الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
باب الهُدنَةِ
هي لغةً: المُصالحَةُ.
وشرعًا: المصالحةُ معَ الكُفَّارِ بعوضٍ أو غيرِهِ، ويسمَّى هذا العقدُ مهادنةً (1)، ومعاهدةً، ومسالمةً، وموادعةً. وقَد هادَنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قريشًا عامَ الحديبيةِ عشرَ سنينَ، ووادعَ اليهودَ على غيرِ جزيةٍ لمَّا نَزَلَ المدينةَ حينَ كانَ في المسلمينَ قلَّةٌ.
والأصلُ في البابِ قبلَ الإجماعِ قولُهُ تعالَى: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} إلى
(1) في الأصل: "مهادة".
قوله: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} أي: كونوا آمنينَ فيها هذه الأشهرِ، وقوله تعالى:{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} .
المهادنة معَ الكُفَّارِ مطلقًا، أو معَ أهلِ إقليمٍ لا يعقدُهَا إلَّا الإمامُ (1)، ويجوزُ لوالي الإقليمِ المفوض إليهِ القيامُ بمصالحِ البلدِ من غيرِ تقييدٍ المهادنةُ معَ أهلِ قريةٍ أو بلدةٍ في إقليمِهِ للمصلحةِ، أو بلادٍ في إقليمِهِ دعتِ الحاجةُ إلى مهادنةِ أهلِها، وظهرتِ المصلحةُ في ذلكَ، وكذا لو كانتِ البلدَةُ مجاورةً لإقليمِهِ وظهرتِ الحاجةُ لذلكَ، ورأَى المصلحةَ لأهلِ إقليمِهِ في ذلكَ أو القريةِ أو القُرَى أو البلادِ المجاوِرَةِ لإقليمِهِ؛ من جهةِ أنّهُ مفوَّضٌ إليهِ القيامُ بمصالِحِ إقليمِهِ.
وهذا من جملةِ المصالحِ، وإنَّمَا تعقد لحاجَةِ الضعفِ مع مصلحةٍ منتظرَةٍ، وتحصيل أُهْبةٍ، وتعقدُ مع القوَّةِ للمصلحةِ، وإذا لمْ يَكُنِ بالمسلمينَ ضعفٌ لم تجُزِ المهادَنةُ سنةً على المذهبِ، وتجوزُ أربعةَ أشهرٍ، ولا تجوزُ دونَ سنة بمدَّةٍ يمكنُ الخروجُ في ذلك الدونِ على الأظهرِ، ويضعف تجويزٌ بحسب الحاجةِ، ولا يُزاد على عشرٍ (2).
ويستثنى من المدتينِ المذكورتينِ الهدنةُ مع النساءِ خاصَّةً، فإنهنَّ يجوزُ أَنْ يعقد لهنَّ الهدنةُ من غيرِ تقييدٍ. وقد سبَقَ شيءٌ من هذا في الأمانِ.
(1)"منهاج الطالبين"(ص 315).
(2)
"منهاج الطالبين"(ص 315).