الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* ضابطٌ: ليسَ لنا مبعَّضٌ يكفرُ بالإعتاقِ إلَّا هذا.
* * *
فصل
حلفَ لا يسكُنُها، أو لا يقيمُ فيها، فليخرجْ في الحالِ من بابِها إن أمكنَهُ، فلو لم يمكنهُ أن يخرجَ مِن بابِها لم يحنثْ بالصُّعودِ للخروجِ، ولو كانَ لها بابانِ لم يحنَثْ بالخروجِ من أحدهما؛ لأنّه أخذَ في الخُروجِ، وإن بَعُدَ مسلكُهُ، فإنْ مكثَ بلا عذرٍ حسِّيٍّ بأنْ أغلقَ عليه البابَ أو منعَ من الخُروجِ، أو خافَ على نفسِهِ أو مالِهِ لو خرَجَ، أو كانَ مريضًا أو زَمِنًا لا يقدرُ على الخروجِ ولم يجدْ من يخرجُهُ أو مرضَ وعجزَ بعد الحلفِ على الأصحِّ من قولي المكره.
أو شرعيٌّ كما لو ضاقَ عليهِ وقتُ الصَّلاةِ، ويعلمُ أنَّه إنْ خرَجَ منهَا فاتتهُ، فإنَّهُ يحنثُ لعدمِ عذرِهِ، ولا يحنَثُ بوجودِ عذرٍ مما تقدَّمَ.
وإن اشتغلَ بأسبابِ الخروجِ كجمعِ متاعٍ، ولبس ثوبٍ، وإخراج أهلٍ لم يحنَثْ، ولا يمكثُ في عود لِنقلِ متاعٍ، أو زيارة، أو عيادة، أو عمارة، ولو حلفَ لا يساكنه في هذه الدارِ فكالتي قبلَهَا، وغير الحالفِ لو خرجَ في الحالِ فلا حنثَ، ولو بني بينهما حائلٌ من طينٍ أو غيرِهِ فالأصحُّ عندَ الجمهورِ يحنثُ، لحصولِ المساكنَةِ إلى تمامِ البناءِ، هذا إذا كانَ البناءُ بفعلِ الحالفِ أو بأمرِهِ أو بفعلِهما أو بأحدِهما.
فأمَّا لو كان البناءُ بأمرِ غيرِ الحالفِ إمَّا المحلوفِ عليهِ أو غيره، فإنَّه يحنثُ الحالِفُ قطعًا؛ لأنَّه لم يفعلْ ولم يأمُرْ بالبناء، لم يكن مشتغلًا برفعِ المُساكنَةِ، فتوجَّهَ إليه الحنثُ قطعًا.
ولو حلفَ لا يدخلُها وهو فيها، فلا حنثَ بالإقامةِ فيها، أو لا يخرج منها وليس فيها، فلا حنثَ إلَّا بخروجٍ منها بعد دخولِها.
وإن حلفَ لا يتزوجُ، أو لا يتطهَّرُ أو لا يلبسُ أو لا يركبُ، أو لا يقعدُ، فاستدام هذه الأحوالَ حنثَ إلَّا في التزوجِ والتطهُّرِ فلا يحنثُ باستدامتهما.
ولا يحنثُ إذا حلفَ لا يتطيب واستدامه على الأصحِّ، ويحنث باستدامة الوطء والصوم والصلاة على الأصحِّ خلافًا في "المنهاجِ".
وإذا حلفَ لا يدخلُ دارَ كذا، حيث بأن يصيرَ داخل محوط الدارِ بأي وجهٍ كانَ باختيارِهِ، إلَّا في الحجرةِ التي باجها خارجَ الدَّارِ وهي فوقَ الدارِ، ولا يحنثُ بالسطحِ غيرِ المحوطِ، وكذا المحوط من جانبين أو ثلاثةٍ أو أربعةٍ على الأصحِّ بتحويط مانع نيئًا أو خشب ونبق، فأمّا ما ليس بمانع كالقصب وما ضعفُ من الخشبِ فلا يحنثُ بمصيره فيه قطعًا.
فإن كان المحوطُ سقفًا كلُّه حنثَ قطعًا، إذا كانَ يصعدُ إليهِ من الدَّارِ، وكذا إن كان مسقفًا بعضُهُ وصارَ الحالفُ تحتَ المسقفة، فإن صارَ في المكشوفِ من السطح بالتسور أو بالنزولِ من دار الجارِ مثلًا، فإنَّهُ لا يحنثُ.
ولا يحنثُ بدخولِ طاقٍ قدام البابِ على الأصحِّ، ولا يحنثُ بدخولِ يدهِ أو رأسِهِ أو رجلِهِ التي إنْ وضعَ رجلَهُ فيها معتمدًا عليها، وباقي بدنِهِ خارجها حنثَ.
وإذا انهدمَتِ وبقي منها شيءٌ فإن منعَ الهدمُ من سُكنَى الباقي وسكنى المنهدم لم يحنثْ بدخولِ الباقي، ولا بدخولِ المستهدمِ، وإن نفع من سكنى المستهدم دون الباقي على عمارتِه لم يحنثْ بدخول المستهدمِ منها، ويحنثُ بدخولِ الباقي من عمارتِها.
ولو انهدمت بيوتها وبقي سورها، وهو مانعٌ لعلوِّه، فإنَّ الحالفَ يحنثُ بدخولِهِ، وإن كانَ غيرَ مانعٍ لِقصرِهِ فلا يحنثُ بدخولِهِ على الصحيحِ، ولا يحنثُ إذا صارتْ فضاءً، أو جُعلتْ مسجدًا أو حمًّامًا أو بستانًا بعدما انهدمت.
وإذا حلفَ لا يدخلُ دار زيدٍ، حنثَ بدخولِ ما ملكَهُ، وإن لم يسكنْهُ، إلَّا أن يريدَ مسكنَهُ.
وإن حلفَ لا يدخلُ دارَ زيدٍ، أو لا يكلِّمُ عبدَهُ أو زوجتَهُ فباعهما، وزالَ ملك البائعِ عنهما، أو طلَّقهَا بائنًا، لم يحنَثْ.
فلو قالَ دارُهُ هذهِ، أو زوجتُهُ هذه، أو عبدُهُ هذا، فيحنثُ، إلَّا أن يريدَ ما دامَ ملكَهُ، ولا يحنثُ إذا كلَّمهما بعد البيعِ وزوالِ الملكِ عنهما، أو كلمهما بعدَ الطلاقِ البائنِ.
وإن حلفَ لا يدخلها من ذا البابِ، فنُزع ونُصبَ في موضعٍ آخرَ منها حنث بالأوَّلِ على النصِّ دونَ الثَّاني. وقيل: لا يحنثُ بواحدٍ منهما.
ولو حلفَ لا يدخلُ بيتًا حنثَ بكلِّ بيتٍ من طينٍ أو حجرٍ أو آجرٍّ أو خشبٍ أو خيمةٍ إذا كانَ الحالفُ عربيًّا، فأمَّا العجميُّ إذا قال بالفارسيَّةِ "درخانة نشوم"(1) فعنِ القفَّالِ أنَّه لا يحنثُ بالخيمةِ، ولا ببيتِ الشعرِ؛ لأنَّ العجمَ لا يطلقونَ هذا الاسمَ عليها، بل على المبنيِّ، وعلى هذا جرَى الإمامُ والغزاليُّ والرُّويانيُّ وغيرُهم، ورجَّحَهُ الرَّافعيُّ في "الشرحِ الصغيرِ".
ولا يحنثُ بمسجدٍ وكنيسةٍ وغار جبلٍ لم يتَّخذْ مسكنًا، فأما ما اتُّخذَ من ذلك مسكنًا فإنَّه يحنثُ به على أصلِ الشافعيِّ رضي الله عنه.
(1)"الوسيط"(7/ 227) للغزالي.