الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والإجماعُ على مشروعيتِه، وأنَّهُ قربةٌ (1).
يعتبَرُ في المعتقِ أمورٌ:
أحدُها: أن يكونَ مالكًا، أو وكَّلَهُ المالكُ في ذلك، إلَّا في محلينِ:
أحدهما: الإمامُ فيما يُعتقه من رقيقِ بيتِ المالِ للمصلحةِ، فإنَّه يصحُّ.
الثاني: الوليُّ يعتقُ عبدَ محجورِهِ المجنون، أو الصبيَّ الذي لا يميزُ عنْ كفَّارَةِ القتلِ، وكذا الظهارِ ووقاعِ رمضانَ.
من بالغٍ جُنَّ بعد أَنْ لزمتْهُ كفَّارَةُ الظِّهارِ، وما وقعَ في الرّافعِي و"الروضة"(2) في الصداقِ مما يخالفُ ذلكَ في الصَّبيِّ ليسَ بمعتمدٍ.
ولا يعتقُ عبدُ السَّفيهِ أصلًا، ولا في الكفَّارَةِ على ما صحح، وحكي عنِ النصِّ في اليمينِ والظِّهارِ تنزيلًا له منزلةَ المعسرِ بالنسبةِ إلى عبارتِهِ، فيكفِّر السفيهُ الصوم، وقياسُه أن يأتيَ هذا في الصبيِّ المميز، ولم يذكروه.
يستثنى من ذلكَ موضعانِ:
أحدُهما: ما لزمَ الرشيدَ من العتقِ بكفَّارَةٍ أو نذرٍ، ثمَّ حجرَ عليه بالسَّفَهِ، فإنَّه يعتقُ عنهُ وليهُ ما لزمَهُ.
الثانِي: لو ماتَ مَن عليه عتقٌ وانتقلتْ تركتُهُ لصبي مميزٍ، أو سفيهٍ، والوليُّ على الوارثِ هو وصيُّ الميتِ، فإن كان وصيُّ الميتِ غيرَ وصيِّ الوارثِ فوصى الميتُ يعتقُ من التركَةِ أقل ما يجزئ، وفي اعتبار موافقة ولي الوارثِ ترددٌ، وإذا لم نعتبره، وهو الأرجحُ خرجَ من ذلك أنَّه يعتقُ عبدَ المحجورِ عليه غيرُ وليه، وهو غريبٌ.
(1)"روضة الطالبين"(12/ 107).
(2)
"روضة الطالبين"(12/ 107).
الأمرُ الثاني: أن يكونَ المالكُ أهلًا للولاءِ، فلا يصحُّ إعتاقُ المبعَّضِ عبده الذي ملكَه ببعضه الحر، ولا المكاتب رقيقَهُ، ولو أذن سيدُه على المذهبِ فيهما.
الأمرُ الثالثُ: أن يكونَ المالكُ مطلقَ التصرُّفِ فيما يعتقُهُ، فلا يصحُّ إعتاقُ صبيٍّ، ولا مجنونٍ، ولا سفيهٍ، إلَّا إذا أذنَ وليُّ السفيهِ لهُ في عتقِ ما لزمه، فيصحُّ على الأرجحِ. قاله شيخُنا تخريجًا، بخلافِ البيعِ.
* * *
ولو قالَ السفيهُ لرشيدٍ: أعتق عبدَكَ عنِّي مجانًا (1)، أو عن كفَّارتِي مجانًا، فأعتقَهُ عنهُ، ولا ضررَ يلحقُ مالَ السفيهِ نفذ بناءً على صحَّةِ قبولِهِ الهبةَ. وهو الأصحُّ. ولو قالَ وليُّه ذلك صحَّ، وكذا ولي غير السَّفيهِ.
وإعتاقُ المفلسِ باطلٌ، وكذا إعتاقُ المعسرِ المرهونِ المقبوضِ بغيرِ المرتهنِ، ولا يصحُّ إعتاقُ المعسرِ مَن تعلَّقَتِ الجنايةُ برقبتِهِ بغير إذنِ المجني عليه، ولا إعتاقُه رقيقَ المأذونِ المديونِ بغيرِ إذنِهِ وإذنِ الغرماءِ، وإعتاقُ المرتدِّ موقوفٌ كملكِه، وكذا إعتاقُ المشتري في زمنِ الخيارِ لهما، فإن كانَ الخيارُ له وحدَهُ نفذ.
وينفذُ إعتاقُ البائعِ في الخيارِ مطلقًا، ومما يوقفُ عتقُ من توقف في ملكه، فبان ملكُهُ ولو في الغنيمة، فإذا اختارَ التملكَ، ثم أعتق ثم وقع في سهمه نفذ؛ وفاقًا للبغويِّ وغيره، خلافًا للماورديِّ في عدم نفاذه.
وكلُّ رقيقٍ يمكن أن يعتق إلَّا واحدًا، وهو الموقوفُ، فإنَّه لا يمكن عتقه أبدًا، ولا يتعلَّقُ، وتدبيرُ سابقينِ على الوقفِ على الأصحِّ المعتمدِ خلافًا لما
(1)"أسنى المطالب في شرح روض الطالب"(4/ 434).
وقع في "الشرحِ" و"الروضة" تبعًا للبغوي.
فإنْ بِيعَ الرقيقُ الموقوف بطريقٍ معتبرٍ، أمكنَ عتقُهُ.
وللعتقِ الاختياري صرائحُ وكناياتٌ (1)، ولا يتغيَّرُ الحكمُ بلحنٍ في تذكيرٍ وتأنيثٍ وغيرهما، فالصرائحُ ثلاثةٌ:
أحدُها: ما تصرَّف من التحرير نحو: حررتكُ، وأنت حرٌّ، أو: محرَّرٌ، أو: يا حرُّ، لا للمسمى به الآن أو قبلَ الرِّقِّ إذا قصد نداءه باسمهِ القديمِ على الأصحِّ (2).
ومثله للأنثى إلَّا في قوله لمزاحمة لا يعرفها: تأخري يا حرَّة.
الثاني. ما تصرَّفَ من الإعتاقِ، نحو: أعتقتُكَ، أو: أنت عتيقٌ، أو: معتق، أو: يا عتيقٌ، لا للمسمّى به كما سبقَ.
الثالثُ: على الأصحِّ: فككتُ رقبتكَ، أو: أنتَ مفكوكُ الرقبةِ.
وأمَّا الكناياتُ: فلا سلطانَ، أو: لا سبيل، أو: لا يد، أو: لا أمر، أو: لا خدمةَ لي عليك. وأزلتُ ملكي عنك، وأنت للَّهِ، وأنتِ سائبةٌ، وملكتك نفسك، لا على قصدِ التمليكِ، وأنت مولاي، ويا مولاي، وأما قوله: يا سيدي، فلغوٌ وفاقًا للقاضي الحسين والغزالي، خلافًا للإمام؛ لأنَّه إخبارٌ بغيرِ الواقعِ، أو خطابٌ بلطفٍ، ولا إشعارَ له بالعتقِ.
وصرائحُ الطلاقِ وكناياتُهُ كنايةٌ في العتقِ للعبدِ والأمةِ (3)، وكذا:"حرمتُكِ"، وتختصُّ الأمةُ بـ:"استبرئي رحمك"، أو:"اعتدِّي"، إن كانَ
(1)"منهاج الطالبين"(ص 358)، و"مغني المحتاج"(6/ 448).
(2)
"منهاج الطالبين"(ص 358)، و"مغني المحتاج"(6/ 448).
(3)
"روضة الطالبين"(12/ 108 - 109).