الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويستثنى من اعتبارِ المماثلةِ صورٌ:
أحدها: إذا قتلهُ بسحرٍ اقتصَّ منهُ بالسَّيفِ.
الثانيةُ: إذا أوجره خمرًا حتَّى ماتَ، فأصحُّ الوجوهِ أنَّه يُقتلُ بالسَّيف.
الثالثةُ: إذا قتلَهُ باللواطِ، وهوَ مما يقتلُ غالبًا، بأن لاطَ بصغيرٍ وآلتُهُ كبيرةٌ، فيقتل بالسيفِ على الأصحِّ تفريعًا على الصحيحِ أنَّهُ يجبُ بهِ القصاصُ.
الرابعةُ: إذا سقاهُ بولًا فمات منهُ، فإنَّهُ كالخمرِ على الأصحِّ فيقتلُ بالسيفِ.
الخامسةُ: إذا شهدُوا بالزنَا فرُجِمَ، ثم رجعوا، فعليهمُ القصاصَ، بالسيف على الصواب فِي "المهمات"، وقيل: الرجمُ، وصححه فِي "الروضة" تبعًا لأصلها.
السادسةُ: إذا ذبحَهُ مثل البهائم هل يقتل به مثله أو بمعنى السيف؟ فيه وجهان: قال ابن الرِّفْعَة: يتعيَّنُ السيفُ، وهو كذلك فِي "الحاوي".
ولو جُوِّع مثل تلك المدةِ التي ماتَ المجني عليه من تجويعِهِ فيها فلم يمتِ الجاني فالنصُّ أنَّه يُقتلُ بالسيفِ ولا يزادُ فِي التجويعِ خلافًا لما فِي "المنهاجِ" تبعًا لأصلِه.
قال الشافعيُّ رضي الله عنه: "وَإِذَا أَقَدْته بِمَا صَنَعَ بهِ حُبِسَ وَمُنِعَ كَمَا حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ فَإِنْ مَاتَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَإِلَّا قُتِلَ بِالسَّيْفِ"(1) انتهى.
قال القاضي الحسين: لم يختلفْ مذهبُه فيه، وجرى عليه الجمهورُ،
(1)"كتاب الأم"(6/ 8).
ومهما عدل المستحقُّ من غير السيفِ إليه مكِّن منه إن لم يكن فِي السيفِ زيادةٌ عن المماثلةِ، فإن كان فيه زيادةٌ عنها فلا ينبغي أن يعدلَ إليه.
وإذا حصل القتلُ بسِراية الموضِحة وقطع اليدَ أو الرجل فلِوليِّ المجنِيِّ عليه أن يحزَّ الرقبةَ وَأن يوضحَ أو يقطعَ، ثم إنْ شاءَ حزَّ وإن شاءَ أخَّر إلى السرايةِ، ولو ماتَ بجائفةٍ أو كسر عضد فعل كفعلهِ، وفِي قولٍ: السيفُ، وعلى الأولِ: إن لم يمتْ لم نردَّ الجوائف على المذهبِ.
ولو اقتصَّ مقطوعُ يد أو رجل أو أذن ونحو ذلك ثم ماتَ بالسرايةِ فلوليه حزُّ رقبةِ الجاني فِي مقابلةِ نفس مُوَرِّثِهِ وله عفوٌ بنصفِ ديتهِ إذا استوتِ الديتان.
فلو قطعتِ امرأةٌ يدَ رجلٍ فاقُتصَّ منها ثم ماتَ الرجلُ فعفا وليهُ على مالٍ فأصحُّ الوجهين: ثلاثةُ أرباعها؛ لأنَّه استحقَّ دية رجل سقط منها دية ما استوفاه وهو يد امرأةٍ بربع يد رجل، ولو قطعت يداه فاقتصَّ منهما ثم ماتَ المقطوعُ بالسراية فللولي أن يحز رقبته، فإن عفا فلا دية إذا لم يحصل تفاوتٌ فِي الديتين كما تقدَّم.
فإن حصلَ بأنْ قطع يدي المرأةِ القاطعة ليديْ الرجل الذي مات بالسراية فإنَّه يجبُ عند العفوِ عن نفسِها عليها نصفُ الديةِ الكاملةِ على الأصحِّ، ولو ماتَ بالسرايةِ قبل أن يقتصَّ فَقَطَعَ وليه فِي الصورةِ الأولى يدًا وفِي الثَّانية اليدين، فالحكم فيهما سواء.
وقس على هذا صورَ الذمِّي والمسلم الذي طرأَ إسلامُه أو قارن وكان مجنيًّا عليه، ولو مات الجاني من قَطع القصاص فلا ضمان على المقتص.
وإن ماتا جميعًا بالسراية فإن ماتَ المجنيُّ عليه أولًا فالذي حكاه القاضي
ابن كَجٍّ عن عامة الأصحابِ: أنَّه لا يقعُ قصاصًا، وهو القياسُ؛ لأنَّ القاعدةَ أنَّ سرايةَ الجاني من جهة قطعهِ فِي القصاصِ مهدرةٌ، وما يكونُ مهدرًا لا يقعُ قصاصًا، فعلى هذا لولي المجنيِّ عليه نصفُ الديةِ فِي تَرِكَة الجاني.
وإن ماتا معًا، فالأصحُّ أنَّه لا يقع قصاصًا خلافًا لما فِي "المنهاج" تبعًا لأصله من وقوعِهِ قصاصًا فِي هذه الصورةِ والتي قبلها، لأنَّ القاعدةَ المقررَّةَ: أنَّ القصاصَ إنَّما يقعُ بعدَ وجوبِهِ، فإذا مات الجاني والمجنيُّ عليه معًا بالسرايةِ، فقد مات الجاني قبل وجوب قصاص النَّفس، فالحكم بأنه اقتصَّ منه بعيدٌ لا سيما مع تصحيحِ أنَّهُ إذا سبق موتُ الجاني بالسراية لا يكون قصاصًا كما تقدَّم.
وإن ماتَ الجاني أولًا، فأصحُّ الوجهينِ أنَّه لا يحصلُ، وللمجنيِّ عليه نصفُ الدية فِي تَركَةِ الجاني.
وإذا طلبَ مستحقُّ القصاصِ فِي اليمينِ إخراجَها فأخرجَ الجاني يسارَهُ فقطعَهَا، فإن قصدَ الجاني إباحتَها فلا قصاصَ فِي اليسارِ ولا ديةَ، ويبقى قصاصُ اليمينِ كما كانِ.
ولو كان المُخرِجُ الذي قصد الإباحة عبدًا فلا تكون يساره مهدرةً قطعًا، بل يجب ضمانُها قطعًا، وفِي سقوطِ القصاصِ إذا كان القاطعُ عبدًا وجهانِ: الأرجح سقوطُه، ولو قال القاطعُ:"قطعتُ اليسار على ظنِّ أنها تجزِئُ عن اليمينِ"، فالأصحُّ سقوطُ قصاصِ اليمينِ، لأنه رَضِيَ بسقوطِهِ اكتفاءً باليسارِ، فعلى هذا يُعدلُ إلى دية اليمينِ، لأنَّ اليسارَ وقعتْ هدرًا، ولو قال:"قصدت" إيقاعَهَا عن اليمينِ وظننتُ أنَّها تجزئُ عنها، وقال القاطعُ:"عرفتُ أن المُخرَجَ اليسارُ، وأنَّها لا تجزئُ عن اليمينِ"، فلا يجبُ القصاصُ فِي اليسارِ