الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو كانَ له عُشْرُ دارٍ لا يصلحُ للسُّكنَي، فالمنصوصُ إجبارُ صاحبِ الأقلِّ الذي لا ينتفعُ بنصيبِهِ بطلبِ صاحبِ الأكثرِ الذي ينتفعُ بنصيبِهِ، وإن كانَ صاحبُ الأقلِّ ينتفعُ بنصيبِهِ بأن يكونَ له مكانٌ يضمُّه إلى عشرٍ هو يصلحُ الكل للسكنَى أو ينتفع غيرُهُ بما صارَ إليهِ، فإنَّه يُجابُ إلى ذلكَ على مقتضى إطلاقِ نصِّ "الأمِّ"، و"المختصر"، ومفهومُ نصِّ "الأمِّ" لأنَّ لَهُ مقصدًا في تمييزِ ملكِهِ وإراحتِهِ من شريكِهِ، وهو مقصدٌ حسنٌ، فينبغي أَنْ يُجابَ كمَا تقدَّمَ.
* * *
وما لا يعظُمُ ضرَرُهُ فقسمتُهُ أنواعٌ
(1):
أحدها: بالإجزاءِ، كمِثْلِيٍّ، ودارٍ متفقَة الأبنية، وأرض مشتبهة الأجزاء، فيجْبَرُ الممتنعُ على الأصحِّ، فتميز السِّهامُ كيلًا، ولو خرصًا في ثمرةِ النَّخلِ، والعنبِ، أو وزنًا، أو زرعًا بعددِ الأنصباء إنِ استوتْ، ويكتبُ في كلِّ رقعةٍ اسمَ شريكٍ، وتُدْرَجُ في بنادِقَ مستويةٍ، ثم يُخرجُ مَن لم يحضرها رقعة على الجزءِ الأوَّلِ، ولا يجوزُ العدولُ إلى كتابةِ الأجزاءِ؛ لما فيه من المحذوراتِ، كما قالَهُ شيخُنا.
فإنِ اختلفتِ الأنصباءُ، كنصفٍ وثلثٍ، وسدسٍ، جزِّئتِ الأرضُ على أقلِّ السِّهامِ وقسِّمَتْ على ما (2) تقدَّمَ من كتابَةِ الأسماءِ وإخراجِها على الأجزاءِ، ويُحترزُ على تفريقِ حصَّةِ واحدٍ.
(1)"روضة الطالبين"(11/ 204).
(2)
في الأصل: "كما".
الثَّاني: بالتعديلِ (1)، كأرضٍ تختلفُ قيمةُ أجزائِها بحسبِ قوَّةِ إنباتٍ، وقربِ ماءٍ، ولا يمكنُ قسمتها إلَّا بالتعديلِ، فيجبرُ الممتنعُ عليها على المذهب.
ولو استوتْ قيمةُ دارينِ، أو حانوتينِ، فطلبَ جَعْلَ كلِّ واحدٍ لواحدٍ فلا إجبارَ إلَّا إذا كانتِ الدارانِ لهما بملكِ القُربَةِ المشتملة عليهما أو شركتهما بالنصفِ وملكا قسمة للقربةِ، واقتضتِ القسمةُ نصفينِ، جعلَ كلَّ دارٍ نصيبًا، فإنَّه يُجْبَرُ على ذلك.
وإذا كان الحانوتانِ مثلًا صفينِ ولا يتحملُ كلٌّ منهما القسمةَ، فيُجْبَرُ الممتنعُ على القسمةِ في الأصحِّ للحاجَةِ.
أو استوتْ قيمةُ عبيدٍ أو ثيابٍ من نوعٍ، أُجْبِرَ على الأصحِّ، إلَّا إذا تباينتْ فيها القيمةُ، بحيثُ لا يمكنُ تعديل إلَّا ببقيةٍ تبقَى الشركةُ فيها، فإنَّهُ لا إجبارَ في ذلك على المذهبِ، أو نوعينِ فأكثرَ، فلا إجبارَ إلَّا إذا كانَ منها نوعٌ متعددٌ فيُجْبَرُ في هذه الصورةِ على قسمةِ المتعدِّدِ من النوعِ بالتعدِيلِ الذي لا يبقَى معهُ بقيةُ شركةٍ، كما سبقِ.
الثالث (2): بالردِّ، بأن يكونَ في أحدِ الجانبينِ بئرٌ أو شجرٌ لا يمكنُ قسمتُهُ، ولا بنقلِهِ في أحدِ الجانبينِ بالتعديلِ، فيردُّ مَن يأخذه قسطَ قيمتِهِ، ولا إجبارَ فيه، وهو بيعٌ إلَّا القدرَ الذي لم يحصُلْ في مقابلةِ ردٍّ، فإنَّ الذي له منه بطريقِ الإشاعةِ لم يقعْ عليهِ بيعٌ، وقسمةُ التعديلِ بيعٌ على المذهبِ في القدرِ الذي حصلتْ فيه الزيادَةُ والنُّقصانِ، فأمَّا ما لسُوى ذلكَ فإنَّ الأرجحَ فيه الإقرار.
(1)"روضة الطالبين"(11/ 210).
(2)
"روضة الطالبين"(11/ 214).
وإذا جرتْ قسمةُ التعديلِ بالتراضِي فبيعٌ قطعًا، وقسمةُ الأجزاءِ إفرازٌ على الأرجحِ، فإنْ جرتْ بالتراضِي فبيعٌ قطعًا.
ويشترطُ في الردِّ الرضَا بعدَ خروجِ القُرعةِ على الأصحِّ، وكذا لو تراضيَا بقَسْمةٍ فلا إجبارَ فيه، فإنَّه يُشترطُ الرِّضا بعد خروجِ القرعةِ على الأصحِّ، وإذا جرتِ القسمةُ التي يُجبر عليها بالتراضِي فيعتَبَرُ تكريرُ الرِّضا بعد خروجِ القرعةِ على الصحيحِ، كقولهما: رضينا بهذه القسمةِ، أو بما أخرجتْهُ القُرعةُ، ولا بدَّ من سبقِ علم ذلك على الرضا.
ولو ثبتت أيُّ بينةٍ غلطٌ أو حيفٌ في قسمةِ إجبارٍ نقضت، فإن لم يثبتْ وادَّعاهُ واحدٌ الدعوى المعلومةَ القدرِ، فله تحليفُ شريكِهِ إذا كانتِ الدَّعوى عليه، أو كانت عليه وعلي القسام، فإن كانت الدعوى على القسَّامِ وحدَهُ فلا يُحَلِّفُ واحدًا منهما، ولو دعاه في قسمةِ تراضٍ لا إجبارَ فيها فالأصحّ أنَّه لا أثرَ لهذا الغلطِ، ولا فائدةَ لهذه الدعوَى، إذا وجدَ تحديد الرضا بعد خروجِ القرعةِ، ولم يذكر تأويلًا يقتضي سماع دعواهُ، ولم يعترفْ له الشركاءُ بما ادَّعاه، وإذا قلنَا أنها إفرازٌ نُقِضَتْ إن ثَبَتَ إذا لم يعلمِ الزائدُ أو علمه، ولم يرضَ بمصيرِه لشريكِهِ أو رضيَ بهِ، ولم يحصلْ من الشريكِ رضًا به، أو رضيَ به ولم يحصل أمرٌ يلزمْ به التمليكُ، وإلَّا فيحلفُ شريكُهُ كما قدَّمناهُ.
وإذا لم تنقضِ القسمةُ لو ثبتَ فلا يحلفُ شريكُهُ، ولو استحقَّ بعضَ المقسومِ شائعًا بطلتْ فيه وصار الكلُّ مشاعًا، أو من النصيبين معينٌ سواء، فإن كانَ ذلك المعينُ بين القسمين من أولهما إلى آخرهما، ولم يكن بين الشريكينِ المقتسمين إشاعة في المستحقِّ المعيَّن، وإنما كان بينهما شركةٌ في كلٍّ من الطرفينِ.
ومثل ذلكَ لا يُقسم إلَّا إجبارًا (1)، فإذا قُسِم إجبارًا على هذا الوجهِ فقدْ تبيَّنِ إبطالُ الإجبارِ فيها، وإبطالها، وإن صدرتْ بالتراضِي على الظنِّ المذكورِ لظنِّ الإشاعَةِ في الجميعِ، فإذا ظهرَ أنَّ الإشاعَةَ في الوسطِ، فهذا يحتمل أَنْ يُقال فيها: تبقى القسمةُ لازمةً.
ويحتملُ أَنْ يُقالَ: ثبتتْ لكلٍّ منهما الخيارُ، وهذا أولَى بقضيَّةِ البابِ.
وإنْ لم يستغرقْ ما بينَ القسمين، فإنْ كانتْ قطعةً من أوَّلِ ما بين القسمينِ إلى أثنائِها ثم الشركةُ واقعةٌ في القدرِ الباقِي وحصلتِ القسمةُ في البقيَّةِ وما وراء المعينِ من الجانبينِ، وحصلَ تعديل، بحيثُ حصلَ في قسمةِ كلِّ واحدٍ منَ الشجر نظيرُ ما عند الَاخرِ، وخرجتِ القطعةُ المعيَّنَةُ المستحقَّةُ من الوسطِ على السواءِ في النصيبينِ، فهاهنا يأتي خلاف تفريقِ الصفقةِ.
ولو كانَ المعينُ قطعتين من الجانبين خرجتْ إحداهما في قسمةِ أحدِ الشريكينِ، والأخرى في قسمةِ الآخرِ على السواء، فهاهنا تبقى القسمةُ في الوسطِ المشاعِ؛ لأنَّه حقُّها.
ولو فرضنا أنَّ المعيَّنَ الذي ظهر استحقاقُهُ أدَّى إلى تفريقِ حصَّةِ الواحدِ أو حصةِ كلٍّ منهما، فإنَّه يثبتُ الخيارُ لذلك الواحدِ في نقضِ القسمةِ وإبقائها، ويثبت الخيارُ لهما في الصورة الثانية على الأرجحِ.
قال شيخُنا: ولم أرَ مَن حرَّرَ المسألةَ على ما قرَّرناهُ. انتهى.
* * *
(1)"روضة الطالبين"(11/ 216).