الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للحملِ خاصةً -وقد تقدَّمَ شيءٌ من هذا أولَ البابِ.
ولا تجبُ للمُعْتَدَّةِ عنِ الوفاةِ، ولو كانتْ حاملًا، سواءٌ قلنا: للحاملِ أو للحملِ، لأنَّ نفقةَ القريبِ تسقطُ بالموتِ.
ولا نفقةَ للحامِلِ عنْ شبهةٍ، ولا للمنكُوحَةِ نِكَاحًا فاسدًا.
ولو أنفقَ على زوجتِهِ ثمَّ بانَ فسادُ النكاحِ لم يستردَّ ما أنفقهُ، سواءٌ كانتْ حاملًا أو حائلًا (1).
* * *
وفِي كيفيَّةِ نفقةِ العدَّةِ وجهانِ:
1 -
أصحُّهُمَا: التقديرُ، كزمنِ النكاحِ.
2 -
والوجهُ الثانِي: الكِفايةُ.
ولا تجبُ النفقةُ حتَّى يظهرَ الحملُ، فإذا ظهرَ وَجَبَ الإنفاقُ يومًا بيومٍ -على الأرجحِ. وقيل: عندَ الوضع. والأصحُّ من الطريقينِ: أنها لا تسقطُ بمضيِّ الزمانِ.
* * *
فرعٌ:
مَن وجبتْ عليه نفقةُ الزوجةِ غيرَ الرجعيَّةِ من زوجٍ وفرعٍ لزوجةِ أصلٍ وجبَ عليه إعفافُه، أو أصلٍ لفرعٍ فِي نفقتِهِ، على وجهٍ قطعَ به المَحَامليُّ والمهذب وهو خلافُ الأصحِّ، فإنَّه إذا أعسرَ الزوجُ -ومنه إعسارُه بإعسارِ فرعِهِ أو أصلِهِ فيما تقدَّمَ- كانَ للزوجةِ الخيارُ فِي فسخِ النكاحِ على المنصوصِ المشهورِ المعتَمَد، ولم يثبت العِراقيون وبعضُ
(1)"روضة الطالبين"(9/ 64، 65).
المراوِزَةِ مَا يخالفه، وخالفهم أكثرُ المراوزةِ، فإثباتُ القولين فِي طريقتِهم أصحُّ، والمعتمدُ القطعُ.
وإن رضيَتْ بالإقامَةَ معهُ ليسارِهِ صارَتْ دينًا فِي ذمَّتهِ ولو امتنعَ من الدفعِ معَ اليسارِ فلا فسخَ على الأصحِّ، سواءٌ كان حاضرًا أو غائبًا.
وقيل: لها الفسخُ إلحاقًا لهُ بالمعسرِ (1).
ويجري الوجهانِ فيما لو غابَ عنهما وهو موسِرٌ فِي غيبتِه، ولا يوفِّيها حقَّها، فالأصحُّ: لا فسخَ، وكان المؤثر تَغَيُّبُهُ لخرابِ ذمَّتِه، ولَكِن يبعثُ القاضِي إلى حاكِم بلدِهِ ليُطالبَهُ إذا علِمَ موضِعَهُ (2).
وعلى الوجهِ الآخَرِ: لها الفسخُ إذا تعذَّرَ تحصيلُها، واختارُه جماعةٌ من أصحابِنا (3)، فعلى الصَّحيحِ: لو جهِلْنَا يسارَهُ أو إعسارَهُ يكونُ الحكمُ كذلكَ ولا فسخَ، لأنَّ السببَ لم يتحققْ، ولو كانَ حاضرًا ومَاله غائبًا فلا يخلُو: إمَّا أن يكونَ بمسافةِ القصرِ، أو دُونَها، فإنْ كان المالُ بمسافةِ القصرِ فلها الفسخُ، ولا يلزمُها الصَّبْرُ.
وإنْ كانَ دونَ مسافة القصرِ فلا فسخَ لها، ويلزمُ بالإحضارِ (4).
وإذا تبرَّعَ بالنفقةِ مُتَبرِّعٌ لم يلزمِ الزوجةَ قبولُها، ولها الفسخُ على الأصحِّ، كما لو كانَ له دينٌ على إنسانٍ فتبرعَ غيرُهُ بقضائِهِ لا يلزمُه القبولُ، لأنَّ فيهِ مِنَّةً للمُتبرِّع (5).
(1)"روضة الطالبين"(9/ 72).
(2)
"روضة الطالبين"(9/ 72).
(3)
منهم القاضي أبو الطيب الطبري وابن الصباغ والروياني كما في "الروضة"(9/ 72).
(4)
"روضة الطالبين"(9/ 73).
(5)
"روضة الطالبين"(9/ 73).
وعنِ ابنِ كَجٍّ: أنَّه لا خيارَ لها لعدَمِ تضرُّرِها بفواتِ النَّفقةِ، فلو تبرَّع على الزوجِ وملكُه الزوجُ بذلك أو بالنذرِ بإعطائِه فلا فسخَ لها (1).
وَمَنْ وجدَ النَّفقةَ بقرضٍ فليسَ لها أن تفسخَ وكذلكَ لا فسخَ عندَ وجود ضامنٍ موسرٍ لما وَجَبَ حالًا بالإذنِ، وكذا بغيرِ الإذنِ على وجهٍ خرَّجَهُ شيخُنا فِي النَّذرِ للدفعِ للزوجةِ، وقدرتُهُ على الكسبِ كقدرتِهِ على المالِ، ولا يثبتُ لها الفسخُ إلَّا إذا عجزَ عن نفقةِ المُعسرينَ، فلو قدرَ عليها وعجزَ عن نفقةِ المتوسطين أو الموسرينَ فلا فسخَ لها (2).
والمعتَبَرُ هنا من لايملكُ ما يُباع فِي دينِه، ولا كسبَ له أوْ لَهُ كسبٌ ينقطعُ يومين فأكثر.
فإن كانَ ينقطعُ يومًا وبعضَ الثاني ثُمَّ يكتسبُ قَبْلَ تكملةِ يومين ما يفِي بالحالِ فلا فسخَ لها، لأنَّ الضرَرَ حينئذٍ يسيرٌ، ومِلْكُ المؤجَّلِ لا يمنعُ الفسخَ إلَّا إن قَرُبَ أجلُهُ بيومٍ وبعضِ الثاني، وحُكْمُ الإعسارِ بالكسوةِ والمسكنِ حُكْمُ الإعسارِ بالنفقةِ على الأرجحِ.
ولا يثبتُ الخيارُ بالإعسارِ بالأدمِ على الأصحِّ عندَ الأكثرينَ، وعن الداركي: يثبتُ، وقال الماورديُّ: إن كانَ القوتُ مما ينساغُ دائمًا بلا أدمٍ فلا خيارَ لها، وإلَّا فيثبت وهو حسنٌ (3).
وإذا أعسرَ بالمهرِ ففيهِ أقوالٌ (4)، أصحُّها: إنْ كانَ قبلَ الدُّخولِ ثبتَ لها الفسخُ وإن كانَ بعدَهُ فلا.
(1)"روضة الطالبين"(9/ 73).
(2)
"روضة الطالبين"(9/ 75).
(3)
"روضة الطالبين"(9/ 75).
(4)
"روضة الطالبين"(9/ 75).
وإذَا ثبتَ لها الخيارُ فلا تستقلُّ بالفسخِ بالإعسارِ، بل يرفعُ أمرَها للحاكمِ ليثبتْ إعسارَه.
فإذا ثبتَ عندهُ إعسارُهُ أمهلَهُ ثلاثةَ أيَّامٍ على الأظهرِ، ثمَّ يخيَّرُ صبيحةَ اليومَ الرَّابعِ بينَ أَنْ يتولَّى الفسخَ بنفسِهِ أو يأذنَ لها فيهِ، فلو سلَّم نفقةَ اليومِ الرَّابعِ فلا فسخَ لما مضَى، وليسَ لها أن تقولَ:"آخُذُ هذا عن نفقةِ بعضِ الأيامِ الثلاثةِ، وأفسخُ بتعذُّر نفقة اليوم"؛ لأنَّ الاعتبارَ فِي الأداءِ بقصدِ المُؤَدِّي لا إلى قصدِ القابضِ، فلو رضي الزوجُ بذلك وجعلها كما قالتْ جازَ لها الفسخُ على أقوَى الاحتمالينِ، ولو عجزَ عن نفقةِ اليومِ الخامسِ كانَ لها الفسخُ على الأظهرِ، قال الداركيُّ: ولا تمهل اكتفاءً بالإمهالِ السابق خلافًا للروياني حيثُ قال: يُمهلُ مرةً أخُرى حيثُ لم يتكرَّرْ منهُ، فإنْ تكرَّرَ لمْ يُمهَلْ إمهالًا بعدَ إمهالٍ، والأصحُّ الفسخُ فِي الحالِ (1).
وإذا مضى يومانِ بلا نفقةٍ ووجدَ نفقةَ اليومِ الثالثِ وعجزَ فِي الرابعِ ثبتَ على أصحِّ الوجهينِ، والثاني: يستأنفُ (2).
ويجوزُ لها الخروجُ فِي مدةِ الإمهالِ لتحصيلِ النفقةِ بكسبٍ أو تجارةٍ أو سؤالٍ، وليسَ له منعها من الخروجِ على الصحيحِ المنصوصِ، وعليها أن تعودَ إلَى منزلِهِ بالليلِ (3).
وإذا مضتِ المدَّةُ ورضيتْ بإعسارِهِ أو المقام معه، ثم أرادتِ الفسخَ فليسَ لها ذلك، لأنَّ الضررَ لا يتجددُ.
(1)"روضة الطالبين"(9/ 77 - 78).
(2)
"روضة الطالبين"(9/ 77 - 78).
(3)
"روضة الطالبين"(9/ 78).
وليسَ لولي الصغيرةِ والمجنونةِ الفسخُ، وإن كانَ فيه مصلحتُهما، وينفقُ عليهما منْ مالِهما، فإنْ لم يكنْ لهما مالٌ فنفقتُهُما على مَن عليه نفقتُهُما لو كانتا خليتينِ، وتصيرُ نفقةُ الزوجةِ ديْنًا عليه يطالبُ به (1) إذا أيسرَ (2).
وكذا لا يفسخُ الوليُّ بإعسارِ الزوجِ بالمهْرِ (3).
وإذا امتنعَ على الوليِّ ذلك فِي الصغيرةِ والمجنونةِ (4)؛ فلأن يمتنعَ ذلك عليهِ فِي البالغةِ العاقلةِ من بابِ أولَى.
ولو أَعْسَرَ زوجُ الأمةِ بالنفقةِ فلها الفسخُ كما يفسخُ بِجَبِّهِ؛ ولأنها صاحبةُ حقٍّ فِي تناولِ النفقةِ، فإنْ أرادتِ الفسخَ لم يكنْ للسيدِ منعها، فإنْ ضمنَ النفقةَ فهو كالأجنبيِّ يضمنها (5).
ولو رضيتْ بالمقامِ أو كانتْ صغيرةً أو مجنونةً، فلا فسخَ للسيدِ على الأصحِّ، ولا يلزمُ السيدَ حينئذٍ نفقةُ الكبيرةِ العاقلةِ، بل يقولُ: افسخِي أو اصبرِي على الجوعِ (6).
وإذا أعسرَ زوجها بالمهرِ فالفسخُ للسيدِ؛ لأنَّه محضُ حقِّه (7).
* * *
(1) في الأصل: "بها" والصواب المثبت كما في "روضة الطالبين"(9/ 79).
(2)
"روضة الطالبين"(9/ 79).
(3)
زاد في في "الروضة"(9/ 79): "إن جعلناه مثبتًا للخيار".
(4)
وبه قطع ابن الحداد والبغوي وجماعة كما في المصدر السابق.
(5)
"روضة الطالبين"(9/ 79).
(6)
"روضة الطالبين"(9/ 79).
(7)
يعني: لا تعلُّقَ للأمة به، ولا ضرر عليها في فواته، وقيل: ليس له الفسخ، وهو غلط. راجع:"روضة الطالبين"(9/ 80).