الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الزنا
هو بالقصرِ لغةُ أهلِ الحجازِ، وبالمدِّ لغةُ نجدٍ، قال اللَّهُ تعالى:{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} الآية.
وفِي "الصحيح"(1) من طريق عبادة بن الصامت: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "خُذوا عنِّي، خذوا عنِّي، قد جعلَ اللَّهُ لهنَّ سبيلًا، البكرُ بالبكرِ جلدُ مائة وتغريب عام، والثيبُ بالثيِّبِ الرجمُ".
وهو من أفحشِ الكبائر، ولم يحلَّ في ملَّةٍ قطُّ، ولذلك قامَ الإجماعُ على تحريمِه.
والزنا الموجبُ للحدِّ (2) هو إيلاجُ الحشفة أو قدرها من مقطوعِهَا من آدميٍّ متصلٍ به أصليٍّ يحصلُ به التحليل، بفرجٍ من آدميٍّ أو دبره، محرم لعينِه
(1)"صحيح مسلم"(1690).
(2)
"منهاج الطالبين"(ص 295).
خالٍ عن شبهةٍ، مشتهى، ودبر ذكر وأنثى غير زوجتِه وأمتهِ كقبلٍ على الأظهَرِ، هذا حكم الفاعلُ.
وأمَّا المفعولُ بهِ فإِنْ كانَ ذكرًا فإنَّه يُجلدُ ويغرَّبُ محصنًا كانَ أوْ غيرُه، بخلافِ المفعولِ بها في قُبُلِهَا المطاوِعة، فحكمُها حكمُ الفاعلِ، وإن كانَ امرأةً وفعلَ بها في دُبرِها مطاوعةً فالأصحُّ أن عقوبتَها الجلدُ، والتغريبُ، بكرًا كانَتْ أو محصنةً.
ولا يجبُ الحدُّ بمقدماتِ الجِماعِ ولَا بوطء زوجتِهِ وأمتِه في حيضً وصومٍ وإحرامٍ، والمذهبُ أنَّه لا يُحَدُّ بوطء أمتِهِ المزوَّجة أو المُعْتدَّةِ، وكذا مملوكته المحرم، ورجلٌ مكرهٌ على الأصحِّ، ولا يحدُّ بكلِّ جهةٍ أباحَها عالمٌ، يكونُ للعالِمِ في تلكَ الجهةِ مستندٌ متماسكٌ، فأمَّا إذا لمْ يكنِ الأمرُ كذلكَ فلا أثرَ لخلافِهِ، ويحدُّ الواطئُ.
ومحلُّ إسقاطِ الحدِّ بشبهةِ العالم ما لم يحكمِ الحاكمُ المخالفُ له بإبطالِ ذلكَ الأمرِ في الواقعةِ الشخصية، كالنكاحِ بلا وليٍّ مثلًا، إذا حكَمَ فيه الشافعيُّ بإبطالِهِ وفرَّقَ بينَ الزوجينِ فإذا أصابَهَا بعدَ ذلكَ، فالذي جزَمَ بهِ الماورديُّ أنَّهُمَا زانيانِ عليهِما الحدُّ؛ لأنَّ شبهةَ العقدِ قد ارتفعتْ بحكمِ الحاكمِ بينهما بالفرقةِ.
ومحلُّ الخلافِ في إسقاطِ الحدِّ بالشبهةِ المذكورةِ وعدمه ما لم يحكم الحاكمُ الموافقُ بصحته، فإن حكمَ بها بحيثُ لا تنقض، فلا يحدُّ مَن وطئَ فيه قطعًا؛ لأنَّه صارَ بالحكمِ بالنسبةِ إلى الواقعةِ الشخصيَّةِ كالنكاحِ المتفقِ عليهِ.
ولا يحدُّ بالوطءِ في النكاحِ بلا شهودٍ، ولا بوطء ميتةٍ في الأصحِّ، ويحدُّ
بالبهيمةِ على المنصوصِ خلافًا لما في "المنهاجِ"(1) تبعًا لأصلِهِ، ويحدُّ في مستأجرةٍ ليزني بها، لأنَّه عقدٌ باطلٌ لا يوجب شبهةً، ويحدُّ في مبيحة؛ لأنَّ الأبضاعَ لا تُباحُ بالإباحاتِ، ومحرمٌ بنسبٍ أو رضاعٍ أو مصاهرةٍ، وإن كانَ تزوَّجها؛ لأنَّهُ وطءٌ صادفَ محلًّا ليسَ فيه ملكٌ ولا شبهةُ ملكٍ، وهو مقطوعٌ بتحريمِهِ، وكذا لو نكَحَ مَن طلَّقَها ثلاثًا ولم تتصلْ بزوجٍ غيرِه لشرطه أو لاعَنَ منها، أو نكحَ مَن تحتهُ أربعٌ خامسةً، أو أختَ زوجتِه أو عمَّتَها أو خالتَها، ووطئ مَن ذُكرَ عالمًا بالتحريمِ، فإنَّهُ يحدُّ حينئذٍ.
وشرطُهُ التكليفُ والتزامُ الأحكامِ، وعلمُ تحريمِهِ (2).
وحدُّ محصنٍ رجلِ أو امرأةٍ: الرجمُ، بشرطِ التكليفِ والحرمةِ المستقرَّةِ والإصابةِ بعدَ التكليفِ، ولا يشترطُ في الإحصانِ الإسلامُ، بل يُرجمُ الذِّميُّ إذا زنا، وهو بالصفاتِ المشروطةِ: غيَّبَ حشفتَهُ أو قدرها من مقطوعِها بما يناسب هذا الموضعِ من ثبوتِ الإحصانِ من القيودِ السابقةِ في أوَّلِ البابِ.
ولو غابتِ الحشفةُ منَ الأشلِّ أو العِنينِ فهل نقولُ: لا يحصلُ الإحصانُ كما لا يحصلُ التحليل؟ أم نقولُ: التحليلُ متوقفٌ على ذوقِ العسيلةِ بخلافِ بقية الأحكامِ؟ قال شيخُنا: هذا محتملٌ، ومقتضى إطلاقهم الثاني.
بِقُبُلِ مَن يوطأ مثلُها في نكاحٍ صحيحٍ لا فاسدٍ على المشهورِ، والمنصوصُ اشتراطُ التغييبِ حالَ حريةٍ، وتكليفٍ، وأن الكاملَ المصيب ناقصًا محصن يرجمُ إذا زنَا (3).
(1)"منهاج الطالبين"(ص 295).
(2)
"منهاج الطالبين"(ص 295).
(3)
"منهاج الطالبين"(ص 295).
وحدُّ البكرِ الحر حريَّةٌ مُستقرَّةٌ جلدُ مائةٍ وتغريبُ عامٍ إلى مسافةِ القصرِ فما فوقَها، ولا يحدُّ في حالِ جنونِه بعدَ الزنَا، ولا يعرفُ إلَّا في حالِ إفاقتِه، وإذا عيَّن الإمامُ جهة لم يعدل إلى غيرِها في الأصحِّ (1).
ولو صادفنا مَن وجَبَ عليهِ التغريبُ مُحْرِمًا أو خارجًا لجهادٍ، تعيَّنَ عليه ولو غرَّبنَاهُ إلى جهةٍ أخرى فاتَهُ الحجُّ أو الجهادُ، ففي هذه الصورةِ إذا طلبَ جهةَ قصدِه يجيبُهُ الإمامُ إلى ذلكَ، ولا يصارُ إلى تفويتِ مقصدِه عليه، ولا إلى تأخيرِ التغريبِ حتَّى يفرغَ مِن ذلكَ، كما ذكرَهُ شيخُنا.
ويغرَّبُ غريبٌ من بلدِ الزنا إلى غيرِ بلدِهِ بحيثُ يكونُ بينَ المُغَرَّبِ إليهِ وبينَ بلدِه مسافةُ القصرِ، هذا في غريب لهُ وطنٌ، فإنْ لم يكنْ؛ بأنْ هاجرَ حربيٌّ لدارِ الإسلامِ ولم يتوطَّنْ بلدًا فيغربُه الإمامُ منْ غيرِ أن يتوقَّفَ حتَّى يرجعَ إلى بلدِه أو يقيمَ في موضع، خلافًا للمتولِّي حيث قالَ: يتوقفُ الإمامُ حتَّى يتوطَّنَ بلدًا، ثم يغرِّبُه.
وتغرَّبُ المرأةُ وحدَها على النصِّ، وهو مقيَّدٌ بما إذا كانَ الطريقُ آمنًا، خلافًا لما في "المنهاجِ"(2) تبعًا لأصلِهِ، وإن فرَّعنا على ما في "المنهاجِ" فمعَ زوج أو محرمٍ، ولو عاجزة أو نسوةٍ ثقاتٍ، والواحدةُ كافيةٌ للجوازِ، كما قيلَ بمثلِهِ في الحجِّ.
ومَنْ فيهِ رقٌّ خمسونَ ويُغرَّبُ نصف سنةٍ (3)، وفي قولٍ: سنة، وفي قولٍ: لا يغرَّبُ. والمرادُ أَنْ يكونَ وصفُ الرقِّ قائمًا وقتَ الزِّنا لا وقتَ الحدِّ، ويثبت
(1)"منهاج الطالبين"(ص 296).
(2)
قال في "منهاج الطالبين"(ص 295): ولا تغرب المرأة وحدها في الأصح بل مع زوج أو محرم ولو بأجرة.
(3)
"منهاج الطالبين"(ص 296).
ببينةٍ أو إقرارِه مرة إقرارًا تحقيقيًّا، أو لعانٍ في حقِّ المرأةِ إن لم يلاعن كما سبق في بابِه.
ولو أقرَّ ثمَّ رجع سقطَ الحدُّ (1)، ولو قالَ: لا تحدوني، أو هربَ، فلا يسقطُ الحدُّ بذلكَ على ظاهرِ النصِّ (2).
ولو شهدَ أربعةٌ بزناها، وأربع أنَّها عذراء لم تحدَّ هي، ولا قاذفها (3)، إذا لم تكنْ غورًا بحيثُ يمكنُ تغييبُ الحشفةِ معَ بقَاءِ البكارَةِ، فإنْ كانَتْ كذلكَ حُدَّتْ لثبوتِ الزِّنا.
وإذا عيَّنَ كلُّ واحدٍ من شهودِ الزِّنَا زاويةً من زوايَا البيتِ لم يجبِ الحدُّ على المشهورِ، وأصحُّ القولينِ وجوبُ حدِّ القذفِ على الشهودِ لعدمِ إتمامِ عدتهم (4) في زنية واحدةٍ.
ويجبُ حدُّ القذفِ على القاذِفِ الذي قذَفَ وأتَى بالبينةِ التي وقعَ منها الاختلافُ، ويستوفي حدَّ الزِّنا الإمامُ أو نائبُهُ من حرٍّ (5).
والمرادُ بالحريةِ ههنا بِالنسبةِ إلَى أنَّ الإمامَ يقيمُ الحدَّ بسببهَا هي الموجودة عندَ الزنَا أو عندَ الاستيفاء، حتَّى لو زنى ذميٌّ حرٌّ نُقِضَ العهدُ، والتحقَ بدارِ الحربِ ثم استرققناهُ، فإن الحدَّ الواجبَ عليهِ بالزِّنَا في حالِ الحريَّةِ يقيمُهُ الإمامُ خاصَّة ولا مدخلَ للسيِّدِ في ذلكَ.
ولو زنَى رقيقٌ ثمَّ عتقَ فإقامةُ الحدِّ عليهِ بعدَ عتقِهِ للإمامِ.
(1)"منهاج الطالبين"(ص 296).
(2)
"منهاج الطالبين"(ص 296).
(3)
"منهاج الطالبين"(ص 296).
(4)
في الأصل: "عددتهم".
(5)
"منهاج الطالبين"(ص 296).
ويكفي في الحريَّةِ المعتبرةِ لإقامةِ الحدِّ الظهور، فيقيمُ الإمامُ على اللقيطِ الزَّاني بعدَ بلوغِه، وعلى العتيقة في المرضِ، وإن احتمل أن لا يخرج من الثلثِ؛ لأنَّه يقيمُ على مَن تيقَّنَ رقُّه، فلأنْ يُقيمَ على مَن هُوَ حرٌّ في الظاهرِ أولَى، ولا يقيمُ عليها المعتق شيئًا لخروجِها الظاهرِ عن ملكِه، وأمَّا المبعَّض فيستوفي حدَّه الإمامُ إذا لم يكنِ الإمامُ أو الحاكمُ عنه هو المالكُ لبعضِه، فإن كانَ مالكًا لبعضِهِ، فلهُ أن يستوفي منه ما تقابل الحرية بجهةِ الحكمِ، وما يقابلُ الرِّقَّ بجهةِ المِلكِ.
* ضابطٌ: لا يتصوَّرُ أَنْ يدخلَ المالكُ في حدِّ المبعَّضِ بجهة الملك إلَّا فيما إذا كانَ له حكمٌ يقيمُ به الحدَّ عَلَى مَن وجبَ عليهِ.
ويستوفي الإمامُ حدَّ العبدِ الموقوفِ كلِّه أو بعضِه، ورقيقِ بيتِ المالِ والعبدِ الموصَى بإعتاقِهِ إذا مَاتَ الموصي، وهو يخرجُ من ثلثِه، وزنى بعدَ موتِ الموصي قبل إعتاقِه بناءً على أنَّ إكسابه لَهُ كمَا هُوَ المذهبُ.
ويحدُّ الرقيقَ سيدُهُ عندَ إقامةِ الحدِّ، أو الإمامُ، فإن تنازعَا فالإمامُ على الأصحِّ، سواء كانَ ذكرًا أم أنثَى، إذا كانَ السيدُ رشيدًا، فإن كان سفيهًا أو صبيًّا أو مجنونًا فإن الذي يُقيمُ على عبدِهِ حينئذٍ وليهُ الخاص من أبٍ وجدٍّ ووصيٍّ وقيمٍ. وللسيدِ المتأهِّل تغريبُهُ ولولي المحجورِ عليه ذلك، والمكاتبُ كالحرِّ على المنصوصِ.
ويحدُّ الفاسقُ عبدَهُ على الأصحِّ، وكذلك الكافرُ إذا لم يكن رقيقُهُ مسلمًا، فإن كانَ رقيقُه مسلمًا كمستَوْلَدَتِه ونحوها فإنَّه لا يحدُّه بحالٍ، وإنما يحدُّ رقيقه الزاني الكافرَ إذا اعتقدَ أنَّ عليهِ الحدَّ.
وليس للمكاتبِ أن يقيمَ الحدَّ على عبدِه على النصِّ في "الأمِّ"(1) خلافًا لما في "المنهاج" تبعًا لأصلِهِ. قال الشافعيُّ رضي الله عنه: وللمكاتبِ أن يؤدِّبَ عبدَهُ، وليسَ لهُ أن يحدَّهُ لأنَّ الحدَّ لا يكونُ إلى غيرِ حرٍّ، وللسيدِ أَنْ يعزِّرَ عبدَهُ على النصِّ في حقوق اللَّهِ تعالى، وأمَّا غيرُ ذلكَ فإنَّهُ يودِّبه لحقّ نفسِه قطعًا.
وللسيدِ سماعُ البينةِ فالعقوبةِ (2)، ويحدُّ عبدَهُ بعلمه إذا أقرَّ عندهُ بموجبها، أو شاهدَهُ السيِّدُ على الأصحِّ.
والرجمُ بحسبِ ما يجده الراجمُ في ذلك الموضع، ولكن لا يُبتدأُ بصخرةٍ عظيمةٍ يموتُ بها في أولِ الحالِ، ولا يستمرُّون بالحصى الخفيفِ.
ويجوزُ الحفرُ للرجلِ (3)، والإمامُ مخيَّرٌ إن شاءَ حفَرَ له، وإن شاءَ لم يحفرْ، وصحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حفرَ لماعزٍ (4)، وفي "سنن أبي داود" أنَّه حفَرَ للفتَى الذي أقرَّ عندَهُ بالزِّنَا وبالإحصانِ (5).
والأصحُّ استحبابُهُ للمرأةِ (6) إن لم يثبُتْ بإقرارِهَا.
ولا يؤخَّرُ الرجمُ لمرضٍ وحرٍّ وبردٍ مُفرطين على المنصوصِ (7)، وفي قولٍ
(1)"كتاب الأم"(8/ 75).
(2)
كذا، وفي بعض المصادر:"بموجب العقوبة". . كما في "غاية البيان شرح زبد ابن رسلان"(ص 299).
(3)
قال في "منهاج الطالبين"(ص 296): ولا يحفر للرجل.
(4)
"صحيح مسلم"(1695).
(5)
"سنن أبي داود"(4435).
(6)
بحيث يبلغ صدرها بحيث لا تنكشف.
(7)
"منهاج الطالبين"(ص 296).
يؤخَّرُ، وهذا محلُّه في المرضِ الذي يرجَى برؤهُ، أما الذي لا يرجَى زوالُهُ فلا خلافَ في أنَّهُ يُرجمُ في حالِ وجودِه، وأن يكونَ الذي يُرْجَمُ زانيًا فقط، فإنْ كانَ مرتدًّا أو قاطعُ طريقٍ تحتَّم قتلُهُ وسبقَ الزِّنَا الموجبُ للرجمِ، فإنَّهُ لا أثرَ لمرضٍ مرجوِّ البرءِ، ولا لحرٍّ وبردٍ شديدينِ، ويقامُ عليه الرجمُ قطعًا.
وحيثُ قُلنَا بالتأخيرِ على ما تقدَّمَ فيؤخَّر استحبابًا لا وجوبًا.
ويؤخَّرُ الجلدُ للمرضِ الذي يرجَى برؤُهُ استحبابًا إن كانَ الجلدُ فيه لا يهلكُ غالبًا، ولا كبيرًا (1)، فإن ظَهَرَ منْ حالِةِ المرضِ ما يقتضي أنَّ جلدَه يفضِي إلى الهلاكِ غالبًا أو كثيرًا، فإنَّهُ يمنعُ قطعًا، فإنْ لم يُرجَ برؤُه جلدَ بعثكال عليه مائة غصنٍ، فإن كان عليه خمسونَ ضُرب مرَّتينِ ويمسه الأغصانِ أو ينكبِسُ بعضها على بعضٍ لينالَه بعضُ الألمِ، وإذا برئ أجزأهُ، ولا يتعين العثكالُ، بل لَهُ الضربُ بالنِّعالِ وأطرافِ الثِّيابِ إنْ لم يكنِ ألمُهُما أكثرَ مِن ألمِ ما يحصلُ من العِثْكالِ، فإن كانَ أكثرَ فلا (2).
ولا جلدَ في حرٍّ وبردٍ مفرطينِ (3)، وإذا كان المحدودُ في بلادِ الحرِّ التي لا يسكنُ حرُّها أو في بلادِ البردِ التي لا يقلُّ بردُها، لم يؤخَّرِ الحدُّ، ولم ينقلْ إلَى البلادِ المعتدلَةِ لما فيهِ من تأخيرِ الحدودِ، ولكنْ يخفَّفُ، ويقابلُ إفراطُ الحرِّ وإفراطُ البردِ بتخفيفِ الضربِ حتَّى يسلمَ فيهِ منَ القتلِ كما ذكرهُ الماورديُّ.
وإذا جلدَ الإمامُ في مرضٍ أو حرٍّ أو برد فلا ضمانَ (4) على النصِّ.
(1)"منهاج الطالبين"(ص 296).
(2)
"منهاج الطالبين"(ص 296).
(3)
"منهاج الطالبين"(ص 296).
(4)
"منهاج الطالبين"(ص 296).
ثمَّ إنْ كانَ الجلدُ في الحالاتِ المذكورةِ يخشَى منهُ الهلاكُ غالبًا أو كثيرًا فإنَّه يجبُ التأخيرُ، وإن كانَ لا يُخشَى منهُ الهلاكُ على الوجهِ المذكورِ فإنَّهُ يستحبُّ التأخيرِ خلافًا لقولِ "المنهاج"(1) فيقتضي أنَّ التأخيرَ مستحبٌّ، وأطلقَ الاستحبابَ، والصوابُ كمَا قالَ شيخُنَا التفصيلُ المذكورُ.
* * *
(1)"منهاج الطالبين"(ص 296).