الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
(1)
تجبُ النفقةُ لقرابةِ البعضيةِ فيجبُ للفروعِ على الأصولِ وبالعكسِ، وسواءٌ فِي الأصولِ والفروعِ الذكورِ والإنات، والوارث وغير الوارث والمسلم والكافر من الطرفينِ، والعالي من الأصولِ والسافلِ من الفروعِ إذا كان الذي يجبُ عليه موسرًا، وهو من يفضلُ عن قوتِه وقوتِ عيالِه فِي يومِهِ وَلَيْلَتِهِ ما يصرفُه إلى القريبِ (2).
ولا يختصُّ بالقوتِ بل يعم الواجباتِ.
قال القاضي الحسينُ: لا يلزمُ أحدًا نفقةُ أحدٍ من الأقرباءِ حتى يفضلَ من مؤنتهِ من طعامِه ومسكنِه وملبسِه وما يُقامُ عليه ويستعملُه فِي وضوئهِ وأكله وشربِه ما لاغناءَ لمثلهِ عنهُ، فإنْ وقَعَ لهُ خلل فِي شيءٍ من هذا فلا يكلَّفُ نفقةَ ابنٍ ولا أبٍ، لأنَّها مواساةٌ والمواساةُ إنما تليقُ بمن يفضلُ عن حاجةِ ما هُوَ معهُ، وإلَّا فهو محتاجٌ للمواساةِ. انتهى.
ويباعُ فِي نفقةِ القريبِ ما يُباعُ فِي الدَّيْنِ مِنْ عقارٍ وغيرِهِ؛ لأنَّ نفقةَ القريبِ مقدَّمةٌ على وفاء الدينِ، وهما يباعانِ فِي الدَّيْنِ، ففيما هو مقدَّمٌ عليه أوْلَى لما فيهِ من حفظ الروح (3).
وإذا لم يكنْ لمن تجبُ عليه نفقةُ القريبِ مالٌ، لكنه كسوبٌ يمكنه أن يكتسبَ ما يفضلُ عنه، فيلزمُه أن يكتسبَ لنفقةِ قريبِهِ لأنَّه يلزمُه إحياءُ نفسِه
(1) هذا الفصل هو الباب الرابع عند النووي "روضة الطالبين"(9/ 83) وهو باب في النفقة على الأقارب.
(2)
"روضة الطالبين"(9/ 83).
(3)
"روضة الطالبين"(9/ 83).
بالكسبِ، فكذا إحياءُ بعضِه.
ولا تجبُ لمن يملكُ كفايتَهُ ولا لمن يقدر على أن يكتسبها لأنَّه غنيٌّ بكسبِهِ حيثُ كانَ كسبُهُ يكفيهِ، فإن كانَ لا يُحَصِّلُ قدرَ الكفايةِ استحقَّ القدرَ المعجوز عنهُ صاحبُه (1).
ومن لا مالَ له ولا كسبَ، وكانَ صغيرًا أو مجنونًا، أو زَمِنًا، أو مريضًا، أو أعمَى، فيلزمُ القريبَ نفَقتُهُ.
وإن لم يكنْ به نقصٌ فِي الحكمِ ولا فِي الخِلْقةِ، لكنه لا يكتسبُ مع القدرةِ على الكسبِ، فإن كانَ من الفروعِ لم تجبْ نفقتُه على المذهب، وإن كانَ من الأصولِ وجبت على الأظهرِ (2).
ولا تتقدَّرُ نفقةُ القريبِ، بل هي علَى قدرِ الكفايةِ، وتسقطُ بمضيِّ الزمانِ إلَّا إذا نُفِيَ الولدُ، ثم استلحقه فإنَّ الأُمَ ترجعُ عليه بالنفقةِ.
ولا تصيرُ دينًا فِي الذِّمَّةِ (3) سواء تعدى بالامتناعِ من الإنفاقِ أمْ لا.
ويستثنَى ما إذا أذنَ القاضي فِي استقراضها، أو أقرضَها، ومحلُّ الرجوعِ إذا استقرضتْ وأنفقتْ فلو تأخَّرَ الاستقراضُ بعدَ إذنِ القاضي ومضى زمنٌ لم يستقرضْ فيه فلا.
ويستثنَى أيضًا ما لوْ لمْ يكنْ هناكَ حاكمٌ واستقرضتِ الأمُّ عنهُ، وأشهدتْ، فعليهِ قضاءُ مَا استقرضَتْهُ، وإنْ لم تشهدْ فوجهانِ بمقتضَى كلامِ الرَّافعيِّ فِي
(1)"روضة الطالبين"(9/ 84).
(2)
"روضة الطالبين"(9/ 84).
(3)
يعني أن نفقة القريب تسقط بمضي الزمن، ولا تصير دينًا في الذمة، راجع "الروضة"(9/ 85).