الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
كتابُ الدَّعوَى والبيناتِ
الدَّعوَى لغةً: الطلبُ، ومنهُ قولُهُ تعالَى:{وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ} ، وأَلِفُها للتأنيثِ، فلا تنوَّنُ، وتُجمعُ على دعاوَى، بفتحِ الواوِ وكسرِها.
وشرعًا: إخبارٌ بنزاعِ حقٍّ أو باطلٍ بمجلسِ الحُكمِ.
والبيناتُ: جمع بيِّنةٍ، وهم الشهودُ؛ سُمَّوا بذلكَ لأنَّ بهم تتبيَّنُ الحقوقُ، والأصلُ في ال
بابِ
قولُهُ تعالى: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} الآية.
ومن السنةِ ما رواهُ الصحيحانِ عنِ ابنِ عبَّاسٍ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"لو يُعطَى الناسُ بدعواهم؛ لادَّعى ناسٌ دماءَ رجالٍ وأموالَهُم، ولكن اليمينُ على المدَّعي عليه"(1).
ورواهُ البيهقيُّ بلفظ: "البينةُ على المدعِي، واليمينُ على من
(1) رواه البخاري (4552)، ومسلم (1/ 1711).
أنكرَ" وإسنادُهُ حسنٌ (1).
لا بدَّ من المرافعةِ إلى القَاضِي، والدعوَى إن كانَ المستحَقُّ عقوبةً كالقصاصِ، وحدِّ القذفِ، والمحكم كالقاضِي إذا رضيا بحكمِهِ، والسيدُ يسمعُ الدعوَى على عبدِهِ، وإن لم يكنْ قاضيًا، وإذا استحقَّ عينًا فله أخذُها، إن لمْ يخفْ فتنةً، وكذا إنْ خافَ فتنةً خفيفةً لا ينتهي الحالُ فيها إلى ارتكابِ مفسدةٍ مقتضيةٍ للتحريمِ، وإلَّا فإن كانَ المستحِقُ رشيدًا، فلهُ التركُ، فلو أرادَ الخلاصَ، فلا بدَّ من الرفعِ إلى قاضٍ أو محكمٍ، فإنْ كانَ المتكلمُ في ذلكَ وليًّا لمحجورٍ عليه، أو ناظرَ وقفٍ وجبَ الرفعُ.
وإنْ كانَ المستحَقُّ دينًا على غيرِ ممتنعٍ من الأداءِ طالَبَهُ، ولا يحلُّ أخذَ شيءٍ له أو على منكرٍ، أو محجورٍ عليه لسفهٍ أو جنونٍ، أو غيرِ ذلكَ من وجوهِ الحجرِ، غيرَ الفلسِ، ولا بينة أخذ جنسِ حقِّه إن كانَ مثليًّا، فإن كانَ متقوَّمًا فحكمُهُ حكمُ غيرِ الجنسِ، وهو أنَّه يأخُذُ غيرَ جنسه على المذهبِ إذا فقدَه، فكذا هنا.
وغيرُ الجنسِ إذا لم يكن مثليًّا يأخذ قيمته من الدراهِمِ والدنانيرِ، ولا يعدلُ إلى العوضِ إلَّا (2) عندَ عدمِ النقدِ المذكور.
وإذا كانَ المديونُ محجورًا عليه بفلسٍ، وهو منكرٌ ولا بيَّنةَ، فإنَّ صاحبَ الدينِ لا يأخذُ من مالِه إلَّا قدرَ حصَّته بمقتضى المضاربة إن علمَ قدرَ حصته من ذلك، فإن لم يعلم قدر حصَّته امتنع عليه الأخذُ لئلَّا يأخذ ما يستحقُّه الغرماءُ دونه،
(1)"السنن الكبرى"(10/ 427).
(2)
في الأصل: "إلى".
والحكم في الميتِ المديونِ كذلك، وإن لم يُحْجَزْ عليه في حياتهِ.
وإن كان على مُقِرٍّ ممتنعٍ من الأداءِ، أو منكِرٍ وله بينةٌ فكذلك، وفي وجهٍ: يجبُ الرفعُ إلى القاضِي، وإذا جازَ الأخذُ فلهُ كسرُ بابٍ، ونقبُ جدارٍ، لا يصل إلى المالِ إلَّا به (1)، إذا كانَ البابُ أو الجدارُ للمديونِ المقصر بما ذكر، وأن يكونَ المديونُ غيرَ محجورٍ عليه بفلسٍ، وغيرَ راهنٍ الدَّارَ التي يُفعلُ في بابِها وجدارِها ما ذُكر الرَّهنَ اللازمَ بالقبض المعتبر، ولم يطرأ على المديونِ المقصِّرِ حَجْرُ سفهٍ. قال شيخُنا: والوقوف على إجازَةِ الكسرِ والنَّقبِ أولى.
ثم إذا كان المأخوذُ من جنسِ الحقِّ مَلَكَهُ بمجردِ أخذِهِ عن حقِّه، ومن أخذه يبيعه بثمنِ المثلِ من نقدِ بلدِ الأخذِ حالًا أو معينًا، ويستوفي من النقدِ إن كانَ دينُه من ذلك النقدِ، وعندَ الاستيفاءِ بملك الذي استوفاه من النقدِ، وإن كانَ دينُهُ غيرَ نقدٍ فإنَّه يشتري بالنقدِ من جنسِ الدينِ الذي له بقيمةِ المثلِ، ويستوفي الدينَ الذي له ويملكه عند الاستيفاءِ، ولا يحتاجُ بها البيعِ إلى إذنِ القاضِي حيث كانَ القاضِي جاهلًا بالحالِ، ولا بينةَ، والمأخوذُ مضمون عليهِ في الأصحِّ إنْ كانَ منْ غيرِ الجنسِ، فإن كانَ من الجنسِ ضمنَهُ قطعًا، وإذا تعذَّرَ عليهِ جنسُ حقِّه فعدَلَ إلى غيرِ جنسِهِ جازَ، وإذا أخذَهُ صارَ ضامنًا لهُ قبلَ أن يبيعَهُ، وبعدَ أن يبيعَهُ إلى أَنْ يُسلِّمَهُ، فإذا سلَّمَهُ لا يكونُ ضامنًا له، ويصيرُ ضامنًا لما استوفَى من ثمنِهِ ضمانَ يدٍ مترتبةٍ على الاستيفاءِ. والمذهبُ المعتمدُ أنَّه لا يجوزُ لزيد أن يأخُذَ من مالِ بكرٍ ما لعمرٍو على بكرٍ، حيث كان لزيد على عمرو مال، خلافًا لما في "الروضة"(2) تبعًا للشرحِ،
(1)"منهاج الطالبين"(ص 351)، و"مغني المحتاج"(6/ 402)، و"نهاية المحتاج"(8/ 336).
(2)
"روضة الطالبين"(12/ 7).
والأظهرُ أنَّ المدعي مَن يخالفُ قولَهُ الظاهر أو قرب منه، وفي قولٍ: مَن يخلّى وسكوتُهُ، والمدعى عليه بخلافِه فيهما (1).
* * *
واعلم أنَّ الظاهرَ غيرُ مطردٍ، فإنَّ مَن يدعي عدالة من شهدَ له من مستوي الحالِ لا يخالفُ قوله الظاهرُ، وهو مدعٍ قطعًا، وكذلك دعواه حريةَ من شهدَ لهُ أنَّ الظاهرَ في الناسِ الحريةُ، وقد جعلناهُ مدعيًا، فإذا أسلمَ زوجانِ قبل وطءٍ وجاءانا مسلمَيْنِ، فقال الزوجُ: أسلمنا معًا، فالنكاحُ باقٍ، وقالت: مرتبًا، على وجهٍ يقتضي انفساخَ النكاحِ. فالأظهرُ أنَّ القولَ قولُ الزوجَةِ بيمينِها؛ لأنَّ الظاهرَ هنا هو المعتادُ في إسلامِ الزوجينِ، وهو التعاقُبُ، وخالفَ في ذلك شيخُنا، فرجَّح أنَّ القولَ قولُ الزوجِ بيمينِهِ (2).
ومتى ادَّعى نقدًا ولم يعين فيه جهةً يتعينُ فيها الحلولُ، فلا بدَّ من التعرُّضِ للحلولِ.
ويشترطُ بيان النوعِ، ويكفي ذكرُهُ عنِ الجنسِ إذا عُرِفَ من ذِكْرِ النوعِ الجنسُ المدعَى وقدر إلَّا في الدينارِ والدراهِمِ، فلا يحتاجُ إلى ذكر القدرِ، ويحملُ على الدينارِ الشَّرعيِّ والدِّرهمِ الشرعيِّ، وصحَّةٍ وتكسيرٍ إن اختلف الغرضُ بهما، وإن كانَ مغشوشًا فلا بدَّ من ذكرِ القيمةِ.
وإن ادعى عينًا تنضبطُ بالصفاتِ المعتبرَةِ في السَّلمِ، كحيوانٍ وجب ولم تكن حاضرةً في مجلسِ الدَّعوى وصفها بصفةِ السَّلَم، إلَّا إذا كانَ الحيوانُ قد استحقَّ بوصيَّةٍ، بأن قال الموصي: أعطوه بنتَ مخاضٍ من إبلي، وله بنتا
(1)"منهاج الطالبين"(ص 351).
(2)
"منهاج الطالبين"(ص 351).
مخاضٍ فأكثر، فإنَّه إذا ماتَ ومنع الوارثُ المستحَقَّ مما أوصَى له مورِّثُهُ به يدعى الموصى له حيئذٍ باستحقاقِ بنتِ مخاضٍ من إبلِ الموصي، ولا يتعرَّضُ لوصفِها؛ لأنَّ الموصِي لم يتعرَّضْ لذلكَ (1).
ومما يستثنَى أيضًا: ما أثبتَهُ الشارعُ بسنٍّ لا بصفةٍ، فيما أوجبَهُ من المواشِي في الزَّكاةِ، فإنَّه إذَا ادَّعى المستحقونَ المحصورونَ على المالكِ بذلك، أو ادَّعى به حسبة حيث لم ينحصرِ المستحقُّونَ بناء على سماعِ دعوَى الحسبةِ، فإنَّه إنما يتعرَّضُ في الدعوى للسنِّ الذي أوجبَهُ الشارعُ، فيقولُ المستحقُّون المحصورون: نستحقُّ على هذا بنتَ مخاضٍ من النصابِ الذي وجبِ عليه فيه الزكاة، وهو خمسٌ وعشرون من الإبلِ السائمةِ التي حالَ الحولُ عليها وهي ملكه.
ومما يستثثَى أيضًا: إذا قال مسلمٌ مكلَّفٌ رشيدٌ: إن شفَى اللَّهُ مريضي، أو ردَّ غائبِي، فللهِ عليَّ أَنْ أتصدَّقَ على الفقيرِ الفلانِي ببنتِ مخاضٍ من إبلي. وفي إبلِهِ بنتا مخاضٍ فأكثرَ، فإذا وجبَ عليه ذلك ومنع الفقيرَ مستحَقَّهُ، فالفقيرُ يدَّعي عليه بأنَّه يستحقُّ عليه بنتَ مخاضٍ من إبلِهِ، بمقتضَى النذرِ الذي صدَرَ منهُ، ولا يتعرَّضُ لوصفِ بنتِ المخاضِ؛ لأنَّ الناذِرَ لم يتعرَّضْ في النذرِ لوصفِها.
وإن كانَ المدعى بِه عينًا غير نقدٍ، وهي مما لا يضبطُ بالصفَّةِ كالمختلطَاتِ التي لا ينضبطُ قدار أخلاطها، فيصفها على وجهٍ يحصل به التمييزُ، ولا يصفها بصفاتِ السلم.
وإن كان المدعى بِه دينًا غيرَ نقدٍ، فإن كانَ دينًا ثبتَ بأمرٍ اختياريٍّ من بيعٍ
(1)"منهاج الطالبين"(ص 351).
وأجرةٍ وسلمٍ وقرضٍ، فلا يكونُ هذا إلَّا منضبطًا، فيذكرُ الصفةَ المعتبرةَ فيه، وفي. . . (1) يرد المثلَ من حيث الصورةِ في المتقوَّمِ، فلا بدَّ من مراعاةِ القيمةِ، فلا بدَّ من. . . (2) وإن كانَ المدعَى به دينًا ثبتَ بغيرِ الاختيارِ، كما في إبلِ الديةِ والغُرَّةِ في الجنينِ وما انتقلَ من العينِ إلى ذمَّةِ المالكِ في زكاةِ المواشِي.
وأما زكاةُ الفطرِ فإنَّها لا تكونُ إلَّا في الذِّمَّةِ، فهذا إنما يضبطُ بما ضبطَهُ به الشارعُ، ولا يتعدَّى إلى غيرهِ، وإذا كانتِ العينُ تالفةً كفى الضبطُ لصفاتٍ إن كانتْ مثليَّة، ولا يشترطُ ذكرُ القيمةِ. فإن كانتْ مبيعةً لم يقبضها المشتري، لم يذكر الأوصاف وادَّعى الثمنَ فقط إن كان أقبضهُ أو بما أقبض منه، ولو كانت مثلية لكنها تضمن بالقيمةِ كما في المستعارِ، فإنَّه لا بدَّ من ذكرِ القيمةِ.
وكذا حيثُ توجَّه الطلبُ بالقيمةِ في المثليِّ، كما ذكرَهُ شيخُنا في الغصبِ، وإن كانتْ متقوَّمةً شرطَ ذكر القيمةِ فقط. فإنَّ الواجبَ عندَ تلفِ العينِ إنَّما هو القيمةُ. هذا إذا لم تكنِ العينُ مبيعةً لم تُقبضْ. فإنْ كانتْ مبيعةً لم تقبضْ وتلفتْ في يدِ البائعِ، فإنَّ الواجبَ إنَّما هو الثمنُ للمشتري على البائعِ، إن كانَ البائعُ قد قبضَهُ، فيُذكرُ في الدَّعوَى الثمنُ لا القيمةُ كما تقدَّم.
ولو كانتْ باقيةً، ولكنها في بلدٍ آخرَ، وهي البلدُ التي غصبها فيها، وكان لنقلِها مؤنةٌ فإنَّه يذكرُ قيمتها لأنها المستحقَّة في الحالةِ المذكورةِ.
ويشترطُ في صحَّةِ الدَّعوى الالتزامُ، فيقولُ ويلزمهُ التسليمُ، إلَّا (3) إذا قصَدَ
(1) مطموس بالأصل.
(2)
مطموس بالأصل.
(3)
في الأصل: "إلى".
بالدعوى تحصيلَ المدعى به.
ولا تصحُّ الدَّعوى بالمجهولِ إلَّا في مسائلَ؛ أفردناها بتصنيفٍ ورتَّبناها ترتيبَ أبوابِ الفقهِ.
وتُسمعُ الدعوَى بالمختصاتِ كالكلبِ الذي يقتنى، والسرقين، والسرجين، ونحو ذلك طلبًا للردِّ لا للضمانِ.
وإنِ ادَّعى نكاحًا لم يكفِ الإطلاقَ في الأصحِّ على الجديدِ، وعلى مقابله فلا بدَّ مِن تقييدِه بالصحَّةِ، وحيث قُلنا بالجديد، فيقولُ: نكحتُها بوليٍّ يصحُّ عقدُهُ، وإن كانَ فيها رقٌّ يقولُ: زوجنيها مالكُها الذي له إنكاحُها، وإن كان حرًّا قال: وأنا عاجزُ عن الطَّولِ، وخائف من العنتِ وهي مسلمة. إذا كان الزوجُ مسلمًا حرًّا كان أو عبدًا، وإن كانَا كافرينِ وحصلَ الإسلامُ، فلا بدَّ من التعرُّضِ لفقدِ طولِ حرَّةٍ، ووجود خوف العنتِ عندَ اجتماعهما على الإسلامِ، كما هو مقرَّرٌ في موضعِه.
وفي المبعَّضَةِ يقولُ: تزوجتُها بوليٍّ ومالكٍ، ويذكر ما تقدَّمَ من الشروطِ، ويذكرُ مع الوليِّ شاهدَي عدلٍ ورضاها، إنْ كانَ يشترطُ.
ويستثنَى من التفصيلِ أنكحةُ الكُفَّارِ، فلا يحتاجُ في الدَّعوى بها إليه، بل يقولُ: هذه زوجتِي.
وإن ادَّعى استمرارَ نكاحِها بعد الإسلامِ فيذكرُ ما يقتضِي تقريرُه بعد الإسلامِ.
وإنِ ادَّعى عقدًا ماليًّا كبيعٍ وهبةٍ كفى الإطلاقِ على الأصحِّ.
ولا بدَّ من التقييدِ بالصحَّةِ كما سبقَ، ومَن قامتْ عليه بينةٌ ليس له تحليفُ المدعي إلَّا في صورتينِ:
إحداهما: إذا قامتِ بينةٌ باعتبارِ المديونِ، فإن لصاحبِ الدينِ تحليفَهُ على الأصحِّ بجوازِ أَنْ يكونَ لَهُ مالٌ في الباطنِ.
الثانيةُ: إذا أقامَ (1) المدعي للعينِ بينةً أنها ملكه، وقال الشهودُ: لا نعلمه باعَ ولا وذهب، فإن الشافعيَّ قال: أُحلِّفُهُ أن هذه الدَّابَّةَ ما خرجتْ من ملكهِ بوجهٍ من الوجوهِ، ثم أدفعُها له. انتهى.
وهاتانِ الصُّورتانِ يرجع أمرهما إلى أن الشهادَةَ التي لا تعتمد معاينةً ولا سماعًا، وإنما تعتمد ظاهرًا من إعسارٍ، واستصحابًا للملكِ لا بدَّ معها من الحلفِ بطلب الخصمِ، فإن ادَّعى أداءً وإبراءً، أو شراءَ العينِ أو هبتها، أو اقباضها، حلفَ على نفيهِ إذا ادعَى حدوثَ شيءٍ من ذلك بعدَ قيامِ البينةِ، ومضى بعد قيام البينة زمان إمكان حدوثِهِ، وادَّعى صدورَه قبل قيامِ البينة وقبل حكم القاضِي.
فأمَّا إذا ادَّعى حدوثَ شيءٍ مِن ذلكَ بعد قيامِ البينةِ وقبل إمكانِ حدوثِهِ، فلا يلتفتُ إليه، وإذا كانتِ البينةُ من جهةِ المدعي شاهدًا ويمينًا فلا يحلفُ المدعي على نفي ما ادَّعاهُ المدَّعى عليه، من الإبراءِ، والأداءِ، لأنَّ الحلفَ مع الشاهدِ قد يعرضُ فيه الحالفُ لاستحقاقِ المدعَى به، فلا يكلَّفُ بعد ذلك الحلفَ على نفي ما ادَّعاه المدعي عليه لسبق ما يقتضي ذلك في الحلفِ مع الشاهدِ، ويحلفه إذا ادَّعى علمُهُ بفسقِ شاهدِهِ، أو كذبه على الأصحِّ.
وإذا استمهلَ ليأتي ببينةٍ لم يمهَل على النصِّ، وعلى ذلك عملُ الناسِ، ويقضى للمدعي بما توجَّه.
فإنْ أتَى المدَّعى عليه بما يخالفُ ذلكَ عمل بمقتضاهُ.
(1) في الأصل: "إذا قام".