الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قصاصَ فيها إلَّا البصر. انتهى.
وكذَا وإذا قطعَ أصبعَه فسرى إلى الكفِّ أو إلى أصبعٍ أخرى بالتآكلِ، لم يجبِ القصاصُ فيما سرَى إليه.
* * *
فصل
لا تُقطعُ اليمنى باليسرَى، ولا الشفة العليا بالسُّفلَى، ولا السبابةَ بالوسطَى، ولا بالعكسِ فيها، ولا أنملةُ أصبعٍ بأنملةٍ أخرى من تلكَ الأصبعِ، ولا أصبعٌ زائدةٌ بزائدةٍ أخرى، إذا اختلف محلَّهما، فإن اتفقَ محلَّهما قطعَ الزائدُ بالزائدِ، ولكن يُستثنى منه ما لو اختلفا فِي المفاصلِ، بأنْ كان لأصبعِ الجاني الزائدة ثلاث مفاصل، ولزائدةِ المجني عليه مفصلٌ أو مفصلانِ، فلا يقطعُ أصبعُ الجاني بها. نصَّ عليه؛ لأنَّه أعظمُ من تفاوتِ المحل.
ولا يقطع حادث بعدَ الجاني بأصلي، فلو قطع شيئًا وليس للجاني مثلُهُ فلا قصاصَ، فلو نبتَ بعد ذلك لم يُقْتَصَّ أيضًا؛ لأنَّها لم تكنْ موجودةً حالة الجنايةِ، والتفاوت فِي الحجم صغرًا وكبرًا وطولًا وعرضًا أو قوةَ البطش وضعفه، لا يؤثِّرُ فِي الأعضاءِ الأصليَّة قطعًا، وكذا فِي الزائدةِ على الأصحِّ.
ويراعَى قدرَ الموضحةِ طولًا وعرضًا فِي قصاصِها، فلا تقابل ضَيِّقَةٌ بواسعةٍ، ولا تصحُّ بضيقةٍ عن واسعةٍ، ولا عبرةَ بتفاوت الشاجِّ والمشجوج فِي غلظِ الجلدِ واللحمِ.
ولو أوضحَ جميعَ رأسِ إنسانٍ ورأس الشَّاجِّ أصغر استوعبنا رأسَهُ إيضاحًا ولا يكتفَى به، ولا ينزلُ الإتمام إلى الوجهِ ولا إلى القَفَا، يؤخذ قسطَ الباقي
من أرشِ الموضحةِ إذا وُزِّع على جميعِها، فإن كانَ رأسُ الشَّاجِّ أكبرَ لم يوضِح المشجوج جميع رأسِه، بل قدر ما أوضح، وأصحُّ الأوجُهِ أنَّ الاختيارَ فِي موضَعِ ما يوضَح إلى الجاني، ولو أوضحَ جميعَ ناصيته وناصيةَ الجاني أصغر تمَّمناهُ قدر الموضحة من باقي الرأسِ، ولو زادَ المقتصُّ من الموضحة على القدرِ المستحَقِّ، فعليه القصاص فِي الزيادةِ إن تعمَّد، فإن أخطأَ أو آل الأمرُ إلى المال وجبَ أرشٌ كاملٌ فِي الأصحِّ.
وإذا اشتركَ جماعةٌ فِي موضحة فتوضحُ من كلِّ واحدٍ منهم مثلَ تلك الموضحةِ على النصِّ (1)، وإذا آل الأمر إلى المال وُزَعَ الأرشُ.
ولا تُقطعُ الصحيحةُ بالشَّلَّاء، وإن رَضِيَ الجاني، فلو خالفَ المجنيُّ عليهِ وقطعَ الصحيحةَ لم يقع قصاصًا (2)، بل عليه ديتها، فلو سَرَى فعليهِ قصاصُ النفسِ إنْ لمْ يكُنْ برضَى الجاني، فإن كانَ لم يجب قصاصُ النفسِ.
وتقطعُ الشلاءُ بالصحيحةِ إلَّا أن يقولَ أهلُ البصرِ أنَّ أفواهَ العروقِ لا تنحسمُ، ولا ينقطعُ الدمُ، فلا تقطعْ حينئذٍ بالصحيحةِ، وحيثُ جازَ قطعها بالصحيحة، فعلى مستوفيها أن يقنع بها، وليسَ لهُ طلبُ أرشٍ للشَّلَلِ.
وتقطع يدُ السليم ورجلُه بيد الأعسمِ ورجلِ الأعرجِ (3)، ولا اعتبارَ باخضرارِ الأظفار واسودادها وزوال نضارتِها، وذاهبة الأظفار تقطع بسليمةِ الأظفارِ بلا خلافٍ، ولا تقطعْ سليمةُ الأظفارِ بالتي لا أظفارَ لها على
(1) روضة الطالبين (9/ 191).
(2)
روضة الطالبين (9/ 192).
(3)
روضة الطالبين (9/ 194).
المنصوصِ.
وحكمُ الذَّكَرِ الصَّحيحِ والأشل حكمُ اليدِ الصحيحةِ والشلاءِ (1)، والذكرُ الأشلُّ الذي يكونُ منقبضًا لا ينبسطُ، أو منبسطًا لا ينقبضُ، ولا عبرةَ بالانتشارِ وعدمِهِ، بل يقطعُ ذكرُ الفحلِ بذكرِ الخصيِّ، والعنين.
ويقطعُ الأنفُ الصحيحُ بالأنفِ الأخسم، وأذنُ السميعِ بأذنِ الأصمِّ، ولا تؤخذُ العين الصحيحة بالحدقةِ العمياءِ، ولا لسان الناطقِ بلسانِ الأخرسِ الَّذِي تجاوز أوان النطقِ ولم ينطق، فإن لم يتجاوزْ كالمرضَعِ فيقطع لسان الناطق بهِ، بشرطِ أَنْ يظهر فيه أثرُ النطقِ بالحركةِ عندَ البكاءِ وإلَّا فلا.
وفِي السنِّ القصاصُ قلعًا لا كسرًا، كما نصَّ عليه الشافعيِّ، وقد تقدَّم، ولو قلع المثغور سن صغيرٍ لم يثغر، فلا قصاصَ فِي الحالِ ولا ديةَ، فإن جاءَ وقتُ نباتِها بأنْ سقطت البواقي وعادتْ ولم تعُدْ هي، وقالَ أهلُ البصرِ: فسدَ المنبتُ وجبَ القصاصُ، ولا يستوفَى فِي صغرهِ، وهذا إذا قلعَها عمدًا محضًا عدوانًا، فلو قلعها للاستصلاحِ لا للجنايةِ فلا قصاصَ فيه، وإنَّما يجبُ القصاصُ إذا لم يكنْ خطأً ولا شبهَ عمدٍ، ولو عادتْ ناقصةً فقد تقدَّم أنَّ النصَّ القصاصُ فيجيء هنا من القصاصِ فِي الناقصِ ما سبقَ من أنَّه يقتصَّ إذا قالَ أهلُ الخبرةِ أنَّ ذلك يمكنُ من غيرِ زيادةٍ، لو قَلَعَ سنَّ مثغورٍ فنبتت لم يسقط القصاص على أرجحِ القولينِ.
وإذا كانتْ يد الجاني ناقصةً أصبعًا وقد قطعَ يدًا كاملةً يخيَّر المجني عليه
(1) روضة الطالبين (9/ 195).
بينَ أخذِ الديةِ وبين قطع يد الجاني وأخذ أرشِ الأصبعِ، ولو قطعَ صاحبُ اليدِ الكاملةِ يدًا ناقصةً بأصبع فليس للمجني عليه قطع اليد الكاملة من الكوع، ولكن إن شاء أخذ ديةَ الأصابعِ الأربعِ، وإنْ شاءَ لقطعها، والمنصوصُ إيجابُ حكومةِ منابتِ أصابعِ المجني عليهِ إنْ لَقَطَ قالَ الشافعيُّ رضي الله عنه: ولَوْ كَانَ أقطعَ أصبعٍ واحدةٍ فقطعتْ كفُّه أُقِص من أربعةِ أصابع، وأخذت له حكومة فِي كفِّه، ولا أبلغُ بحكومة كفُّه دية أصبع؛ لأنها تبعٌ فِي الأصابعِ كلها، وكلُّها مستويةٌ، فلا يكونُ أرشها كأرشِ واحدةٍ منها.
وإنْ أخذَ ديتَها دخلتْ حكومةُ منابتها من الكفِّ فِي ديتها على الأظهرِ، وأنَّه يجب فِي حالة القصاصِ خمس الحكومة لا حكومة الخمس؛ لأنَّ حكومةَ خمسِ الكفِّ أقلُّ من خمس الحكومة، والواجب له فِي هذه الحالة حكومةٌ كاملةٌ أربعةُ أخماسِها عن منابتِ أصابِعِهِ التي قُطعتْ من المجني عليهِ ولم يستوْفِها من الجاني، وخمسُ الحكومة عن منبت الأصبع الفائتة من المجني عليه، ويجبُ فِي حالتِهِ أخذُ ديةِ الأصابعِ خمسُ الحكومةِ، لا حكومة الخمس، لأنَّ أربعةَ أخماسِ الحكومةِ دخلتْ فِي ديةِ الأصابعِ الأربعْ فبقيَ لَهُ خمس الحكومة لا حكومة الخمس.
ولو قَطَعَ كفًّا لا أصبع عليها فلا قصاصَ إلَّا أَنْ يكونَ كفُّ القاطعِ مثلها، ولو قطعَ صاحبُ هذا الكفِّ يدًا كاملةً فللمجني قطعُ كفِّه وديةُ الأصابع.
وإذا كان على يد الجاني أصبعانِ شلَّاوان، ويد المجني عليه سليمة، فإن شاء قطع يده وقَنَعَ وإن شاء لقط الثلاثَ السليمة وأخذَ ديةَ أصبعين، وثلاثةَ أخماسِ حكومةِ الكفِّ.