الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان ذميًّا قطعَ بسرقتِها بلا خلافٍ، ولاٍ يقطعُ بسرقةِ حصرِهِ وقناديلَ تسرج، إذا كانَ مسلمًا، فإن كانَ السارقُ ذميًّا قُطِعَ بسرقتِهَا بلا خلافٍ، والأصحُّ قطعُهُ بموقوفٍ إذا كانَ سارقُ الوقفِ غيرَ الموقوفِ عليهِ وغيرَ أصلِهِ وفرعِهِ، أو لَمْ يكُن فقيرًا وسرقَ رقيقُهُ نصابًا من الوقْفِ على الفقراءِ، فإنْ لمْ يكُنْ كذلِكَ بلْ كانَ واحدًا ممن ذُكِرَ فلَا قطعَ بلا خلافٍ.
ويقطعُ بسرقةِ أمِّ الولدِ في حالةِ نومِهَا أو جُنُونِهَا على الأصحِّ، وكذلكَ إذا سرقَهَا مكرهةً يقطعُ، كما إذا سرقَهَا نائمةً.
* * *
*
الشرطُ الرابعُ
(1): كونُه محرزًا بملاحظة وحصانةِ موضعه، وما نزل منزلة الملاحظةِ كالنائم على نوبة، فإن كانَ بصحراءَ أو بمسجدٍ اشتُرِطَ اللحاظُ المعتادُ في مثلِهِ، وإن كان بحصنٍ كفى اللحاظُ المعتادُ من صاحب المتاع ومن غيرِهِ خاصًّا أو عامًّا. وإصطبلُ حرزِ دوابٍّ وحينئذٍ فهو كالدارِ، وليس الإصطبلُ حرزَ آنيةٍ وثيابٍ، إلَّا آنية الإصطبلِ كالسطلِ وثياب الغلام وآلاتُ الدوابِّ من سروجٍ وبرادعَ ولُجَم ورِحال جمالٍ وقربةِ السقاءِ، والراويةِ ونحو ذلك مما جرتِ العادةُ بوضعهِ في إصطبلاتِ الدوابِّ، فإنَّهُ حرزُ ذلِك.
ولو كانَ الإصطبلُ بيتًا في خانٍ كان حرزًا لما يوضعُ في بيوتِ الخاناتِ.
وعَرْصَةُ دارٍ وصفَّتُها حرز آنيةٍ وثيابٍ (2) وأما النقدُ والحليُّ فإنَّه قد يكونُ في صندوقٍ مفتوحٍ أو مغلقٍ، أو خزانة مفتوحةٍ أو مغلقةٍ، فكلُّ ذلكَ حرزٌ، ولو كان في صندوقٍ مفتوحٍ في الصفةِ أو في بقجةٍ أو غيرها؛ لأنَّ الدارَ حرزٌ لذلك
(1)"روضة الطالبين"(10/ 121، 122).
(2)
"منهاجُ الطالبين"(ص 299)، و"مغني المحتاج"(5/ 495).
كلِّه، وإنما يتخذُ الناسُ لمالهم وحليهم حرزًا خاصًّا غير الصفة من أجلِ عائلتِهم لا من أجلِ السارقِ، وحينئذٍ فالعادةُ أنَّ الدارَ المحكمة البابِ العالية البناء حرزٌ لذلك، وإن لم يوضعْ في خزانةٍ أخرَى مغلقةٍ، هذا ظاهرُ نصِّ الشافعيِّ في "الأمِّ" و"مختصرِ المزنيِّ" خلافًا لما في "المنهاجِ" تبعًا لأصلِه.
وإذا نامَ بصحراءَ أو مسجدٍ على ثوبٍ أو توسَّدَ متاعًا لمحرز، فلو انقلبَ بنفسِه فزالَ عنهُ فلا، ولو نامَ في موضعٍ غيرَ مباحٍ لهُ النَّومُ فيهِ لم يكنْ حرزًا.
وثوبٌ ومتاعٌ وضعَهُ بصحراءَ وهو ينظرُ إليهِ فحرزٌ بملاحظةٍ إذا كانَ الملاحِظُ في موضعٍ بحيثُ يراهُ السارقُ حتَّى يمتنعَ عن السرقةِ، إلَّا بغفلةٍ، وإلَّا فلا يكون محرزًا حينئذٍ.
ويشترطُ في الملاحظِ أَنْ يكونَ قادرًا على منعِ السارقِ بقوةٍ أو استغاثَةٍ.
والدارُ المنفصلةُ عنِ العمارةِ إذا كانَ بها قويٌّ يقظان، فهي حرزٌ مع فتحِ البابِ، وكذا لو كانَ البابُ مغلقًا، والذي فيها نائمٌ على الأرجحِ في الفتوى. والمتصلةُ بالعمارَةِ حرزٌ مع إغلاقِهِ، ولا يعتَبَرُ وجودُ الحافظِ مع إغلاقِ البابِ؛ كما هوَ ظاهرُ نصِّ الشافعيِّ في "الأمِّ" خلافًا لما في "المنهاجِ" تبعًا لأصلِهِ، ومع فتحَ البابِ ونومِ الحافظِ غير حرزٍ ليلًا ونهارًا، ويستثنَى من ذلكَ الأبوابِ المنصوبةِ داخلها المفتوحة، فإنَّها محرزة بتركيبها، ووجود النائمِ فيها، وكذلك سقفُها ورخامُها، بخلافِ المنقولِ فيها وبابُ الدار نفسه المفتوح مُحْرَزٌ بتركيبه فمنْ سرقَهُ قُطِع، ولو كانَ الذي فيه نائمًا أو لمْ يكُن فيها أحدٌ.
وكذلكَ الحلقةُ. . . (1) باب الدار والبستان لأنَّه إذا غصبه فهو في حرزٍ وإن
(1) مقدار كلمة لم أستطع قراءتها في الأصل.
لم يغلقْه، لأنَّه هكذا بحرزٍ.
وإذا كانَ البابُ مردودًا والنائم خلفه بحيثُ أنَّه إذا فتحَ البابَ أصابَهُ البابُ وانتبَهُ فلا توقُّف كما قالَ شيخُنا في أنَّ هذا حرزٌ والنائمُ خلفَ البابِ، حينئذٍ أبلغُ من الضَّبَّةِ ومن المتراسِ.
وإنْ كانَ مَن في الدارِ متيقظًا، لكنَّهُ لا يتم الملاحظةَ بل يتردد في الدارِ فتغفلهُ السارقُ فسرقَ، لم يُقطعْ على الأصحِّ المنصوصِ، فإن خلتِ وهي مغلقةٌ فهي حرزٌ على المنصوصِ. ولا فرقَ في ذلكَ بينَ الليلِ والنَّهارِ، ولا بينَ الأمنِ والخوفِ، خلافًا لما في "المنهاجِ"(1) تبعًا لأصلِهِ.
ويعتبَرُ في الخيمةِ نفسها إذا كانتْ بصحراءَ أمران: شَدُّ الأطنابِ، والحافظ، ويعتبرُ في إحراز ما فيها مع هذين الأمرين: إرخاءُ الأذيالِ وماشية بأبنيةٍ مغلقةٍ متصلة بالعمارة محْرَزَةٌ ببرية بشرط حافظ ولو كان نائمًا، وإبل بصحراء محْرَزَةٌ بحافظ يراها، ويمكنه العدوُ إلى قاصدِها ليأخذ منها، ودفعه عن مقصوده، والإبلُ المقطورة إذا كان قائدُها يقودُها محْرَزَةٌ على المنصوصِ.
قال الشافعيُّ (2) رضي الله عنه: (وأيُّ إبلٍ كانتْ تسيرُ وهو يقودُها يقطرُ بعضُهَا إلى بعضٍ، فسرقَ منها أو مما عليها بشيءٍ، قطِعَ).
ولم يتعرَّضِ الشَّافعيُّ للالتفاتِ كلَّ ساعةٍ، وهذا أمرٌ يشقُّ على القائدِ، ولو كانَ هذا معتبرًا لذكرَهُ الشافعيُّ، فما وقعَ في "المنهاج" تبعًا لأصلِهِ من اشتراطِ التفاتِ القائدِ إليهَا كلَّ ساعةٍ غيرُ معتمدٍ.
ولو كانَ القطارُ مارًّا في ممرِّ الناسِ في الأسواقِ وغيرها فإنَّه يكونُ محرزًا
(1)"منهاج الطالبين"(ص 299).
(2)
"الأم"(6/ 160).