الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واحدٍ منهما تنافي دعوى الآخر، وأقامَ كلُّ واحدٍ منهما بينةً بما ادَّعاهُ، ولا ترجيحَ، سقطتا، حيث لم تشهدَا بسبب يقتضي التشريكَ. وفي قولٍ: تستعملانِ، فتنزعُ العينُ ممن هي في يدهِ.
ثمَّ في كيفيَّةِ الاستعمالِ أقوالٌ:
أحدُها: تقسمُ، فيجعلُ بينهما نصفينِ.
والثاني: يقْرَعُ، ويرجحُ جانبُ مَن خرجتْ قرعتُهُ ويحتاجُ إلى الحلفِ بعدَها.
والثالثُ: يوقفُ حتى يتبيَّنَ، أو يصطلحا.
والضابطُ الذي يتمسكُ به الفقيهُ في المواضعِ التي تجري أقوال الاستعمالِ فيها، والتي لا تجرِي أقوالُ الاستعمالِ فيها، أن. . . (1) الأعيانِ المملوكَةِ أو الحقوق من منفعةٍ أو رهنٍ أو اختصاصٍ، ولا تجري في المواضع والقصاصِ.
وإذا تعذَّرَ واحدٌ من الأقوالِ في كيفيَّةِ الاستعمالِ حملَ على ما يمكنُ من بقية أقوالِه، ولو كانتْ في يدهما، وادَّعى كلُّ واحدٍ منهما كلها له، وأقاما بينتين بقيتْ كما كانتْ بالبينةِ لا كما كانتْ باليدِ، ولو كانتْ بيدِ واحدٍ منهما فأقام غيرُهُ بينةً وهو بينةً قدِّمت بينةُ ذي اليدِ، ولا يحلفُ معها (2).
فإن أقامَ الخارجُ بينةً بأنَّ الداخلَ غصبَها منهُ واستعارَها منهُ أو استأجرَها منهُ، قُدِّمت بينةُ الخارجِ على الأصحِّ المقتضِي للنصِّ.
ولا تسمعُ بينةُ الداخلِ إلَّا بعدَ بينةِ الخارجِ (3) إلَّا إذا كان في إقامةِ بينةِ
(1) غير واضحة في الأصل، ولعلها:"يجريها في. . . ".
(2)
"منهاج الطالبين"(ص 354)، و"مغني المحتاج"(6/ 428).
(3)
كتبت في الأصل: "الخاج"!
الداخلِ دفع ضررٍ عنهُ بتهمةِ سرقةٍ ونحوِها، فتسمعُ قبلَ بينةِ الخارجِ (1) كما إذا وجدنا إنسانًا خارجًا بمالٍ من حرزِ غيرِهِ، فقالَ صاحبُ الحرزِ: سرقَ من حرزي هذا المالَ، وقال الذي بيده المال:"هذا مالي"، وأقام بينةً بذلكَ قبل إقامةِ الخارجِ البينة، فإنَّها تُسمعُ لما تقدَم.
ولو أزالَ يده ببينةٍ (2) ثم أقام بينة بملكِهِ مستندًا إلى ما قبل إزالة يده سمعتْ إن أسندت الملك إلى حالة قيام بينة، ثم يديمونه إلى وقتِ الشهادَةِ، وقدمتْ حينئذٍ، ولو أقامَ بينةً بالملكِ المطلقِ من غيرِ الإسنادِ المذكورِ سمعتْ، لكنَّه يكونُ خارجًا.
ومَن أقرَّ لغيرِهِ بشيءٍ يمكن أن يدعيَه لنفسِه (3)، ثم ادَّعاهُ، لم يُسمعْ منه، إلَّا إن قالَ: مَلَكَهُ بهبةٍ صدرتْ منِّي. أو قال: وهبتُهُ لهُ وملكَهُ. وادعى في كلٍّ من الصُّورتينِ أنَّه لم يحصُلِ القبضَ المعتبر، وأنَّه اعتقدَ الهبةَ بمجردها، يحصلُ بها الملك من غيرِ قبضٍ، فتسمع حينئذٍ دعواهُ، والقولُ قولُهُ بيمينِهِ في ذلكَ على مقتضَى النصِّ.
ومن أُخذَ منهُ مالٌ ببينةٍ (4) ثمَّ ادَّعاهُ لم يشترطْ ذكرُ الانتقالَ على الأصحِّ إذا شهدتِ البينةُ بالملكِ، وأطلقتْ أو إضافته إلى سببٍ لا يتعلَّقُ بالمأخوذِ منه، ومحلُّ الخلافِ في غيرِ الدَّاخِلِ والخارجِ. فإنَّ العينَ إذا أخذتْ منهُ ببينةِ الخارجِ ثم أقامَ الداخلُ البينةَ الشاهدةَ له بالملكِ مستندًا إلى ما قبل القضاءِ للخارجِ وشهدتْ بدوامِ الملكِ إلى حينِ الشَّهادَةِ فلا يشترطُ فيه ذكر الانتقالِ
(1)"منهاج الطالبين"(ص 355)، و"مغني المحتاج"(6/ 428).
(2)
"منهاج الطالبين"(ص 355)، و"مغني المحتاج"(6/ 428).
(3)
"منهاج الطالبين"(ص 355)، و"مغني المحتاج"(6/ 429).
(4)
"منهاج الطالبين"(ص 355)، و"مغني المحتاج"(6/ 429).
بلا خلافٍ، كما قالَ شيخُنا.
وزيادَةُ عدد شهودِ أحدِهما (1)، أو صفةٌ في بينةِ أحدِهما لا ترجِّحْ على الجديدِ، ولو أقامَ أحدُهما رجلينِ، والآخرُ رجلًا وامرأتينِ، فالأشهرُ أنَّه لا ترجيحَ أيضًا، فلو كانَ للآخرِ شاهدٌ ويمينٌ، رجحَ الشاهدانِ على الأظهَرِ، فإن كانَ مع جانبِ الشاهدِ واليمينِ يد، فالأصحُّ تقديمُ الشاهدِ واليمين، ولو شهدتْ لأحدهما بملك من سنة، وللآخرِ من أكثر، فالأظهر ترجيحُ الأكثرِ، فإن كانَ الملكُ في يدِ صاحبِ الأكثَرِ ترجَّحَ الأكثرُ قطعًا.
ولو تعرَّضتِ البينتانِ لسببِ الملكِ ونسبته إلى واحدٍ، كما لو شهدَتْ بينةٌ أنَّه اشتراهُ منْ زيدٍ من سنةٍ، وشهدتِ الأخرى أنَّه اشتراهُ من زيدٍ من سنتين، قدِّمتْ بينةُ السنتين قطعًا، ولصاحبها الأجرةُ والزيادَةُ الحادثةُ من يومِ الأكثرِ.
ولو أُطلقتْ بينةٌ وأُرِّخَتْ بينةٌ (2)، فالأظهرُ ترجيحُ المؤرَّخة على الأظهرِ تقدم بينة الداخلِ على الأصحِّ (3)، والأظهرُ أنها لو شهدتْ بملكهِ أمس، ولم تتعرَّض للحالِ لم تسمع حتى تصرح بالحالِ، أو تذكرَ ما يقتضيهِ من قولهم: لم يزل ملكه (4).
وتجوزُ الشَّهادَةُ بملكِهِ الآن (5)، وما ذكر معه استصحابًا لما سبقَ من إرثٍ وشراءٍ وغيرهما، مما يعرفً الشاهدُ فيه ملكَ المورِّثِ وملكَ البائعِ، وملكَ
(1)"منهاج الطالبين"(ص 355)، و"مغني المحتاج"(6/ 429).
(2)
"منهاج الطالبين"(ص 355).
(3)
كذا بالأصل، وراجع "مغني المحتاج"(6/ 431)، و"نهاية المحتاج"(8/ 366).
(4)
"منهاج الطالبين"(ص 355).
(5)
"منهاج الطالبين"(ص 355).
غيرِهِما من واهبٍ وموصٍ ونحو ذلكَ، ولو شهدُوا بأنَّ مورثه مات، وهو مالكٌ له أو باعهُ بايعه وهو مالك له كفى ذلك.
ولو شهدوا أنَّه أقرَّ أمس بالملكِ للمدعي، قبلتِ الشَّهادَةُ واستديمَ حكمُ الإقرارِ، وإن لم يصرَّحِ الشاهدُ بالملكِ في الحالِ، ولو أقامها مطلقةً بملكِ دابَّةٍ أو شجرةٍ بحيث لم يسند إلى زمنٍ ماضٍ لم يستحقَّ ثمرةً موجودَةً عندَ إقامتِها، ولو لم تعدل، والمرادُ بالموجودَةِ التي لا تدخلُ في البيعِ الصادرِ على الشجرةِ، بأن تكونَ مؤبَّرَةً في ثمرةِ النخلِ، أو برزتْ في العنبِ والتينِ، أو خرجتْ في نورٍ ثمَّ تناثرَ النورُ عنها، كالمشمشِ والتُّفاحِ، ولا يستحقُّ ولدًا منفصلًا، ويستحقُّ حَملًا موجودًا عند إقامَةِ البينةِ على الأصحِّ.
ولو اشترَى شيئًا (1) فأخذَ منه ببينةٍ رجعَ على بائعهِ بالثمنِ إذا لم يصدقِ المشتري البائع حالة البيعِ على أنَّ المبيعَ ملكه وإذا رجعَ المشتري حينئذٍ ردَّ على البائع النتاجَ والثمرةَ إن كانَ البيعُ فاسدًا، وإن كانَ صحيحًا فلا ردَّ ولا رجوعَ بالثمنِ، هذا هو المعتمدُ خلافًا لمن قالَ خلافَ ذلك.
ولو ادَّعى ملكًا شهدوا لهُ مع سببهِ، لم تبطلْ شهادتُهم بذلك، لكن لا ينفعُه ذلك في إثباتِ السببِ لو أرادَهُ من أجلِ الترجيحِ على القولِ بذلكَ حتَّى تعادَ الدَّعوَى به، ثم تقومُ الشهادَةُ به على الأصحِّ، وإن ذكرَ سببًا وهم سببًا بطلتْ شهادتُهم، ولا يصيرونَ مجروحينَ على الأصحِّ.
* * *
(1)"منهاج الطالبين"(ص 355).