الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجاني جنايةً بعد جنايةٍ، وفِي كلِّ جنايةٍ يُتَركُ حتَّى تندملَ، ثم قلعَ أخرَى، وهكذا إلى استيعابِ الأسنانِ، لزمه لكل سنٍّ نصفُ عشرِ ديةٍ قطعًا.
*
فائدة:
لو اتفقَ أنَّ شخصًا كانتْ أسنانُه كلُّها نظمةً واحدةً من فوقَ ومن أسفلَ، فإن قلَعَها كلَّها قالعٌ عمدًا بأن سقاهُ دواء فأسقطها كلَّها، فإنهُ يجبُ القصاصُ، فيقلعُ أسنانَهُ كلَّها؛ لأنهُ عظمٌ يدخلُهُ القصاصُ عند القلعِ.
وإن كسر منابتها عمدًا فإن أمكنَ المماثلةُ في ذلك بالمساحةِ من غير ضررٍ على باقي السنِّ وجبَ القصاصُ على النصِّ كما تقدَّم.
وإنْ لم يمكن المماثلةُ فلا قصاصَ على الأصحِّ وينتقلُ إلى الديةِ، ولو قلعها كلَّها خطأً وجبتِ الديةُ الكاملةُ تفريعًا على أنهُ لا يزادُ في التعددِ منها على الديةِ، وعلى المذهبِ يرجح هذا أيضًا؛ لأن التعدد غير موجودٍ، وصونًا عن الاقتصارِ على الديةِ في المتعددِ، وقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم:"في كل سنٍّ مما هنالك خمسٌ من الإبل"(1)، ولا تعدد هنا، فوجبت الديةُ.
وإن كسَرَ منها شيئًا خطأً أو قلنا لا قصاصَ عند العمدِ فالواجبُ الحكومةُ؛ لأنَّ إيجابَ الخمسِ بالنصِّ كانَ في المتعددِ، فلا يتعدَّى إلى ما ليسَ في معناهُ، وذكرَ الخطيبُ البغداديُّ في "تاريخ بغداد" أنَّ عبدَ الصمدِ بنَ عليِّ بنِ عبدِ اللَّه بنِ عباس رضي الله عنه كانتْ أسنانُه قطعةً واحدةً من فوقَ، وقطعةً واحدةً من أسفلَ. انتهى.
ويجبُ في اللحيين الديةُ (2)، وهما العظمان اللذانِ تنبت عليهما الأسنانُ
(1)"سنن أبي داود"(4564) وهو جزء من حديث عمرو بن حزم السابق قبل قليل.
(2)
روضة الطالبين (9/ 282).
السفلى، وفي أحدها إن نبت الآخر النصفُ.
وإن كان عليهما الأسنانُ لم يدخل أرشها في دية اللحيين على النصِّ.
وفِي اليدينِ الديةُ، وتكملُ الديةُ بالتقاطِ الأصابعِ، ولو أبانَ الكفَّ مع الأصابعِ بالقطعِ من الكوعِ لم يزد للكفِّ شيءٌ، وفِي كلِّ أصبع أصليٍّ عشرُ ديةِ صاحبه، وأصبعان من كفين على معصم لا يتميزُ منها زائد من غيره كأصبعٍ أصليةٍ مع حكومةٍ، وأنملةُ أصلي ثلث العشرُ، وأصبعا ملتبستين كذلك مع حكومةٍ، وأنملة إبهامٍ أصليةٍ نصفُ عشرِ ديةِ صاحبه، وإبهامان من ملتبستين كإبهامٍ أصليٍّ بزيادة حكومةٍ.
وفي الرِّجْلينِ الديةُ، وفِي أحدِهما النصفُ، وتكمل الدية في أصابعهِمِا والقدمُ كالكفِّ (1)، والساقُ كالساعدِ، والفخذُ كالعضدِ، وما تقدمَ في اليدينِ وما يتعلقُّ بالكوعِ وفوقِهِ وما يتعلقُ بالأصابعِ الأصليةِ والزائدةِ وأصابعِ الملتبستين يأتي هنا، فلا يحتاجُ إلى ذكرِهِ.
وفِي ثديي المرأةِ ديتُها بلا حكومةٍ (2)، وفِي حلَمتها ديتها ويجيءُ مثل ذلك على القولِ الثاني إذا قلنا يجبُ في حلمتي الرجلِ الديةُ، فإذا قطعَ ثدييه المشتملتينِ على حلمتَيه لم يزدْ للثديينِ شيءٌ من الحكومةِ كما سبقَ.
وفِي الذَّكرِ الديةُ، وكذلكَ في الأُنثَيينِ الصغيرُ والشيخُ والعِنِّينُ كغيرِهِم (3)، وتكمُلُ الديةُ بقطعِ الحشفةِ، وباقي الذكِر مع الحشفة كالكفِّ مع
(1) روضة الطالبين (9/ 285).
(2)
روضة الطالبين (9/ 285).
(3)
روضة الطالبين (9/ 287).