الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والثاني: أَنْ يتمكنْ من منعهِم لو اتبعوا أهلَ البغي بعدَ هزيمتِهم.
ولو أمَّنُوا أهلَ الحربِ على أن يقاتلُونا معهم لم ينفذْ أمانُهم علينا ونفذ عليهم على الأرجحِ، فلو قالُوا: ظننا أنَّهُ يجوزُ لنا أن نُعينَ بعضَ المسلمينَ على بعضٍ، أو ظننا أنهم المحقُّونَ، أو ظننا أنهم استعانُوا بنا في قتالِ الكفارِ، فالأصحُّ أنا نبلغهم المأمنَ ونقاتلهم مقاتلةَ البغاةِ، ولا يتعرضُ إليهم مدبرينَ.
وإذا أعانهم أهلُ الذِّمَّةِ عالمينَ بتحريمِ قتالِنا انتقضَ عهدهم مطلقًا في حق أهلِ العدلِ وأهلِ البغي أو مكرهينَ فلا على المذهبِ، ولا يشترطُ ثبوتُ الإكراهِ بل يكفِي في عدمِ انتقاضِ عهدهم ذكرُ عذرِ الإكراهِ، وكذلك لا ينتقض عهدهم إن قالوا:"ظننا جوازَهُ"، أو أنَّهم محقُّون على المذهب، ويقاتلونَ حينئذٍ كبغاةٍ، حتى لا يُتبع مدبرهم، ولا يُذفف على جريحهم، ويضمنون ما أتلفوه في حالِ القتالِ على المنصوصِ (1).
* * *
فصل
شرطُ الإمامِ كونُه مسلمًا مكلفًا حرًّا ذكرًا عدلًا قرشيًّا مجتهدًا شجاعًا ذا رأيٍ وكفايةٍ وسمعٍ وبصرٍ ونطقٍ، سليمًا من نقصٍ يمنعُ استيفاءَ الحَركةِ وسرعةِ النهوضِ واحدًا واحدًا (2)، فلا يجوز نصبُ إمامينِ في وقتٍ، وإن تباعد إقليماهما (3).
فإن لم يوجدْ قرشيٌّ مستجمعُ الشروطِ، فكنانيٌّ، فإن لم يوجد فرجلٌ من
(1)"منهاج الطالبين"(ص 291) و"روضة الطالبين"(10/ 60 - 61).
(2)
كذا وقع مكررًا بالأصل.
(3)
"منهاج الطالبين"(ص 292).
ولد إسماعيلَ صلى الله عليه وسلم، فإن لم يكن فيهم مستجمعُ الشرائطِ ففِي "التهذيب" أنَّه يُوَلَّى رجلٌ من العجمِ، وفِي "التتمةِ" أنَّه يُوَلَّى جرهميٌّ، وجرهم أصلُ العربِ، فإن لم يوجد جرهميٌّ فرجلٌ من ولدِ إسحاق صلى الله عليه وسلم.
وتنعقدُ الإمامةُ بالبيعةِ، والأصحُّ اعتبارُ بيعة أهلِ الحل والعقدِ من العلماءِ والرؤساءِ ووجوهِ الناسِ الذين تيسَّر اجتماعُهم.
وشرطُهُم: صفة الشهود، ولا يعتبر العدد حتى لو تعلَّق الحل والعقد بواحدٍ مطاعٍ كفتْ بيعتُه لانعقادِ الإمامة، والأصحُّ أنَّه لا يشترط الإشهاد إن كان العاقدون جميعًا، فإنْ كانَ واحدًا اشترط الإشهاد حينئذٍ.
وتنعقدُ الإمامة أيضًا باستخلافِ الإمامِ، فلو جعلَ الأمرَ شورى بين جمعٍ فكالاستخلافِ، فيرتضونَ واحدًا منهم، وتنعقد أيضًا باستيلاء جامع الشروط، والأصحُّ انعقادها بالفاسق والجاهل.
وتنعقدُ الإمامةُ لعبد عدلٍ قامتْ له الشوكة، ولو قامت الشوكةُ لامرأةٍ فالظاهرُ كما قال شيخنا تنفيذُ ما يصدُر منها للضرورةِ، ولو قامت الشوكة لكافرٍ فهي كما قال شيخنا بليَّةٌ طامَّة وداهية عامَّة، ولا بدَّ من نفادِ أحكامِ الناسِ، وصحةُ عقودِ أنكحتهم، ولكن من الحكامِ المسلمينَ الذينَ نصبهُم ذلكَ الكافرُ ولا حولَ ولا قوَّة إلا باللَّه.
وإذا ادَّعى مَن عليهِ الزكاةُ دفعها لإمامِ البُغَاةِ أو إلى مَن فوَّضَ إليه إمامُهم ذلكَ صدِّقَ بيمينهِ استحياء عندَ الارتيابِ، ولا يصدَّقُ مَن عليه الجزيةُ في دفعها لمنْ ذكرنَا على الصحيحِ، ولا مَن عليه الخراجُ في دفعهِ على الأصحِّ، ويُصدَّق في حدّ أقرَّ بهِ، وإلَّا فيعملُ بما إذا أقامَ البينةَ بأنَّ إمامَ البغاةِ أو مَن فوَّضَ إليهِ ذلكَ استوفاهُ.
* * *