المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وإن لم يحتج إلى ذلكَ نظر؛ إنْ لم يغلبْ على - التدريب في الفقه الشافعي - جـ ٤

[سراج الدين البلقيني]

فهرس الكتاب

- ‌باب النفقات

- ‌ ضابطٌ:

- ‌‌‌ ضابطٌ:

- ‌ ضابطٌ:

- ‌والفرْقُ بين ما واجِبُه التَّمليكُ وما هو إمتاعٌ مِن وجوهٍ:

- ‌فصلِ

- ‌فصل

- ‌وفِي كيفيَّةِ نفقةِ العدَّةِ وجهانِ:

- ‌فرعٌ:

- ‌فصل

- ‌فرع:

- ‌باب الحضانة

- ‌قال المحامليُّ: ويتعلق بالنسبِ اثنى عشرَ حكمًا:

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الجناياتِ

- ‌فصل في اجتماع مباشرين

- ‌فرع:

- ‌ ضابطٌ:

- ‌ قاعدةٌ:

- ‌فرع

- ‌فرع

- ‌قاعدةٌ:

- ‌فصل

- ‌ ضابطٌ: تفارِقُ الأطرافُ النفسَ فِي أمورٍ:

- ‌والجراحُ الواقعُ على الرأسِ والوجهِ -ويسمى الشِّجاج- عشرٌ:

- ‌ ضابطٌ:

- ‌فرعِ

- ‌ ضابطٌ:

- ‌فصل

- ‌فرع:

- ‌نادرةٌ فقهيةٌ:

- ‌فصل

- ‌ويستثنى من اعتبارِ المماثلةِ صورٌ:

- ‌فرع:

- ‌فصل

- ‌كتاب الديات

- ‌فصل

- ‌ فائدة:

- ‌فصل

- ‌تنبيهٌ

- ‌فصل

- ‌باب ما يوجب الديةَ وما لا يوجبها غير ما سبق والعاقلةُ وكفارة القتل

- ‌فصل

- ‌فرع

- ‌فرع

- ‌ ضابطٌ:

- ‌فصل في الغرَّةِ الواجبةِ بالجنايةِ على الحاملِ بالجنينِ المضمونِ على الجاني الَّذي ظَهَرَ ميتًا بتلكَ الجنايةِ

- ‌فرع:

- ‌بابُ دعوى الدَّمِ والقسامةِ والشهادةِ على الدمِ

- ‌ ضابطٌ: ليس لنا موضعَ تثبتُ فيه القسامةُ في غيرِ القتلِ إلَّا في هذا الموضعِ

- ‌فرع:

- ‌كتاب اللغة

- ‌فصل

- ‌كتاب الرِّدَّةِ

- ‌كتاب الزنا

- ‌باب القذف

- ‌وحدُّ القذفِ واجبٌ على الرَّامِي في صورتين:

- ‌ويستثنى من إيجابِ الحدِّ في الموضعينِ السابقينِ صورٌ، منها: ما يعمُّ الموضعينِ، ومنها ما يختصُّ بالرمي بالزِّنا

- ‌ ضابطٌ:

- ‌باب السرقة

- ‌يشترطُ لوجوبِ القطعِ في المسروقِ شروط:

- ‌[الشرط الأول]

- ‌ الشرطُ الثاني

- ‌ الشرطُ الثالثُ

- ‌‌‌ ضابطٌ:

- ‌ ضابطٌ:

- ‌ الشرطُ الرابعُ

- ‌فصل

- ‌فرع:

- ‌بابُ قاطع الطريق

- ‌فصل

- ‌باب الحدود

- ‌فصل

- ‌[كتابُ الصيال وضمان الولاة]

- ‌فصل

- ‌[كتاب الجهاد]

- ‌فصل

- ‌كتاب الأمان

- ‌فصل

- ‌ويقسمُ ذلك خمسهُ أسهم متساوية:

- ‌بابُ الجزية

- ‌فصل

- ‌فصلٌ

- ‌باب الهُدنَةِ

- ‌وفيه وجهٌ أنَّهُ يُنزل عندَ ضعفِ المسلمينِ على عشرٍ، وعند القوَّة قولانِ:

- ‌كتابُ الصيدِ والذبائح

- ‌فصل

- ‌كتابُ الأضحيةِ

- ‌ولا تضحية عن الغير بغير إذنِهِ إلا في مسائل:

- ‌فرع:

- ‌كتابُ الأطعمةِ

- ‌كتاب المسابقةِ والمناضلةِ

- ‌وشرطُ المسابقةِ:

- ‌ومِن شُروطِ المُناضلةِ:

- ‌كتابُ الأيمان

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتابُ النذر

- ‌كتابُ القضاءِ

- ‌ ضابطٌ:

- ‌ومن شروطِ القاضي:

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ويستثنى من ذلك صورٌ:

- ‌فصل

- ‌فصل في القضاء على الغائب المكلف والمفقود والميت، والصبي والمجنون، والجماعة العامَّة، والحاضر الممتنع من الحضور، وسماع البينة على من ذكر، والقضاء بالغائب وسماع البينة به، وكتاب القاضي إلى القاضي، وما يتعلق بذلك

- ‌القضاءُ على الغائبِ المكلَّفِ ولو حربيًّا ببلادِ الحربِ فيما لزمَهُ جائز إلَّا في صورتينِ:

- ‌ ضابطٌ:

- ‌فرع:

- ‌فرع:

- ‌باب القسمة

- ‌وما لا يعظُمُ ضرَرُهُ فقسمتُهُ أنواعٌ

- ‌كتابُ الشهادات

- ‌فصل

- ‌فرع:

- ‌ وأمَّا الأداءُ فلوجوبِهِ شروطٌ:

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتابُ الدَّعوَى والبيناتِ

- ‌بابِ

- ‌فصل

- ‌فرع:

- ‌ ضابطٌ:

- ‌وفي اليمينِ المردودَة قولانِ:

- ‌فصل

- ‌ثمَّ في كيفيَّةِ الاستعمالِ أقوالٌ:

- ‌فصل

- ‌باب إلحاق القائف

- ‌شرطُ القائفِ

- ‌كتابُ العتق

- ‌يعتبَرُ في المعتقِ أمورٌ:

- ‌وللعتقِ خاصيتانِ

- ‌(1) إحداهُما:

- ‌(2) الخاصيةُ الثانية: الولاءُ

- ‌ومن ينفذُ إعتاقُه في كل العبدِ إذا أعتق بعضه عتق كلُّهُ، إلَّا في أربعِ صورٍ:

- ‌ويتصور عتقُ بعض عبدهِ الخالصِ له في ستِّ صورٍ:

- ‌ وللسرايةِ شروطٌ

- ‌(1) أحدُها:

- ‌ وإن كانَ في وقت السِّرايَةِ ثلاثة أقوالٍ:

- ‌(2) ثاني الشرط السراية:

- ‌(3) ثالثُ شروطِ السرايَةِ:

- ‌(4) رابعُ شروطِ السرايةِ:

- ‌(5) خامسُ شروطِ السرايةِ:

- ‌(6) سادسُ شروطِ السرايةِ:

- ‌(7) سابعُ شروطِ السرايةِ:

- ‌ تنبيهٌ:

- ‌فرع: إذا ملكَ أهلُ التبرُّعِ أصلَهُ أو فرعَهُ عتقَ عليه إلَّا في صورٍ:

- ‌كتابُ التدبير

- ‌ ضابطٌ:

- ‌فرع:

- ‌كتاب الكتابة

- ‌أما مَن يوجبُ الكتابَةَ:

- ‌وأمَّا القابلُ:

- ‌وأمَّا الصيغةُ

- ‌وأما العوضُ

- ‌وأمَّا الأحكامُ المترتِّبَةُ على ذلك:

- ‌فمما يتعلَّقُ بالسيِّدِ

- ‌ومما يتعلَّقُ بالمكاتب:

- ‌ ضابطٌ:

- ‌وتخالف الفاسدةُ الصحيحةَ في نحوِ مائةِ موضعٍ أو أكثرَ، نذكرها على ترتيبِ أبوابِ الفقهِ:

- ‌بابُ أمِّ الولدِ

الفصل: وإن لم يحتج إلى ذلكَ نظر؛ إنْ لم يغلبْ على

وإن لم يحتج إلى ذلكَ نظر؛ إنْ لم يغلبْ على الظنِّ حصولُهُ للمسلمين جاز إتلافُهُ مغايظةً لهم وتشديدًا عليهم، وإن غلب على الظنِّ حصولُهُ فيستحبُّ التركُ على النصِّ، ويحرمُ إتلافُ الحيوانِ إلَّا ما يقاتلونُ عليهِ، فيعقرُهُ للدفعِ أو الظفرِ، وأمَّا الذي غنمناهُ وخفنا رجوعَهُ إليهم وضرره، فإنَّا نذبحُهُ للأكلِ، إن كانَ مأكولًا، وإن لم يكن مأكولًا لم نذبحْهُ.

وإن كان مأكولًا ولم نتمكَّنْ من ذبحِهِ لم نتلفهُ بغيرِ الذَّبحِ، ولو خفنا رجوعَهُ إليهم وضررهِ. هذا مذهبُ الشافعيِّ الذي ذكرَهُ في كتبِهِ وجرى عليه أصحابُهُ، وما وقعَ في "المنهاجِ"(1) تبعًا لأصلِهِ مما يخالفُ ذلكَ ليسَ بمعتمدٍ.

* * *

‌فصل

نساءُ الكفَّارِ الكافراتِ الأصليَّاتِ غير المكلفينَ منهم إذا أُسرُوا رقوا، وكذا الخناثى، فأمَّا المرأةُ الحربيةُ إذا قتلتْ مسلمًا ثم ظفرنا بها فإنَّهُ يجوزُ للإمامِ قتلُها كما تقدَّمَ، وكذلك حكمُ مَن ذكرنا بعد النساءِ من غيرِ المكلَّفينَ، والخُنثَى إذا قاتلُوا كمَا تقدَّمَ.

وأمَّا العبيدُ الكفَّارُ إذا وقعوا في الأسرِ كانُوا كسائرِ أموالِ الغنيمةِ. فالحاصلُ لهُم استمرارُ رِقٍّ لا رقٌّ جديدٌ.

وعبيدُ الحربيين يجري عليهم رقُّنا وإن كانوا مسلمين أو مرتدين، والعبيد الحربيون إذا قتلوا في حالِ حرابتهم مسلمين ثم ظفرنا بهم وهم كفار جاز لنا قتلُهم، ويجتهدُ الإمامُ في الأحرارِ الكاملينَ، ويفعلُ الأحظَّ للمسلمينَ استحبابًا من قتل ومن فداءٍ بأسرى مسلمينَ أو مالٍ واسترقاقٍ. فإن

(1)"المنهاج"(ص 309).

ص: 220

خفيَ الأحظُّ اختارَ ما شاءَ تفريعًا على النصِّ أن فعل الأحظِّ مستحبٌّ كما تقدَّم.

وفي وجهٍ لا يسترقُّ وثنيٌّ، ولا يجري رق على عربيٍّ في القديمِ، ولو أسلمَ أسيرٌ عصم دمَهُ وبقيَ الخيارُ في الباقي إنْ لم يخترِ الإمامُ فيه قبلَ إسلامِهِ المنَّ أو الفداءَ، فإنِ اختارَ ذلكَ ثُمَّ أسلمَ لم يتخير في الباقي، بل يتعيَّنُ ما اختارَهُ الإمامُ، ومحل اختيارِهِ الفداءُ الذي هو من جملة الباقي ما إذا فادى وأقام في بلادِ الإسلامِ، فأمَّا إذا فادَى به ليأخذَهُ المشركونَ ولم يكنْ له هناكَ عشيرةٌ تمنعهم منهُ فلا يجوزُ اختيارُ الفداءِ حينئذٍ. نصَّ عليهِ في الأمِّ، وجرى عليه الأصحابُ.

وإسلامُ الكافرِ قبلَ الظفرِ به يعصمُ دمَهُ ومالَهُ وصغارَ ولدِهِ، وكذلكَ المجانين البالغين سواءٌ بلغوا مجانينَ أو بلغوا عقلاءَ (1) ثمَّ جُنُّوا بعدَ ذلكَ على الأصحِ.

وإذا أسلمَ الجدُّ للأبِ عصمَ صغارَ ولدِ ولدِهِ ومجانينهم على الأصحِّ كالأبِ.

وإذا أسلمتِ الأمُّ قبلَ الظفرَ بها عصمتِ صغارَ أولادِها على المشهورِ، ولو أسلمتِ الجدَّةُ فكإسلامِ الأمِّ.

ولا يعصمُ زوجتَهُ على المذهبِ، فإن قلنَا:"لا يعصمها"، فبمجرَّد وقوعِها في السبي صارتْ رقيقةً، وانقطعَ نكاحُها في الحالِ، وقيل: إن كانَ بعد دخولٍ وقلنا: "تعتدُّ" استبرأتْ بعد دخولٍ فلعلهُ يحدثُ منها ما يحلُّها.

وترقُّ زوجةُ الذِّميِّ وكذلك عتيقُهُ على المنصوصِ، لا عتيقَ مسلمٍ سواء

(1) في الأصلِ: "عقلًا".

ص: 221

أسلمَ قبلَ الأسرِ أو بعدَهُ، والمذهبُ المعتمدُ أنَّهُ لا فرقَ بين زوجةِ مَن أسلمَ قبلَ الأسرِ ومَن كان مسلمًا وله زوجةٌ حربيَّةٌ وقعتْ في الأسرِ في أنَّ كلًّا منهما لا يعصم إسلامُهُ زوجتَهُ منَ الحكمِ برقِّهَا بمجردِ السَّبي خلافًا لما في "المنهاجِ"(1) تبعًا لأصلِهِ.

وإذا سُبِيَ الزوجانِ أو أحدُهما وكان الزوجُ غيرَ مكلَّفٍ أو مكلَّفًا وأرقَّهُ الإمامُ انفسخَ النكاحُ إن كانا حُرَّين أو كانَ أحدهما حرًّا فإن كانا رقيقينِ فالأصحُّ عند شيخنا بمقتضى إطلاقِ الأخبارِ وإطلاق نصوص الشافعيِّ أنَّ النكاحَ ينفسخُ بسبيهما، وبسبي الزوجةِ، وما وقعَ في "المنهاجِ"(2) تبعًا لأصلِهِ مما يخالفُ ذلكَ ليسَ بمعتمدٍ.

وإذا أرق وعليه دينٌ لمسلمٍ أو ذميٍّ لم يسقط فيقضي من مالِه إن غنم بعد إرقاقهِ، فإن عتقَ ولم يغنم ماله وأخذه فإنَّه يقضي منه الدين المذكور، وكذلك إن غنم ماله مع إرقاقه فإنه يقضي منه الدين المذكور على الأرجحِ.

ولو ثبت لحربيٍّ على حربيٍّ مطالبة بقرضٍ أو ببيع جائز عندنا، ثم أسلما أو قبلا جزية، أو أسلمَ صاحبُ الحقِّ أو قبل الجزية دام الحق، وكذا لو أسلمَ المديونُ أو قبل الجزيةَ على الأرجحِ.

ولو أتلفَ عليه شيئًا يضمنونَهُ على اعتقادهم فأسلما أو أحدهما، فلا ضمانَ على الصحيحِ، وإن كانوا لا يضمنونَهُ فلا ضمانَ بلا خلافٍ، وإن لم يسلمْ واحدٌ منهما فالذي قالَهُ شيخُنا أنَّه إنْ تحاكَمُوا إلينا بعدَ الأمانِ جاء الخلافُ، وإلَّا لم نتعرَّضْ لهم.

(1)"المنهاج"(ص 309).

(2)

"المنهاج"(ص 309).

ص: 222

والمالُ المأخوذُ من حربيين قهرًا بإيجاف خيلٍ أو ركابٍ، والموجفُ من المسلمين غنيمة، وكذلك إذا أخذَهُ مشاةٌ مسلمون، وكذا حكمُ الذي أخذهُ واحدٌ أو جمعٌ من دارِ الحربِ سرقةً أو وجد كهيئةِ اللُّقطَةِ على المنصوصِ إن لم يؤخذ بالقهرِ والغلبةِ وإلَّا فهوَ غنيمة قطعًا، وأن لا يؤخذ بقوةِ الجندِ فإنْ كانَ مأخوذًا بقوتهم فهو فيءٌ قطعًا، فإنْ أمكَنَ كونُهُ لمسلمٍ وجبَ تعريفُهُ ثم بعدَ التعريفِ تجيءُ فيهِ الأحوالُ الثلاثُ.

فإن كانَ الانجلاءُ عنهُ بالإيجافِ فهو غنيمةٌ قطعًا أو بالإرهابِ والإرعابِ من غيرِ قتالٍ ففيءٌ قطعًا، وإنْ انتفى الأمرُ إن كانَ فيئًا على الأرجحِ، ولا تعرفُ سنه على المعتمدِ عند شيخنا، بل يكفي أن يعرفه المسلمونَ الذينَ هناك، كما نصَّ عليهِ الشافعيُّ.

فإذا لمْ يعرفوهُ ردَّ إلى المغنَمِ، وعلى هذا تُستثنى هذه الصورة من إطلاقِ التعريفِ سنة في غيرِ الحقير.

* ضابطٌ: ليس لنا لقطةٌ غيرُ حقيرةٍ لا يجبُ فيهَا التعريفُ سنةً إلَّا في هذا الموضعِ.

ولأهلِ التبسُّطِ في الغنيمةِ على الوجهِ الذي ذكرَهُ الشافعي حيثُ قالَ (1): (ولا يجوزُ لأحدٍ من الجيشِ أَنْ يأخذَ شيئًا دونَ الجيشِ مما يتمولُهُ العدوُّ إلَّا الطعامَ خاصَّةً، فالطعامُ كلُّهُ سواءٌ، وفي معناهُ الشرابُ، فلمنْ قدَرَ منهم على شيءٍ (2) أَنْ يأكلَهُ ويُشرِبَهُ ويُعلفَهُ ويُطْعِمُه غيرَهُ ويُسِقيه ويَعْلِفَ له) هذا نصُّهُ.

ولم يخصصْ ذلك بالفاتحين الذين لهم سهم، والذين لهم رضْخٌ لكن

(1)"كتاب الأم"(4/ 277).

(2)

في "الأم": "فمن قدر منهم على شيءٍ له".

ص: 223

مقتضَى نصِّه وقواعدِهِ أنَّ الذِّمِّيَّ ليسَ له التبسُّط.

ولهم ذبحُ مأكولٍ للحمِهِ عندَ الاضطرارِ، والأرجحُ جوازُ الفاكهةِ، وأنَّهُ لا يجبُ قيمةُ المذبوحِ، وأنَّه لا يختصُّ الجوازُ بمن ليس معه ما يقوم بما يحتاجُ إليهِ منَ الطعامِ والعلفِ وأنَه لا يجوزُ ذلكَ لمن لحقَ الجيشَ بعدَ الحربِ والحيازَةِ، ومن رجعَ إلى دارِ الإسلامِ ومعه بقية لزمه ردُّها إلى المغنمِ على النصِّ.

وموضع التبسُّط دارِهِم حيثُ كانَ الجهادُ في دارهم، وكذا موضعُ القتالِ في دارِ الإسلامِ عندَ الحاجَةِ، وفي الأوَّلِ يستمرُّ التبسُّطُ على الأصحِّ إلى وجودِ عمارةِ المسلمينَ أو هدنتهم يُباعُ فيها ما يحتاجونَ إليهِ.

ولغانِمٍ مكلَّفٍ ولو كان محجورًا عليهِ بفلسٍ أو سفهٍ على المذهبِ المعتمدِ أو كانَ مريضًا حرًّا كانَ أوْ مكَاتَبًا أو مبعضًا الإعراضُ عنِ الغنيمةِ قبلَ القسمةِ وقبلَ اختيارِ التملُّكِ، ويكونُ إعراضُ المبعَّضِ في نوبةِ الحرية عند المهايأة، وإن لم تكن مهايأة فالأقيسُ تبعيضُ الحالِ في المستحقِّ، والمنصوصُ جوازهُ بعد فرز الخمسِ.

والأصحُّ إبطالُ إعراض الكل دفعة واحدةً، فإن أعرضوا مُرَتَّبين صحَّ الإعراضُ إلى أن يبقى واحدٌ فلا يصحُّ إعراضُهُ، ويبطلُ إعراضُ ذوي القُربَى وإعراضُ بعضهم أيضًا، ويبطلُ إعراضُ من أعرضَ عن السَّلَبِ المتعين له، والمعرض كمن لم يحضر، ومن مات منهم فحقه لوارثه، ولا الغنيمة إلَّا بالقسمة، ومن اختارَ ملك نصيبِهِ قبلَ القسمةِ ملكه على الإبهامِ حتى لا يصحَّ إعراضُه على الأصحِّ، ويملكُ العقارَ بما يملكُ به المنقولُ.

ولو كانَ في الغنيمةِ كلبٌ أو كلابٌ تنفع فالذي أطلقه الشافعيُّ وقدماء العراقيينَ تفويض ذلكَ إلى رأي الإمامِ، يخصُّ بِهِ من شاءَ من الغانمينَ لما

ص: 224

يظهرُ لهُ، فإن لم يردهُ أحدٌ من الغانمينَ أعطاهُ لبعضِ أهلِ الخمسِ، فإن لم يردَّهُ أحدٌ منهم خلَّاهُ أو قتلَهُ على النصِّ.

والمنصوصُ أن سوادَ العراقِ منحَ عنوةً، والمشهورُ أنَّ عمرَ رضي الله عنه قسمها بين الغانمينَ، ولم يخصصها بأهلِ الخمسِ، ثم استطابَ قلوبَهم واستردَّها.

والمنصوصُ أنَّه وقفهَا على المسلمينَ وآجرَها من ساكنيها، والخراجُ المضروبُ عليها أجرةٌ منجَّمةٌ تؤدَّى كلُّ سنةٍ، وتصرفُ إلى مصالحِ المسلمين.

وأمَّا حدُّ السواد فأطلقَ جماعةٌ أنَّه من عبادان إلى مدينةِ الموصلِ طولًا، ومن القادسيةِ إلى حلوانِ عرضًا، وقيدَ الماورديُّ والرويانيُّ مبدأ هذا الحد فقالا: هو من مدينة القادسية، وذكرَ ابنُ الصباغ حده في العرض من مسطحِ الجبالِ بحلوان إلى طرفِ القادسيةِ المتصل بالمدينة من أرضِ الغرب، ومن نجوم الموصل إلى ساحل البحر بلاد عبادان من شرقي دجلة، وأما البصرةُ وإن كانت داخلةً في حدِّ السوادِ فليسَ لهَا حكمٌ إلَّا في موضعٍ من شرقي دجلتها يبيعها أهل البصرةِ الفرات، وموضع من غربي دجلتها تعرفُ بنهرِ الصَّراة، والذي نصَّ عليهِ الشافعيُّ أنَّ الدُّورَ والمساكنَ التي في السوادِ، ووقع الفتحُ وهي موجودةٌ لا يجوز بيعُها (1)، خلافًا لما في "المنهاجِ".

وأما المشكوكُ فيه من ذلك فظاهر اليد بدل على الملكِ، فيجوزُ بيعُهُ حينئذٍ.

ومكةُ فُتحتْ قهرًا بغيرِ قتالٍ، وذاكَ القتالُ الذي وقَعَ في أسفلِهَا لم يكنْ لَهُ

(1)"روضة الطالبين"(10/ 276).

ص: 225

أثرٌ في فتحِها لحصولِ فتحِها من غيرِ احتياجٍ إلى ما صدرَ في أسفَلِها، ويجوزُ بيعٌ دورِها وأراضيها المحياة المملوكة لملاكها.

* * *

ص: 226