهادِ فيه، ويحكم باجتهادِه أو اجتهادِ مقلدِهِ، إن كان مقلدًا (1).
ولا يجوزُ أن يشرطَ عليه خلافُ ذلك، فلو قلَّدَهُ بشرط أن يقضي بمذهب غيرِهِ بطلَ التقليدُ.
ولو حكمَ خصمانِ يجوزُ تحكيمُهما وحدَهُما رجلًا أو رجلينِ في غيرِ العقوبةِ المتمحضة للَّهِ تعالَى، وكانَ المحكِّمُ في تلكَ العقوبَةِ مستقلًّا، أو حكمتِ المرأةُ التي يلي تزويجها من له الحكمُ، وحكمَ خاطبُ الحر الرشيد في النِّكاحِ جازَ بشرطِ أهليةِ القضاءِ، ولكن لا يتناولُ حكمُهُ استيفاءَ القصاصِ، ولا استيفاءَ حدَّ القذفِ، ولا استيفاء التعزيرِ المختص بحقِّ الآدميِّ، ولا الحبس. وفي قول: لا يجوزُ إلَّا إذا كانَ أحدُ المحكمينَ الإمامُ، والآخرُ ينازِعهُ في الإمامَةِ، فإنَّه يجوزُ التحكيمُ قولًا، وإلَّا إذا خلى الزمان عن قيام الإمامِ بأحكامِ الإسلامِ، فهذا ينفذُ فيه أمر المحكم قطعًا.
وينبغي هُنا أن يستوفي العقوبات المتعلِّقَة بالآدميينَ، وتحبس بأصولهم، وإلَّا إذا وقعتْ للإمامِ منازعةٌ فيما يتعلَّقُ بشيءٍ من المالِ، أو نحو ذلكَ من المنازَعاتِ الخاصَّةِ، كما جرَى لأميرِ المؤمنينَ عمر بن الخطَّابِ رضي الله عنه مع أبيِّ بنِ كعبٍ رضي الله عنه، فحكَّمَ زيدَ بنَ ثابتٍ رضي الله عنه، وكما جرَى لأمير المؤمنينَ عثمان بن عفَّانَ رضي الله عنه مع جبيرِ بن مطعمٍ رضي الله عنه، فلا يجزئ مثل ذلك المنع.
(1)"منهاج الطالبين"(ص 336).
وفي وجهٍ: يشترطُ عدمُ قاضٍ بالبلدِ، وهذا في غيرِ الصُّورِ المقدمة التي يجوزُ فيها التحكيم قطعًا.
وفي طريقٍ يختصُّ بمالٍ دونَ غيرِهِ، ولا ينفذ حكمُهُ إلَّا على راضٍ، والبينةُ في ذلك استمرارها على التحكيم السابقِ بحيثُ لا يظهرُ ما ينافيه إلى أن يفرغ المحكم من حكمِهِ، ولا يعتبرُ إظهارُ الرِّضا به وقتَ الحكم.
ولا يكفي تحكيمُ القاتلِ الذي ثبتَ قتلُهُ بالبيِّنةِ أو بالقسامةِ عندَ المحكم في إلزام عاقلتِهِ المنكرينَ بالديةِ.
وإذا رجعَ أحدُهما قبلَ الحكمِ امتنعَ الحكم، ولا يشترطُ الرضا بعد الحكم على الأظهرِ.
وأمَّا النازلونَ من القلعةِ على حكمِ الحاكمِ، فإنَّه إذا حَكمَ بأمرٍ لم يُحتَجْ إلى رضاهُم بعد الحكمِ قطعًا.
ويستثنى من الخلاف أيضًا: اللعان؛ فإنَّه لا يشترطُ الرِّضا بعد صدورِ اللعانِ من الزوجِ قطعًا.
وإذا حكَمَ المحكمُ أشهدَ محكمةً في المجلسِ الذي حكمَ فيه قبل التفرُّقِ؛ لأنَّ قولَه لا يقبلُ عليهما بعدَ الافتراقِ، كما لا يقبلُ قولُ الحاكمِ بعد العزلِ.
ولو نصَّبَ الإمامُ أو القاضِي الذي لهُ الاستخلافِ قاضيينِ (1) أو أكثرَ بقدرِ الحاجةِ، وخصَّصَ كلًّا منهما بمكانٍ، حكمًا وطلبًا، جازَ، وكذا إن لم يخص، وكانا أصلين على المنصوص، فإن جعلَ أحدَهُما أصلًا والآخرُ خليفةً عنه، جاز قطعًا، فإن شرط اجتماعهما على الحكمِ صحَّت التوليةُ ولغى الشرطُ على الأصحِّ.
(1)"منهاج الطالبين"(ص 337).