الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزكويَّةِ، فيأخذُ مثلي ما يجبُ في الزَّكاةِ.
ولو وجبَ بنتا مخاضٍ (1) مع جُبرانين لم يضعفا على النصِّ، ولو كانَ بعضُ نصابٍ لم يجب قسطُه على المشهورِ، ثمَّ المأخوذ جزية فلا يؤخذُ من مال من لا جزيةَ عليه، ولا يجوزُ أن ينقص عن دينارٍ لكلِّ رأسٍ، ولا يمنع التضعيفُ في التجارَةِ أخذ عشرَ تجارتهم بالحجاز أو بغيره.
* * *
فصلٌ
يلزمنا الكفُّ عنهم، وضمانُ ما نتلفه عليهم نفسًا ومالًا، ودفع أهلِ الحربِ عنهم إذا لم ينفردُوا ببلدٍ وسطَ دارِ الحربِ، وفي وجهٍ لا يلزمُنا الدَّفعَ عنهم بشرطِ أن يفردوا ببلدٍ في جوارِ دارِ المُسلمينَ، وأن يجري العقدُ مطلقًا، وأن لا يمرَّ أهلُ الحربِ بشيءٍ من دارِ الإسلامِ، وأن لا يكون هناك مالٌ لمسلمٍ (2).
ونمنعهم من إحداثِ كنيسةٍ في بلدٍ أحدثناهُ (3)، أو أسلَمَ أهلُهُ عليهِ، وما فُتحَ عَنوة لا يحدثونها فيها، ويقرُّون على كنيسةٍ كانت فيه على المنصوصِ.
وإن فتح صلحًا بشرطِ الأرضِ لنا وشرطِ إسكانِهم وإبقاءِ الكنائس جاز، وإن أطلق فالأصحُّ المنعُ، أو لهمْ قُرِّرَتْ ولهم الإحداث على النصِّ (4).
ويُمنعون وجوبًا -وقيل ندبًا- من رفعِ بناءٍ علي بناءِ جارٍ مسلمٍ، وفي
(1)"منهاج الطالبين"(ص 314).
(2)
"منهاج الطالبين"(ص 314).
(3)
"منهاج الطالبين"(ص 314).
(4)
"منهاج الطالبين"(ص 314).
الرَّفعِ قولٌ أنَّه لا يمنعُ منهُ، والمنصوصُ عدمُ المنعِ من المساواةِ وجوبًا، والأحبُّ إلى الشافعيِّ المنعُ من المساواة -يعني: استحبابًا (1).
ومحلُّ المنعِ من الرَّفعِ ومن المساواة إن قيل به إذا كان بناءُ المسلمِ مما يُعتادُ للسُّكنَى، فلو كانَ جدارُ المسلمِ قصيرًا لا يعتادُ للسُّكنَى؛ إمَّا لأنَّهُ بناهُ كذلك، ولم يتمَّ بناءَهُ، أو لأنَّه هَدَمَهُ، أو انهدَمَ إلى أَنْ صارَ إلَى ما ذكرنَاهُ، فإنَّه لا يمنعُ الذِّميُّ من بناءِ جدارِهِ علَى أقلَّ ما يعتادُ للسُّكنَى لئلَّا يتعطَّلُ عليه حقُّ السُّكَنى الذي عطَّلَهُ المسلمُ باختيارِهِ أو تعطَّلَ عليهِ لإعسارِهِ.
ثم إنْ بنَى المسلمُ أرفعَ مِن بناءِ الكافرِ فلا كلامَ، وإنْ بنى دونَهُ مما لا يعتاد للسُّكنَى، فلا يكلَّفُ الذِّميُّ أن ينقصَ عنهُ؛ لأنَّ المسلمَ لم يبنِ المعتادَ، وإن بناهُ أقلَّ ما يعتادُ للسُّكنَى قلنا للمسلمِ: لا تُكلِّف الذِّميَّ أن ينقصَ عن أقلَّ ما يعتادُ، فإمَّا أن ترفعَ بناءَك، وإما أن تتركَه.
ولا يكلَّفُ الذِّميُّ دونَ ذلكَ.
وظاهرُ نصِّ الشافعيِّ منعهم منْ رفعِ البناءِ في دارِ الإسلامِ، ولو كانُوا مُنفردِينَ بمحلَّةٍ أو قريةٍ، وهذا هو المُعتمَدُ في الفتوى، خلافًا لمنْ صحَّحَ خلافَ ذلكَ (2).
ويمنعُ الذميُّ من ركوبِ الخيلِ لا حميرَ وبغالَ، إلَّا أن تكونَ البغالُ نفيسةً فيُمنعونَ من ركوبِها في هذا الزمانِ؛ لأنَّ الغالبَ فيهِ أنَّه لا يركبُها إلَّا الأعيانُ من المسلمين، أو من يتشبَّهُ بهم منهم (3).
ويَركبُ بالإكافِ عرضًا، وهو أَنْ يجعلَ الراكبُ رجليهِ من جانبٍ ويركبُ
(1)"منهاج الطالبين"(ص 314).
(2)
"منهاج الطالبين"(ص 314).
(3)
"منهاج الطالبين"(ص 314).
بركابٍ خشبٍ خسيسٍ لا حديدٍ ولا سَرْجٍ، ويلجأ إلى أضيقِ الطُّرقِ، ولا يوقَّرُ ولا يصدَّرُ في مجلسٍ، ويؤمرُ بالتمييز في اللباسِ بأنْ يلبسوا الغيار، وهو أن يحيطَ على ثيابِهِ الظَّاهِرَةَ ما يخالفُ لونُه لونَها، وإذا دخَلَ حمَّامًا فيه مسلمون أو تجرَّدَ عن ثيابِه جعلَ عليهِ جلاجل، أو في عنقِهِ خاتمٌ من حديدٍ أو رصاص (1).
ويمنعون من إسماعِ المسلمينَ شركًا، وقولهم في عزيرٍ والمسيحِ، ويمنعونَ من إظهارِ خمرٍ وخنزيرٍ وناقوسٍ وعيدٍ (2)؛ إذا كانوا في أمصارِ المسلمين، فإنْ كانُوا في قريةٍ منفردةٍ يملكونها فلا منعَ من ذلكَ. نصَّ عليه.
ولو شُرطتْ هذه الأمورُ التي ذكرناها وشرط عليهم الانتقاضُ بها، فخالفُوا انتقضَ العهدُ عملًا بمقتضَى الشرطِ، هذا مقتضَى النصِّ (3).
ولو قاتلونَا أوِ امتنعُوا من الجزيةِ أو من إجراءِ حُكمِ الإسلامِ انتقضَ.
ولو زَنَى ذميٌّ بمسلمةٍ أو أصابَها بنكاحٍ قد عقدَهُ عليها في حال إسلامِها، أو علمَ إسلامهَا حالة الإصابَةِ أو دلَّ أهلَ الحربِ على عورةِ المسلمينَ أو فتنَ مُسلمًا عن دينِهِ بأنْ دعاهُ إليهِ، وزيّنَهُ لهُ، أوْ طعنَ في الإسلامِ، أو القرآنِ، أو ذكرَ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بسوءٍ، فأصحُّ القولينِ؛ أنَّه إن شُرط انتقاضُ العهدِ بها انتقضَ، وإلَّا فلَا (4).
ويُقامُ عليهِ حدُّ الزِّنا، سواءٌ قلنَا ينتقضُ عهدُهُ أمْ لَا، ثم بعدَ إقامةَ الحدِّ يجري عليه مقتضى الانتقاضِ، إذا حكمنا بالانتقاضِ، فإذا قتلَ لزناهُ وهو
(1)"منهاج الطالبين"(ص 314).
(2)
"المنهاج"(ص 314).
(3)
"كتاب الأم"(4/ 218).
(4)
"منهاج الطالبين"(ص 314).
محصنٌ صارَ مالُهُ فيئًا على الأصحِّ، لأنَّه حربيٌّ مقتولٌ، ومالُهُ تحتَ أيدينا.
ومَنِ انتقضَ عهدُهُ بقتالٍ، وجبَ دفعُهُ وقتالُهُ، أو بغيرِهِ لم يجبْ إبلاغُهُ المأمنَ على الأظهَرِ، بل يخيَّرُ الإمامُ فيهِ بين القتلِ والرِّقِّ والمنِّ والفداءِ، فإن أسلمَ قبلَ الاختيارِ امتنعَ الرِّقُّ، إلَّا إن نصبُوا القتالَ وصاروا حربًا لنا، وقاتلونا وقاتلناهم، فأخذنَاهم أسِرَّاءَ، فإنَّهُ يجرِي عليهم حكمُ الأسراءِ قطعًا، بل همْ أسراءُ، وإذا بطَل أمانُ رجالٍ لم يبطلْ أمانُ نسائهم، ولا الصِّبيانِ على الأصحِّ، وإذا اختارَ ذميٌّ نبذَ العهدِ واللحوقَ بدارِ الحربِ بُلِّغَ المأمنَ (1).
* * *
(1)"منهاج الطالبين"(ص 314).