الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
مَن ملكَ دابةً لزمَهُ علفُها وسقيُهَا، ويقومُ مقامَ العلفِ والسَّقي تخليتها لترعى، وترد الماءَ إنْ كانتْ مما يرعى، ويكتفَى به لخصبِ الأرضِ ونحوِهِ، ولم يكنْ مانعٌ.
ويحرُمُ تحميلُ الدابةِ ما لا تطيقُ الدوامَ عليهِ، وإن كانتْ تطيقُهُ يومًا ونحوُه كما سَبَقَ فِي الرَّقيقِ (1).
ولا يجوزُ نَزْفُ لبنِ الدابَّةِ بحيثُ يضرُّ ولدَها، وإنَّما يحلبُ ما فضلَ عن ريِّ ولدِها. قالَ الرُّوياني: ويعني بالريِّ ما يقيمه حتَّى لا يموتَ. قال المتولي: ولا يجوزُ الحلبُ إذا كان يضرُّ البهيمةَ لقلَّةِ العلفِ. قال: ويكره تركُ الحلبِ إذا لمْ يكنْ فيهِ إضرار بها؛ لأنَّه تضييعٌ للمالِ. قال: والمستحبُّ أن لا يُستقصى فِي الحلبِ، ويدع فِي الضرع شيئًا وأن يقصَّ الحالبُ أطفاره لِئلَّا يؤذيها (2). انتهى.
* * *
ويجب على مالكِ النحلِ أن يبقِي فِي الكوارةِ شيئًا من عسلِها لتأكُلَهُ، فإن كانَ فِي الشِّتاءِ وتعذَّرَ خروجُها كان المتبقي أكثر، فإن قامَ شيءٌ مقامَ العسلِ فِي غذائِهَا لم يتعيَّنِ العسل (3). وقد قيل: تُشوى دجاجة وتُعلق بباب الكوارة.
وعلَى مقتنِي الكلبِ المباحِ اقتناؤه أَنْ يطْعِمَهُ أو يرسلَه أو يدفعَهُ لمنْ له
(1)"روضة الطالبين"(9/ 120).
(2)
"روضة الطالبين"(9/ 121).
(3)
"روضة الطالبين"(9/ 121).
الانتفاعُ بِه، ولا يحلُّ حبسُه ليهلكَ جوعًا.
ودودُ القزِّ يعيشُ بورقِ التوت فعلى مالكه تخليتُه ليأكلَ منهُ، فإن عزَّ الورقُ اشترى له مِن مالِ مالكِهِ كالرقيقِ.
والظاهرُ أنَّهُ يجبُ أَنْ يلبسَ الخيلَ والبغالَ والحميرَ ما يَقيهَا الحرَّ والبردَ الشديدَ إذا كانَ ذلِكَ يضرُّ بهَا.
وغيرُ ذواتِ الأرواحِ كالعقارِ والقنى والزرعِ والثمارِ لا يجبُ القيامُ بعمارتِها على مالكِها المكلَّف المطلقِ التصرُّفِ إذا لمْ يتعلقْ به حق لغيره، فأمَّا إذا أجَّرَ دارَهُ ثم احتلَّت فعليه عمارتُها إن أرادَ دوامَ الإجارةِ، فإن لم يفعلْ يخيَّرُ المستأجر (1).
ولا يكرهُ تركُ زراعةِ الأرضِ لكن يكرهُ تركُ سقي الزرعِ والأشجارِ عندَ الإمكانِ لما فيهِ من إضاعةِ المالِ، وصحَّحَ الروياني التحريمَ، وجرى عليه فِي المهمات، ثم فصَّل فقال: الصوابُ أن يُقالَ: إنْ كانَ سببُ الإضاعةِ تركَ الأعمالِ فلا تحريمَ؛ لأنَّها قد يشقُّ عليهِ، وإنْ لم يكنْ إعمال كإلقاءِ المتاعِ فِي البحرِ حرم.
قال المتولِّي (2): ويكرهُ أيضًا تركُ عمارةِ الدارِ إلى أَنْ تخربَ، ولا تكرهُ عمارةُ الدورِ وسائرِ العقارِ للحاجةِ، والأوْلى تركُ الزيادةِ، وربَّما قيلَ تكرهُ الزيادة.
وأمَّا المحجورُ عليهِ فعلى وليِّه عمارةُ دارِهِ وحفظُ شجرهِ وزرعِه بالسَّقي وغيره، وأمَّا الوقفُ فعلى ناظرِهِ حفظُ رقبتِهِ ومستغلاته ولو غابَ الرشيدُ عن
(1)"روضة الطالبين"(9/ 121).
(2)
نقله النووي في "الروضة"(9/ 121).
مالِهِ غيبةً طويلةً ولا نائبَ له، فهلْ يلزم الحاكمُ أن يُنيبَ من يعمرُ عقارَه ويسقي زرعهُ وثمره من ماله أم لا، والظاهرُ اللزومُ؛ لأنَّ عليه حفظَ مالِ الغائبِ كالمحجورينَ.
ويكرهُ للإنسانِ أَنْ يدعوَ على نفسِهِ وولده وخادمِهِ ومالِهِ، واللَّهُ أعلمُ.
* * *